تدخل صاحب الوعاء الجالس بجانب مارفين في الحديث بلا اكتراث.
“نائبة القائد!”
شعرها الأشعث، ووجهها الذي يبدو متعبًا كأنها لم تغسله جيدًا، كل ذلك جعلها تبدو مختلفة.
لقد رأيتها مرة بشكل عابر في مبنى الفرسان، لكنني لم أتعرف عليها من النظرة الأولى بسبب تغير مظهرها، لكن عند التدقيق، كانت هي إلويز، نائبة قائد فرقة الفرسان الزرق.
أومأت برأسها بإهمال لتحية مارفين، ثم وجهت لي تحية بعينيها.
“هل لديكِ ما تريدين قوله للقائد؟”
سألتني إلويز وهي تتناول الحساء بشراهة.
كان هذا اللقاء الثاني بيننا فقط، لكنها بدت مرتاحة وطبيعية كمن اعتاد التعامل مع الغرباء.
“نعم، بخصوص قضية ما.”
“ما الذي قلتِ إنكِ متورطة فيه؟ إذا كنتِ تقيمين في مبنى الفرسان، فلا بد أنها ليست قضية عادية. من القضايا الكبرى التي حدثت مؤخرًا… ما الذي يخطر ببالك، مارفين؟”
“أوه، الآن وقد ذكرتِ ذلك، ما الذي قالته بالضبط؟”
نظر إليّ مارفين بتعبير أبله عندما وجهت إلويز السؤال له.
كدتُ أجيب دون تفكير، لكنني أغلقت فمي فجأة.
خطرت لي فكرة أن إلويز ربما جلست بجانبي عمدًا وبدأت الحديث لتسمع إجابتي على هذا السؤال.
‘هل تعمدت ألا تسألني مباشرة واستخدمت مارفين كوسيط؟’
حدقتُ فيّ إلويز وهي تتناول الحساء.
أقسم أنني لو سألتني بصراحة، لأجبتها بلا مبالاة، لكن تصرفها هكذا جعلني متشككة.
“ألم يخبركِ القائد بشيء؟”
عند سؤالي، هزت إلويز كتفيها.
“يبدو أنه نسي ذلك من فرط انشغاله.”
“حسنًا، إذن.”
وضعتُ قطعة خبز منقوعة بالحساء في فمي، ثم نهضتُ من مكاني فجأة.
“سيدتي؟ إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
سألني مارفين بتعجب.
“إذا كان شخص بهذا الانشغال موجود الآن، فلا يمكنني تفويت هذه الفرصة. يجب أن أرى القائد.”
ابتسمتُ ابتسامة خفيفة، لكن عيني إلويز، التي كانت لا تزال تمسك بالملعقة، بدتا تخترقانني بنظرة حادة، كأنها تعلم أنني أتهرب من الإجابة.
* * *
صعدتُ فورًا إلى الطابق الثالث وطرقتُ باب مكتب آمون طرقتين قصيرتين.
لم أعلن عن هويتي، لكن سرعان ما جاءني الإذن بالدخول.
فتحتُ الباب ببطء ودخلتُ المكتب.
رفوف الكتب المزدحمة، المكتب، وضوء الشمس المتدفق من النافذة، كل شيء بدا غريبًا رغم أنني زرتُ المكان مرة من قبل.
ربما لأن ذلك كان بعد غروب الشمس، أو لأنني اقتحمته حينها في حالة من الفوضى.
“هل نمتِ جيدًا؟”
سألني آمون وهو جالس وظهره للنافذة دون أن يرفع عينيه عن الأوراق، كأنه كان يعلم مسبقًا أنني سآتي.
“نعم، نوعًا ما.”
وقفتُ عند الباب وأجبتُ بتردد.
هل بدا سؤاله العابر عن حالي غريبًا لأنني كنتُ أفكر في كوابيسي حتى تلك اللحظة؟
لم يبدُ أنه ينتظر ردًا محددًا، إذ واصل آمون التركيز على أوراقه.
“هل لم تخبر أعضاء الفرقة عن أي قضية أنا مرتبطة بها؟”
“لم تكن هناك حاجة لذلك.”
