منذ البداية، بدت جرأة الطفلة التي بدأت تبدي اهتمامًا بـ لايل لطيفة لدرجة أنّ الابتسامة ارتسمت على شفتيّ من تلقاء نفسها.
لكن، لم يدم الأمر طويلًا بسبب لايل.
“أقدّر لطفك… لكنني أرفض.”
كان من الأفضل لو أبدى على الأقل تعبيرًا حائرًا إن كان يعني ذلك حقًا.
لكن ردّ لايل كان أكثر حزمًا ممّا توقّعت، لدرجة أنّني أنا نفسي شعرتُ بالارتباك.
هل من الضروري حقا الردّ بهذه الجديّة على كلام طفلة صغيرة…؟
“أووواااااه!”
ظننتُ أنّ اليوم سيمضي بسلام، لكن دموع سموّ الأميرة التي هدأت مؤقتًا انفجرت مجددًا بسببه.
“كيف تردّ بهذه الطريقة على طفلة صغيرة…!”
ركعتُ أمام سموّ الأميرة الجالسة على الأرض تبكي، ووجّهتُ نظرات حادّة إلى لايل. الذي بدوره، مال برأسه مستغربًا وكأنّه لا يعرف ما الخطأ الذي ارتكبه.
‘سنرى حسابك لاحقًا.’
رفعتُ سموّ الأميرة عن الأرض وربّتُ على ظهرها. عندها، اندفعت سموّ الأميرة كلّها إلى حضني. بدأت أكتافي تبتلّ من دموعها.
“سموّ الأميرة، لايل رفض فقط لأنّكِ صغيرة جدًّا. ليس لأنّه لا يحبّك…”
في الحقيقة، لا وجود لمشاعر الحب أو الكره بينهما أصلًا، فاخترتُ أكثر تبرير يبدو مقنعًا وبدأت أُهدّئها.
ولعلّ كلماتي نجحت، إذ سألتني متلعثمة:
“ه، هل يعني ذلك ان نوعه ليس الأصغر سنًا…؟”
من الذي علّمها مثل هذه الجملة؟
ورغم استغرابي، وجّهتُ نظري تلقائيًّا نحو لايل. خفتُ أن يُطلق جوابًا غبيًّا آخر يُفجّر دموع سموّ الأميرة مجددًا.
وبالنظر إلى أنّه أحبّ ديوليتا في الرواية الأصلية، فهو على الأرجح يُفضّل الأكبر سنًّا.
وكنتُ أتمنّى لو استخدم هذه الحجة ليُبرّر رفضه لطلب الأميرة، ولو كذِبًا.
“…لا. ليس الأمر كذلك.”
لكن، وعلى عكس توقّعاتي، خرج من فمه نفيٌ مباشر.
كأنّه يقول :
“لا أكره الصغار، لكن أكرهكِ أنتِ تحديدًا”
ولستُ وحدي من فهمها بهذا الشكل.
وكما توقّعت، بدأت سموّ الأميرة بالبكاء مجددًا، تسأل لماذا رفضها إن لم يكن يكره الأصغر سنًّا.
‘إذا لم تكن تنوي تهدئتها بنفسك، فرجاءً، لا تُبكِها أكثر من ذلك…’
***
رغم انشغالي، ظلّ الوقت يمضي على وتيرته، وها قد مرّ ما يقارب الشهر على عودة لايل إلى الأكاديميّة.
تفاجأتُ قليلًا عندما أعلن فجأة أنّه لا يريد العودة، رغم حماسته الشديدة في يوم التحاقه للمرّة الأولى وحلمه بأن يُصبح فارسًا.
لكنه عاد في النهاية. يبدو أنّه يدرك جيّدًا أنّ بعض الأمور لا تُحلّ بالإصرار فقط.
أما أنا، فواصلتُ حياتي اليوميّة كعادتي.
وكانت هذه أوّل مرّة أذهب فيها لرؤية سموّ الأميرة منذ قرابة الشهر.
وفي طريقي، لفت نظري رجلٌ ذو شعر وردي يسير نحوي. كان يرتدي زيّ فرسان فيليا، ورغم أنّه لم يقصد جذب الانتباه، إلا أنّه كان يتمتّع بهالة غامضة تسحر العين.
كان مُبتسمًا وكأنّ في الأمر شيئًا يُفرحه.
