أغلق لايل فمي الذي ظلّ مفتوحًا من الذهول بيده بنفسه. ثمّ رمقني بنظرة مبتسمة قبل أن يستدير ويمشي نحو الحمّام.
بمجرّد أن أدار ظهره دون أدنى تردّد، انقطعت المحادثة من طرفٍ واحد.
حرّكتُ عيني بصمتٍ أتتبّع أثره بنظري.
حين مرّر يده في شعره، رأيتُ خصلاته التي كانت سوداء قاتمة تعود إلى لونها الأبيض من جديد.
طَقّ.
لمّا سُمِع صوت إغلاق الباب، أخيرًا انحلّ التوتّر عن كتفيّ.
في تلك اللحظة، كفّ دماغي عن التفكير.
لم أعُد أستطيع حتى أن أختلق عذر “قوّة الشيطان” لسلوك لايل الغريب.
“إنّه حبّ متطرّف، بكلّ ما تعنيه الكلمة.”
قرّرت أن أعترف أخيرًا.
لا شيطان ولا شخص اخر فيه، هذا هو لايل بطبيعته. قوّة الشيطان لم تفعل أكثر من منحه القوّة فحسب.
حين اعترفت في داخلي بطبيعته الحادّة والمُتطرّفة، غمرتني الدهشة. ولو لم أسمع فجأة صوت تشبّق الماء، لكنتُ بقيتُ على حالي هكذا لمدّة طويلة.
“آه…؟”
عندها فقط أدركتُ أنّ المكان الذي دخله لايل قبل قليل هو الحمّام الملحق بهذه الغرفة.
وحين استوعبتُ مصدر الصوت، شعرتُ بأنّ وجهي يتجمّد أكثر من ذي قبل.
استشعرتُ قلقًا في صدري، فشدَدتُ اللحاف بين يديّ وحدّقتُ بالباب الذي دخل منه.
“لماذا يستحم هنا؟”
حبستُ أنفاسي وتركيزي كلّه منصبّ نحو الحمّام. وبصراحة، سواء استحم أو لم يفعل، هذا ليس من شأني.
وفوق هذا، فالغرفة في الأصل غرفتُه، ومن الطبيعيّ أن يستحمّ فيها.
أنا أعلم، لكن مع ذلك، لم أستطع منع نفسي من التفكير في أشياء غريبة.
“أنا هنا، لماذا هو يستحم هنا؟…”
وفي وسط كلّ هذا، دفنتُ حقيقة أنّني لم أستحمّ بعد.
بدلًا من ذلك، قفزتُ راكضة نحو باب الغرفة، وأمسكتُ بمقبضه على عجل. ثمّ بدأتُ أدوّره بسرعة كما لو كنتُ سجينة تحاول الفرار.
“حتى لو كنتُ متسامحة مع كلّ شيء، لكن هذا… ليس طبيعيّ!”
في لحظة، شحب وجهي تمامًا.
في الأساس، لا يجوز أبدًا أن يبقى رجلٌ وامرأة ناضجان بمفردهما في غرفة واحدة لهذه المدّة الطويلة. خصوصًا لو كان أحدهما يُكنّ مشاعر للآخر.
“آآآه!”
في الحقيقة، حاولتُ فتح الباب عدّة مرّات قبل مجيء لايل، لكنّه لم يُفتح بطبيعة الحال. لذا من المؤكّد أنّ الوضع لم يتغيّر الآن.
“أنا مازلت، مازلت لست جاهزة نفسيًّا…!”
ما مررتُ بتجربة حبّ أصلًا، فكيف أكون مستعدّة لهذا النوع من الأمور؟! خصوصًا لو كان الطرف الآخر هو لايل بالذات!
وبينما راودتني صورة عضلات صدره البارزة، التي كانت واضحة حتّى في ظلام الغرفة، شعرتُ أنّ وجهي الذي كان شاحبًا، بدأ يسخن ويتورّد.
أنزلتُ نظري ببطء نحو جسدي المرتدي لملابس النوم.
“……”
ثمّ عدتُ لأتشبّث بمقبض الباب من جديد.
دَرَكْ… دَرَكْ…
كنتُ أحرّكه بعنف شديد، حتى صار الباب يصدر أصوات صريرٍ واهتزازٍ مرعبة.
“ليس هنالك مفتاح ولا شي، لكن لماذا الباب مغلق؟!”
