رفعت إيرين يديها لتطوّق ظهر بيرت بذراعيها. كانت تتمنى لو أنه لا يرى شيئًا أبدًا. لكن التمنّي لا يغيّر الواقع.
رفع بيرت رأسه مبتسمًا بخجل وقال لها:
“أما تخلعين عني ثيابي؟”
ثم نزع رداءه وتراجع خطوة إلى الوراء. ترددت قليلًا، ثم وضعت إيرين يديها المرتجفتين على قميصه.
بسبب توترها، استغرق فك الأزرار وقتًا طويلًا، وبيرت ظل واقفًا بصبر ينتظرها.
‘كما توقعت.’
كان جسد بيرت رائعًا. لا يخلو من الندوب، كما يليق بمَن كان مبارزًا، لكنها بدت جميلة عليه، شاهدة على حياته الماضية.
‘كم هو جميل…’ لكنه لن يدرك ذلك أبدًا.
راودها فجأة شعور بالرغبة في الهرب من المكان.
“دعيني أساعدكِ.”
قال بيرت بصوتٍ هادئٍ مؤدّب.
“سأفعلها بنفسي.”
أجابته بحزمٍ مفاجئ. ظنت للحظة أنها كانت قاسية، فنظرت إليه بتردد، لكنه ما زال يبتسم برقة.
“ليس سيئًا أن تفعل المرأة ذلك بنفسها.”
جلس بيرت على السرير، ظهره مستقيم، وعيناه تتأملانها بنظرة عميقة جائعة. شعرت بالتوتر يسيطر عليها.
‘أتمنى ألا يُصاب بخيبة أمل.’
لم يعد أمامها مهرب، فقررت مواجهة الأمر. أخذت نفسًا عميقًا ثم نزعت ردائها ببطء.
ارتجف حلق بيرت، لكن إيرين لم تلاحظ ذلك لانشغالها بما تفعل.
أخذت تفك الأزرار واحدًا تلو الآخر، فظهرت بشرتها البيضاء النقية. لكنها لم تكن خالية من العيوب؛ فالندوب البارزة فوق الجلد الناصع بدت أكثر وضوحًا.
تشنج وجهها بأسى، وبدأ العرق يتصبب منها رغم أن الجو لم يكن حارًا.
‘أريد أن أهرب…’
لم تستطع حتى النظر إلى عينيه. ثم سمعت صوته يناديها برقة:
“إيرين.”
لم تستطع الرد.
“إيرين، انظري إليّ.”
عندها فقط رفعت رأسها قليلًا.
“إيرين.”
كان صوته أعمق من المعتاد. وفي تلك اللحظة، أدركت ما في نبرته من شعورٍ صادق، ليس نفورًا، بل توقًا وشغفًا، كعطشانٍ في صحراء يبحث عن الماء.
‘حتى وأنا على هذه الحال…’
كان بيرت مأخوذًا بها.
“تعالي إليّ.”
اقتربت منه كما لو كانت منوّمة، وسقط ثوب نومها في الطريق دون أن تعيره انتباهًا.
وحين وصلت إليه، أحاطها بذراعيه، ودفن وجهه في بشرتها.
“هاه.”
ضحكت بلا إرادة منها لشعورها بالدغدغة، لكن سرعان ما تحولت الضحكة إلى أنفاسٍ متوترة مع اقتراب شفتيه منها، حتى خُيّل إليها أن صوتًا غريبًا سيهرب من بين شفتيها.
وربما لهذا السبب، خرج السؤال الذي كانت تكتمه منذ البداية:
“ألا يبدو جسدي قبيحًا؟”
“…ماذا تعنين؟”
“جسدي… أهو بشع؟”
اهتز صوتها وهي تقول ذلك.
“هل كان هذا ما يقلقكِ؟”
“هل لاحظتَ ذلك؟”
“لقد بدوتِ مختلفة عن المعتاد. لكن يا إيرين… لم يخطر ببالي يومًا أن جسدكِ قبيح. بل فقط…”
صمت قليلًا ثم أكمل:
“أشعر بالأسى. أندم على جهلي في الماضي.”