ظننتُ أنّه مرّ بي مرور الكرام، لكن فجأة، تلاقت عيناه مع عينيّ.
ولكن للحظة فقط.
فقد أعاد بصره إلى الأمام وتابع السير بعيدًا.
“……؟”
‘هل كنتُ أحدّق به بوضوح شديد؟’
لكنّه لم يُظهر اهتمامًا يُذكر بي.
‘الآن وقد فكّرتُ في الأمر، أليس البطل الأصليّ في القصة كان ضمن فرسان الهيكل؟ وكان يملك شعرًا ورديًّا وعيونًا رماديّة…’
…أوه؟!
ومع استرجاعي لمواصفات ملامح البطل الأصليّ، أدركتُ فجأة أنّ الرجل الذي عبر لتوّه كان يتمتّع بوسامة تُناسب تمامًا دور بطل الرواية.
**
‘يبدو أنّ الربيع سيحلّ على أختي قريبًا.’
أو ربّما أستبق الأحداث كثيرًا.
فأنا لا أملك حتّى دليلًا على أنّه حقًا دايلور، بطل الرواية الأصليّ.
ولا أعرف ما إن كان بينه وبين الأخت أيّ صلة.
كلّما فكّرتُ في الأمر أكثر، أيقنتُ أنّني تسرّعتُ قليلًا.
كووونغ-.
ضجّة ثقيلة قطعت سلسلة أفكاري. ما هذا؟ هل سقط أحد الإطارات المُعلّقة في الممرّ؟
“لم تزوريني منذ فترة، فبمَا كنتِ شاردة الذهن؟!”
ظهرت سموّ الأميرة كلوي غاضبة، تُلوّح بذراعيها في الهواء.
كان غضبها لطيفة جدًّا، لدرجة أنني رفعتُ ذراعيّ وقلّدتُها.
عندها، اختفت تعابير الغضب عن وجهها وضحكت ضحكة بريئة.
يبدو أنّ الأزمة قد مرّت بسلام.
“……مصيبة! سموّ الأميرة…!”
بدأت الضوضاء تعلو في الخارج.
لكن هذه المرّة، كان الصوت صوت رجل يصيح.
يبدو أنّه كان يبحث عن سموّ الأميرة.
وقفتُ من مكاني بعدما استأذنتُها، لأتفحّص ما يجري في الخارج.
بوووم-!
“……هاه… هاه، سموّ الأميرة!”
فُتح الباب فجأة بقوّة، واقتحمه فارسٌ يلهث بشدّة وهو يصرخ.
“يجب أن تهربوا فورًا! … الوحش قد-!”
لم يُكمل جملته، إذ هجم جسمٌ أسود وضربه بقوّة، فأطاح به إلى الممرّ.
ساد صمتٌ ثقيل للحظة.
دفعتُ سموّ الأميرة خلفي دون تفكير. كان ذلك السكون الهادئ ينذر بعاصفةٍ قادمة.
ثمّ خرج مخلبٌ عملاق من خلف الباب.
وظهر وجه الكائن الذي يملكه بعده مباشرة.
بدأ يلفّ رأسه ببطء نحونا كأنّه يحدّق في الداخل، فأثارت حركته الرعب في القلب.
“رو… روشي…”
تمسّكت سموّ الأميرة بردائي وهي ترتجف. حينها، التقت عيناي بعينيه.
كانت عيناه الطويلتان السوداوان تُشبهان تلك التي تملكها الحشرات. بشرته سوداء وقاسية، وأطرافه الرفيعة تُشبه أرجل النمل.
نعم، كان يشبه نملة عملاقة.
لكن نظراته كانت مثل وحشٍ ضارٍ.
تجمّدت ساقاي من الخوف، لكن عقلي بدأ يُفكّر بوضوح.
‘كيف وصل وحش إلى داخل القصر؟!’
من المفترض أنّ حراسة القصر تمنع هذا النوع من التسلّل.
فلماذا لم يُطلق أيّ إنذار أثناء اقتحامه؟
كيف لم ينتبه أحد من الموجودين داخل القصر إلى وجوده حتى اللحظة التي بدأ فيها بإثارة الفوضى؟!
“وحشٌ في القصر!!”
ما إن بدأت أتساءل، حتى سُمعت أصواتٌ مضطربة خارجًا.
