صدح صوت عالٍ في الكوخ الهادئ، وأخيرًا، تقطّع الحبل.
“هاه…”
تنفّستُ بعمق وأمسكتُ الخنجر بيديّ الحرتين بسرعة.
شعرتُ براحة أكبر بعد تأمين سلاح بسيط.
عندها فقط، التفتُ إلى الظلّ الذي تجاهلته طوال الوقت.
أمسكتُ الخنجر بقوّة بيد واحدة، وقلبتُ الجسم المتكوّر بدفعة.
انحسر الشعر الأسود الذي يغطّي الوجه، فظهر وجه مألوف أخيرًا.
لا، لم يكن مألوفًا تمامًا.
ربّما بسبب غياب المكياج، أو تعبيرها الذي يغزوه الألم، بدا وجه سيلينا غريبًا كشخص لم أره من قبل.
كانت سيلينا تمسك كتفها الأيمن بيد واحدة.
كان هناك قماش بالٍ ملفوف لوقف النزيف، لكن دون جدوى.
كان الدم لا يزال يتسرّب من القماش.
نظرتُ إليها بذهول.
وجودها أكّد فرضيّتي، وكشف حقيقة جديدة.
تأكيد أنّ سيلينا هي الجانية الحقيقيّة.
بمعنى آخر… الجانية الحقيقيّة كانت أمامي، في حالة عجز تام.
شددتُ قبضتي على الخنجر.
بدأ قلبي يخفق بقوّة.
على الرغم من علمي أنّ سيلينا، التي لم تستيقظ حتّى اقتربتُ هكذا، لن تستيقظ لصوت اضطراب قلبي، ضغطتُ على صدري بيدي اليسرى.
يمكنني قتلها.
أنا، يمكنني قتل سيلينا.
لم تكن هذه مجرّد فرصة للهروب.
كانت فرصة لإنهاء كلّ شيء، كلّ تلك السنوات الطويلة، بلحظة واحدة.
“هاه…”
تنفّستُ بعمق ورفعتُ الخنجر بكلتا يديّ.
ارتجف طرف الخنجر.
بل لم يكن الخنجر فقط، كان جسدي كلّه يرتجف بلا سيطرة.
أنا… سأقتل إنسانًا…
نصل حادّ يمزّق الجلد.
قطرات الدم تتساقط، الأوعية الدمويّة تتمزّق، العظام تخترق.
عند سحب النصل، يتدفّق الدم كالسيل الغزير.
سقط الخنجر من يدي وغُرز عموديًا في الأرضيّة الخشبيّة.
“هاه، هاهـ…”
تراجعتُ بجنون وأنا جالسة.
الإحساس الذي ظهر بوضوح في ذهني كان من ذلك اليوم.
عندما طعنتُ راسيل، عندما مزّقتُ عدوّ والديّ بوحشيّة.
لم يكن كابوسًا متكرّرًا.
ولم يكن ذكرى مدمجة.
كان هذا بوضوح شيئًا عشته أنا.
أنا، وليست جوليا، أو بالأحرى، جوليا التي هي أنا.
نظرتُ إلى كفّي المرتجفة.
بهذا الخنجر، وبيديّ هاتين، طعنتُ إنسانًا.
مزّقتُ الجلد حتّى اخترقت العظام.
طعنتُه مرارًا حتّى هدأ غضبي.
وماذا بعد ذلك؟
“أقتله، يجب أن أقتله.”
عندما طعنتُ من تمنّيتُ قتله أخيرًا، أنا…
لم أشعر بالارتياح، ولا بالنشوة، ولا بالإنجاز.
لم أشعر بالخفّة أو الرضا.
كان شعورًا وكأنّ روحي ممزّقة إلى عشرات الأجزاء، تغرق في هاوية عميقة.
كلّما حاولتُ جمعها، غرقتُ أكثر في مستنقع أعمق.
“هاه…”
انبطحتُ على الأرض، متكوّرة، أتنفّس بصعوبة.
لم أستطع الاستسلام هكذا.