تمنى لو أنه لم يهمل نداءات المساعدة، ولو أنه بحث عنها حين اختفت، لما اضطرت حبيبته لتحمّل كل هذا الألم.
“لا بأس.”
قالت إيرين وهي تضم رأسه برفق إلى صدرها.
“هذا من الماضي.”
ضمها بيرت بقوة أكبر، ثم، كما لو اتفقا بصمت، تبادلا قبلةً طويلة. في تلك اللحظة، تلاشت كل الندوب من فكرها، ولم يبقَ سوى دفء الجسدين واللهاث المتلاحق.
كانت تعرف من دروس المعبد ما يحدث بين الزوجين، لكن كل ما تعلمته لم يتجاوز النظرية.
“إيرين.”
كلما همس باسمها عند أذنها، كانت تذوب كالجليد. كان الأمر متعبًا، لكنه ممتع، وقضيا الليل بطوله يتبادلان الحب ويؤكدان مشاعرهما.
“همم…”
مع أول خيوط الشمس التي تسللت من النافذة، فتحت عينيها. كان جسدها يؤلمها ويشعر بالثقل، لكن روحها كانت خفيفة وسعيدة.
ابتسمت بخفة، واستدارت نحو بيرت الذي يحتضنها.
حتى بعينين مغمضتين، ما زال وسيمًا. ‘كيف يمكن لشخص أن يكون بهذا الجمال؟’ كانت تفكر بجدية حين فتح بيرت عينيه.
ابتسم لها، وعيناه تنحنيان مثل الهلال.
“صباح الخير. هل جسدكِ بخير؟”
كان بيرت رؤوفًا معها إلى أقصى حد، كبح رغبته وراعى ضعف جسدها الهش.
‘أنا سعيدة.’
رغم ما احتمله، إلا أنها كانت سعادةً خالصة، ولن تتغير أبدًا.
“أنا بخير.”
كان جوابها القوي محبوبًا بالنسبة له. جذبها إليه بلطف وطبع قبلة على جبينها.
“ألستِ جائعة؟”
“قليلاً.”
“فلنتناول الفطور، ثم نعود إلى السرير.”
“هل يمكن ذلك؟”
“ولِم لا؟ على فكرة، لا أنوي مغادرة هذا السرير لثلاثة أيام على الأقل. خذي ذلك بعين الاعتبار.”
“ثلاثة أيام؟”
“بل هو وقت قليل في نظري، كنت أودّ وقتًا أطول، لكن هذا أقصى ما أستطيع.”
قالها بنبرة فيها شيء من الامتعاض، متحسرًا لأنها القديسة، وإلا لكان احتجزها إلى جواره أكثر.
كان الفطور بسيطًا: خبز أبيض طري مع نوعين من المربى والزبدة، شوربة بالفطر والخضار، بيض ولحم مقدد، وشاي أسود.
لم تكن أطعمة فاخرة، لكن بيرت أكل بشهية عظيمة.
“كُلي أكثر.”
إضافةً إلى ذلك، كان بيرت لا يتوقف عن حثّ إيرين على الأكل أكثر. ولهذا السبب، بدا أنها أكلت أكثر من المعتاد.
بعد أن أنهيا طعامهما، جلسا قليلًا على الأريكة داخل الغرفة ليقضيا وقتًا هادئًا كلٌّ على طريقته، ثم عادا بعدها إلى السرير.
كان بيرت متحمّسًا، ولم ترفضه إيرين. وفيما بعد، دخلا الحمّام معًا واستمتعا بحمّامٍ ساخن.
مرّت ثلاثة أيام على هذا الحال، ثم، كما وعد، أطلق بيرت سراح إيرين.
“الآن عليكِ أن تعودي إلى المعبد.”
“نعم، لديّ عمل عليّ إنجازه.”
“إنه لأمر مؤسف، كنت أتمنى لو بقينا معًا مدة أطول.”
“لكنّك ستأتي إلى المعبد أيضًا، أليس كذلك؟”
“صحيح، لكنّه ليس بيتنا. بيتنا هنا.”
“هذا صحيح.”
حين أومأت إيرين برأسها، تأثر بيرت مجددًا وضمّها وقبّلها.
