شاركنا بسرعة ما حدث خلال الفترة التي كنا منفصلين فيها، وأسرعنا لتحضير نقل سيلينا إلى العاصمة.
“أوّلًا، يجب معالجة سيلينا. لقد أوقفتُ النزيف، لكن قد تكون حياتها في خطر أثناء الرحلة إلى العاصمة.”
“سأتولّى الأمر.”
كان كليفورد هو من تطوّع للردّ.
كانوا قد جلبوا معهم مرتزقة من قرية قريبة للبحث عنّي، وكان من بينهم طبيب قادر على تقديم الإسعافات الأوليّة.
أمر كليفورد وهو يقود المرتزقة إلى داخل الكوخ:
“لا تعالجوها بشكل كامل. فقط بما يكفي لتبقى على قيد الحياة. لا تهملوا المراقبة.”
“حسنًا.”
سرعان ما امتلأ الكوخ الصغير بالناس.
كنتُ أنا وآمون لا نزال نقف في الفناء بشكل محرج.
كان ذلك بسبب أثر العناق السابق.
عندما التقينا، لم نتمالك شعور الراحة الذي سيطر علينا فعانقنا بعضنا، لكن عندما هدأت الأمور، شعرتُ بالخجل مع اضطراب داخلي.
‘إلى متى يمكنني التظاهر بأنّني لا أعرف مشاعره؟’
نظرتُ إلى آمون من زاوية عيني.
كان يبدو في حالة غير مسبوقة من الفوضى.
حتّى عندما كان يخيّم في الطرق الجبليّة الوعرة لأيّام، كان يحافظ على مظهر أنيق، لكن خلال نصف يوم فقط، كان واضحًا مقدار القلق الذي عاناه.
‘لا بدّ أنّه ألقى باللوم على نفسه كثيرًا. لأنّني تعرّضتُ للخطر.’
بالتفكير في الأمر، أنا من اقترحتُ الخطّة أوّلًا، وكانت سيلينا هي نقطة البداية لكلّ شيء، لكن هذا لم يكن مهمًا بالنسبة لآمون.
ربّما لهذا السبب، بدا آمون غير طبيعيّ وهو يتمسّك بالبقاء إلى جانبي بشكل هوسي.
كان يرتجف حتّى من حركات المرتزقة أو ليون الصغيرة.
“…يبدو أنّ ليون وجدكَ حقًا، السير سبينسر.”
حاولتُ كسر الجوّ المحرج بكلام خفيف، فأجاب آمون كأنّه كان ينتظر:
“نعم، كنتُ أبحث في المنطقة القريبة، فالتقيته بسرعة. كان يحاول جرّي إلى مكان ما بشكل غريب. ثمّ رأيتُ الدخان يتصاعد…”
أومأتُ برأسي بهدوء وأنا أستمع، لكن الكوخ أصبح فجأة صاخبًا.
“ما الذي يحدث؟”
حاولتُ الاقتراب دون وعي، لكن آمون أمسكني.
“لا تتحرّكي بتهوّر. إذا كان هناك شيء، فسيخرج أخي.”
كما قال، خرج كليفورد من الكوخ بعد قليل.
“ما الذي يحدث؟”
“لا شيء كبير. سيلينا استيقظت.”
ارتجفت حاجباي تلقائيًا.
نظر كليفورد إلى آمون وتابع:
“لمنع أيّ طارئ، سنعطيها مهدّئات حتّى نصل إلى العاصمة. سنواصل إعطاءها لتبقى نائمة. لذا… إذا كان لديك ما تقوله، فقلْه الآن.”
فهمتُ كلام كليفورد على الفور.
في العاصمة، سيكون آمون قائد الفرسان، وسيلينا مشتبه بها.
أيّ حديث سيكون رسميًا.
‘ربّما هذه آخر فرصة للحديث الشخصي…’
بالنسبة إلى آمون، لم تكن سيلينا مجرّد مجرمة.
كمتضرّر، وليس كقائد فرسان، لا بدّ أنّ لديه الكثير ليستفسر عنه.
“بالطبع، لا نعلم إن كانت ستقدّم إجابات صحيحة.”
“كلا، ليس لديّ ما أقوله.”
أجاب آمون ببرود على كلام كليفورد الإضافي.
“…حسنًا.”
كان كليفورد على وشك قول المزيد، لكنّه أغلق فمه.
أمسكتُ به وهو يعود إلى الكوخ وسألتُ:
“كيـ… كيف كان ردّ فعل سيلينا؟”
“ردّ فعل؟”
“عن إدراكها أنّها أُلقي القبض عليها. هل هي غاضبة أو حزينة…؟”
ضحك كليفورد ضحكة خافتة، ثمّ سرعان ما قسا وجهه وقال:
“كانت مرتاحة.”
“مرتاحة؟”
“نعم. كانت لا تزال تبتسم.”
بهذا انتهى كلامه، وعاد كليفورد إلى داخل الكوخ.
شعرتُ بقوّة يد آمون التي تمسك ذراعي.
كان وجهي متصلبًا مثل وجهه.
هل كان ذلك مجرّد تبجّح؟
أم أنّها لا تزال واثقة من هروبها؟
أدرتُ رأسي بسرعة وقلتُ لآمون:
“كما قلتُ، الزجاجة التي وجدتُها كانت فارغة تمامًا. هل سيكون ذلك بخير؟ عندما نصل إلى العاصمة…”
أومأ آمون برأسه كأنّه فهم ما أعنيه دون الحاجة إلى إكمال كلامي.
