كنتُ أتوقّع ردّه بناءً على شخصيّته، فتابعتُ دون تراجع:
“لا تقلق. ليس لديّ نية للتضحية بنفسي. أعتقد فقط أنّ اقتراح كليفورد قابل للتنفيذ. أيّ دليل مادّي أكثر وضوحًا من معرفة خطّة القتل والاقتحام أثناء التنفيذ؟”
“كما توقّعتُ، أنتِ معي.”
هززتُ رأسي نافيةً لتأييد كليفورد الحماسي:
“لكنّني أعارض فكرة اختيار شخصٍ ما وصنع موقف. السيّر سبينسر محقّ. إذا فشلنا في منع الجريمة، سيكون هناك ضحيّة بريئة.”
“إذًا، ما الذي تقترحينه؟”
“لهذا أقول إنّني سأكون الطعم.”
“مستحيل.”
تدخّل آمون بحزم.
“لا أفهم. الخطر يهدّد الآخرين كما يهدّدكِ. أن تكوني الطعم لا يمنحكِ أيّ ميزة.”
“بل هناك عدّة مزايا. أوّلًا، سيلينا حاولت قتلي من قبل، مما يعني أنّها تحمل نوايا قتل تجاهي.”
“بعد فشل خطّتها باستخدام تيو لإيذائكِ، لم تتعرّضي لأيّ خطر. بل إنّ سيلينا اقتربت منكِ في الحفل وساعدتكِ بدليل. هذا يثبت أنّها قرّرت استغلالكِ بدلًا من قتلكِ.”
“ربّما كان ذلك حينها. لكنّنا لم نتحرّك وفق خطّتها. بدلًا من التحقيق مع فالدي، ذهبنا إلى فيديل.”
“وماذا في ذلك؟”
“هل تعتقد أنّ سيلينا لا تعلم؟ قد لا تعرف سبب ذهابنا أو ما وجدناه، لكنّها تعلم على الأقلّ أنّنا ذهبنا إلى فيديل، بناءً على نمطها السابق.”
“آه… إذًا تريدين نصب فخّ بذلك؟”
أومأتُ لكليفورد الذي تدخّل:
“نعم. نُخبر سيلينا أنّنا وجدنا دليلًا في فيديل، لكنّنا لم نفهم معناه بعد. ستشعر بالقلق وستحاول التخلّص من الدليل، ومنّي أيضًا.”
“لم تفهمي كلامي.”
قال آمون بوجهٍ جدّي:
“لا يهمّ مدى نوايا سيلينا لقتلكِ. بل إنّ كلامكِ يجعل الأمر أوضح. لا يمكنني قبول ذلك. حياتكِ ستصبح في خطر.”
“اسمعني. ثانيًا، أنا من شاركتُ السيّر سبينسر في هذا التحقيق منذ البداية. أنا من يفهم أساليب سيلينا أكثر من غيري، مما يسهّل تفادي الخطر.”
“هذا غير منطقي-”
“وأخيرًا، أنا الطعم الأكثر موثوقيّة. لن أُغرى من سيلينا ولن أخونك. ما رأيك؟ أليس هذا منطقيًا؟”
عمّ الصمت في المكتب.
تصلّب فكّ آمون، ثمّ نهض فجأة.
“السيّر سبينسر؟”
نظرتُ إليه بدهشة من حركته المفاجئة، فقال بصوتٍ مكبوت:
“لا تتحدّثي عن فقدان حياتكِ… لا تقولي ذلك.”
“ماذا؟ لم أقصد الفقدان فعلًا، فقط-”
“وكلّ ما قلتهِ غير منطقي. هناك طعم آخر يناسب شروطكِ تمامًا.”
“طعم آخر؟”
رمشتُ بعينيّ بدهشة، ثمّ أدركتُ من يقصده.
من ذهب إلى فيديل بحثًا عن الأدلّة، ويفهم أساليب سيلينا، وهو موثوق… أليس هناك اثنان فقط؟ أنا وهو.
“إذا كان لا بدّ من طعم، سأكون أنا.”
“لا يمكن! السيّر سبينسر ليس هدفًا سهلًا. لن تتخلى سيلينا عن حذرها أمامك، لكنّها ستظنّ أنّ قتلي سهل-”
“توقّفي عن قول كلمة الموت!”
ارتجفتُ.
لم يسبق لآمون أن صرخ بهذه الطريقة، خاصّةً تجاهي.
شعرتُ بظلّه المهيب فوقي بشكل غير معتاد.
وقف آمون في مكانه، يمسك قبضته بقوّة، محاولًا كبح غضبه.
كسر الصمتَ سعال كليفورد المحرج.
استعاد آمون وعيه وأطرق رأسه.
“…أعتذر، لقد انفعلتُ قليلًا.”
لكنّ وجهه لم يُظهر أيّ علامة على الهدوء.
مددتُ يدي بحذر نحو آمون الذي كان يحدّق في الأرض:
“السيّر سبينسر-”
“أعتذر، لكن… سأستأذن.”
قبل أن تلمس يدي معصمه، غادر آمون الغرفة.
أغلق الباب بضجيجٍ لا يُصدّق أنّه منه.
