“جيان، هل التزمت بكل ما يجب على الكاهن الالتزام به؟”
“نعم.”
أجاب جيان دون تردد، وفور ذلك بدأ الميزان الذي ظل متوازنًا طوال الوقت يميل إلى جهةٍ واحدة، نحو الجهة التي وُضعت عليها المسبحة.
ومن الميزان الذي تحرك من تلقاء نفسه، انبعثت طاقة مألوفة… طاقة الإلهة، القوة المقدسة.
قالت إيرين: “عندما يُقال الصدق، يميل الميزان نحو الجهة التي وُضع عليها الشيء. ويبدو أن الحاكمة تُعلن أن الكاهن جيان بريء.”
ثم شرحت إيرين للحاضرين ما كانت قد عرفته مسبقًا عن الميزان.
قالت الكاهنة الكبرى غرين: “هوه، سمعتُ من قبل عن وجود مثل هذا الميزان.”
وبعد أن راجعت السجلات، أومأت برأسها مؤكدة:
“الكاهن جيان بريء.”
وباعتراف الكاهنة الكبرى، ظهرت على وجوه الحاضرين تعابير مختلفة؛ أولئك الذين كانوا في صف رويتل بدت عليهم الحيرة، أما من وقفوا إلى جانب جيان، فقد ارتسمت على وجوههم ملامح الارتياح.
قال رويتل وهو يعضّ شفتيه: “ألا يمكن أن يكون في الميزان نوع من الخداع أو الآلة الخفية؟”
لكن إيرين هزّت رأسها وقالت: “ألم تشعر بذلك بنفسك يا رويتل؟ الكاهن لا يستطيع أن يكذب أمام القوة المقدسة.”
تغيّر وجه رويتل قليلًا واضطربت ملامحه.
‘لم أتوقع وجود شيء كهذا… لقد انخدعت.’
صرّ على أسنانه غيظًا، لكنه لم يستطع إظهار عدائه الآن. فابتسم بتكلف وتوجه إلى جيان قائلًا:
“أُهنئك على إثبات براءتك.”
فأجابه جيان ببساطة: “شكرًا لك.”
لم يتبقَّ سوى القليل على يوم اختيار الكاهن الأكبر، ولم يكن هناك وقت لأي مؤامرات أخرى. وهكذا، كان من الواضح أن جيان سيعتلي المنصب.
وبعد أيام قليلة، كما هو متوقع، أصبح جيان الكاهن الأكبر.
قالت غرين: “أُهنئك بتوليك المنصب.”
وقالت إيرين وهي تباركه: “مبروك.”
وبفضل هذا الحدث السعيد، عمّت أجواء البهجة أرجاء المعبد. ولم يكن البائس الوحيد سوى رويتل؛ فبعد فشل خطته الأخيرة، بدأ الكهنة ينفضّون من حوله.
‘مجرد خفافيش تبحث عن مصلحتها.’
فكر بحنق، وهو يراقب مراسم تنصيب جيان، حين اقترب منه ألين.
سأله رويتل بجفاء: “ما الأمر؟”
لكن قبل أن يرد، انقضّ فارسان مقدسان من خلفه وأمسكا به.
صرخ رويتل مذهولًا: “ما الذي تفعلونه؟!”
فأجابه ألين: “بعد التحقيق، تأكدنا أن من نشر الشائعات عن الكاهن جيان هو أنت. وقد قلت بنفسك من قبل إن الكاهن يجب أن يكون بلا شائبة.”
قال متلعثمًا: “أ-أنا لم…”
لكن الفارسين كمّما فمه بسرعة.
تابع ألين ببرود: “لن تكون العقوبة شديدة، لأن القديسة في هذه الأيام متساهلة.”
ومع اقترابه، بدا الرعب واضحًا في عيني رويتل؛ لأنه كان يعلم بوجود سجنٍ تحت الأرض.
تمتمت إيرين وهي تنظر نحو المعبد: “يبدو أن ألين تحرك جيدًا.”
فسألها بيرت: “أيمكنك رؤية ما يحدث؟”
قالت: “عندما أُركّز القوة المقدسة في عيني، أستطيع ذلك.”