كان عليّ قتل سيلينا.
يجب أن أقتلها.
ألم أعِده؟
عندما أجد الجاني الحقيقي، سأقتله نيابة عنه.
تذكّرتُ آمون.
تذكّرتُ أنّ سيلينا سلبته كلّ شيء.
والديه، ذكريات طفولته، صوته، حتّى حقّه في الحزن بحريّة…
تذكّرتُ الأشخاص الذين ماتوا ظلمًا.
ابن عائلة بوليف الحقيقي، مدير دار لوديليون للأيتام، دوق ودوقة سبينسر، راسيل بوليف، هايدن، تيو…
وربّما ضحايا آخرون لا حصر لهم.
كم من الأشخاص، وكم من العائلات، دمّرتها سيلينا؟
كان عليها أن تموت.
كان عليها أن تدفع ثمن جرائمها بحياتها.
مددتُ يدي المرتجفة.
عندما لامست أصابعي الخنجر المغروز عموديًا، انعكس ضوء القمر المتسلّل إلى الغرفة على النصل، كأنّه مرآة تعكس وجهي.
“آهـ…”
لماذا؟
في تلك اللحظة، تذكّرتُ تعبيرًا رأيته منذ زمن بعيد.
تعبير باميلا وهي تحتضر.
تعبير من أدركت أنّ كلّ شيء انتهى، ومن قرّرت إنهاءه بنفسها.
لا، لم يكن تعبير باميلا هو ما تذكّرته.
كان ما رأيته فيها… ذكرى أقدم من ذلك.
كانت شظيّة من ماضٍ يبدو الآن بعيدًا جدًا.
* * *
ارتعشت الكلمات على شاشة الهاتف.
قيادة تحت تأثير الكحول، حادث سيارة، المشتبه به، اضطراب عقلي، تسوية، خطاب ندم، قتل غير عمدي، أقصى عقوبة 7 سنوات…
أرمش بعينيّ بدهشة.
7 سنوات…
حتّى بعد وضع الهاتف في جيبي، لم تختفِ الكلمات من أمام عينيّ.
7 سنوات، 7 سنوات…
مات شخصان.
أُطلق على القتل اسم “غير عمدي”، وأصبح الكحول الذي شُرب بحريّة دليلًا على الاضطراب العقلي.
7 سنوات. 7 سنوات…
حتّى بعد 7 سنوات، سيكون عمر الجاني ثلاثين عامًا فقط.
سيكون بعمر صغير مثلي، أنا التي فقدتُ والديّ.
أتذكّر الشخصين، بل الجثتين، المغطّاتين بقماش أبيض في غرفة الطوارئ المليئة برائحة الدم.
أصابع باردة، وعيون بلا تركيز كما لو أنها فقدت أخر بريق حياة كان ينبض بها.
أذهب إلى المطبخ وأمسك أكبر سكّين طعام.
أبدأ بشحذها على حوض مليء بأطباق متّسخة.
أريد قتله، يجب أن أقتله.
عندما سيطرت هذه الأفكار على ذهني، مرّ النصل الحادّ على إصبعي.
“آهـ…!”
تشكّلت قطرة دم حمراء على الفور.
شعرتُ بألم لاذع.
انعكس وجهي على السكّين اللامع، وعند رؤية تعبيري، أدركتُ.
ببؤس يحمل انكسارًا وانهيارًا لا يُضاهيه أي شعور آخر بفظاعته، أنا… من النوع الذي لا يستطيع قتل إنسان.
غضب بلا وجهة محددة يسدّ حلقي ويعتصرني ألمًا، وحزن لا يمكن البكاء عليه يخنقني.
عندما غرزتُ السكّين في الحوض، كسرتُ طبقًا رخيصًا، وعندما رأيتُ مسحوق الفلفل الحار العالق، وعندما تذكّرتُ نفسي وأنا أجمع شظايا الزجاج في جريدة وأضعها في كيس قمامة دون وعي.
قرّرتُ الانتحار.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 113"