أنزلتُ يدي المعلّقة في الهواء ببطء ونظرتُ إلى كليفورد:
“…هل قلتُ شيئًا سخيفًا لهذه الدرجة؟ ليغضب هكذا؟”
هزّ كليفورد رأسه بنظرة سئمة:
“بل يبدو أنّ أخي يفكّر بشيء سخيف.”
* * *
منذ ذلك اليوم، تغيّر موقف آمون.
بدأ يتجنّبني بشكل واضح.
على الرغم من بقائي في مقرّ الفرسان بدلًا من قصر الدوق، وتجوّلي قرب مكتبه، واستيقاظي مبكرًا للذهاب إلى غرفة نومه، لم أتمكّن من التحدّث إليه.
كلّما التقينا، كان يقدم اعذارًا لانشغاله بانجاز أعماله ويهرب.
استمرّ هذا لما يقرب من أسبوع.
لم يحدث هذا من قبل.
كان آمون دائمًا موثوقًا، هادئًا، وناضجًا.
مهما حدث، كان هادئًا ويسعى للتفكير بعقلانيّة.
يعلم أنّ التجنّب لن يحلّ المشكلة، لكنّ هذا التصرّف لم يكن يشبهه.
‘إذا لم نستخدم طعمًا، فعلينا مناقشة خطّة أخرى.’
قال كليفورد إنّه لم يرَ آمون منذ ذلك اليوم، ولم يكن كارلايل أو إلويز أو مارفين مفيدين.
سمعتُ أنّ آمون يعالج كميّة غير مسبوقة من الأعمال، لكنّني لم أعرف إن كان ذلك بسبب انشغاله أم لخلق أعذار لتجنّبني.
“سيّدتي!”
بينما كنتُ أغادر مكتب آمون بعد محاولة فاشلة أخرى، أمسكني مارفين.
“السيّد مارفؤن.”
“لم نلتقِ منذ مدّة!”
بالفعل، لم أتحدّث معه طويلًا منذ عودتنا من فيديل.
“صحيح. كيف حالك؟”
ردّ مارفين على تحيّتي الحارّة بإيماءة وسأل:
“وأنتِ، هل كنتِ بخير؟ رحلة ركوب الخيل لأيّام في تلك الطرق الوعرة، أمرٌ مذهل!”
“هذا أصبح أمرًا عاديًا الآن.”
توجّهنا نحو خارج مبنى الفرسان.
قال مارفين إنّه ذاهب إلى ساحة التدريب، فتذكّرتُ أنّ عليّ الاعتناء بحصاني.
“لكن، سيّدتي، هل حدث شيء بينكِ وبين القائد؟”
“ماذا؟”
نظرتُ إليه بدهشة.
أن يشعر مارفين، الذي يفتقر للحدس، بوجود مشكلة بيننا!
“لمَ تعتقد ذلك؟”
“ألم تكونا دائمًا معًا؟ لكنّكما لم تُرَيا معًا مؤخرًا… هل هو شجار عاطفي؟”
“ماذا؟”
ابتسم مارفين بتردّد وتابع:
“كنتُ أمزح، لمَ تفاجأتِ هكذا؟ لا أحد يظنّ أنّ بينكِ وبين القائد علاقة كهذه، فلا تقلقي!”
“آآه…”
بينما أفكّر كيف أردّ، ضرب أحدهم كتف مارفين بخفّة من الخلف.
“لأوّل مرّة تقول شيئًا صحيحًا. هل تحسّن حدسك؟”
“السيّد يوستي؟”
كان كارلايل، يحمل كومة من الأوراق، يمرّ بالقرب.
سارع مارفين بالتحيّة وأخذ الأوراق من يده.
“إلى أين أنتَ ذاهب؟”
“إلى مقرّ الفرسان. لكن لديّ حديث مع السيّدة، فخذ الأوراق بدلًا عنّي.”
“ماذا؟ لكن…”
نظر مارفين إليّ بنظرة استغاثة.
كنتُ فضوليّة بشأن ما يريد كارلايل قوله، فتجنّبتُ نظرته.
حثّه كارلايل مجدّدًا، فغادر مارفين متردّدًا.
“ما الأمر؟ ما الذي تريد مناقشته؟”
بينما أسير مع كارلايل، سألتُ بعجب.
“ماذا يكون برأيك؟ بالطبع حديث يتعلّق بالقضيّة.”
نظر كارلايل حوله بسرعة وخفّض صوته:
“ألم تؤكّدا هويّة الجاني؟ لمَ لم تتحرّكا منذ أسبوع؟ آمون انغمس فجأة في أعمال متراكمة، وأنتِ لم تقولي شيئًا.”
“آه…”
يبدو أنّ كارلايل لم يتلقّ أيّ تحديثات من آمون منذ ذلك اليوم.
أخبرته بسرعة بما حدث: اقتراح كليفورد باستخدام طعم، ورفض آمون.
“صراحةً، تفاجأتُ قليلًا من صراخ السيّر سبينسر. شعرتُ بالحرج أيضًا.”
بعد سماع القصّة، تنهّد كارلايل بعمق وهزّ رأسه:
“أعتقد أنّني أعرف لمَ تصرّف هكذا. يبدو أنّه يخشى فقدانكِ.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 107"