حين وصل لايل إلى الأكاديمية في وقتٍ متأخّر من بعد الظهر، بعد أن غادر قصر الماركيزة منذ الصباح الباكر، كان بانتظاره وجه عابس لا يخطئه النظر… هاميل.
“أكنتَ تشتاق إلى الراحة لهذه الدرجة؟ بالكاد انقضت العطلة، ومع ذلك تغيّبت لأكثر من شهر كامل.”
هاميل تفحّصه بنظرة صارمة، ولايل ردّ برفع كتفيه في لامبالاة مصطنعة، محاولًا إظهار بعض الندم، لكن مزاجه لم يكن مهيّأ للتظاهر.
“أتعلم أنّ غيابك لأكثر من شهر يعني أنّك تجاوزت عدد الأيام المسموح بها في هذا الفصل الدراسي؟”
“نعم.”
“انسَى هذا الفصل. سيتوجّب عليك تمديد دراستك فصلًا إضافيًّا.”
كان الأمر متوقّعًا.
في الحقيقة، لم يأتِي لايل إلا ليُناقش أمر التوقّف المؤقّت عن الدراسة، وقد توقّع هاميل هذا مسبقًا، لذا لم يُعاتبه بشدّة.
“مفهوم.”
أومأ لايل رأسه بأدب، ثمّ غادر غرفة الإدارة. وما إن خرج، حتى وقعت عيناه على ميليسا، الواقفة بجوار الباب.
بادرت بإلقاء التحية، لكن نبرتها كانت شديدة البرودة، كما لو أنّها تُجبر نفسها على الكلام.
“مرحبًا.”
أجابها لايل بابتسامةٍ تلقائيّة:
“مرحبًا.”
نبرته الدافئة المعتادة كانت كفيلة بإخفاء الحدود التي وضعها في حديثه، لولا أنّ ميليسا كانت تملك من الحدس ما يكفي لتُدرك أنه لا ينوي الخوض في أيّ نقاش مطوّل.
ورغم ذلك، بادرت مباشرةً بطرح ما يشغل بالها:
“أردت فقط أن أسأل عن لوسي… لقد كنت قلقة عليها.”
جمود فمها والصلابة في ملامحها أوضحا صدق قلقها.
“آه، لقد تحسّنت حالتها كثيرًا الآن.”
أجاب لايل بإيجاز. لم يُضِف شيئًا، ولم يتوسّع، كما لو أنّه يُجيب بما يكفي فقط لسدّ الحاجة.
وكان من الصعب ملاحظة أنه يتحاشى الخوض في التفاصيل، لأن صوته ظلّ رقيقًا كالعادة.
لكن ميليسا التقطت تلك الإشارة الخفيّة بسرعة، ومع ذلك تجاهلتها، وطرحت سؤالًا آخر:
“طالما أنها بخير الآن… هل تمانع إن ذهبتُ لزيارتها؟”
أنباء وفاة الماركيزة كانت قد انتشرت بالفعل في الأكاديمية.
كما أنّ تقديم لوسي لطلب إجازة دراسيّة مباشرةً بعد ذلك، أعطى للجميع فكرة عن نيّتها عدم العودة.
وهكذا، إن أرادت ميليسا لقاءها، فسيكون عليها التوجّه إلى قصر الماركيزة بنفسها.
لكن ميليسا لم تكن تملك خبرة في التعامل مع النبلاء، لذا أرادت استئذان لايل أولًا بدافع الاحترام.
“أظنّ أن الوقت غير مناسب الآن. لوسي بدأت تتدرّب على إدارة شؤون العائلة، وستكون مشغولة لفترة.”
ابتسم لايل ابتسامة خفيفة، وكأنّه يُعلن نهاية الحديث.
“هل سيكون الانتظار لثلاثة أشهر كافياً؟”
سؤالها جاء ببراءة، لكن الكثيرين ممّن لا يعرفون شيئًا عن الطبقة الأرستقراطيّة قد يسخرون منها.
إلا أن لايل، شأنه شأن ميليسا، كان يعرف تمامًا مدى الجهد الذي بذلته لوسي منذ بداية العام الدراسي، وكم تحسّنت نتائجها.
ولهذا، لم يرَى أيٌّ منهما أن مهلة الثلاثة أشهر قصيرة.
“هل يمكنكِ… أن تُعرّفيني على من درّسكِ لأجل الخلافة؟ أنا أحاول حفظ كل النظريات، لكن التطبيق أصعب… أحتاج من يشرح لي عمليًا.”
نظرت إلى جبال الكتب من حولها، وكأنّها تريد التأكيد على جديّتها.
حدّقت بها ديوليتا بدهشة:
“لقد… حفظتِ كل هذا؟”
“نعم! لذا لا تقلقي… لن أُحرجكِ أمام أستاذكِ!”
تألّقت عيناها وهي تضمّ يديها في حماس. بدا على ديوليتا التردّد.
لكن قبل أن تتمكّن لوسي من الاستفهام، قالت ديوليتا:
“لم أفكّر بذلك، لكن… حسنًا، سأسأل من درّسني.”
“حقًا؟”
“طبعًا. لقد طلبتِي مني أن أساعدكِ، وهذا أقلّ ما أفعله. بل أشعر بالإحراج لأنه طلب بسيط!”
قالت ذلك وهي تضع يدها على خدّها برقّة، ومالت برأسها قليلًا. شعرها الأسود انساب كالحرير.
أومأت لوسي مرارًا، ثمّ بدأت تتسلّق فوق الكتب بحماسة.
‘سأعانقها فورًا.’
لكن قبل أن تُنفّذ نيتها، انفتح الباب، وظهرت سارة.
“أوه! آنسة ديوليتا، أنتما… تتحدّثان هكذا لأنّه لا يوجد موطئ قدم في المكتب؟”
شحب وجه سارة من هول المنظر.
“لِمَ لم تنادياني؟! كان يمكنكما الخروج إلى الغرفة المجاورة
على الأقل…”
“…آه.”
‘كان ذلك ممكنًا، فعلاً…’
أطلقت كل من لوسي وشقيقتها تنهيدة في آنٍ واحد.
ابتسمت لوسي في حرج، وسارت خارج المكتب بخطى واثقة.
“كنا سنفعل ذلك الآن تمامًا!”
لكن من نظرات سارة، بدا واضحًا أنها لم تصدّق كلمة واحدة.
ترجمة:لونا
واتباد:luna_58223
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 53"