تفاجأ جيمس وتوقّف عن التنفّس للحظةٍ بسبب هذا التصرّف المفاجئ من باتريك. كان ذلك لأنه لم يكن معنادًا على رؤية باتريك، ذو الشخصية الخجولة، في مثل هذه الحالة من الغضب.
بدا أن تأثير الكحول مَنَحه شجاعةً في غير وقتها.
“يااااه!”
صرخ باتريك بصوتٍ مخيفٍ واندفع نحو نوكتورن. كان نوكتورن يستطيع تفاديه لو كان وحيدًا، لكن وجود أوفيليا بجانبه عقّد الأمور.
“تبًا.”
شتم نوكتورن بخفوتٍ وهو يلتفّ بجسده حول أوفيليا.
وقفت أوفيليا مذهولةً تحدّق به وهو يقف أمامها ليحميها، لم تصدق أنه قد اختار الدفاع عنها بدلًا من الهروب.
“آاااه!”
صرخت إحدى الآنسات في القاعة برعب. كان ذلك عندما كان باتريك على وشك ضرب نوكتورن بزجاجة النبيذ.
وشش!
من العدم، ارتفع جدارٌ من النار أمام نوكتورن وأوفيليا.
اندفع باتريك، الذي لم يتمكّن من تجنّبه، نحو ألسنة اللهب، ثم سقط على الأرض يتلوّى من الألم بسبب الحروق التي أصابته.
“آآآه! يـ يدي … يدي!”
صرخ باتريك بألمٍ شديد، وكان شعره محترقًا وأجزاءٌ من ملابسه مشتعلة. في تلك اللحظة، اندفع جيمس نحو باتريك ليطفئ النيران بالماء.
“نوكتورن، لقد أعطيتُكَ إيسلينغ لهذا السبب تحديدًا.”
تردّد صوتٌ هادئٌ كالنسيم في القاعة، ووجّه الحضور أنظارهم نحو إيشيد الذي كان متّكئًا على جدار الشرفة.
بدا هادئًا تمامًا، وكأن ما حدث لتوّه لم يكن سوى حادثةٍ تافهة، وكانه لم يكن على وشك حرق شخصٍ ما حيًّا.
حتى الآنسة، التي كانت تصرخ بسبب المشهد المخيف، كانت عاجزةً عن الكلام ومذهولة.
نظر إيشيد إلى نوكتورن وأوفيليا ثم باتريك المتلوّي على الأرض، واستنتج ما حدث بسرعة.
‘إنه أحد الذين رأيتُهم في المكتبة في ذلك اليوم.’
حتى أثناء انشغاله بسيرينا، سمع ما ذكره هؤلاء الرجال دون أن يفوّت كلمةً واحدة.
اعتقد أن نوكتورن سيتولّى الأمر لأنه قد أرسل له رسالةً منفصلةً لاحقًا، لكن يبدو أنه لا يزال هناك بعض الضوضاء. واصل إيشيد حديثه.
“لقد قلتُ لكَ ذلك مرارًا. اضربهم بدلاً من أن تتعرّض للضرب..”
وبّخ إيشيد نوكتورن، الذي ترك أوفيليا ببطء.
“كنتُ على وشك فعل ذلك، لكن جلالتك أتيتَ في اللحظة المناسبة.”
“يا لكَ من مخادع.”
ضحك إيشيد بشكلٍ خافت، وحرّك يده ليختفي جدار النار فجأة وكانه لم يكن. حتى النيران التي كانت تلتهم باتريك انطفأت، بينما لم يُصَب نوكتورن وأوفيليا بأيّ أذى.
ولم يُصبَ أحدٌ بالحروق سوى شخصٍ واحد، مَن بدأ كلّ هذا، باتريك.
كانت مهاراته في استخدام السحر ببراعة مثيرةً للإعجاب حقًا حتى بدأت بعض التمتمات تتردّد بين الحضور.
عندما ظهر الإمبراطور وتفاقم الموقف، خفض جيمس رأسه. كان ذلك لإخفاء وجهه الذي تشوّه بالغضب بشكلٍ سيء. عندما لم تسر الأمور كما خطّط لها، أصبح جيمس منزعجًا.
بعدما حدث، من المؤكّد أن هذا سيصل إلى آذان الدوق، وسيُعاقب جيمس. لقد عادت خطّة إحراج نوكتورن أمام الآخرين إليهم جميعًا.
كان باتريك يتقيّأ رغوةً بالفعل وقد فقد وعيه. ترنّحت أوفيليا بوجهٍ شاحب وكأن حقيقة ما حدث للتوّ قد أدركتها أخيرًا.
بينما كان نوكتورن يتنهّد، دخل فارسٌ إلى القاعة متأخّرًا، بعد أن لاحظ الضجّة. أشار نوكتورن برأسه إلى جيمس وباتريك بدلاً من أوفيليا، التي كانت مصدومة.
