هزّ كتفيه بعد لحظة صمت وهو يفكّر في سؤالي.

“حسنًا، لا أعرف، أنا لا أحبّ التجارب وأنا لستُ قريبًا من عائلتي، كانت الزهرة عنصر تطوير يُعامل بحذر حتّى داخل العائلة، لذا لم يكن لديّ وصول إليها، لكن لا يمكنني القول إنّهم غير مرتبطين بالجزيرة تمامًا.”

“هاه؟، كيف عرفتَ عن تينتاثيونم إذا لم يكن لديك وصول إليها؟”

“الوصول الممنوع لا يعني شيئًا بالنسبة لي، هل تعتقدين أنّ أعظم ساحر في الإمبراطوريّة لن يستطيع اكتشاف شيء كهذا؟، قالوا لي ألّا أقترب، فأردتُ معرفة المزيد،” ضحك كايدن.

“إذا كانت عائلة رود مرتبطة بهذه الجزيرة، فهذا مفهوم إلى حدّ ما، أليسوا عائلة مهووسة تمامًا بتجارب السحر؟” سأل آرثدال.

انفجر كايدن بالضحك “إنّهم ليسوا مجانين عاديين، العقول المجنونة تُورّث عبر الأجيال في عائلة رود، لكن ما علاقة هذه الجزيرة بتجاربهم؟”

لم أستطع الإجابة على سؤال كايدن الأخير، وبدلًا من ذلك رددتُ على آرثدال “مع ذلك، مهما كان هوسهم بالتجارب، فإنّ أهداف الخطف كلّها محفوفة بالمخاطر*، أعتقد أنّه إذا كانت عائلة رود متورّطة، فلم يكونوا هم العقل المدبر، بل كانوا مساعدين فقط.”

(تقصد ان عائلة رود مستحيل تخطف اشخاص مهمين نفسهم، ولي العهد الامبراطورية وولي عهد مملكة والقديسة وقائد الفرسان ورئيس الاساقة واقوى ساحر وبنت الدوق)

عائلة رود ليست سوى عائلة ماركيز، وهذا الخطف حدث على نطاق أكبر ممّا يمكن حتّى للعائلة الإمبراطوريّة التعامل معه.

أومأ الجميع بوجوه تُظهر أنّهم فهموا استدلالي إلى حدّ ما.

“إذًا، دعونا نتكهّن من قد يكون له علاقة بعائلة رود، أيها الساحر، هل لديك أيّ تخمينات؟، شخص مرتبط بعائلتك ويمكن أن يكون قد خطفنا.”

عند سؤال إينوك، هزّ كايدن رأسه.

“ألم أقل لكم؟، أنا لستُ قريبًا من عائلتي.”

في النهاية، عادت النقاشات إلى نقطة البداية.

بينما كان الجميع غارقين في أفكارهم وصمتهم، فتحت يوانا فمها “أعتقد أنّ الشكوك حول تينتاثيونم قد تمّ حلّها إلى حدّ ما، لذا يجب أن نشارك نتائج مهمّة الرحلة، أليس كذلك؟”

أخرجت يوانا قطعة قماش من جيبها ووضعتها على الأرض، لاحظتُ أنّها خريطة مألوفة إلى حدّ ما.

“لم أجد شيئًا متعلّقًا بالمفتاح، لكنّني وجدتُ هذا على الشاطئ بدلًا من ذلك.”

“هذه… خريطة الجزيرة،” تمتم إينوك.

جلستُ بجانب إينوك وألقيتُ نظرة هادئة على الخريطة.

هذه خريطة مصنوعة من القماش من نفس مادة خريطة القبو التي التقطتُها، لكن، عند التدقيق، كانت مختلفة قليلًا عن خريطة القبو.

خريطتي تحمل علامة قبو على الجانب الشرقي من الجبل في الجزيرة الشماليّة.

لكن، لا توجد علامة قبو على الخريطة التي جلبتها يوانا، وبدلًا من ذلك، هناك علامة نجمة على الجانب الغربي من الجبل في الجزيرة الشماليّة.

كانت الخريطة نظيفة ومرتبة عند الحواف دون أيّ علامات تقادم.

أيضًا، في مكانين في الجزيرة الجنوبيّة وثلاثة في الجزيرة الشماليّة، كُتبت كلمة ‘إمداد’ بلغة إمبراطوريّة لانغريدج.

مصطلح ‘إمداد’ هنا يعني عنصر إمداد، تمّ ذكره بالتأكيد في القصة الأصليّة، الأغراض الحديثة التي اكتشفتها يوانا لكن لا أحد يعرف كيفيّة استخدامها.

