عند سماع خبر القبض على الهراطقة، فكر شاه ناز في نفسه:  

‘انتهى كل شيء الآن.’ 

كان يحاول فقط خدمة بلاده، فلماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ لقد فات الأوان للتفكير في مثل هذه الأمور.  

“جلالتك، السيد ألين جاء لمقابلتك.”  

“هذا كل شيء؟”  

“لا، الملك بيرت يرافقه أيضًا.”  

“فهمت. أدخلهما.”  

على الرغم من قلقه وعدم اطمئنانه، لم يستطع رفض زيارتهما ببساطة. فعل ذلك قد يزيد فقط من شبهة ذنبه.  

‘لا.’ 

التفكير السلبي لن يحقق شيئًا. كان عليه إيجاد طريقة لتجاوز هذه الأزمة. إذا استطاع فقط اجتياز هذا، ربما ستكون الأمور على ما يرام.  

بعزيمة، استقبل شاه ناز الاثنين.  

“نحيي السيد شاه ناز.”  

رسم ألين علامة الصليب وهو يحييه، بينما اكتفى بيرت بإيماءة برأسه.  

“إذن، ما الذي أتى بكما؟” 

سأل محاولاً التظاهر بالجهل، لكن ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفاه بيرت.

“شاه ناز، لم تكن يومًا جيدًا في إخفاء الحقيقة.”

“لا أعرف عما تتحدث.”

“فات الأوان. لقد استخرجنا معلومات من الهراطقة المأسورين وأكدنا تورطك في هذه الحادثة.” 

“بالفعل. السيد شاه ناز، هل لديك ما تقوله حول هذا؟”

لم تكن لديهما نية للاستماع إلى تفسيرات شاه ناز. كانا مقتنعين بأنه أحد الجناة وجاءا للتأكيد.  

“بما أنكما تعتبرانني الجاني بالفعل، فلا أرى لماذا تكلفان نفسيكما عناء السؤال.”

“إنها مجرد عملية تحقق بسيطة.”

هز بيرت كتفيه وهو يتحدث.  

“إذن، ماذا تخطط لفعله الآن؟”

“عما تتحدث؟”

“أسألك إن كنت تخطط للهرب أو المقاومة.”

“هنا؟”  

بشخصية بيرت، كان سيتصرف قبل دخوله. من حاول إيذاء القديسة لن يكون مرحبًا به في أي مكان. الملك ليس استثناءً. 

حتى من يخدمون شاه ناز لن يتصرفوا بتهور في هذا الوضع. سينقلب الناس ضده، والمؤمنون سيرمون الحجارة.

“نعم، بالضبط. مهما كان، لا يمكنني أن أدع الأمر ينتهي هكذا.”

قرر شاه ناز القيام بمحاولة أخيرة للمقاومة. انبثقت ألسنة اللهب من قبضته، تغلفت بها جسده، وهاجم بيرت في تلك الحالة.  

بيرت، الذي كان دائمًا غير مبالٍ حتى عند اقتراح مبارزة. أراد مواجهته للمرة الأخيرة.  

بينما تحرك ألين للتدخل، أوقفه بيرت بيده، مستدعيًا البرد. أخمد الصقيع الجليدي اللهب، وبدأ قريبًا في التهامه.   

إذن هذا هو السبب الذي جعلك لا تبارزني أبداً.”

“لا داعي للقتال عندما تكون النتيجة قد حُسمت بالفعل.”

تحدث بيرت بهدوء بينما كان يخضع شاهناز.

“ماذا سيحدث لي الآن؟”

“ستواجه محاكمة مقدسة. ثم ستكون لديك فرصة أخيرة للتوبة.”

“هاهاها، هل تظن حقاً أنني سأتوب؟”

“إذن، كما تشاء.”

انتهت المواجهة مع شاه ناز بشكل أكثر خيبة للآمال مما كان متوقعاً

***

 بعد بضعة أيام، جرت المحاكمة المقدسة للاعتراف بالخطايا للآلهة. تألفت هيئة المحلفين من نصف نبلاء ونصف عامة، وجميعهم كانوا مخلصين للإلهة.

بالإضافة إلى ذلك، في المقعد الأعلى جلست القديسة، إيرين.

“أحضروا الخاطئ.”