“لم نجد دليلًا ماديًا قاطعًا كما أردنا، لكن يمكننا على الأقلّ إثبات جرم محاولة قتلكِ. هذا سيبقيها محتجزة.”
“لكن ما فعلته سيلينا ليس مجرّد جريمة كهذه. لقد مات العديد من الأشخاص…”
“لا تقلقي. المهم أنّ لدينا مبرّرًا الآن.”
“مبرّر؟”
“مبرّر للتحقيق مع سيلينا بوليف.”
فكّرتُ ببطء وفتحتُ عينيّ على مصراعيهما.
“هل تقصد… أنّكم نجحتم؟”
“نعم. مجموعة إلويز تقوم الآن بتفتيش قصر بوليف.”
بينما كنتُ ألعب دور الطعم لسيلينا، خطّطنا لخطّة أخرى.
كانت خطّة لمداهمة قصرها بينما تكون غائبة لقتلي.
كانت نوعًا من التأمين.
تأمين في حال فشلنا في مداهمة مسرح الجريمة، أو إذا نجحنا لكن لم نجد دليلًا قاطعًا.
من زاوية أخرى، كانت مغامرة.
تفتيش منزل أرستقراطيّ رفيع المستوى دون دليل مادّي قويّ أمر غير منطقي، ولو فشلنا في إيجاد شيء، لن ننجو من اللوم.
‘لذلك، حتّى قبل مغادرتي، كنتُ قلقة بشأن إمكانيّة تنفيذ تلك الخطّة…’
خلال تلك الأيّام القليلة، يبدو أنّ آمون نجح في التفاوض مع فالدي.
بالنسبة إلى فالدي، كانت سيلينا العقبة الأخيرة أمام تولّيه منصب ربّ الأسرة.
كان من بين الأشخاص الذين سيرحّبون بكشفها كمجرمة أكثر من غيرهم.
“مفاجئ. يعلم أنّه إذا ساءت الأمور، سيكون هناك تأثير عكسي، لكنه وافق بسهولة.”
“اتّفقتُ على تحمّل كامل المسؤوليّة إذا ساءت الأمور. في المقابل، إذا نجحت، اتّفقنا على الإعلان أنّه قدّم معلومات حاسمة.”
أجاب آمون كأنّ الأمر ليس بذي بال.
كان هذا يعني أنّ فالدي لم يكن لديه ما يخسره.
“هل أنتَ بخير مع هذا؟”
تحمّل المسؤوليّة لا يعني مجرّد قبول اللوم.
خاصّة أنّ آمون كان متورّطًا مباشرة في هذه القضيّة.
سيبدأ الناس في مناقشة كفاءته، وقد يضطرّ إلى التخلّي عن منصب قائد الفرسان.
“لا يهمّ إذا تمكّنتُ من القبض على الجاني الحقيقي. كما قلتُ، لدينا مبرّر الآن، فلن يحدث شيء كبير.”
أجاب آمون بهدوء.
فجأة، أصبح الكوخ صاخبًا مجدّدًا، ثمّ ظهر كليفورد مع المرتزقة يجرّون سيلينا.
كانت الحبال ملفوفة حول جسدها بإحكام لا تُقارن بما ربطتُه أنا.
كانت فاقدة للوعي بسبب المهدّئات، لكن حتّى لو استيقظت، كان الهروب مستحيلًا.
نظر كليفورد إلينا وقال:
“المرتزقة سيرافقوننا إلى العاصمة. سنستأجر عربة شحن لنقل سيلينا. سيتناوبون على مراقبتها.”
“حسنًا.”
أومأ آمون برأسه وتابع:
“إذًا، أرجو ترتيب عربة للسيّدة أيضًا.”
“ماذا؟ أنا بخير. لقد جئتُ على حصان وحدي.”
لوّحتُ بيدي بسرعة على كلامه المفاجئ، لكن آمون كان قد أعطى الأوامر للمرتزقة بالفعل.
“ركوب الحصان خطر. لا نعلم ما قد تكون سيلينا تخطّط له، فاركبي العربة معي.”
لم تكن المنطقة وعرة مثل فيديل، لكن الطريق إلى العاصمة كان يحتوي على مسارات جبليّة شديدة الانحدار.
استخدام العربة يعني البحث عن طريق مستوٍ، مما سيستغرق وقتًا أطول بالتأكيد.
“لكن…”
“على أيّ حال، يجب البحث عن طريق مستوٍ لسحب عربة الشحن.”
قال آمون كأنّه يعرف ما أفكّر فيه.
كنتُ على وشك الرفض مجدّدًا، لكنّني أغلقتُ فمي عندما رأيتُ وجهه.
كان يتحدّث بهدوء كعادته، لكن تعبيره بدا كأنّه لن يغفر لنفسه إذا تعرّضتُ للخطر مرّة أخرى.
بعد فترة وجيزة، عاد المرتزقة بعربة مستأجرة من قرية قريبة.
ركب كليفورد مع أحد المرتزقة في عربة الشحن لمراقبة سيلينا، بينما ركبتُ أنا وآمون في عربة أخرى.
رافقنا بقيّة المرتزقة على ظهور الخيل كحراس.
وهكذا بدأت رحلتنا إلى العاصمة.
التعليقات لهذا الفصل " 116"