كنتُ أعتقد أن الاستمرار في الحديث عن الامتحانات لن يفيدني بشيء.
“لا، لن أعود إلى البيت طوال فترة دراستي في الأكاديمية.”
“حقًا…؟”
“وأنتِ؟”
“همم، أنوي البقاء هنا قليلًا قبل العودة إلى المنزل.”
فكّرتُ في العودة فورًا، لكنني سمعتُ أن الطلاب الذين يدرسون مادة فنون السيف يجب أن يخضعوا لتدريباتٍ إضافية خلال كل عطلة.
بمعنى آخر، لايل، بصفته طالبًا في فنون السيف، سيبقى في الأكاديمية طوال العطلة هذا العام أيضًا، كما حدث العام الماضي.
‘إن تركتُ لايل وحدَه، ألن يشعر بالملل عندما لا يكون لديه تدريبات؟’
لذلك، قرّرتُ البقاء بجانب لايل لفترةٍ قبل زيارة جدتي.
كتبتُ مسبقًا إلى جدتي بشأن هذا الأمر، ويبدو أنها كانت قلقةً على لايل أيضًا، إذ وافقت وأضافت أنها تطلب مني الاعتناء به جيدًا.
بالنسبة إلى جدتي، لايل مثل حفيدها تمامًا، لذا كان ردّها متوقّعًا.
بما أن الأمور سارت على هذا النحو، بدا من الجيد أن أتجوّل مع لايل في أماكن مختلفة خلال أوقات فراغه من التدريبات في العطلة.
“انت، لماذا تتبعنا من فترة؟”
بينما كنتُ أفكّر في الأماكن التي يمكن زيارتها، انطلق صوت ميليسا الحاد فجأة.
لم تكن تخاطبني، بل يبدو أن شخصًا ما كان يتبعنا من الخلف.
“أ، لا… أنا فقط…”
التفتُّ لأرى فتىً ذو شعرٍ بنيٍّ مشدودٍ إلى الخلف بشكلٍ أنيق، يقف متقلّصًا وهو يتلعثم محاولًا الدفاع عن نفسه.
في الواقع، كان يكرّر كلمة “لا” فقط.
‘يبدو أنه من دفعتنا.’
شعرتُ أنني رأيته من قبل، لكنني لم أكن متأكدة.
للأسف، لم أحفظ بعدُ وجوه وأسماء جميع زملائي في الدفعة.
املتُ برأسي متسائلةً وأنا أنظر إليه، فـجأة…
“لا، لا شيء!”
صاح الفتى الذي التقى بعينيّ وكأنه رأى شيئًا مرعبًا، ثم فرّ هاربًا على الفور.
“ما به ؟”
“لا أدري…؟”
‘لماذا تبعنا ثم فرّ عندما رآني؟’
*** كان اسم الطالب الذي تبع لوسي وميليسا، أو بالأحرى لوسي، هو فابون.
كان الابن الثالث لعائلة الكونت ميرين.
بسبب طباعه الخجولة، كان وجوده باهتًا رغم مظهره الجذاب.
“آه… بالتأكيد انها تعتقد أنني شخصٌ غريب…!”
جلس فابون متكوّرًا في فناءٍ خلفيٍّ مهجور، يدفن وجهه بين يديه وهو ينشج.
بدأ فابون ينتبه إلى لوسي منذ حوالي ثلاثة أشهر.
في ذلك اليوم، كانت الأمطار تهطل بغزارة، وكان فابون، لسوء حظه، قد تأخّر في المغادرة بعد أن احتجزه أحد الأساتذة للمساعدة في بعض المهام.
كان يلوم نفسه داخليًا لأنه لم يحضر مظلةً صباحًا وهو ينظر إلى المطر الغزير.
سرعان ما لمح عدة طلابٍ يسيرون تحت المطر.
كان من بينهم طلابٌ يدرسون فنون السيف، وهم يختلفون عن الطلاب العاديين.