بمجرد أن انتهت إيرين من الكلام، سُحب شاه ناز، مقيداً بالكامل، إلى الداخل.   

دوي.

أجبر الفرسان المقدسون الذين أحضروا شاه ناز على الركوع أمام إيرين. لقد كان ذات يوم شخصية مرعبة، لكنه الآن بدا مثيراً للشفقة فقط.

“سأتلو التهم.”

غرين، التي كانت مستعدة مسبقاً، فتحت المخطوطة.

“جريمة الاستهزاء بالآلهة، جريمة محاولة إيذاء القديسة، جريمة التآمر مع الهراطقة.”

بعد تلاوة التهم الطويلة نوعاً ما، بدأ المراقبون بالتمتمة. كونهم مؤمنين مخلصين بأنفسهم، لم يدافعوا عن شاه ناز بل أدانوه فقط.

“كيف يمكنك حتى التفكير في إيذاء القديسة؟”

“لا يصدق! كملك، فشل في أداء واجباته بشكل صحيح.”

“وهو يعلم ما سيحدث للعالم لو اختفت القديسة!”

سمع شاه ناز جميع الاتهامات. أناس كانوا ذات يوم ينظرون إليه بعيون متلألئة، أصبحوا الآن يوجهون له الإهانات.

“هل لديك محامٍ للدفاع؟”

“ليس لدي.”

لم يكن هناك أحد مستعد للدفاع عن شاه ناز، الذي كان على وشك السقوط في الجحيم. لم يكن هذا التصرف غير مفهوم. في هذا العالم، كانت الإلهة وجودًا مطلقًا، ولم يكن أحد ليرغب في مساعدة من عارضها.  

‘أليس هذا مبالغًا فيه؟’

كان يعتقد أن قلة على الأقل سيقفون إلى جانبه.  

“بما أنه لا يوجد محامٍ، سنواصل المحاكمة.” 

في غياب محامٍ، لم تكن هذه محاكمة. كانت مجرد منصة للاعتراف بالذنب ومناقشة شدة العقوبة.  

كان الحكم بالإدانة قد تقرر مسبقًا، وكانوا يناقشون العقوبة التي يجب فرضها.  

“ماذا عن الحرق على الوتد؟”

 “كيف تحرق شخصًا يتحكم بالنار؟ علاوة على ذلك، أليس الحرق قاسيًا جدًا بالنسبة لملك سابق؟”  

“إذن، ماذا عن إغراقه أو سجنه في زنزانة مائية؟”  

توالت اقتراحات قاتمة من أفواه المحلفين. كانت الإلهة رحيمة، لكن تلك الرحمة لم تمتد إلى الخونة.

تلا ذلك نقاش مطول، وتم التوصل إلى قرار.

“نُقرر تجريده من لقبه كملك وحبسه في الزنزانة المائية مدى الحياة!”

كانت الزنزانة، المملوءة نصفها بالماء، باردة جدًا لدرجة أن الشخص العادي سيكافح للبقاء على قيد الحياة فيها لفترة طويلة. وشاه ناز، الذي خُتمت قواه، لن يكون مختلفًا.  

تم تحديد العقوبة، وجُرّ شاه ناز أمام إيرين للمرة الأخيرة. كان وقت اعترافه بخطاياه والتوسل بالمغفرة.  

إذا أدار هذه اللحظة جيدًا، قد تُخفف العقوبة أحيانًا، لكنه لم يكن ينوي فعل ذلك.  

كانت هي المرأة التي ألقى بها يومًا في غرفة التعذيب. بناءً على ردودها السابقة، لن تسامحه مهما توسل الآن.  

كان من الأفضل مواجهة النهاية كملك. مع هذه الفكرة، حدق في إيرين بعينين ملتهبتين، عندما اقترب بيرت منها فجأة.  

في فضول حول ما يحدث، راقب بينما ركع بيرت أمام إيرين. لماذا يركع بيرت، وهو ليس حتى خاطئًا؟  

بينما انتشرت الهمهمات بين الحضور، قبل بيرت ظهر يد إيرين. ثم انحنى ورفع قدمها الصغيرة، وقبل أعلاها أيضًا.

قبلة على ظهر اليد تدل على الاحترام، بينما قبلة على القدم تدل على التبجيل. لقد كانت أسمى لفتة حسن نية يمكن لملك أن يقدمها.

أطلق أحدهم في الحضور شهقة خافتة. لقد أشبه فعل بيرت بتقبيل القديسة الجالسة مشهدًا من لوحة مقدسة، مما جعل القلوب تخفق.

بعد أن أتم هذه الأفعال، ابتسم بيرت بخفوت وهو ينظر إلى شاه ناز. لقد كان رده على المحادثة التي أجروها من قبل.

“مجنون!”  

الآن فهم. كان بيرت بلا شك مجنونًا. وإلا، لما تمادى إلى هذا الحد من أجل امرأة لا تستحق أن تكون قديسة، امرأة تحمل رمزية مشؤومة.

حتى عندما لُعن أمامه مباشرة، حافظ بيرت على تعابير وجه هادئة. كان الآخرون هم من استشاطوا غضبًا.

“أن يتفوه بمثل هذه الكلمات بعد مشاهدة لفتة احترام — هذا الرجل لا بد أنه هرطوقي أيضًا!”

“صحيح. كيف يمكنه قول شيء كهذا؟”  

ومرة أخرى، انهالت وابل من الاتهامات. لكن شاه ناز وقف شامخًا وتحمل كل ذلك.  

وهي تراقبه، نزلت إيرين، برفقة بيرت، من كرسيها ووقفت أمامه.

انحنت إيرين وهمست في أذن شاه ناز.

“لا ينبغي لخاطئ قذر تحالف مع الهراطقة أن يحمل هذا التعبير على وجهه.”

“لم أتآمر مع الهراطقة.”

“آه، فهمت. إذن كان شخصًا آخر هو من فعل ذلك، بالتعاون مع الهراطقة؟”

سخرت إيرين وهي تتحدث.

“وأنتِ، هل أنتِ راضية عن انتقامكِ؟”

“ماذا لو كنتُ راضية؟”

“أنتِ لا تستحقين كونكِ قديسة.” 

“أنت تكرر الشيء نفسه دائمًا. حماقة. حسنًا، لا يهم بما أننا لن نلتقي مجددًا.”

استقامت إيرين وغادرت قاعة المحكمة، تاركة شاه ناز خلفها. على الرغم من صراخ شاه ناز المحبط من الخلف، تجاهلته تمامًا.  

يترك الانتقام دائمًا طعمًا مريرًا، لكن يبدو أنها لم تستطع التخلي عنه.  

رفعت إيرين يدها لتحجب عينيها عن الشمس. هناك، لفتت انتباهها ندوب لم تتلاشَ تحت الضوء الساطع.  

‘لقد فعلتِ الشيء الصحيح.’ 

على عكس جاران، هذه المرة تصرف شاه ناز بمفرده ودمر نفسه. لم تفعل إيرين شيئًا. لذا، لم يكن هناك داعٍ للشعور بالذنب.  

“هل أنتِ بخير؟”

“أنا بخير. لا شيء.”

مع انتهاء أمر شاه ناز، بقي بيرت الآن.  

“ولكن لماذا قبلتني فجأة؟”

“أردت أن أؤكد وعدنا.”

“هذه طريقة غير معتادة للقيام بذلك.”

في الماضي، كان من الشائع أن يقبل الناس أقدام القديسة، لكنه أصبح في أيامنا هذه شبه منقرض. معظم الناس يكتفون بتقبيل ظهر اليد.

ومع ذلك، قبل بيرت أعلى قدمها أيضًا.

“بالمناسبة، من سيصبح ملك البلد الآخر الآن؟”

“لدى شاه ناز ابنة عم أصغر سناً. إنها قادرة وذكية جدًا. أعتقد أنها ستتولى العرش.”

كانت عائلتها قد بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات لتأمين العرش.

“ستكون ثاني ملكة في البلاد.”

“هل هذا صحيح؟”

“من النادر أن تتولى النساء السلطة في البلدان الأخرى.”

“هذا ليس سيئًا.”

“من المحتمل أن تطلب مقابلة غدًا. سيكون من الجيد أن تتعرفي عليها حينها.”

“حسنًا.”

“هل ستستمرين في المشي؟”

“لا، أعتقد أنني سأعود إلى الداخل الآن.”

بدأت إيرين تتحرك ببطء مرة أخرى.