“الآن تذكرت، هناك كلمة لم أسمعها بعد.”
“وأيّ كلمة تقصد؟”
“إنها الكلمة التي يتبادلها الأزواج عادة.”
نظر بيرت إلى إيرين بعينين تملؤهما الترقّب.
“أتحبّني؟”
“لا، ليست هذه.”
‘ما الذي يمكن أن يكون غيرها؟’ تساءلت إيرين، لكن بيرت تكلّم قبلها.
“يا زوجي.”
في لحظة، احمرّت أذناها من الخجل.
“يا زوجي.”
كرّرها بيرت مؤكدًا.
“يا… يا زوجي.”
“حاولي قولها بطريقة أكثر طبيعية.”
“يا زوجي.”
عندها، أزهرت الابتسامة على وجه بيرت.
“جميلة جدًا.”
رغم خجلها، شعرت إيرين بالسعادة ما دام بيرت مسرورًا. ثم ركب الاثنان العربة معًا وتوجّها إلى المعبد.
“عدتِ!”
قالت لاني وهي تحدّق بإيرين بعينين متألقتين.
“وجاء بيرت معكِ أيضًا، أليس كذلك؟ فهو الآن المستشار الإداري للمعبد، أظنّكما ستلتقيان كل يوم.”
“صحيح.”
مع أنه لم يكن مضطرًا لفعل أي شيء، أصرّ بيرت على أن يتولى دورًا في المعبد.
“سأجعل الوضع المالي للمعبد أكثر ازدهارًا.”
‘إنه مزدهر بالفعل.’
“لكنّك تعلمين أن حسن الإدارة يجعل الازدهار يتضاعف، أليس كذلك؟”
كان إقناع غرين أمرًا سهلًا بالنسبة له. فبمجرد أن استمعت إلى كلامه، سلّمته منصب المستشار. وما دامت غرين قد وافقت، فلا حاجة للحديث عن جيان.
“كيف كانت فترة زواجكِ الأولى؟”
سألت لاني.
“كانت رائعة.”
“وكيف كانت؟”
فكّرت إيرين في الأيام الماضية فاحمرّ وجهها مجددًا.
“آه، لا داعي لأن تقولي شيئًا، أظنني فهمت.”
قالت لاني بابتسامة ماكرة وهي تساعدها في ارتداء ملابسها.
“ستعرفين بنفسكِ عندما تتزوجين، لاني.”
“أتزوج؟!”
صرخت لاني بصوت خافت وهي تسرع بحركاتها.
“ألستِ ستتزوجين نوح؟”
“ماذا؟ أأنا؟!”
في هذه المرة، احمرّ وجه لاني كالتفاحة.
“ألن تفعلي؟”
“لم أقل إنني لن أفعل، لكن لم يقدّم لي عرض زواج بعد!”
“بعد؟”
“ربما لا يدرك الأمر، أو أنه بليد الملاحظة. لذا أفكر أن أسبقه أنا وأتقدّم له بنفسي.”
“وما الفرق من يبدأ؟”
“صحيح؟”
ابتسمت لاني مجيبة.
“لكن عندما تتزوجان، أين ستقيمان؟”
“سأبحث عن منزل في العاصمة. الأسعار مرتفعة، لكنني ادّخرت راتبي بانتظام، لذا أظنني أستطيع استئجار بيت صغير.”
“عندما يحين الوقت، أخبريني، سأساعدكِ.”
“لا داعي، أنا بخير.”
“بل أنا التي أصرّ.”
تناقشتا قليلًا، وفي النهاية كانت الغلبة لإيرين.
“قلتُ لكِ لا داعي.”
لكن وجه لاني ظلّ مشرقًا طوال الوقت، وكأنّ همًّا أُزيح عن صدرها.
“ما رأيكِ أن تقيمي حفل الزفاف في المعبد؟”
“لكن ذلك سيكلّف تبرعات كثيرة.”
“يا للعجب، أنا القديسة، أتقلقين بشأن هذا؟”
عندها رمشت لاني وحرّكت رأسها موافقة.
“الآن وقد ذكرتِ ذلك، معكِ حق. إذًا أرجو مساعدتكِ!”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات