أُوين، الذي بقي وحيدًا في المكان الذي غادرته آرينيل، طأطأ رأسه بشدّة وهو يشعر بوطأة من الشكّ العميق.
حين فكّر بالأمر مليًّا، أدرك أنّه كان دائمًا يصغر في حضرة آرينيل.
ففي أعماقه، كان يظنّ نفسه أقلّ منها في نواحٍ كثيرة.
بينما آرينيل، وعلى عكسه تمامًا، لم تفكّر بهذه المقارنة يومًا.
“آرينيل، آرينيل!”
منذ أن طلب أوين يدها للزواج، بدأت آرينيل تتجنّبه عن قصد.
فبعد أن امتنعت عن الذهاب في مهمّات التّطهير خوفًا من مواجهة دوق مارسِن، ها هي الآن تُجبر على تجنّب أُوين أيضًا.
“فقط اسمعيني قليلًا!”
المعصم الذي أمسك به أوين بحماسةٍ كان هزيلًا لدرجةٍ تدعو للشفقة، حتى إنّ أوين عبس لا إراديًّا من شدّة الهزال.
“… لا شيء لأقوله لك.”
شدّت آرينيل على ذراعها وكأنّها تطلب منه أن يُطلق سراحها، لكن أوين لم يتركها.
بل ضيّق قبضته أكثر خشية أن تفلت من بين أصابعه بسهولة.
“أريد أن أُزيل سوء الفهم… آرينيل، لسنا غرباء كي لا نلتقي أبدًا مجددًا…”
بدت هذه الكلمات متناقضة مع شخصية أوين الذي لم يجرؤ حتى على الاعتراف بحبّه سابقًا خوفًا من أن تتعقّد علاقتهما.
لكنه لم يجد وسيلة أخرى ليتمسّك بها بها.
وكما توقّع، توقّفت آرينيل عن مقاومتها الضعيفة.
“… وما الذي تودّ قوله؟”
هي أيضًا لم ترغب في قطع رابطة امتدّت منذ الطفولة.
وهذه الفرصة أُتيحت لأنّ مشاعرها تجاه دييغو وأوين كانت مختلفة تمامًا.
“لم أُحسن التعبير. لم أطلبكِ للزواج بدافع الشفقة أو العطف.”
“…”
“أنا أحبّك بصدق. أحببتكِ و منذ زمن يسبق حتى لقائك بدوق مارسِين.”
نبرة صوته المليئة بالتوسّل كانت دليلاً على صدقه، حتى إنّ جسد آرينيل ارتخى كليًّا.
لم تتوقّع قط أن أعزّ أصدقائها يحمل لها مشاعر كهذه، فبقيت مذهولة، غير قادرة على التفاعل.
نظر إليها أوين بحزنٍ عميق، وكأنّه توقّع هذه الصدمة مسبقًا.
“لقد أفصحتُ لك الآن عمّا في قلبي.
فإن لم يكن ردُّك الرفضَ في الحال…فأرجوك امنح الأمر شيئًا من التروّي والتفكير الجاد…”
أخيرًا، أرخى أوين قبضته عن معصمها، فتدلّى ذراعها بحرّيّة.
وكما هو متوقّع، لم تشعر آرينيل بأيّ خفقةٍ في قلبها بعد اعترافه، ونبضها بقي كما هو.
***
بعد أسبوع، أعطت آرينيل ردّها على اعتراف أوين.
آنذاك، رفضته.
فقد شعرت أنّ الارتباط به بعد انفصالها عن دييغو، وهي في حالة هشّة، سيكون استغلالًا له.
لكن أوين لم يستسلم.
بل استمرّ في الاقتراب منها دون انقطاع، ولم تؤتِي محاولاته ثمارها إلّا بعد عامٍ كامل.
“لم أكن أعلم أنك تحبّني. والغريب الآن أنّ مشاعرك لم تكن واضحة لي أصلًا.”
تمتمت آرينيل بدهشةٍ وهي تسير تحت شجرة الجنكة، وأوراقها الصفراء تتساقط كالمطر.{ تونغ تونغ 💘
وقت الشروحات 💓
شجرة الجنكة بيلوبا هي شجرة معمّرة موطنها الصين، تتميز بأوراق مروحية تتحول للون ذهبي في الخريف، وتُعرف بقدرتها على الصمود وفوائدها في تحسين الذاكرة والدورة الدموية.]
أما أوين، فاكتفى بالابتسام بصمت.
فهو لم يرغب بأن يقول إنّ السبب هو أنّها لم تكن توليه اهتمامًا أصلاً.
بالرغم من أنّ علاقتهما بدأت كصداقة ثم تحوّلت إلى حبّ، فإنّهما لم يتشاجرا، وكانت علاقتهما هادئة جدًّا.
وتزوّجا بعد ستة أشهر دون أيّ تعقيدات.
لم يُقيما حفل زفاف لقلّة الإمكانيّات.