وفقًا لتعليمات المدربين، كان عليهم السير تحت المطر إن هطل، أو تحت الثلج إن تساقط، كجزءٍ من تدريباتهم العملية لتحضيرهم للأنشطة الخارجية عندما يصبحون فرسانًا.
نظر فابون إلى هؤلاء الطلاب وتخيّل أنه سيصبح مثلهم قريبًا.
بوجهٍ كئيبٍ وكتفين متدليين، كان على وشك اتخاذ خطوةٍ للأمام عندما مرّت فتاةٌ بجانبه تفتح مظلتها على عجل.
أدرك فابون على الفور أنها لوسي، من دفعته.
بما أنه كان يراقب الناس بعادة منه ، فقد حفظ وجوه جميع طلاب السنة الأولى بالفعل.
في تلك اللحظة، لم يكن يفكّر سوى أنه يحسدها على مظلتها.
حتى أمسكت بذراع شابٍ مبلل بالمطر.
حدّق فابون في الاثنين، وسرعان ما عرف هوية الشاب.
كانا مشهورين جدًا، وكان قد سمع بالصدفة سيسيل، التي تشاركه المحاضرة الصباحية، تتحدّث عنهما من المقعد الخلفي.
“يقولون إنهما مجرد أصدقاء.”
عندما قالت سيسيل ذلك، هزّت صديقتها رأسها رافضةً تصديق ذلك.
لكن سيسيل بدت مقتنعة، وفابون، مثل صديقتها، لم يصدّق ذلك أيضًا.
لكن، إن كانا حقًا مجرد أصدقاء…
‘إذا كانت تركض هكذا، حتى تتسخ أطراف تنورتها بالطين، لتشارك مظلتها مع “مجرد” صديق، فكم من الحب ستعطيه لمن تحب؟
‘فجأة، مرّت هذه الفكرة بذهن فابون.تحوّلت الفكرة إلى رغبةٍ صغيرة.
تمنّى لو أن لوسي و لايل كانا حقًا “مجرد” أصدقاء، كما قالت سيسيل.
*** منذ ذلك الحين، بدأ فابون يراقب لوسي خلسةً.
كلما طُرحت أسئلة حول علاقتها بـ لايل، كانت تجيب دائمًا بأنهما “أصدقاء”.
في كل مرة، كان فابون يشعر بالراحة سرًا لردها.
في لحظةٍ ما، أدرك أنه يحبها.
لم يكن حبًا من النظرة الأولى.
كان يعرف لوسي حتى قبل أن يراهما معًا في تلك الليلة الممطرة.
لكن إن سُئل عما إذا كان ذلك اليوم هو السبب، فسيومئ فابون.
بصراحة كانت تلك المرة الأولى التي فكّر فيها أنه يريد أن يُحَب من شخصٍ مثلها.
لحظة إدراكه لمشاعره تجاه لوسي، شعر فابون بالامتنان لكونه الابن الثالث لعائلة الكونت ميرين.
قد تكون فكرةً متسرّعة، لكن إن تزوّج لوسي، التي سترث لقب الماركيز، فسيكون عليه أن يصبح زوجًا مدخلًا إلى عائلتها.
ذات مرة، قال هذا لصديقٍ فتلقّى توبيخًا بأنه مقزز.
فكّر أنه بدلًا من التفكير بأفكارٍ تبدو مقززةً للآخرين، يفضّل أن يعترف للوسي بمشاعره في أقرب وقت.
إن رُفض، فليكن؛ وإن قُبل، فليكن.
أراد أن يضع حدًا لمشاعره.
لكن الظروف لم تكن مواتية. كانت لوسي دائمًا برفقة ميليسا أو لايل، إلا عندما تذهب إلى المكتبة.
حتى عندما وجدها في المكتبة وحاول التحدّث إليها، كانت تتحدّث مع السينباي من السنة الثالثة في لجنة المكتبة، فكان عليه التخلي عن الفكرة.
هل كان حظه سيئًا، أم أن لوسي دائمًا محاطة بالناس؟
مهما كان السبب، لم يتمكّن فابون من التحدّث إليها ولو بكلمةٍ واحدة، رغم أن العطلة باتت على بعد ثلاثة أيامٍ فقط.