ثم أضافت بابتسامة خفيفة: “بصري ليس قويًا جدًا، لذا إن لم أفعل هذا، لا أرى بوضوح.”
قال بيرت بقلق: “إيرين…”
فابتسمت له قائلة: “لا تُظهر هذا الوجه، أنا بخير.”
ثم تابعت بابتسامة مشرقة: “وهذا وقت للفرح، أليس كذلك؟ ابتسم أكثر.”
ابتسم بيرت كما رغبت، وفي الجهة الأخرى كان جيان قد أنهى مراسم التنصيب وبدأ بتحية الآخرين.
لم يحدث شيء غير متوقع، وسارت الأمور بهدوء، بفضل مكانة إيرين القوية كقديسة، ودعم بيرت الذي، رغم تخليه عن العرش، ما زال يمتلك ثروة ونفوذًا كبيرين.
حتى غرين لم يعترض، بعد أن علم بكل ما فعله رويتل من مكائد في الخفاء.
قال بيرت: “الآن وقد انتهى كل شيء، يمكننا تسريع ترتيبات الزواج.”
قالت إيرين: “نحن نسير بسرعة بالفعل.”
قال مبتسمًا: “يجب أن أسرع حتى تصبحي لي.”
قالت وهي تبتسم: “أنا بالفعل لك.”
أمسك بيرت بيدها ورفعها ليطبع قبلة على ظهرها.
ثم قال بنبرة مازحة: “لكنني ما زلت أريد المزيد. هل تحضرين دروسك جيدًا مؤخرًا؟”
وفي الحال احمرّ وجه إيرين خجلًا. كان بيرت قد طلب من المعبد منحها دروسًا تعليمية خاصة.
‘يبدو أنها بحاجة إلى دروس في التربية الجنسية. وإن لم يوجد من يقوم بها، فسأرسل شخصًا مناسبًا من طرفي.’
ورغم تردد غرين، فقدت وافقت على تنفيذ التعليم. وهكذا، كانت إيرين تتلقى دروسًا يومية مدتها نصف ساعة حول هذا الأمر.
قالت وهي تتلعثم خجلًا: “ن-نعم، أتابعها جيدًا.”
وكانت نظراتها الخجولة إلى بيرت تحمل مشاعر غامضة.
‘لم أكن أعلم أن إنجاب الأطفال لا يحدث هكذا ببساطة.’
ولكي يحدث ذلك، لا بد من القيام بفعلٍ بالغ الإحراج.
‘ليس فعلًا مُخجلًا، بل هو إثباتٌ للحب.’
قال المعلّم ذلك، لكن فكرة أن عليها أن ترى جسد بيرت العاري جعلت الأمر صعبًا للغاية.
الآن كان بيرت يلف جسده بالملابس بإحكام، لكن إن نزعها… حتى وصلت إلى تلك الفكرة، فسحبت إيرين يدها بهدوء من يده.
بيرت لا بأس به، بيرت شخص رائع. إنه وسيم ولطيف ومهذب. لكن ماذا عنها هي؟
في الليلة السابقة، بعد أن استحمت، وقفت إيرين أمام المرآة الكبيرة لتتأمل جسدها.
بشرتها لم تكن ناعمة كالمرمر ولا خالية من العيوب كما في الحكايات. آثار التعذيب ما زالت مرسومة عليها، وحين تمرر يدها فوقها تشعر بخشونتها. أما الندوب القديمة فكانت مشوّهة للنظر.
‘هل سيكون الأمر بخير؟’
ماذا لو رأى بيرت جسدها فصُدم؟ بدأ القلق يتسلل إلى قلبها.
حتى لاني لم تخبرها بهذا السر. كانت فقط تغرق في التفكير، وتزداد حيرة وعذابًا. وحين خيّم الحزن على وجهها، انحنى بيرت ناظرًا إليها.
“هل يشغلكِ أمر ما؟”
“…لا، لا شيء يقلقني.”
قالت ذلك بابتسامة متكلّفة. لكن بيرت ظل يراقبها باهتمام، عاجزًا عن قول شيء.
ومع مرور الوقت، حلّ يوم الزفاف أخيرًا.
“أنتِ رائعة الجمال!”
قالت لاني بعينين مبهورتين وهي تنظر إلى إيرين مرتدية فستان الزفاف.
