“ماذا تفعل؟ أنزل السيف.”
نظرت سيلينا إلى آمون بثقة، وهي تضع الخنجر على رقبة جوليا، بينما كان آمون يتأرجح عاجزًا.
كلّ شيء كان كما توقّعت.
كان هذا فخًا، وجوليا لم تمت، وآمون كان مضطربًا.
عمّ التوتر الشديد.
كلّما زاد آمون من قبضته على السيف، أصبحت نظرة سيلينا أكثر شراسة.
“آمون!”
صاح كليفورد.
لم يكمل كلامه، لكن كان واضحًا ما يريد قوله.
كان آمون قائد فرقة الفرسان الزرق، وفارسًا متمرّسًا.
لقد أخضع مجرمين يحتجزون رهائن مرّات لا تُحصى.
بل إنّ سيلينا كانت أضعف منه جسديًا، وكان من الواضح أنّ كليفورد بجانبه سيسانده كذراعه اليمنى.
كلّ ما كان عليه هو التحرّك بسرعة كعادته.
كان عليه أن يهاجم قبل أن يلمس خنجر الجانية رقبة الرهينة.
لكن…
في اللحظة التي أصبحت فيها الرهينة هي جوليا ريتس، واللحظة التي راودته فيها فكرة أنّ خطأً واحدًا قد يؤدّي إلى فقدانها إلى الأبد.
لم يعد آمون قائد الفرسان الزرق، ولا الفارس المتمرّس.
كان مجرّد رجل بائس لا يريد أن يفقد المرأة التي يحبّها أمام عينيه.
“أنزل السيف ببطء. هكذا ستعيش جوليا ريتس.”
ردّ آمون، وهو يعضّ على أسنانه، على كلام سيلينا البارد:
“أنزلي خنجركِ أوّلًا. عندها سأنزل سيفي.”
“لم أكن أتوقّع أن تتصرّف بغباء أكثر من هذا. ألا تعلم من هو في موقف ضعيف الآن؟”
منذ لحظة كشف اضطرابه، مال ميزان التفاوض بشكل لا يمكن إصلاحه.
لكن حتّى مع ميزان مائل، لم يكن هناك نقص في اضطراب قلبه.
‘يجب إنقاذ جوليا.’
أمام هذا المبدأ الذي لا يمكن التنازل عنه، حسب آمون العديد من الاحتمالات في لحظة قصيرة.
كان قد فقد رباطة جأشه بالفعل.
في هذا الموقف، لم يكن واثقًا من النجاح في إخضاع سيلينا دون خطأ.
إذا حدث خطأ، فسيخترق الخنجر رقبة جوليا دون تردّد.
لكن لا يمكنه أن ينزل سيفه بسهولة ويترك سيلينا تذهب.
بالنسبة إلى سيلينا، كانت جوليا مجرّد وسيلة للهروب من هنا.
بمجرّد تحقيق غرضها، من الواضح أنّها ستقضي عليها.
‘لهذا كنتُ أعارض هذه الخطّة.’
في اللحظة الأخيرة، كره آمون نفسه في الماضي لعدم تمكّنه من كسر عناد جوليا.
لا يمكنه إنقاذ جوليا على الفور، ولا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي.
إذًا…
خفض آمون يده التي تحمل السيف ببطء.
صدر صوت مدوٍّ عندما سقط السيف على الأرض.
“آمون!”
مع صرخة كليفورد اليائسة، انتشرت ابتسامة على وجه سيلينا.
“من حسن حظّك أنّك لم تفعل شيئًا أغبى من هذا. هيا، تراجع أنت أيضًا.”
تراجع كليفورد بغضب خطوة إلى الوراء، فقامت سيلينا ببطء.
راقبت آمون وكليفورد بعينين لامعتين، ثمّ عانقت جوليا بذراع واحدة وبدأت تتراجع.
لم يرفع آمون عينيه عن سيلينا أيضًا.
حافظوا على المسافة وهم يخرجون من القصر.
من غرفة جوليا، عبر القاعة، وخارج الباب الرئيسي، وصلت سيلينا إلى شجرة قديمة في الساحة الأماميّة حيث ربط آمون وكليفورد خيولهما.
‘ستهرب على حصان؟’
كانت جوليا المغمى عليها عبئًا ثقيلًا على سيلينا بلا شكّ.
من المؤكّد أنّها ستتخلّى عنها قبل الهروب بطريقة ما.
إذا أطلقتها بسهولة، فهذا حسن، لكن ذلك غير مرجّح.
كانت سيلينا تحمل نوايا قتل تجاه جوليا، وحتّى لو لم يكن الأمر كذلك، فإنّ مهاجمتها لكسب وقت الهروب كانت الخيار المنطقي.
‘إذًا…’
في لحظة، قطعت سيلينا الحبال التي تربط الخيول بخنجرها.
استغلّ آمون تلك اللحظة وأخفى يده خلف ظهره.
شعر بخنجر كان قد أخفاه عند خصره للطوارئ.
الفرصة واحدة فقط.
لحظة صعود سيلينا على الحصان، عندما يبتعد خنجرها عن رقبة جوليا، وعندما تتحرّك عيناها.
تلاقت النظرات المليئة بالإصرار في الهواء.
أمسكت سيلينا اللجام، ولم يتردّد آمون.
