شعرتُ بانقباضٍ مفاجئ يسري في أوصالي، فأدرتُ رأسي ببطء لأنظر أمامي مباشرة. على امتداد الممر المظلم الطويل، بدت صورتان غامضتان تتقدمان نحوي رويدًا رويدًا. من خلال الظلال، بدا أنهما رجلان قويّا البنية، مما يعني أنهما ليسا على الأقل من صغار منزلنا.
أرعدت السماء—
دوّى الرعد مرةً أخرى.
أغمضتُ عينيّ بقوة ثم فتحتهما، لكن الصور الظلية أمامي لم تتلاشَ بعدُ، بل ظلتْ ثابتةً في مكانها.
‘هل هما أشباح؟ هل تسللت الأشباح إلى هنا؟’
لم يسبق لمنزلنا أن شهد ظهور أشباحٍ من قبل. في طفولتي، أحضرتُ واحدًا مرةً بحجة أنه “صديق”، لكن ذلك كان كل شيء. لذا، حتى بالنسبة لي، وأنا من يستطيع رؤية الأشباح، كان هذا الموقف مفاجئًا للغاية.
لماذا يوجد أشباح هنا…؟
دقات قلبي تعلو—
ما إن أدركتُ الوضع، حتى بدأ قلبي يخفق بقوة كأنما كان ينتظر تلك اللحظة.
‘لا، يجب أن أهدأ.’
الأشباح عادةً ما تجد الذين يرونها مثيرين للاهتمام. لذا، إذا تظاهرتُ بأنني لا أراها ولم أنتبه لوجودها، فقد تمرّ دون أن تلاحظني.
‘نعم، سأواصل السير فحسب.’
تنفستُ بعمق، ثم أسرعتُ خطواتي نحو الشبحين، محافظةً على وتيرةٍ ليست بطيئة جدًا ولا سريعة جدًا، متعمدةً جعل مشيتي تبدو طبيعيةً قدر الإمكان.
عندما اقتربتُ منهما تمامًا، التفتا نحوي فجأة. لكنني واصلتُ السير محدقةً أمامي فقط، حتى تمكنتُ أخيرًا من تجاوزهما.
“ما هذا؟ هل تعاني من المشي أثناء النوم؟”
“كدتُ أظنها شبحًا.”
لكن صوتًا عميقًا تبعني من الخلف. كان يحمل تعليقاتٍ بدت غريبةً بعض الشيء لتكون محادثةً بين أشباح.
ما هذا؟
“على أي حال، قالوا إنها عائلة نبيلة، لكن لا يوجد شيء يستحق السرقة هنا. وقالوا إن الأطفال فقط من يعيشون هنا، فما الذي تفعله هذه المجنونة؟”
“هل نأخذها معنا لاحقًا؟ تبدو مشوشةً تمامًا.”
“لنبحث عن الكنوز العائلية أولًا بسرعة. مهما كان الحال صعبًا، فإن كبرياء النبلاء لن يسمح لهم ببيع مثل تلك الأشياء.”
لقد بعناها منذ زمن، أيها الحمقى!
تبًا. لقد كانا لصين. لصوص اقتحموا المنزل، وليسا أشباحًا!
“لكن، هل هي حقًا تعاني من المشي أثناء النوم؟ إنها تقف هناك فقط؟”
تردد صوتاهما مجددًا خلفي. تجمد جسدي من الخوف، عاجزًا عن الحركة.
“دعني أرى.”
بدأت أصوات خطواتهما تقترب مني تدريجيًا.
*صرير*
تزامن مع ذلك صوت ضغط الأرضية تحت أقدامهما.
آه… ماذا أفعل؟
توقفا خلفي مباشرةً، ثم وضع أحدهما يدًا ثقيلة على كتفي الأيمن.
“آآآآآه!”
صرختُ مذعورةً بأعلى صوتي.
“سيدي الدوق!”
ثم ناديتُ الدوق الذي يفترض أنه في المنزل. لم أفكر في استدعاء رين، فمن الواضح أنه لن يكون ذا نفع، فتوجهتُ غريزيًا إلى الدوق.
*رعد مدوٍ*—
لكن صوت الرعد المدوي ابتلع صرختي فجأة.
“ما هذا؟ إنها تبدو طبيعية تمامًا!”
سُحب كتفي فجأة، ودُرتُ حول نفسي. ظهر أمام عيني وجه رجلٍ ذي ملامح خشنة اقتحم رؤيتي بقوة.
“آآآآه!”
صرختُ مجددًا ورفستُ بين ساقي أحدهما بكل قوتي. أطلق صوتًا مكتومًا “أخ” ثم هوى إلى الأرض. استغللتُ اللحظة واندفعتُ راكضةً عبر الممر.
“سيدي الدوق!”
آه، ساعدني من فضلك!
لكن بسبب بطء قدميّ، لحقا بي سريعًا. أمسك أحدهما برقبتي من الخلف وألقاني أرضًا.
“من تكونين؟”
نظر اللصان إليّ وأنا ملقاة على الأرض وقالا.
أي سؤال هذا بعد اقتحام منزل الآخرين؟ من أكون؟ صاحبة المنزل بالطبع!
أردتُ أن أنفجر غضبًا وأصرخ بهما، لكنني خشيتُ أن يثير ذلك غضبهما أكثر. اضطررتُ لكتم فمي، ملقيةً نظراتٍ جانبية بحثًا عن فرصةٍ للهروب.
“لكن، ألم تنادِ هذه المرأة الدوق للتو؟”
استدار أحد اللصين إلى رفيقه وسأل.
“بالفعل. هل هي عشيقة الدوق المخفية؟”
تفحصني الآخر من رأسي لقدميّ وأجاب، ثم هزّ كتفيه مرةً وجلس القرفصاء أمامي.
“حسنًا، من مظهرها، لا تبدو عشيقة. ربما تابعةٌ أو نحو ذلك.”
“…”
“لكن يا آنسة، لقد اخترتِ الشخص الخطأ. هل تظنين أن استدعاء مثل هذا الرجل سيجعله يهرع لإنقاذكِ؟ النبلاء الكبار مثل الدوق لا يلتفتون إلينا أبدًا. كل ما يهمّهم هو عيشهم الرغيد. انظري حولكِ الآن. أماكن معيشتهم تفيض بالثروة دائمًا، بينما هذا المكان يبدو متداعيًا للغاية، أليس كذلك؟”
قال ذلك، محملًا كلماته سوء فهمٍ آخر عن الدوق.
“… وما الذي تعرفونه؟ الدوق يعمل بجد من أجل لويشين…”
“ها؟ تتحدثين كأنكِ تعرفين جيدًا ما يفعله. حسنًا، أخبريني إذن. ما الذي يفعله من أجل هذا المكان؟”
“ذلك…”
أنا سكرتيرته. راقبته عن قرب، وعرفتُ من هو منذ زمن. لكن إذا سألوني عما يفعله بالضبط…
في الحقيقة، لا أعرف جيدًا. أنا مجرد سكرتيرة بالاسم فقط…
“…”
“أرأيتِ؟”
نهض اللص وقال، بينما شعرتُ بمزيدٍ من الغبن يعتصرني.
لا، تقييمكم للدوق مليء بالسوء فهم، حقًا…
“أختي!”
في تلك اللحظة، سمعتُ صوت رين يناديني. رفعتُ رأسي لأراه يركض نحوي من بعيد. يبدو أنه سمع الضجيج، خرج من غرفته، وشاهد هذا المشهد.
“ما هؤلاء؟!”
اندفع الصبي نحو اللصين مباشرةً. لكنه أُمسك بسهولة، وأُسقط أرضًا كدميةٍ ورقية تتطاير.
“رين!”
هرعتُ نحو أخي الثاني الذي سقط بصخبٍ مدوٍ، وأمسكتُ به بسرعة.
يا لكَ من أحمق! لمَ لم تستدعِ الدوق بدلًا من هذا؟ أنتَ تعرف نفسكَ جيدًا! لا فائدة منكَ في مثل هذه المواقف!
لكن التفكير في ذلك الآن لن يجدي نفعًا. بدلًا من ذلك، فحصتُ رين بعينيّ بسرعة لأتأكد أنه لم يُصب.
“ها… لا عقل لهؤلاء.”
حكّ أحد اللصين مؤخرة رأسه واقترب منا.
“كفى. بما أن الأمور وصلت إلى هنا، لنأخذ هذه المرأة فقط. لا يبدو أن هناك شيئًا يستحق الأخذ على أي حال، فهي ستكون بديلًا.”
قال اللص الآخر. ارتجفتُ فجأة وارتعدت كتفاي.
“ما هذا؟! أيها الأوغاد! لديكم أيدٍ وأرجل سليمة، ومع ذلك تسرقون؟ أيها الحثالة الدنيئة!”
صرخ رين وهو ملقًى على الأرض، رافعًا رأسه فقط.
“أيها الأحمق.”
أمسك اللص الغاضب برأس رين ورفعه. بدا وجهه المحمّر وكأنه سيهوي بقبضته في أي لحظة.
“إنه مخفيّ، لذلك لم تجدوه. الكنوز العائلية دائمًا ما تُخبأ جيدًا. سأجلبه لكم. خذوه واذهبوا فقط.”
لم يكن هناك كنزٌ عائلي أصلًا، لكنني تفوهتُ بالكلمات على أي حال. رين، رغم مظهره، ضعيفٌ للغاية، ولو تلقى ضربةً واحدة، فقد يصل إلى عتبة الموت.
عبس اللص قليلًا وهو ينظر إليّ من الأعلى. بدا وكأنه يفكر، ثم أنزل رين أرضًا وفتح فمه مجددًا.
“إن كنتِ تكذبين، فلن يكون الأمر ممتعًا.”
“نعم، نعم! لا تقلقوا.”
بعد ذلك، ربطوا أيدينا خلف ظهورنا، وأُجبرنا على السير في الممر. تبعنا اللصان عن كثب.
تحركنا هكذا في صفين لفترةٍ طويلة، حتى وصلنا أخيرًا إلى باب الغرفة التي يقيم فيها الدوق. دون أن أفكر مرتين، دفعتُ الباب بجسدي.
“سيدي الدوق! آه، سيدي الدوق! ساعدني!”
“ما هذه المرأة؟”
أمسكني أحد اللصين وسحبني بعيدًا. واصلتُ ركل الباب بقدمي حتى وأنا أُسحب.
“سيدي الدوق! اخرج! هيا! إيليازيه!”
“ما هذا؟ هل جنّت هذه المرأة؟!”
ألقاني بعيدًا عن الباب في الاتجاه المعاكس. اصطدم ذراعي الأيمن بالجدار بقوة، وشعرتُ بألمٍ نابض يتصاعد.
“أختي!”
صرخ رين وهو ينظر إليّ، ثم استدار فجأة وألقى بجسده نحو باب غرفة الضيوف.
*صوت ارتطام*—
“ما هذا الآن…؟”
أمسك اللص برين بنفاد صبرٍ واضح. في تلك اللحظة، انفتح باب غرفة الضيوف مصدرًا صريرًا.
سيدي الدوق؟
التفتّ إلى الغرفة على الفور. لكن، خلافًا لتوقعاتي، لم يكن هناك.
“ما هذا؟”
نظر اللصان إلى الباب المفتوح تلقائيًا بذهول. بدا أنهما شعرا بالغرابة لانفتاح الباب فجأة في منزلٍ لا تهبّ فيه الرياح.
كان هناك شبحٌ دخاني يملأ الغرفة بالسواد. كان يتلوى كأنه يعبر عن شعورٍ ما، ربما الغضب.
“يبدو أن القفل قد تآكل. لنذهب.”
سرعان ما فقد اللصان اهتمامهما بالباب المفتوح تلقائيًا. اقتربا مني مجددًا، وأمسكا برقبتي وسحباني. شعرتُ بخناقٍ مفاجئ عندما شدّا ملابسي.
“أخ.”
في تلك اللحظة، بدأ الشبح الدخاني يهتز بعنفٍ ملحوظ.
اندفع الشبح خارج الغرفة كأنه يتبدد، ثم أحاط بأجساد اللصين في دائرة.
“ما هذا؟ لماذا أشعر بالبرد فجأة؟”
بدأ اللصان يرتجفان بشدة. ظهرت أنفاسهما البيضاء مع كل زفير. لكن الربيع كان قد حلّ بالكامل، ومع أن الجو كان منعشًا، لم يكن باردًا بما يكفي لتبرير ذلك. وبالطبع، لم تظهر أنفاسي البيضاء.
“غريب، أليس كذلك؟ حتى لو كان الليل، هل يمكن للطقس أن يتغير هكذا؟”
قال أحد اللصين، ثم استدار رينظر إليّ وإلى رين. ركّز عينيه عرينا ونحن نرتدي ملابس خفيفة، بينما كان يرتجف بعنف.
بدت نظرةٌ غريبة تتشكل في عينيه.
“اخرجوا!”
فجأة، دوّى صوتٌ في أذني.
“اخرجوا!”
كان صوت امرأةٍ حاد يصرخ بغضبٍ شديد. انتفضتُ مذعورةً وانكمشتُ على نفسي. بدا اللصان أيضًا متفاجئين، يتلفتان حولهما. يبدو أنني لست الوحيدة التي سمعت ذلك.
“اخرجوا الآن!”
ارتفع الصوت النسائي أكثر، مملأً القصر بأكمله. في الوقت نفسه، بدأ الشبح الدخاني يتموج كموج البحر بعنف، ثم تضخم كأنه سيلتهم اللصين بالكامل.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 42"