“خُذ هذين الشخصين والرجل المربوط بعمود الممر إلى ‘ذلك المكان’.”
عندما ذكر نوكتورن ‘ذلك المكان’، نظر الفارس إلى تعبير وجه أوفيليا.
“افعل كما يقول نوكتورن.”
أمرت أوفيليا بضعف، وسحب الفارس الاثنين بسرعةٍ بعيدًا. كان ‘ذلك المكان’ هو الغرفة التي عوقب فيها أسياد غرينوود.
كزّ جيمس أسنانه وحدّق في نوكتورن قبل أن يختفي. كانت عيناه شرسةً للغاية، لكن خلفهما كان الخوف ممّا كان على وشك الحدوث.
ظلّت أوفيليا صامتةً طوال الوقت. كانت تلتقط أنفاسها فقط بوجهٍ شاحب. قال إيشيد لنوكتورن.
“يبدو أن الآنسة غرينوود مصدومة. خُذها إلى مكانٍ آمن.”
“حسنًا.”
أومأ نوكتورن ثم مدّ يده إلى أوفيليا التي كانت بالكاد تستطيع الوقوف. حاولت أوفيليا بضعفٍ الإمساك بيده لكن جسدها ترنّح.
حتى بالنسبة لها، التي تكره إظهار ضعفها، فإن الاضطراب الذي حدث للتوّ بدا صادمًا.
عندما لاحظ نوكتورن حالتها، حملها دون تردّد.
“أستطيع المشي!”
احتجّت أوفيليا بصوتٍ خافتٍ حتى لا يسمعها إلّا نوكتورن. إلّا أنه لم يُضغِ إليها وانحنى لإيشيد على الرغم من ذلك واختفى مع أوفيليا.
انبعثت رائحة الكحول بقوّةٍ من الحائط الذي تلطّخ بالنبيذ.
بإشارةٍ بسيطةٍ من إيشيد إلى الفرقة الموسيقية، استأنفت الأوركسترا عزفها، ممّا ساعد على كسر الجمود الذي خيّم على القاعة بعد الحادثة.
بينما كان الخدم يجمعون شظايا الزجاج من الأرض، عاد إيشيد بهدوءٍ إلى الشرفة. بعدما أعاد النظام إلى القاعة، حان الوقت للعودة إلى حيث كان.
على الشرفة، كانت سيرينا قد غطّت نفسها بمعطف إيشيد ونامت بسلام، غافلةً تمامًا عن الفوضى التي حدثت.
كانت ملامحها الهادئة تحت ضوء القمر، الذي بدا وكأنه يضيء وجهها فقط، تعكس براءةً طفولية.
اقترب إيشيد منها ببطءٍ وجلس أمامها. كانت المسافة بينهما قصيرةٌ جدًا، لكنه لم يلاحظ ذلك، منشغلًا بالتحديق في وجهها.
جفونها المغلقة بإحكام، والرموش الأرجوانية الداكنة التي بدت وكأنها أجنحة فراشةٍ مسترخية، كانت تثير الفضول.
أنفها المستقيم وشفتيها الحمراوتين …
“هااه.”
أطلق إيشيد تنهيدةً قصيرة مأخوذًا بها، وكأنه أدرك شيئًا للتوّ.
تذكّر فجأةً أن أصابعه كانت داخل ذلك الفم قبل لحظاتٍ فقط.
نظر إلى إصبعه الذي تمّ عضّه ورمش، ولاحظ آثارًا خفيفةً لأسنان سيرينا عليه.
ظلّ يحدّق في العلامة ويمرّر أصابعه عليها، شاردًا في أفكاره.
الملمس الناعم لشفتيها عندما لامست إصبعه الذي كان يجتاحه مرارًا وتكرارًا أعاد المشهد بحيوية، وازداد وجهه احمرارًا. بدأ قلبه ينبض بسرعةٍ غريبة.
مد يده بارتباكٍ نحو شفتيه، محاولًا تهدئة نفسه، دون أن يدرك أن اليد التي لمس بها شفتيه كانت اليد ذاتها التي عضّتها سيرينا. كانت يده الأخرى تستقرّ بلا هدفٍ على صدره، تضرب بخفّةٍ على قلبه المتسارع.
نبض، نبض، نبض.
في الأيام الأخيرة، أصبح يشعر بتسارعٍ غريبٍ في دقّات قلبه كلّما كان قريبًا من سيرينا.
‘ما الذي يحدث لي بحق السماء؟’
تنهّد إيشيد بعمق، معتقدًا أن جسده ليس في حالةٍ جيدة. لامست أنفاسه وجه سيرينا، ممّا جعلها تتحرّك قليلًا في نومها. كان ينظر إليها عندما قطع عليه التركيز صوتٌ مألوف.
“جلالتك.”
كان ليونارد قد عاد من مَهمّته، ممّا جعل إيشيد يقف فجأةً وكأنه أُمسِك متلبّسًا بفعلٍ خاطئ.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄ ترجمة: مها انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "47"