إن فاتتهم فرصة أسر إيرين الآن، فلن يكون هناك ما يضمن متى ستأتي الفرصة التالية. فبعد كل شيء، لن يسمح المعبد بأن تتعرض القديسة للخارج مرة أخرى بعد مثل هذه المحنة.
وإدراكًا لذلك، لم يستطع لوسيل التراجع بسهولة.
‘ولكن، كيف؟’
الأشخاص الذين أحضرهم معه كانوا يبلون بلاءً أسوأ بكثير أمام قوات المعبد مما كان يتوقع. لقد افتقروا إلى المحاربين المهرة الذين كانت الحاجة ماسّة إليهم.
في هذا العالم، كان هناك عدد أكبر بكثير ممن يتبعون الحاكمة الزائفة، ومنذ البداية كان لديهم تفوق عددي. وهذا، في النهاية، هو ما صنع الفارق.
أسرع لوسيل في تضميد جرحه ولوّح بسوطه مجددًا، محاولًا تقليل عدد الأعداء. ثم ظهر شخص لم يكن ينبغي له أن يصل في هذه اللحظة.
‘رامييل!’
تمنى لوسيل ألّا ينتبه أحد من الطرف الآخر، لكن الوقت كان قد فات. فمن حيث تجمّع الكهنة، ارتفع صوت يصرخ، يكاد يكون صرخة.
“إنها الساقطة!”
أمالت رامييل رأسها عند سماع هذا الاتهام، وارتسمت على وجهها ملامح شخص سمع للتو شيئًا سخيفًا.
“الساقط الحقيقي الذي تتحدثون عنه هو في صفكم، أليس كذلك؟”
أجابت بهدوء، فانخفضت حدّة الصخب.
“قلتُ لك أن تهربي.”
جاء صوت لوسيل عبر الحشد.
“لم أرد ذلك.”
“ولماذا لا؟”
“إن لم يكن الآن، فمتى سنحصل على فرصة أخرى؟”
حتى وسط جنونها، بدت وكأنها ما تزال تحتفظ بما يكفي من العقل لتدرك أهمية هذه اللحظة. شعر لوسيل ببعض الإعجاب، لكن الأمر لم يدم طويلًا.
“موتك هنا سيكون الخسارة الأكبر.”
“لن أموت.”
قالت رامييل بثقة، وعيناها مثبتتان على إيرين الواقفة في الجهة المقابلة. الجو في الجانب الآخر بات مشحونًا بالتوتر.
وكان ذلك أمرًا لا مفر منه. فعندما كانت رامييل مرشحة للقداسة، كان معظم الفرسان المقدسين الحاضرين يعتقدون أنها ستصبح القديسة.
وحتى بعد أن عرفوا بفظائع رامييل، ظل هناك بعضٌ منهم لم ينطفئ تمامًا شعور المودة الأول الذي كانوا يكنّونه لها.
هؤلاء هم الذين شعروا بعدم ارتياح عميق تجاه الرمز المشؤوم. ومهما حاول ألين أن يسيطر على الوضع، فإن ذلك الشعور لم يكن من الممكن كبته.
فقد اعتادوا التمييز ضد الرمز المشؤوم منذ زمن طويل.
وكان بيرت هو من كسر أجواء التوتر تلك.
“يبدو أنها فرصة لنا نحن أيضًا.”
لم يسأل أحد عن أي نوع من الفرص يقصد. بل شدّوا قبضاتهم على أسلحتهم وحدّقوا في رامييل.
“حمقى.”
سخرت رامييل بينما بدأ ظلها يتماوج. تمدد الظل الأسود المريب، والتوى في أشكال مشوّهة. وخلف رامييل، تشكّلت هيئات ظلّية.
كلهم كانوا يبدون بتعابير مليئة بالعذاب، وأجسادهم تتلوى وتتأرجح.
“أنتِ…”
تحدث ألين بنبرة يعلوها الأسى.
“لقد سقطتِ إلى هذا العمق…”
الهيئات الظلية خلف رامييل كانت أرواح أولئك الذين قتلتهم. لقد عُلِقوا، غير قادرين على المضي قدمًا، ويُستَخدمون من قبلها.
بالنسبة لشخص يخدم الحاكمة، كان هذا فعلًا لا يُغتفر.
“ساقطة؟ إنني فقط أتبع النظام الطبيعي.”
“بل تتحدّينه.”
وقبل أن ينهي ألين كلامه، هاجم الهراطقة بعزيمة أشد شراسة. ومع تحرك ألين، تبعه الفرسان المقدسون والكهنة الآخرون.