“غدًا… غدًا بالتأكيد…”
غمغم فابون وهو مدفونٌ رأسه بين ركبتيه ينشج، مشدودًا قبضتيه بعزمٍ قوي.
غدًا، مهما كان من بجانبها، سيعترف لها حتماً.
*** بعد انتهاء التدريب الصباحي، بدأ الطلاب يتفرّقون للاستحمام.
في العادة، كان لايل سيختلط معهم ليعود إلى السكن، يستحم، ثم يحضر محاضرات بعد الظهر.
لكن لم يحدث ذلك لأن المدرب هاميل كان يريد التحدث له.
“سأوضح مسبقًا، هذا ليس إجبارًا، بل مجرد اقتراح. إن لم ترغب، يمكنك رفضه.”
قبل أن يدخل في صلب الموضوع، تحدّث هاميل بجدية.
رغم محاولته تخفيف الضغط، كانت تعابيره الجادة تزيد من التوتر.
“حسنًا.”
أجاب لايل وهو يكبت رغبته في الاستحمام.
“ما رأيك في الإلتحاق بمهمة تطهير خلال العطلة؟”
“مهمة تطهير؟”
“بعبارةٍ لطيفة، هي تدريبٌ عملي. وبعبارةٍ سيئة… لا أجد كلمةً مناسبة. فقط، قد تكون خطرةً على حياتك.”
خدش هاميل مؤخرة رأسه.
من تصرفاته، كان واضحًا أنه يعارض مشاركة لايل.
مع ذلك، اقترح هاميا هذا على لايل لأن جميع المدربين الآخرين أيّدوه بالإجماع.
‘هم من وافقوا، فلماذا أنا من ينقل الاقتراح؟’
تذمّر هاميل داخليًا.في الماضي، خلال الحروب بين البشر أو عندما كانت الوحوش تكثر، كان الطلاب الصغار يُجندون أحيانًا للحرب.
لكن ذلك كان يحدث في ظروفٍ استثنائية فقط، وأصبح الآن تقليدًا باليًا يُعتبر عادةً سيئة.
ومع ذلك، عاد هذا التقليد إلى الأكاديمية بعد الحرب مع ملك الشياطين.
ادّعى الفرسان الذين شاركوا في تلك الحرب أنه يجب إعداد فرسانٍ أقوياء مثل الدوق مارسين تحسبًا لكارثةٍ مماثلة.
وأكّدوا أن الخبرة العملية ضرورية لذلك.
لكن سلامة الطلاب الصغار كانت مهمةً أيضًا، لذا كان يتم اختيار الطلاب القادرين على البقاء في المعارك بعناية.
ومع ذلك، ألقى جميع المدربين، باستثناء هاميل، بتأييدهم لـ لايل.
اعترف المدربون بموهبة لايل ، كما انهم وضعوا آمالًا كبيرة أيضًا في كونه ابن الدوق مارسين، بطل الحرب.
“بالطبع، ستُضاف لك سيرة مميزة إلى سجلك الأكاديمي، وستحصل على نقاطٍ إضافية في درجاتك. لكن بالمقارنة مع المخاطرة بحياتك، هذا تعويضٌ ضئيل. يمكنك رفضه الآن، فهل تنتظر لحظة؟”
سأل هاميل وهو يأمل أن يرفض لايل على الفور.
بوجهٍ يناقض اقتراحه، نظر لايل إلى السماء و هو يفكر..
‘على أي حال، ستعود لوسي إلى مقر الماركيز سوينيت خلال العطلة.’
بالنسبة إلى لايل، لم يكن هناك فرقٌ بين البقاء هنا للتدريب أو الخروج إلى الجدران الخارجية للإمبراطورية.
“متى يجب أن أخبركم بقراري؟”
على عكس هاميل، كان صوته هادئًا. مع هذا الجو الإيجابي الغريب، عبس هاميل بشدة.
ترجمة:لونا
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 39"