شعرت بالصورة المحفوظة بعناية في ثيابي وكأنها ثقيلةً بشكلٍ غير عادي.
كان إحساسًا وكأنّ جسدي ينهار إلى الأسفل من شدة ثقلها.
كما لو كنت محاصرة في كوخٍ مملوء بالرمل.
شعرٌ أسود وعينان حمروان.
عندما وصف الرجل صاحب الصورة، مرّت في ذهني صورة سيلينا بوليف وهي جالسة في غرفةٍ فاخرة.
سيلينا، التي كانت تجلس وسط غرفةٍ تتلألأ بالذهب، كأنّها تجمع كلّ الأشياء البرّاقة.
شعرها الأسود الوفير وعيناها الحمروان.
لم يكن هناك شيء مؤكّد بعد.
لم نكن نعلم حتّى إن كانت هذه الصورة تعود للجاني الحقيقي.
وحتّى لو كانت كذلك، فلا يمكن أن تكون سيلينا الوحيدة في العالم ذات الشعر الأسود والعينين الحمراوين.
إذا أردنا الدقّة، ألم يكن راسيل المتوفّى يملك السمات ذاتها؟
وعلاوةً على ذلك، وفقًا لتحقيقات كارلايل، كان الجاني ذكرًا.
بدلًا من الشكّ في سيلينا، كان من المنطقي البحث عن مشتبهٍ به ذكرٍ جديد بشعرٍ أسود وعينين حمراوين.
ومع ذلك…
ظلّت صورتها تطفو في ذهني.
كلّ كلماتها وتعابيرها عادت إليّ.
منذ هروبها من دار الأيتام، إلى قتلها للمدير والدوقين سبينسر، إلى وضع السمّ في فنجان راسيل، ومراقبتها لي ولآمون وهي تصدر أوامر القتل.
كأنّني شاهدتُ كلّ ذلك بعيني، كانت الصور تتكشّف حيّةً في ذهني.
كان هذا مختلفًا تمامًا عن اللحظة التي أشارت فيها كلّ الأدلّة إلى فالدي.
رغم علمي أنّه مجرّد حدسٍ تافه، شعرت بيقينٍ قويّ.
كأنّ قطع الأحجية أخيرًا بدأت تتشكّل بشكلٍ صحيح.
كأنّ شيئًا كان عالقًا طوال الوقت قد جرى تطهيره.
كان إحساسًا قويًا لدرجة أنّه أضعفني.
“…السيّر سبينسر.”
“نعم.”
عند سماع إجابته الخافتة، أغلقت فمي مجدّدًا.
عمّا كان يفكّر؟
هل كان يفكّر في الشخص ذاته الذي أفكّر فيه، ويشعر بنفس اليقين القوي؟
أم أنّه كان مرتبكًا بسبب الأدلّة التي تشير إلى أشخاصٍ مختلفين؟
بدلًا مني، بعد أن ناديته ولم أكمل كلامي، فتح آمون فمه:
“ما زلنا… لا نعرف شيئًا.”
كان صوته، الذي بدا شبيهًا بنبرته المعتادة، مكبوتًا بشدّة.
“لا نعلم إن كانت الصورة للجاني الحقيقي، وحتّى لو كانت كذلك، فهي لا تُعتبر دليلًا.
فالأشخاص ذوو الشعر والعينين باللون ذاته كثيرون في العالم.”
“نعم…”
“لذا، في الوقت الحالي…”
ابتلع آمون كلماته التالية.
كان صمته أقوى من مئة كلمة.
لا توجد أدلّة ملموسة بعد.
لا يمكن الوثوق بحدسٍ كهذا.
ومع ذلك، مع ذلك…
كان يفكّر في الشيء ذاته الذي أفكّر فيه.
كان يتخيّل الشخص ذاته.
* * *
“كيف سارت الأمور؟ هل أحضرتَ الصورة؟”
ما إن دخلنا منزل دولوريس، حتّى اعترضنا كارلايل وسأل.
نظرتُ بطرف عيني نحو غرفة النوم حيث من المفترض أن تكون دولوريس والطبيب، ثمّ أومأتُ برأسي قليلًا.
ربّما لاحظ تعبيري الجدّي، فأصبحت ملامح كارلايل أكثر قتامة.
“ما الذي حدث؟”
بدلًا من الإجابة، أخرجتُ الصورة الملفوفة بعناية من ثيابي وسلّمتها له.
ثمّ همستُ لكارلايل، الذي كان يتفحّص الصورة بسرعة:
“يقول إنّه شعرٌ أسود وعينان حمروان.”
“…..”
نظر إليّ كارلايل بوجهٍ متصلب بعد صمتٍ قصير.
كنتُ متأكّدة نّ الشخص ذاته مرّ في ذهنه.
“لنتحدّث بالتفصيل لاحقًا.”
أشار آمون بذقنه نحو غرفة النوم، فأومأ كارلايل بهدوء.
استعدتُ الصورة، لففتها بعناية، وسألت:
“وماذا عن دولوريس؟ هل هناك تحسّن؟”
“لا يزال الوضع غير واضح. ستنتهي الزيارة الطبيّة قريبًا، يمكنكم السؤال مباشرة.”
عندما دخلنا غرفة النوم، رأينا دولوريس لا تزال مستلقية، والطبيب بجانبها.
كانت الممرّضة، التي لا أعلم متى وصلت، تقف إلى جانبها تنظر إلى دولوريس بعينين قلقتين.
“جئتم في الوقت المناسب. كنتُ على وشك المغادرة.”
نهض الطبيب من مكانه وهو يعبّئ حقيبته الطبيّة.
سارع آمون بالسؤال:
“كيف حالها؟”
“كما أخبرتكم، من الصعب إعطاء إجابة قاطعة. لا يوجد ما يمكن فعله سوى الانتظار.”
“حسنًا.”
خرج آمون مع الطبيب لمواصلة الحديث في غرفة المعيشة.
بعد أن أوصيتُ الممرّضة بإبلاغنا فورًا إذا تحرّكت دولوريس ولو قليلًا، تبعته أنا وكارلايل.
غادر الطبيب بعد أن وعد بالعودة غدًا، وتجمّعنا نحن الثلاثة مجدّدًا في دائرة في غرفة المعيشة.
“لا أعلم كم من الوقت سنظلّ هكذا.”
تحدّث كارلايل بنبرةٍ تهكّميّة.
بدلًا من الردّ، نظرتُ إلى السقف وتنهّدتُ باختصار.
كنتُ أشعر بدوّامة من المشاعر، لكن ربّما بسبب ذلك، أصبح رأسي أكثر برودة.
“لنرتب الوضع. لدينا الآن دليلان قويان: الأوّل هو شهادات الخدم، والثاني هو الصورة.”
تولّى آمون الحديث:
“الخدم يشيرون إلى فالدي كجانٍ، والصورة تشير إلى سيلينا. دون التفكير في متغيّرات أخرى، يجب أن نركّز أوّلًا على التحقّق من صحّة هذين الدليلين.”
“إذا سمحتم لي بإبداء رأيي…”
نظرتُ إلى كارلايل بحذر، ثمّ قلتُ:
“أعتقد أنّ سيلينا هي الأرجح كجانية.”
“أليس ذلك مجرّد حدس؟”
كما توقّعت، سأل كارلايل وهو يعبس قليلًا.
“لا، إنّه بسبب كيفيّة العثور على الأدلّة. من الذي أعطانا تلميحًا للاستماع إلى الخدم؟ إنّها سيلينا. ماذا لو كان ذلك فخًا منها؟ لقد تمّ التلاعب بنا. الأدلّة غير موثوقة.”
“لكن من غير المعقول أن يكون كلّ هؤلاء الخدم يكذبون، ولا يبدون كأنّهم تلقّوا رشوة. أستطيع تمييز مثل هذه الأمور.”
“أعني أنّه قد يكون هناك سوء تفاهم. ربّما لم تكن سيلينا تقصد ذلك، لكنّه نوع من الوهم الذي تشكّل بالمصادفة.”
“إذا نظرنا من هذا المنطلق، ألا يمكن أن تكون الصورة كذلك أيضًا؟ لا نعرف بعد من هو صاحب الصورة، ولمَ كانت مخبّأة في مستودع هذا المنزل. ماذا لو كانت دليلًا أخفاه فالدي متوقّعًا قدومنا؟ إنّه تلاعبٌ بنفس الطريقة.”
لم يستسلم كارلايل وردّ بقوّة.
لم أجد ما أردّ به، فاكتفيتُ بهزّ كتفيّ.
“وماذا عنك، السيّر سبينسر؟ ما رأيك؟”
من خلال تصرّفات آمون حتّى الآن، بدا أنّ رأيه أقرب إليّ من كارلايل.
توقّعتُ أن يدعمني، لكنّه تحدّث بوجهٍ هادئ، مكتفيًا بالحقائق الموضوعيّة:
“في الوقت الحالي، كلا الاحتمالين ممكنان. أعتقد أنّ اتّخاذ قرار متسرّع قد يكون خطرًا.”
“لكن-”
“لذا، لا يمكننا التخلّي عن أيّ من الخيارين. كارلايل، عد إلى العاصمة وتحقّق من الخدم مجدّدًا، وسنبقى هنا ننتظر حتّى تستعيد دولوريس وعيها. سنكتشف أيّ من الدليلين مزور حقًا.”
كان يعني أنّ على كلّ منّا إثبات صحّة ما يؤمن به بنفسه.
أومأتُ برأسي موافقة على كلامه المنطقي، لكنّ كارلايل قال بنبرةٍ ساخطة:
“ألم أقل مرارًا؟ تحقيقي خالٍ من الثغرات. الخادم الذي كان يخدم الطفل المتبنى أثناء الاستحمام كان ذكرًا. ما الدليل الأكثر كمالًا من هذا؟”
“هل أنت متأكّد أنّ الخادم رأى الطفل المتبنّى عاريًا؟”
“ماذا؟ حسنًا، هذا…”
تردّد كارلايل، وكأنّه لم يسأل عن هذه التفاصيل.
“إن لم يكن كذلك، فلا يوجد شيء مؤكّد. ربّما كانوا مقتنعين لسببٍ ما أنّ الطفل المتبنّى ذكر، فاستخدموا خادمًا ذكرًا. لكن ماذا لو كان كلّ ذلك وهمًا؟”
“اسمع، هل تدرك ما تقوله؟ هل تقول إنّ مثل هذه المصادفة الغريبة حدثت؟”
“لا أتحدّث عن مصادفة. أقول إنّه ربّما كان هناك سببٌ حتميّ جعل الأمور تبدو كذلك.”
سببٌ حتميّ؟
حتّى أنا، التي أشكّ في سيلينا، وجدتُ هذا الكلام غريبًا، فسألتُ آمون:
“ماذا تعني؟ هل تعرف شيئًا آخر؟”
“تذكّري ما قالته دولوريس سابقًا. قالت إنّ طفلين متشابهين اختفيا معًا. لكنّها لم تقل أبدًا إنّ جنسهما كان واحدًا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 101"