‘حسنًا، أعتقد أنّها خريطة تُظهر أماكن إخفاء الإمدادات، لكن ما هذه النجمة…؟’

يبدو أنّها خريطة منفصلة لا علاقة لها بخريطة القبو التي أملكها.

بينما كنتُ أحدّق في الخريطة، أدركتُ فجأة أنّ موقع الإمدادات المكتوب على الجزيرة الجنوبيّة ليس بعيدًا عن هنا، بل إنّه مكان مررنا به بالفعل.

“القدّيسة، هل التقطتِ صندوق إمداد من قبل؟”

يبدو أنّني وإينوك وجدنا صندوق إمداد فارغًا في المكان الذي التقينا فيه بوحش الأناكوندا لأوّل مرّة.

“حسنًا، لم نلتقط شيئًا كهذا،” قالت يوانا.

جلس آرثدال وذراعاه متقاطعتان وهزّ كتفيه، مؤكّدًا إجابة يوانا.

‘إذًا، من أخذ الأغراض في صندوق الإمداد؟’

ظننتُ أنّ مجموعة يوانا هي من أخذته… شعرتُ بقشعريرة من رأسي إلى أخمص قدميّ وأغلقتُ فمي للحظة.

ربّما لاحظ أنّني كنتُ مشغولة البال، وضع إينوك، الجالس بجانبي، يده على رأسي.

“هل أنتِ بخير؟”

أومأتُ ببطء لسؤاله. وبينما كنتُ أنظر إلى الخريطة، أشرتُ بإصبعي إلى النهر حيث واجهنا وحش الأناكوندا.

“وجدنا أنا وإينوك صندوق إمداد هنا، لكنّ شخصًا ما كان قد أخذ المحتويات بالفعل وكان الصندوق فارغًا.”

“هذا يعني…”

لمس آرثدال ذقنه ولم يكمل كلامه.

أومأ إينوك وقال بلامبالاة “هذا يعني أنّه قد يكون هناك أشخاص آخرون على هذه الجزيرة غيرنا، حسنًا، ألم يكن ذلك ما توقّعته منذ اللحظة التي اكتشفنا فيها هذا الكوخ؟”

لم يبدُ منزعجًا على الإطلاق، كالعادة، لا ينزعج بسهولة، ربّما بفضل هدوئه، استطعتُ تهدئة دقّات قلبي في وقت قصير.

هذه المرّة، أشرتُ إلى علامة النجمة على الخريطة وسألتُ “ما هذا؟”

هزّت يوانا رأسها “لا أعرف، أعتقد أنّ علينا الذهاب واكتشاف ذلك.”

“يجب أن يكون مكانًا به طريق هروب، أو أنّه فخ، ألم تقولوا إنّ اسم هذه الجزيرة هو لعبة النرد؟، من الواضح أنّهم يلعبون بنا،” تمتم آرثدال، مسنّدًا ذقنه.

نظر إينوك أيضًا إلى الخريطة بوجه جاد وسأل يوانا “هل هناك شيء آخر مميّز؟”

عند سؤال إينوك، أشارت يوانا بإصبعها بالقرب من النهر على الخريطة “وجدنا جسرًا يعبر إلى الجزيرة الشماليّة، هنا بالضبط.”

الخريطة التي التقطتها يوانا تحمل أيضًا صورة جسر، مثل خريطتي.

“لكن ماذا تقصدون بلعبة النرد؟” سأل دييغو.

عندها فقط تذكّرتُ أنّني لم أشرح بعد معنى ‘آليا’ لأعضاء الرحلة.

ثم أخبرتهم عن المحادثة التي أجريتها مع أعضاء الكوخ قبل أيّام.

“كلمة آليا تعني ‘لعبة النرد’ بلغة الأقليات العرقية في القارة الشرقية، لذا، تخميني هو أنّ هذا هو اسم الجزيرة، وليس شخصًا.”

آرثدال، الذي كان جالسًا متربّعًا، أسند أحد مرفقيه على ساقه ودعم ذقنه، وشرح أكثر “إذًا، ما معنى لعبة النرد؟، أي أنّ مصيرنا يتحدّد بغض النظر عن إرادتنا، أعني، من المرجّح جدًا أنّنا خُطفنا من قبل شخص ما، وهذا أيضًا لأغراض التجربة.”

“هل قلتَ تجربة؟، أيّ أحمق يجرؤ على إجراء تجربة علينا؟!”

كايدن، الذي كان هادئًا حتّى الآن، شتم بغضب، عند سماع ذلك، صفّق آرثدال بيديه بسعادة.

“كما هو متوقّع، السيد كايدن رائع، أعني، كان هذا شيئًا رائعًا لقوله.”

“آرثدال، هل لديك أيّ تخمينات؟” سأل إينوك، الذي كان غارقًا في أفكاره.

هزّ آرثدال كتفيه بهدوء وهزّ رأسه بلامبالاة “هناك الكثير من الأشخاص المشبوهين لأخمن من هم، ماذا عنك؟”

“لا أعرف أيضًا، هناك الكثير ممّن قد يرغبون في ذلك، لكن لا يمكنني التفكير بشخص قويّ بما يكفي لخطف ليس شخصًا واحدًا فقط، بل العديد من الشخصيّات الرئيسيّة في الإمبراطوريّة والمملكة دفعة واحدة.”

حتّى إينوك وآرثدال ليس لديهما فكرة.

في الواقع، أنا التي قرأتُ العمل الأصلي لا أعرف من وراء كلّ هذا.

في المقام الأوّل، رواية {أشياء أكثر أهمية من البقاء على قيد الحياة} ليس لها فائدة، إنّها مجرّد قصة عن حبّ بعضهم لبعض، وإيذاء بعضهم لبعض، وفي النهاية قتل بعضهم لبعض، بعد كلّ شيء، لم أقرأ الرواية حتّى النهاية.

“لكن أليس هذا غريبًا؟، صندوق الإمداد الفارغ والأدوات السحريّة… لماذا ظهرت فقط للآنسة فلوني؟” عبّر آرثدال عن شكوكه مجدّدًا.

“آنسة، أخبرينا، هل هناك شيء آخر تخفينه؟”

‘هل أخبرهم عن خريطة القبو؟’

لكنّهم لن يصدّقوا حتّى لو كذبتُ وقُلتُ إنّني التقطتُ خريطة القبو اليوم، في النهاية، قرّرتُ تأجيل قصة خريطة القبو.

‘يجب أن أحتفظ بالقبو كتأمين لي.’

بينما كنتُ أفكّر هكذا، ناداني آرثدال مجدّدًا، حاثًا إيّاي على الإجابة “آنسة، هاه؟، قولي شيئًا.”

“…ليس لديّ شيء أخفيه، كلّ ذلك كان مجرّد صدفة، هذا النوع من الأشياء دائمًا يجذب انتباهي، فماذا أفعل؟”

“أليس هذا أغرب؟، لماذا تعتقدين أنّ مثل هذه الصدف حدثت لكِ فقط؟”

“كيف يمكنني أن أعرف؟”

“يجب أن تعرفي إذا كنتِ لا تريدين أن تكوني موضع شك.”

عندما قال آرثدال ذلك وحاول الوصول إليّ—

على الأرضية الفارغة في وسط الكوخ، علق الخنجر الذي ألقاه كايدن، وسيف إينوك الطويل المسلول كان موجّهًا نحو آرثدال.

ظننتُ أنّ دييغو سيمنع سيف إينوك على الفور، لكنّه بشكل مفاجئ جلس بهدوء وشاهد الموقف.

“ألا تعتقد أنّه يجب عليك التوقّف؟، مارغريت خائفة.”

“إذا اقتربتَ من مارغريت، سأقتلك.”

رفع آرثدال يديه وأشار بإيماءة استسلام، ابتسم دون أيّ إحراج على الإطلاق.

“لم أقصد استجوابها، كنتُ فقط أطرح سؤالًا أردتُ طرحه.”

“كنتَ شديد الإلحاح لمجرد طرح سؤال.” قالت يوانا، التي كانت تراقب الموقف بهدوء، ذلك بوجه متعب.

أضاف رئيس الأساقفة روزيف “لقد ساعدتك الآنسة فلوني كثيرًا في هذه الأثناء، لكن لديك بشكل غير متوقّع ضمير عديم الفائدة، سموّك.”

“ثقة الجميع بالآنسة فلوني مذهلة، لا أريد أن أشكّ بها أيضًا، كلّما رأيتها، زاد إعجابي بها.”

آرثدال حقًا مثل ثعلب متمرّس، لا، إنّه مثل أفعى، لا أعرف ما الذي يفكّر به.

صفق بيديه لإثارة الأجواء كما لو أنّ شيئًا لم يحدث قبل لحظة.

“حسنًا، دعونا نتجاوز ذلك، كنتُ سأخبركم جميعًا عندما تعود مجموعة الرحلة، يجب أن نغادر هذا الكوخ.”