وخلفهم، ضمّت إيرين يديها معًا في صلاة. وسرعان ما غمرت قوة المعجزة الكهنة والفرسان، فاصطدموا بالظلال.
اندفع لوسيل ذهابًا وإيابًا محاولًا قلب مجرى المعركة، لكن الوضع لم يتغير لصالحهم. كان الهراطقة يُحاصرون تدريجيًا.
رامييل، وهي تراقب ظلالها تتناقص، قلّدت إيرين وشبكت يديها معًا. وفي تلك اللحظة، بدأ طيف شرير بالانتشار.
حتى الجنود العاديون الذين وصلوا متأخرين انضموا إلى المعركة، لكن الأوان كان قد فات بالفعل.
“أيتها الحاكمة…”
القديسة الأولى، الساقطة، الحاكمة الزائفة كاميل كانت على وشك النزول.
“أيتها الحاكمة…”
غرين، التي كانت تراقب، كرّرت توسّل رامييل للحاكمة. لكن إيرين كانت تعلم الحقيقة: لم يعد بالإمكان استدعاء الحاكمة الآن. شحب وجهها وهي تدرك ذلك.
بيأس، سكبت ما تبقى من قوتها في قواها المقدسة لتمنع الحاكمة الزائفة. ورغم أن جسدها كان منهكًا، لم تستسلم. إن نزلت كاميل هنا، سيحدث أمر مروّع.
لم يكن هناك مجال للتراجع.
“لا…”
وحين فشلت محاولات رامييل في استدعاء الحاكمة، أدركت السبب.
‘إنها أنتِ مجددًا…’
ذلك الشخص الملعون يقف في طريقها مرة أخرى. حدّقت رامييل بغضب في إيرين، لكن إيرين لم تهتز.
لقد أشفقَت على رامييل، التي كانت تملك كل شيء لكنها رمت به بعيدًا، غافلة عن قيمته الحقيقية.
“استسلمي فقط.”
حثّت إيرين بصوت خافت.
“بل أنتِ من يجب أن تستسلم.”
حتى مع المسافة الفاصلة بينهما، دوّى صوت رامييل في أذني إيرين بوضوح.
“لماذا تقفين دائمًا في طريقي؟”
وقف الاثنان في مواجهة متوترة، لكن رامييل كانت أول من بدأ يُرهَق. كان عليها أن تستدعي الحاكمة وتسيطر على الظلال، وفي الوقت نفسه تتصدى للهجمات العنيفة من الفرسان المقدسين.
“لم أعد أحتمل أكثر!”
صرخ لوسيل، وقد غمره الدم وأثقل جسده، بصوت أجشّ. قعّدت رامييل أسنانها عند سماع ذلك.
‘لا أريد أن أتراجع.’
أما زالت قوتها غير كافية؟ لم تنزل الحاكمة بعد. وفي تصاعد إحباطها، أمسكت بشخص قريب وغرست أسنانها فيه.
“آآااه!”
ترددت صرخة مدوية، لكن السائل الساخن الذي ملأ فمها جلب لها لذّة مشوّهة جعلت من السهل تجاهلها.
“الآن صرتِ تهاجمين حلفاءكِ؟”
نظر ألين إلى رامييل باشمئزاز.
“حلفاء؟”
أخيرًا نظرت رامييل إلى الشخص الذي كانت تمسكه. كان يرتدي الزي الأسود المألوف — ما قاله ألين كان صحيحًا.
لكن، وماذا في ذلك؟
الحاكمة أخبرتها أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء. لم تكترث رامييل ومصّت ما تبقى من دم ضحيتها قبل أن تلقي بالجثة جانبًا.
الآن، شعرت أنها قادرة على الحركة مجددًا. لكنها لاحظت أن من حولها بدأوا يبتعدون ببطء.
“لماذا؟”
“تسألين لماذا؟”
تكلّم هرطوقي قريب منها بصعوبة:
“لا نريد أن نموت هكذا!”
“كل شيء هو إرادة الحاكمة.”
“الموت على يديكِ هو إرادتها؟”
“لقد كان ضروريًا. انظروا.”
أدارت رامييل الظلال بمهارة أكبر، فسقط أحد المقاتلين ضدها أرضًا.
مُكمِدةً على استياء من حولها، ابتسمت رامييل ابتسامة متغطرسة.
“أرأيتم؟ إنه فعّال، أليس كذلك؟”
ما زال بداخلها ما يكفي لمواصلة القتال.