يبدو أنّهم أخيرًا استوعبوا الموقف.
سمعت صوت طلقة إشارة تُطلق في الخارج.
لكن قبل أن يحصل شيء، فتح الوحش فمه وبدأ يزحف إلى الداخل.
كـييييك-.
كان يحاول التسلّل عبر الفتحة الضيّقة بالقوّة.
‘هل سننجو منه؟’
بدأ الشكّ ينهشني.
لكن ما أراحني قليلًا هو أنّ حركته كانت بطيئة جدًّا، ليس من أجل إرهابنا، بل لأنه كائنٌ بطيء بطبيعته.
لكن الجدار لم يصمد، وانهار أخيرًا تحت وزنه.
انكشفت الرؤية نحو الممرّ.
“احموا سموّ الأميرة!”
كان فرسانٌ يصعدون السلالم، فاندفعوا فورًا نحو الوحش.
“أسرعوا، اهربوا خارج القصر!”
بما أنّهم قالوا ذلك، يبدو أنّ الخارج أكثر أمانًا. أومأتُ برأسي، وأمسكتُ بيد سموّ الأميرة التي كانت متشبّثة بثوبي.
“هل يمكنكِ الركض؟”
فشدّت على يدي وهزّت رأسها سريعًا. وما إن فعلت، حتى بدأتُ بالجري.
في الممرّ المؤدّي إلى السلالم، كانت جثث الفرسان متناثرة.
“الجميع… سقطوا!”
“لا تقلقي… فقط انظري إلى الأمام وواصلي الركض!”
همستُ بها لسموّ الأميرة التي لاحظت الجثث، فلم أجرؤ على إخبارها أنّهم جميعًا فارقوا الحياة.
كااااااه-!
عند وصولنا إلى السلالم، ظهر وحشٌ آخر من الزاوية.
بخلاف الوحش السابق، كان يتحرّك بسرعة، وتشقّ الأرض تحت خطواته.
بدأتُ في النزول بسرعة، قبل أن يتمكّن من اللحاق بنا.
كييييك-!
زمجر الوحش خلفنا بصوتٍ عالٍ.
ثم تداخلت صرخات الفرسان مع هدير الوحوش.
لحسن الحظ، كانت سموّ الأميرة التي تبكي عادة في أوقات أقلّ بكثير، تمسك الآن بيدي وتصمد بقوّة.
كووونغ-.
أخيرًا، نزلنا إلى الطابق الأول، وسمعنا أصوات انهيارات تتوالى من الأعلى.
لحسن الحظ، رأيتُ الباب الخلفي ليس بعيدًا.
“أنا… متعبة… آسفة… تعبتُ كثيرًا…”
رغم هذا الوضع، كانت سموّ الأميرة تلوم نفسها.
رفعتُها بسرعة بين ذراعيّ.
في اللحظة ذاتها، انهار السقف خلفنا.
خطوتُ إلى الأمام سريعًا، فكادت أن تسقط الحجارة على رأسي، لكنّها لم تصبني إلا بخدش بسيط.
ارتجف عمودي الفقري من الرعب، وبدأ قلبي ينبض بعنف.
“آآه…”
احتضنتني سموّ الأميرة من عنقي.
“كلوي!”
من مسافة قريبة، سمعتُ صوت جلالة الملك. نظرتُ فرأيتُه مع اثنين من الفرسان.
لكن، في تلك اللحظة، ظهر وحشٌ عملاق يشبه الجرادة يزحف باتجاههم.
رفع الوحش مخالبه من خلف الملك.
“جلالتك، خلفك…!”
لكنّ أحد الفرسان أدرك الموقف قبل أن أُكمل صراخي، فقطع مخلب الوحش بسيفه.
كووونغ-.
“ابي!”
للمرّة الأولى،
نادت سموّ الأميرة والدها بصوتٍ مرتجف.
بلغ بها الخوف أقصى حدوده.
انطلقتُ بكلّ ما لديّ من قوّة باتجاههم.
كوونغ- كووونغ-.
لكنّ الأصوات التي كانت تتعالى من الأعلى بدت وكأنّها تسخر من جهودي.
وفي اللحظة التالية، شعرتُ بها…
‘لن أستطيع تفادي ذلك بهذا السرعة.’
ترجمة:لونا
واتباد:luna_58223
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 60"