اندفع آمون بسرعة، رافعًا يده اليمنى.
غُرز الخنجر الحادّ في كتف سيلينا-
“آغـ-”
بينما أنزلت سيلينا يدها التي تحمل الخنجر وهي تتأوّه، طعنت ساق الحصان خلفها.
“لاا!”
صهل الحصان المُهاجم، رافعًا ساقيه الأماميّتين بألم.
تفادى آمون الحصان المندفع نحوه بانحناء سريع.
كانت سيلينا قد قفزت على حصان آخر بالفعل.
أمسكت كتفها اليمنى النازفة، دون أن تترك جوليا.
كانت جوليا المغمى عليها محمّلة على الحصان بعشوائيّة-
“سيلينا!”
عندما اندفع آمون صارخًا كالوحش المهتاج، اختفى الحصان الذي يحمل سيلينا بسرعة في الغابة.
حاول آمون وكليفورد المطاردة، لكن دون جدوى.
نظرا إلى الغابة بوجوه عاجزة.
“اللـ*نة… اللـ*نة!”
داس آمون الأرض بقوّة.
كان الحصان المصاب لا يزال ينزف ويقفز حولهم.
لم يكن هناك وسيلة للمطاردة.
كانت سيلينا لا تنوي ترك أيّ حصان منذ البداية.
ربّما خطّطت لتعطيل حركتهم ثمّ الهروب على حصان آخر.
وضع كليفورد يده بحذر على كتف آمون، الذي كان يحدّق في الأرض بعيون محتقنة، وتحدّث بهدوء:
“أحسنتَ. السيّدة ستكون آمنة مؤقّتًا. أخذتها دون قتلها، مما يعني أنّها تنوي استخدامها كرهينة عند مواجهتنا مجدّدًا.”
لكن أيّ كلام تعزية لم يصل إلى أذني آمون.
“جرح سيلينا عميق، فلن تذهب بعيدًا ولن تختبئ طويلًا. سيكون من السهل تتبّع رائحة الدم.”
“…أعتذر.”
شعر آمون أنّ كلّ شيء ناتج عن غبائه.
لو كان أسرع قليلًا، أكثر حدّة، أو استهدف قلب سيلينا منذ البداية.
“وعلاوة على ذلك، لدينا مجموعة إلويز. إذا وجدوا دليلًا أوّلًا، سيكون لدينا مساحة للتفاوض مع سيلينا. اهدأ، وابدأ البحث الآن.”
أغمض آمون عينيه بقوّة وتنفّس بعمق.
كان كليفورد محقًا في كلّ شيء.
الندم لن يغيّر شيئًا.
كان عليه إيجاد جوليا الآن.
كان عليه إعادتها إلى أحضانه.
ومضت عيناه الزرقاوان تحت جفنيه المفتوحتين ببرود غير مسبوق.
* * *
فتحتُ عينيّ ببطء شديد.
أدرتُ عينيّ فقط دون تحريك جسدي لاستطلاع المكان.
كان الظلام حالكًا، فلم أرَ الكثير حتّى مع فتح عينيّ.
حرّكتُ جسدي بحذر لفهم الموقف دون أن يُلاحظني أحد.
كانت يداي مقيّدتين من الخلف، لكن قدميّ كانتا حرتين.
لم أسمع أيّ صوت، فقط رائحة دم نفّاذة.
‘رائحة دم؟’
لم أشعر بأيّ ألم.
هذا يعني أنّني لستُ مصدر الدم على الأقلّ.
تذكّرتُ بهدوء.
آخر ذكرى لي كانت استنشاق هواء نفّاذ في غرفة جوليا.
فقدتُ الوعي بعدها، واستيقظتُ هنا.
في خطّتنا الأصليّة، كان من المفترض استخدام دخان غير ضارّ بالجسم…
لكن فقداني للوعي فعلًا يعني أنّ كليفورد فعل شيئًا لجعل التمثيل أكثر واقعيّة.
‘كنتُ أعلم أنّه لا يقلق عليّ، لكن…’
وكون يديّ مقيّدتين يعني أنّ الخطّة فشلت بطريقة ما.
في أسوأ الحالات، ربّما أُصيب آمون وكليفورد، ورائحة الدم هذه تخصّ أحدهما.
ربّما قبضت سيلينا علينا الثلاثة، ونحن على وشك الموت.
‘لكن…’
أثناء تحريكي الخفيف، لاحظتُ أنّ الحبل الذي يقيّد يديّ كان مرتخيًا.
بقليل من القوّة، يمكنني التحرّر.
وعلاوة على ذلك، قدميّ لم تكونا مقيّدتين.
من قيّدني، إمّا كان مستعجلًا، أو ضعيفًا، أو كليهما.
ولو كانت سيلينا قد كشفت خطّتنا بالكامل وقبضت علينا الثلاثة، لما كانت هناك رائحة دم.
كانت ستقضي علينا بسمّ غير قابل للكشف، مزيّفة جريمتها بكونها نوبات قلبيّة.
‘هذا يعني…’
جمعتُ شجاعتي وأدرتُ جسدي جانبًا.
تأقلمت عيناي مع الظلام، فرأيتُ ظلًا متكوّرًا بعيدًا.
‘هل صاحب الدم… هو سيلينا؟’
التعليقات لهذا الفصل " 112"