لم يعد بوسعهم تحمل إطالة الأمر أكثر. فقد بدأت حركات بيرت تتباطأ وهو يقاتل الظلال. أرادت إيرين أن تستدعيه قبل أن تسوء الأمور أكثر، لكن العقبات الكثيرة كانت تعيق الطريق.
لم تستطع أن تخسر بيرت بهذا الشكل. ما زالت هناك أشياء كثيرة ترغب في سماعها منه وقولها له.
في تلك اللحظة، رأت شخصًا يتحرك بخفة في البعيد. عادةً، لم تكن لتلاحظه، لكن في حالتها المتوترة والحذرة أدركت من هو.
‘غاي!’
كانت قوات غاي قد التفّت من الخلف وبدأت الآن بمهاجمة رامييل من الوراء. وبفضل ذلك، تمكن بيرت من النجاة من الخطر.
رامييل، وعلى وجهها تعبير من الإحباط، قاتلتهم بشراسة لكنها تجمدت فجأة.
“أخيرًا!”
انفتح ثقب في السماء، وأطلّ عليهم أحدهم من الأعلى. لمجرد رؤيته، سقط ذوو القوة الإلهية الأضعف على الفور.
[أخيرًا، لقد استدعيتِني.]
بدأ كيان مكوّن من الخبث يتسلل ببطء من الثقب. ظهر الوجه أولًا، تلاه اليدان. وكلما نزل أكثر، أصبح أصغر حجمًا، لكن وجوده كان لا يمكن إنكاره.
“يا للروعة، يا حاكمتي!”
قفز بعض الناس فرحين، بينما انهار آخرون يائسين.
“إنه الشيطان!”
عند صرخة أحد المتفرجين، هزّت رامييل رأسها.
“إنها الحاكمة، الأكثر رنينًا ومجدًا من بين الجميع.”
ابتسمت رامييل بصفاء، لكن لم يفهمها أحد، ولا حتى الهراطقة الذين يقفون في صفها.
“السيدة إيرين،”
اقتربت غرين، وجهها شاحب كالورق، من إيرين.
“لماذا، لماذا لا تجيبنا حاكمتنا؟”
“لقد أعطت أجوبتها بالفعل.”
فقط الآخرون لم يكونوا قادرين على سماعها.
“عذرًا؟”
“لا تقلق. سأحمي الجميع، مهما حدث.”
لقد عقدت إيرين عزمها. ربما تموت هنا اليوم، لكنها إن ماتت لأجل إنقاذ الآخرين، فلن تندم.
لقد وُلدت في شقاء، وعاشت حياة مليئة بالمعاناة. ولوقت طويل، اعتقدت أن السعادة بعيدة عن متناولها. لكن ذلك لم يكن صحيحًا تمامًا. فقد كسبت أشخاصًا ثمينين في حياتها، ولأول مرة، تلقت اعترافًا بالحب.
‘ربما يكفي هذا.’
ابتسمت إيرين ابتسامة باهتة وهي تخطو إلى الأمام. ربما لن تتمكن من البقاء مع بيرت حتى النهاية. ربما سيعاني العالم لأن القديسة سترحل.
لكن ما دام هناك أشخاص ما زالوا أحياء، فسيستطيعون التغلب على أي شيء.
ثبتت عينيها بقوة على ميليكا.
[أنتِ تشبهينها كثيرًا.]
“تعنين الحاكمة.”
[نعم. أنتِ من ذلك النوع من البشر الذين أمقتهم.]
إذا كانت الحاكمة الشريرة تكرهها، فربما كان ذلك أمرًا جيدًا. هذا ما اعتقدته إيرين وهي تبدأ بالصلاة من جديد. لكن هذه المرة، لم تكن صلاة لطلب المساعدة من الحاكمة نائمة في مكان ما.
بل كانت تستعد لإحراق حياتها الخاصة لختم الحاكمة الشريرة.
[أوقِفوها!]
بأمر حاد، بدأ الهراطقة بالتحرك.
“أوقفوها!”
لكن الناس في صف إيرين لم يتراجعوا هم أيضًا. وبعد أن أدركوا ما تنوي فعله، اندفعوا لحمايتها دون تردد، حتى لو كان الثمن حياتهم.
“من أجل سلام العالم!”
صرخ أحدهم.
“من أجل الحاكمة!”
“لا، هذه المرة من أجل القديسة!”
حتى في أسوأ الظروف، تمكنوا من الابتسام. شعرت إيرين بالأسف والامتنان تجاههم في آن واحد.
م/ت: كما ذُكر في الفصول السابقة، ميليكا هي الحاكمة التي يعبدها الهراطقة. وبالتالي فهي اسم آخر لكاميل، الحاكمة الزائفة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 91"