“حقًا؟”
“حقًا! لا أظن أن هناك من هو أجمل من السيدة القديسة اليوم!”
هل هذا صحيح؟ نظرت إيرين إلى المرآة بخجل. ربما بفضل الفستان، بدت أجمل من المعتاد.
حين جاء بيرت ليصطحبها، امتدحها أيضًا قائلاً:
“أنتِ الأجمل في هذا العالم.”
حتى لو بدت كلمات مجاملة، لم يكن سماعها سيئًا. فالجمال الحقيقي في رأيها يخص أشخاصًا مثل رامييل.
“شكرًا لك.”
توليت غرين منصب عرّابة الحفل، فيما ألقى جيان كلمة التهنئة. كان نصف الحاضرين تقريبًا من الكهنة والفرسان المقدسين، زفافًا غريبًا بعض الشيء، لكنه مضى بسلاسة وسط بركات الجميع.
‘أخيرًا.’
الآن سيصبحان زوجين. كان قلبها يخفق بعنف، يكاد يخرج من صدرها. مزيج من الفرح والرهبة.
بعد انتهاء الحفل، أُقيمت مأدبة صغيرة، تكفل بيرت بكل مصاريفها.
حاولت غرين أن تشارك من صندوق المعبد، لكن بيرت رفض قائلاً:
“أليس المعبد يمر بظروف صعبة الآن؟ لا تقلقوا، أستطيع تغطية كل التكاليف.”
“لكننا نودّ المساهمة ولو قليلاً من أجل سعادة السيدة القديسة.”
“إذن ساعدونا بمقدار بسيط، فذلك يكفيني.”
رحّب بيرت بهذا التغيير في موقف المعبد، فقد أصبحت إيرين ليست وحيدة بعد الآن. لم يعد بيرت وحده إلى جانبها، بل هناك آخرون يساندونها أيضًا.
وكان هذا كافيًا ليملأ قلبها بالامتنان.
بعد انتهاء المأدبة، توجها إلى المنزل الذي أعدّه بيرت. حاولت غرين مرة أخرى أن توفر لهما غرفة في المعبد، لكنهما رفضا.
أرادا أن يقضيا ليلتهما الأولى سويًا فقط.
كان القصر كما هو، رائع الجمال.
“دعيني أساعدكِ في الاستعداد.”
تجمعت الخادمات حولها، يساعدنها على الاستحمام ويضعن على بشرتها الزيوت العطرية.
لم تعتد إيرين أن يلمس أحد جسدها، لكنها لم تشعر بالنفور. والخادمات، رغم أنهن رأين جسدها، لم يُبدين أي ردة فعل، كما لو أنهن اتفقن على ذلك.
‘إنهن لطيفات للغاية.’
لا بد أن المنظر لم يكن مريحًا، ومع ذلك لم يتفوهن بكلمة. وبعد أن انتهين، ألبسنها ثوب نوم شفافًا ناعمًا كالدخان.
كان الثوب يكشف ملامح جسدها، فشعرت بخجل شديد، لكنها علمت أن كل العرائس يرتدين مثله في ليلتهن الأولى. ومع ذلك، ألقت فوقه رداءً يغطيها قليلاً.
في الغرفة عَبَق بخورٍ عطري حلو الرائحة، فامتلأت الأجواء بدفء لطيف. وبينما كانت تستنشق العطر، فُتح الباب ودخل بيرت.
كان يرتدي أيضًا ثوب نومٍ ورداءً خفيفًا فوقه.
“إيرين.”
ابتسم بيرت بسعادة وهو يقترب منها، ثم طوّق خصرها بذراعيه ودفن وجهه في عنقها.
“كأنني أحلم.”
“لماذا؟”
“لأنني سعيد للغاية.”
ضحك وهو لا يزال عند عنقها، فشعرت بالدغدغة تسري في جسدها.
“وماذا عنكِ يا إيرين؟”
“أنا أيضًا سعيدة.”
أجابت هكذا، لكن الحقيقة أنها كانت خائفة. منذ أن ضمّها بيرت إليها، تجمد جسدها تمامًا.
في الماضي، كانت تحتضنه دون تفكير، أما الآن، مع فكرة نزع الملابس، دبّ الخوف فيها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات