I got a job in a haunted mansion - 39
على المائدة، وضعت حساء بطاطس مخفف بالماء بكثرة، مصحوبًا بلحم رخيص الثمن مع بعض الخضروات. كان من الواضح أن مثل هذا النوع من الطعام لن يُرى أبدًا في بيت الدوق. وبعبارة أبسط، كان طعامًا يراعي ظروف جيوب العامة ومحدودي الدخل.
“هل يناسب ذوقك؟”
سألتُ الدوق وأنا أتفحص تعابير وجهه بعناية.
“لذيذ.”
أجابني. بالطبع، لا يمكن مقارنته بمأكولات بيت الدوق، لكن يبدو أنه لحسن الحظ لم يكن سيئًا إلى درجة لا يُطاق.
“كيف حال أختي؟”
تدخل رين فجأة في حديثنا. كان ذلك الطفل يحدق بالدوق بنظرة مُلحة ومثابرة بعض الشيء. شعرتُ أن ذلك يفتقر إلى اللباقة، فأرسلتُ له نظرة تنبيهية ليتوقف.
تجاهلني رين بسهولة وتابع كلامه.
“أنا بخير، لا داعي للقلق.”
أسرعتُ بالرد بدلًا عنه. لماذا يختار هذا الوقت بالذات ليُظهر قلة أدبه؟ أنتَ يا هذا!
“ما الذي تفعله أختي؟ سمعتُ أنها تعمل مساعدة للدوق، أصحيح ذلك؟”
“نعم، صحيح. ألم أقل لكَ من قبل؟ أنا أعمل كسكرتيرة.”
واصل رين حديثه دون توقف، وواصلتُ أنا قطع كلامه بجدية. كان اليوم على وجه الخصوص أكثر ثرثرة من المعتاد، وهو الذي كان دائمًا يمتنع عن قول ما لا داعي له، مما جعل الأمر يبدو غريبًا.
“لكن أختي بلا خبرة، فكيف تستطيع إرسال كل هذا المال؟”
قطب رين حاجبيه بتعبير مليء بالشك ووجه نظرته نحوي.
آه، فهمتُ الآن. يبدو أنه بدأ يشك في الأمر! كنتُ قد أخبرته في الرسائل أن بيت الدوق يعج بالثروة، لذا أتلقى راتبًا وفيرًا، لكن يبدو أن ذلك لم يقنعه تمامًا…
في الحقيقة، ليس من المستغرب ألا يعرف. كنتُ أرسل مبلغًا كبيرًا من المال لا يتناسب مع دخل شخص يعمل بمفرده، خاصة أنني لم أتخرج حتى من الأكاديمية، ومع ذلك أعمل سكرتيرة للدوق.
“الأمر لا يتعلق بالخبرة. لورا شخص يستحق ذلك الراتب. هل لديك شيء آخر لتقوله؟”
بينما كنتُ أقف صامتة، عاجزة عن الرد، تدخل الدوق ليُدافع عني بجواب بدا وكأنه يحاول تهدئة الموقف ومسايرتي.
“…أتُنادي أختي باسمها؟”
عاد رين بنظراته المُلحة نحو الدوق مرة أخرى. وضعتُ يدي على جبهتي بيأس. كان أخي الثاني طفلًا هادئًا نسبيًا رغم حدته أحيانًا، فلماذا يتصرف بهذا الشكل المفاجئ اليوم؟ لم أفهم حقًا.
“ما الذي يجعل شخصًا بلا خبرة يستحق أجرًا كهذا؟”
سأل رين مجددًا.
“رين، توقف عن قول الهراء. ألا تعرف من الجالس أمامك؟”
خفضتُ صوتي بسرعة ووبختُ أخي الثاني. فبدى عليه الامتعاض وهو يشيح بوجهه ويشبك شفتيه.
“يبدو أن هناك سوء فهم. أنا لا أشتري العشيقات بالمال.”
نظر الدوق إلى رين مباشرة ورد عليه بصوت هادئ لم يتأثر بوقاحة الطفل.
“إن لم تثق بي، فثق بأختكِ. أليس هذا كافيًا؟”
“…أعتذر.”
نظر “رين” إليّ للحظة، ثم فتح فمه ببطء، مدركًا على ما يبدو أنه أخطأ. لكن الجو فوق المائدة كان قد أصبح ثقيلًا بالفعل. “روتي”، التي كانت دائمًا صاخبة، كانت تتناول الحساء بهدوء غير معتاد، بينما كانت “لوسيا” تعانق “رايان” الصغير الجالس في حجرها دون كلام.
“أخي الصغير، يبدو أنني أهملتكَ مؤخرًا، أليس كذلك؟”
ابتسمتُ ابتسامة عريضة وهمستُ لـرين بنبرة تحمل تهديدًا خفيًا.
ههه. أيها الوغد… سترى مصيرك…
على أي حال، استمر العشاء رغم تلك الحادثة. وقبل أن ينتهي الجميع، نهضتُ من مقعدي أولًا.
“سأحضر الفراولة.”
كنتُ قد اشتريتُ كمية وفيرة من الفراولة من السوق مع المكونات الأخرى، وخططتُ لتقديمها كتحلية.
شششش─
بينما كنتُ أختار الفراولة الجميلة في المطبخ، سمعتُ فجأة صوت المطر. التفتُ نحو النافذة، فإذا بقطرات المطر الغليظة تهطل من سماء مظلمة.
“بدأ المطر… كم تأخر الوقت الآن؟”
كانت السحب الماطرة تغطي السماء بأكملها، مما جعل من الصعب تحديد الوقت بدقة. فكرتُ أنه من الأفضل إعادة الدوق إلى بيته قبل أن يتأخر أكثر، فعدتُ مسرعة إلى غرفة الطعام.
عندما فتحتُ الباب، رأيتُ “روتي” تثرثر مع الدوق بحماس، بينما كان “رين” جالسًا على الجانب الآخر، لا يزال يُحافظ على جو متوتر.
هذا الفتى… سأوبخه جيدًا لاحقًا…
نظرتُ إلى “رين” بنظرة خاطفة، ثم وضعتُ طبق الفراولة على الطاولة.
في تلك اللحظة، بدأ دخان أسود يتصاعد من خلف ظهر الدوق. أهذا شبح بالفعل؟ يبدو أن الوقت قد تأخر أكثر مما توقعتُ.
طاخ─
ضرب “رين” الطاولة بكلتا يديه وقفز واقفًا. سقط كرسيه بفعل الحركة العنيفة محدثًا ضجيجًا.
“قلتُ لكِ إن شيئًا ما غريب! شعرتُ أنه غريب! ما هذا؟ هل هو شبح؟!”
التفتَ إليّ وصرخ.
نعم، إنه شبح. يا للروعة… يبدو أن أخي الذي كان يجب ألا يكتشف الأمر قد رآه.
“…هل السبب في تلقيكِ أجرًا خرافيًا هو هذا الشبح؟”
كان “رين” سريع البديهة منذ صغره. كان يجب أن أنتبه عندما بدأ يحقق في الأمر، لكنني انشغلتُ بغضبي من وقاحته ونسيتُ ذلك.
همم… ما الذي يمكنني قوله كعذر…؟
“أختي… هل هناك شبح حقًا؟”
نظرتْ إليّ “لوسيا”، التي لا تستطيع رؤية الأشباح، بقلق. كذلك “روتي” فتحت عينيها بدهشة وهي تراقب الموقف.
“سنتحدث لاحقًا…”
همستُ لـ”رين”. مهما كان الأمر، كان لدينا ضيف الآن، وليس أي ضيف، بل رئيسي في العمل. لم أرد إثارة المزيد من الجلبة.
ثم بدأ الشبح الدخاني خلف ظهر الدوق يتموج كأمواج البحر. يبدو أنه فهم حديثنا وبدأ يراقب أجواء المائدة.
ليس ذنبك…
بالطبع، لم يكن ذنب الشبح الدخاني. المشكلة كانت في طبيعتي التي تجذب الأرواح بسهولة. ولهذا السبب كان رين حساسًا للغاية الآن.
إنه يتذكر الروح الشريرة التي استحوذت على جسدي عندما كنا صغارًا.
***
هطل المطر كأن السماء قد انشقت. توقعتُ أن يتوقف سريعًا، لكنه ازداد حدة مع حلول الليل. بين الغيوم السوداء الداكنة، كانت البرق تضيء السماء بين الحين والآخر. كان الطقس قاسيًا بشدة.
أرسلتُ لوسيا وروتي إلى النوم مبكرًا. تذمرتْ روتي ورفضت في البداية، لكن لوسيا جرّتها بالقوة فاضطرت للذهاب.
بعد ذلك، رتبتُ الطاولة بعد انتهاء العشاء، ثم جلستُ مقابل الدوق، وجلس رين إلى جانبي. كنا بحاجة إلى توضيح هذا الموقف الآن.
“سيدي الدوق، أختي لا يجب أن تكون مع الأشباح. أرجوك، لا تأخذها إلى هناك.”
قبل أن أنطق بكلمة، بادَر رين بالحديث كأنه كان ينتظر الفرصة.
“ليس الأمر كذلك. الأشباح في كيرفرشالدن هادئة ولا تسبب أي مشكلة.”
أسرعتُ بمقاطعته. لم أكن أرغب في خسارة عملي في مكان مثل كيرفرشالدن بهذه الطريقة. لن أجد مكانًا آخر يدفع أجرًا مرتفعًا فقط لأنني أرى الأشباح.
“أشباح؟ هل تقصدين أن هذا الشيح ليس الوحيد؟”
لكن رين التقط تلميحًا آخر من كلامي. أوه لا، لقد أخطأتُ بالحديث أمام هذا الطفل الذكي. عضضتُ شفتيّ دون أن أجد عذرًا.
“هذا غير مقبول حقًا. أختي لم ترَ الأمر بنفسها، لذا تتحدثين بسهولة كهذه.”
بدأت نبرة رين تعكس مشاعر متأججة قد تنفجر في أي لحظة.
“لا تتحدث بجدية مفرطة.”
قاطعته مجددًا. بصراحة، كنتُ منزعجة قليلًا وقلقة أيضًا. ماذا لو قرر الدوق فصلي فعلًا؟
“لورا، انتظري لحظة. دعينا نسمع أخاكِ أولًا.”
لكن الدوق، على عكس قلقي، بدا مهتمًا بسماع ما سيقوله رين.
“نعم، نعم! سيدي الدوق.”
ما أراد رين قوله كان واضحًا. كان يتعلق بذكرى مشتركة، بحادثة معينة في الماضي.
“سأشرح لكم منذ أيام طفولتنا.”
***
قبل أن نصل إلى هذا الوضع المزري، كانت عائلة هاين تدير قافلة تجارية. كم كان عمري حينها؟ أربعة عشر عامًا تقريبًا؟ لا أتذكر بدقة. على أية حال، كانت القافلة تشهد ازدهارًا غير مسبوق، وكانت تتوسع تدريجيًا. ونتيجة لذلك، أصبح والداي منشغلين للغاية، فكانا يأخذان لوسيا الصغيرة معهما ويتركان المنزل غالبًا. وهكذا، كنتُ أنا ورين دائمًا من يبقى في البيت.
كنا صغيرين نسبيًا، لكن تلك الحياة لم تكن صعبة. كانت العائلة تملك ثروة تكفي لتوظيف مربيات وطباخين وخادمات، وكانوا يعتنون بنا جيدًا.
نعم، وأعتقد أن ذلك كان الوقت الذي بدأنا فيه، أنا وأخي، برؤية الأشباح… لكن، كما هو متوقع، لم يصدقنا أحد. لذا، خلقنا عالمنا الخاص.
“كانت أختي تسمح للأموات بالاستحواذ على جسدها لتقرأ ذكرياتهم، وكنتُ أنا من يُخرج تلك الأرواح عندما يحين الوقت.”
واصل رين حديثه بنبرة مترددة قليلًا.
ذلك الشيء.
لقد التقيته في طفولتي، في وقت لم يكن متأخرًا جدًا، وقت لا تظهر فيه الأشباح عادةً. عندما أفكر في الأمر الآن، يبدو أنه كان شبحًا قويًا للغاية.
[مرحبًا!]
ابتسمتْ لي ابتسامة مشمسة تحت أشعة الشمس المتدلية.
عادةً، تحافظ الأشباح على مظهرها في لحظة موتها، كأن تكون بلا رقبة أو بلسان ذائب بسبب السم الذي ابتلعته في حياتها. لكنها لم تظهر عليها أي علامة موت. كانت تنظر إليّ بابتسامة زرقاء صافية.
[مرحبًا.]
رددتُ تحيتها. على عكس الأشباح الأخرى، لم تُخفني أبدًا. بل إن ابتسامتها المشرقة والمنعشة جعلتني، وأنا طفلة صغيرة، أشعر بالسعادة. أعجبتني، ولمرة الأولى، سمحتُ لشبح بالدخول إلى منزلنا، بل وأعددتُ لها مكانًا في غرفة نومي.
ثم، بمحض الصدفة، اكتشفتُ أنني أستطيع قراءة ذكريات الأشباح عبر الاستحواذ.