وحتى لو قلنا إنّه مقفول من الخارج، فكيف جاء لايل أساسًا؟!
لا يوجد تفسير منطقيّ.
بمجرّد أن استوعبتُ هذا الأمر الغريب، وقفتْ شعرة رأسي.
كنتُ أعلم أنّ هذا المكان غريب، لكن ليس لهذه الدرجة…
وفي خضمّ ارتعابي وأنا أحرّك المقبض وأتعرّق، انقطع صوت الماء فجأة.
انسلّ عرَقٌ بارد على ظهري.
وبعد وقتٍ قصير، سُمِع صوت فتح الباب، تلاه صوت خطواتٍ تقترب.
“يعني لو يفتح هذا الباب بدلًا من كلّ هذا…”
وفجأة أحسستُ بوجود شخص خلفي.
“ماذا تفعلين؟”
صوته الهادئ لم يحمل سوى تساؤلٍ بريء.
لم يبدو عليه الغضب رغم أنّه رأى محاولتي للهرب. وهذا بحدّ ذاته يُعدّ أمرًا جيّدًا.
لكنّ الأمر الأهمّ كان لا يزال قائمًا.
“مهما كان، لكن ليس لهذه الدرجة…!”
صرختُ بكلّ ما أوتيت من قوّة دون أن ألتفت، وأنا منهارة جالسة على الأرض.
“للناس أولويّات وتسلسُل منطقي، يا ناس…!”
“هاه؟”
كانت يدي المرتجفتين ترتكزان على الأرض. ورغم أنّه خرج تَوًّا من الحمّام، إلا أنّ رائحته المنعشة انتشرت في المكان.
“قد لا تعلم، ولكن ليس كلّ شيء يحدث بسرعة لمجرّد أنّك تُحبّ أحدًا، مفهوم؟!”
“……”
“انت تتقدّم لحالك، و…”
أنا أساسًا لم أوافق على اعترافك، فلماذا تُكمل الخطوات التالية من تلقاء نفسك؟!
رغم أنّي جمعتُ كلّ شجاعتي لأعاتبه، إلّا أنّي لم أستطع النظر إليه.
كنتُ خائفة أن يكون واقفًا عاريًا.
ولا حتى كلّ شجاعتي مجتمعة تقدر تخليّني أتحمّل النظر إلى جسدٍ عاري لرجل…
“آه…”
يبدو أنّ كلماتي الحازمة قد وصلته، لأنّي سمعتُ تنهيدة مبهمة من الخلف.
“أليس كذلك؟ حتى أنت شعرتَ أنّك استعجلت…”
“لا أظنّ أنّني استعجلت…”
همس لايل بصوتٍ خافت.
“يا لكَ من متهوّر…”
“أصلاً، لقد استحممتَ لهذا السبب، أليس كذلك؟!”
“……”
لم يردّ، وهذا يعني أنّي أصبتُ الهدف. فاستغللتُ الفرصة وأكملتُ:
“ولِعلمك، منذ البارحة لم أغسل وجهي، ولا حتى استحممتُ!”
مشمئزّ؟ ممتاز، ابقَى بعيدًا عنّي إذًا!
وبعد أن قلتُ كلّ ما في قلبي، شعرتُ بنوعٍ من الراحة. لكنّ لايل ظلّ صامتًا هذه المرّة أيضًا.
ما القصّة؟
كلّما طال صمته، شعرتُ أنّ هناك شيئًا غريبًا يحدث. فخفضتُ يدي التي كنتُ أغطّي بها رأسي، ونظرتُ إليه بطرف عيني، لأراه…
مرتديًا ملابس كاملة لا يظهر منها سوى معصميه وكاحليه.
“……”
رفعتُ رأسي بخجل، لأجده يحدّق بي بابتسامة شرّيرة، حتى الشياطين تجرؤ على إظهارها.
أُطبقت شفتاي تلقائيًّا.
“لم أتوقّع أن تُفسّري الاستحمام إلى هذا الحدّ…”
قالها وهو يضع يده على فمه ليخفي ضحكة حاول كتمها.
وأنا أحدّق بأصابعه المستقيمة، لم يراودني سوى شعورٍ واحد:
“أنا في ورطة.”
“لم تكن لديّ أيّ نيّة لِمثل هذا الأمر… بعد “
هذا جيّد، الحمد لله…
رغم أنّ كلمة “بعد” أزعجتني قليلًا، لكنّي تجاهلتها بصعوبة.
ثمّ أردف قائلًا:
“لكن، إن كنتِ أنتِ ترغبين في ذلك–”
“لاااااا!”
سارعتُ بالنفي وهززتُ رأسي بجنون خشية أن يُفهم كلامه بطريقة مريبة.
فانحنت عينا لايل على شكل هلالٍ جميل.
عندما أخرج، اذهبي واستحمّي. ليس مريحًا أن تظلّي هكذا.
قُلها بصراحة:
“أنتِ متسخة.”
ثم مرّ بجانبي بلطف وهو يمدّ يده نحو المقبض.
ويا للعجب…
انفتح الباب وكأنّ شيئًا لم يكن. رغم أنّي قبل قليل كنتُ أصرخ عليه وأهزّه بقوّة!
وفي وسط شعوري بالخذلان، انتابتني فضول:
“هل أنتَ خارج؟ في هذا الوقت؟”
هل تقصد أنك ستنام في غرفة أخرى؟
هذا أمر غريب. لماذا حبستني عندك من الأساس؟
نظرتُ إليه بنظرة تقول:
“أنتَ من جلب التعب لنفسك”، فسألني:
“لماذا؟ هل تشعرين بالوحدة؟”
يبدو أنّه ينتظر أن أطلب منه البقاء معي.
لكن بالطبع، لم تكن لديّ نيّة لمجاراته في هذا.
أطبقتُ فمي بقوّة بدلًا من الردّ.
كرامتي لا تسمح لي بإعطائه ما يريد.
وضحك لايل ضحكة خفيفة وكأنّه توقّع ردّي.
ثمّ خرج من الغرفة دون أن يقول كلمة واحدة عن وجهته.
***
بشكلٍ غير متوقّع، لم أكن ألتقي لايل كثيرًا.
هو يمنعني من مغادرة هذه الغرفة، لكنّه هو نفسه يذهب ويتنقّل كما يشاء.
كان يزورني من وقتٍ لآخر، لكنّه لا يبقى طويلًا أبدًا.
وأظنّ أنّه ينام في غرفة أخرى أيضًا، وهذا بحدّ ذاته خبرٌ جيّد.
“……”
الجلوس في مكان واحد طوال الوقت جعلني أشعر بالملل الشديد.
الشيء الوحيد الذي أفعله هو أن أضع مرفقيّ على حافّة النافذة وأراقب مامون وهي تضرب الأشجار كالمجنونة.
وأثناء مراقبتي لها، بدأتُ أحاول حساب المدّة التي قضيتها هنا.
تقريبًا، مضى أسبوعٌ منذ أُحضرتُ إلى هذا المكان.
“بالتأكيد الجميع أصبح قلقًا…”
وإن كان غيابي عن الأنظار دام أسبوعًا، فهذا يعني أنّ منصب رئيسة عائلة سويينت ظلّ شاغرًا لأسبوعٍ أيضًا.
وهذا يعني، أنّ القصر لا بدّ أنّه الآن في حالة استنفار بحثًا عنّي.
لكن المشكلة أنّه لم يأتِي أحد منهم إلى قصر لايل حتى الآن.
يعني…
أنا اختفيت بعد ما زرتُ قصر لايل، ومع ذلك ولا واحد منهم فكّر ان يفتش هنا؟
صحيح أنّ معظم الناس لا يعرفون موقع قصر لايل، لكنّي جئتُ مع العربة وكان السائق يعرف المكان.
وفي حال اختفائي، من الطبيعي أن يبلّغهم.
“ربّما أسبوعٌ ليس كافيًا… قد يحتاجون وقتًا أطول…”
على كلٍّ، فكرة أنّهم سيأتون لإنقاذي كانت أملي الوحيد هنا.
لكنّ ما أخشاه فعلًا…
هو أن لايل لن يدعهم وشأنهم.
“يعني، هذا غير ممكن… مع أنّه مجنون قليلاً هذه الفترة، إلا أنّه يعرفهم منذ زمن…”
مستحيل يقتلهم، اليس كذلك؟
طرحتُ السؤال على نفسي، لكنّي لم أملك الشجاعة للإجابة.
أنا نفسي لم أعد أعرف ما يخفيه في داخله…
ترجمة:لونا
ما تنسوش تدخلوا في قناة الملفات حقتي بالتيليجرام حاطيت الرابط في الصفحة الرئيسية بالتعليقات
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 82"