بالطبع…
من تصرفات إلويز، يبدو أن كلام آمون ليس صحيحًا تمامًا.
كان يخفي عمدًا ارتباطي بقضية بوليف.
هل لأنني طعنتُ الضحية لكنني لستُ الجانية، وهذه ستكون صدفة لن يصدقها أحد؟
بالنظر لموقف إلويز قبل قليل، لم تبدُ شديدة الولاء لآمون.
لو علمت أنه لا يزال يطارد مجرمًا في قضية مضى عليها أكثر من عشر سنوات، فمن الواضح كيف ستكون ردة فعلها، خاصة إذا اكتشفت تمسكه بخيط رفيع من الأدلة.
“هل جئتِ لتتحدثي عن ذلك؟”
أزاح آمون بضع أوراق جانبًا ورفع رأسه أخيرًا ليسألني، وكأنه يعرف كل شيء ويختبرني فقط.
“مستحيل. لقد دعوتني للعيش معًا في مبنى الفرسان، ثم لم أرَ وجهك ثلاثة أيام كاملة.”
نهض آمون من مكتبه وأشار لي نحو الأريكة الجانبية.
تجاهل المقعد الرئيسي وجلس أمامي مباشرة، محدقًا بي بعينين ثابتتين.
جلستُ على طرف الأريكة الجلدية وسألته.
“هل كنتَ تتجنبني عمدًا خلال الأيام الثلاثة الماضية؟”
“كنتُ مشغولًا بـ أمور عدة فقط. كان عليّ التحضير لبعض الأشياء أيضًا.”
“تحضير؟”
دفع آمون بعض الأوراق الموضوعة على الطاولة أمام الأريكة نحوي.
بدا أنه وضعها هناك متوقعًا قدومي.
كانت الأوراق صلبة وسميكة، ولم تتجاوز ورقتين فقط.
في الأعلى، كُتب “عقد” بخط كبير، وفي الأسفل، كانت هناك أختام تبدو مهمة رغم أنني لم أفهم مغزاها جيدًا.
“إنه عقد، لكن الوسط فارغ.”
“بالضبط.”
أخرج آمون حبرًا وقلم ريشة هذه المرة.
أخذ الأوراق مني مجددًا، ووضع الورقتين جنبًا إلى جنب على الطاولة، ثم رفع القلم.
“سنملأ هذا الفراغ معًا الآن.”
“هل تقصد كتابة عقد؟ بمعنى أننا سنتعاون؟”
“صحيح. وكما ترين، ليس مجرد عقد عادي، بل عقد مُعتمد من الإمبراطورية.”
يبدو أن الأختام التي بدت مهمة كانت أختامًا إمبراطورية.
أن يُعد كل شيء بهذا الحرص!
تساءلتُ إن كان ذلك ضروريًا، لكن من وجهة نظر آمون، كان منطقيًا.
من المستحيل أن يثق بي بسهولة.
قال إننا سنكتبه معًا، لكنه بدأ يملأ العقد بسرعة دون أن يسألني.
قرأتُ بعض السطور خلسة: التعاون للقبض على القاتل الحقيقي لـ راسيل، مع الحفاظ على سرية كاملة لما يتعلق بالعقد، وفسخه فورًا إذا لم يتم الالتزام بالشروط.
كتب آمون نفس المحتوى على الورقتين بنفس الطريقة، وكأنه استخدم مسطرة، فكانت خطوطه ومسافاته متساوية بدقة.
“حسنًا، الآن سنتناقش حول الشروط التي يريدها كلٌ منا ونكتبها، ثم ننتهي.”
أشار آمون إلى الفراغ في المنتصف وقال.
“همم…”
إذن، عليّ أن أكتب شروطي في هذا الجزء.
“سأبدأ أنا. لدي ثلاثة شروط. أولًا، إذا علمتِ أي معلومات تتعلق بالقضية، أخبريني بأسرع وقت ممكن. ثانيًا، عليكِ ألا تخفي مكان تواجدكِ حتى تنتهي القضية، ويفضل أن نعيش معًا قدر الإمكان.”
يبدو أن آمون قلق جدًا من احتمال هروبي.
أومأتُ موافقة على هذه الشروط المنطقية، ثم سألت.
“والأخير؟”
“ثالثًا، إذا حدث أمر خطير، ستكون لسلامتكِ الأولوية القصوى.”
“…ماذا؟”
أليس هذا العقد يركز على سلامتي أكثر من اللازم؟ نظرتُ إليه بدهشة لشرط لم أتوقعه، فأضاف آمون.
“أثناء التحقيق، لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث. أنتِ لم تتلقي تدريبًا رسميًا، أليس كذلك؟ إذا وقع شيء ما، سيكون ذلك تحت مسؤوليتي الكاملة.”
إذن، في حالة الخطر، يريدني أن أهرب بدلًا من عرقلته بقلة مهارتي؟
“حسنًا، أنا أرحب بذلك بالطبع.”
“إذن، حان دوركِ. وضعتُ ثلاثة شروط، فمن الأفضل أن تضعي ثلاثة أيضًا.”
“لا، يكفيني شرط واحد.”
منذ أن تحدث آمون عن العقد، كان لدي شرط واحد فقط أريد كتابته.
إذا جاء يوم واضطررتُ فيه للكشف عن هذا الواقع الغريب الذي أعيشه…
“ثق بي حتى النهاية.”
على الأقل، أردتُ أن يثق بي آمون، الشخص الوحيد الذي أثق به في هذا العالم.
‘على أي حال، لن أتحدث عن ذلك إلا قبل عودتي إلى عالمي الأصلي، لذا لن يكون له معنى كبير.’
نظرت إليّ عيناه الزرقاوان بثبات.
ظل يحدق بي طويلًا كأنه يبحث عن معنى خفي وراء كلماتي، ثم رفع القلم وكتب شرطي.
بعد ذلك، أعاد لي الورقتين.
تحت شروطه الثلاثة وشرطي الواحد، كان توقيعه مكتوبًا بأناقة.
“وقّعي بجانبه. على الورقتين.”
أمسكتُ القلم دون تفكير، لكنني توقفتُ فجأة.
“هل هناك مشكلة؟”
“لا، لا شيء.”
التوقيع الوحيد الذي أعرفه هو توقيعي المعتاد، أي الذي كنتُ أستخدمه قبل قدومي إلى هذا العالم.
‘هذا عقد باسم جوليا، فهل ستكون هناك مشكلة؟’
لم أتردد طويلًا.
كتبتُ توقيعي المعتاد بخط سريع.
على أي حال، لا يمكنني تقليد توقيع جوليا الذي لم أره أبدًا.
ألقى أمون نظرة على توقيعي للحظة، ثم سلم لي إحدى الأوراق واحتفظ بالأخرى.
” سيحتفظ كلٌّ منا بواحدة. احذري أن تفقديها أو تدعي الآخرين يرونها.”
“بالتأكيد.”
“حسنًا إذن.”
قام بتقويم وضعيته، وبدا مستعدًا للمضي قدمًا في ما سيأتي بعد ذلك.
“لقد اتفقنا، لذا حان وقت الانتقال إلى الخطوة التالية. الشرط الأول: إبلاغي فور ورود أي معلومات لديكِ عن القضية. يُرجى مشاركة جميع المعلومات المتوفرة لديكِ.”
“ماذا تريد أن تعرف؟”
“بالطبع، أريد أن أعرف إن كان استنتاجي صحيحًا. هل استخدم أحدهم السم لقتل راسيل قبل أن تطعنيه؟ وكيف عرفتي؟”
للأسف، لم أستطع الإجابة على هذه الأسئلة.
لكنني لم أكن مضطربة.
كنت قد أعددتُ ردًا لهذه اللحظة.
“نعم، كنت في مقر إقامة الدوق بوليف في ذلك اليوم.”
نظر إليّ آمون بتركيز وهو ريقه.
نظرتُ في عينيه المليئتين بالترقب، ثم تابعتُ حديثي بسرعة.
“لكنني لا أتذكر من أنا أو لماذا كنت هناك. أعتقد أنني مصابة بفقدان الذاكرة.”
العذر الذي كنت أفكر فيه لمدة ثلاثة أيام.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 11"