أبلغوا فقط الراهبة التي اعتنت بهما.
ولأنّهما بلا أهل، لم يكن هناك أحدٌ لدعوته، فاعتبرا أنّ هذا كافٍ.
وفي تلك السنة، وُلدت ديوليتا.
***
“تريدين الخروج في مهمّة من جديد؟”
كان منزلهما الجديد في قرية بعيدة عن المكان الذي عاشا فيه سابقًا، فقد تعمّدا الابتعاد عن العاصمة.
هذا كان رغبة آرينيل.
ولم يكن البيت واسعًا.
فأوين كان قد حصل لتوّه على شهادة الطهي، وآرينيل أنفقت جلّ مالها الذي جمعته من المهمّات في التبرّعات والعمل التطوّعي.
ومع ذلك، لم يشعر أيّ منهما بالضيق، ربما لأنّهما لم ينعما بحياةٍ مرفّهة يومًا.
غير أنّ آرينيل كانت أكثر واقعيّة من أجل المستقبل.
“نعم، حين ننجب طفلاً، سنحتاج مالًا كثيرًا. علينا البدء في التوفير من الآن.”
قالت ذلك وهي تدهن المربّى على خبزٍ محمّص.
ثمّ بدأت تسرد خططها بالتفصيل حول تربية الأطفال.
تأمل أن يكون البكر فتاة، وإن كان ممكنًا، أن تنجب صبيًّا بعدها.
وتُريد أن يكون الابن مطيعًا لأخته الكبرى.
كانت آرينيل في قمة السعادة حين تتحدّث عن الأطفال، وكانت عيناها الزرقاوان تتلألآن أكثر من أيّ وقتٍ آخر.
وطبعًا، أوين كان يحبّ رؤيتها على هذه الحال، حيث ينعكس في عينيها صفاء السماء.
“لكن… إن خرجتِ في المهمّة، فقد تلتقين…”
بدوق مارسِين.
قبل الزواج، كانت آرينيل تتجنّبه عمدًا، ولذلك لم يتقاطع طريقها معه كثيرًا.
في الحقيقة، توقّفها عن الخروج في المهمّات كان بسببه أساسًا.
لكن آرينيل كانت تعلم أنّها لا تستطيع الاستمرار بهذه الطريقة إلى الأبد.
فهم بحاجةٍ للمال لتربية الطفل.
ولم تكن لتسمح لطفلها بأن يعيش في فقرٍ كما عاشا هما.
“أنا بخير الآن. في الحقيقة، منذ أن بدأتُ علاقتي بك، أصبحتُ بخير.”
على الأقل، من ناحيتها.
فهي لم تلتقي أوين قبل أن تطوي صفحة دييغو تمامًا، واعتبرت ذلك أقلّ ما يجب احترامه نحوه.
لكن رغم ذلك، ظلّت تتجنّب لقاء دوق مارسِن.
ليس لأنّها تكنّ له مشاعر بعد، بل لأنّ المشكلة لم تكن فيها، بل فيه هو.
“يا زوجي، أنت تعلم أنّ من أحبّه الآن هو أنت.”
قالت آرينيل بدلال وهي تبتسم بعينيها.
ومنذ الزواج، بدأت تناديه بـ”زوجي”.
وربّما كانت تفعل ذلك لتثبيت العلاقة الجديدة بعد صداقةٍ دامت طويلًا.
في المرّة الأولى التي سمع فيها الكلمة، احمرّ وجه أوين من شدّة الفرح.
وكما هي عادته، خضع أخيرًا لدلالها، ووافق على خروجها للعمل.
لكن، بعيدًا عن ذلك، كانت مشاعر القلق تجاه دييغو مارسن تنمو مجدّدًا في داخله.
***
وقد تحقّق ما خاف منه.
“كنا في المهمّة ذاتها، ولم يكن بيدي شيء.”
لسببٍ ما، صار دوق مارسِين يظهر في معظم المهمّات التي تُكلّف بها آرينيل.
وحين التقت به بعد وقتٍ طويل، تردّدت في إخبار أوين بذلك أم لا.
لكنها قرّرت أن تقول له الحقيقة.
قالت له إنّها أوكلت إلى مهمّة واحدة معه، وأنّ الأمر محض مصادفة.
في البداية، شكرها أوين على صدقها.
لكن شعوره بالامتنان لم يدم طويلًا.
فقد بدأت اللقاءات تتكرّر.
“… آرينيل. سأعمل وأكسب المال بدلًا عنك. سأجتهد حتى لا تحتاجي للعمل…”
رغم أنّها أكّدت له أنّ لا شيء يحدث، فإنّ قلقه تزايد. حتى وصل به الأمر إلى أن لا يثق بكلامها.
وحين غابت شهرًا عن البيت في إحدى المهمّات، بلغ توتّره ذروته.
“ألّا يمكنكِ فقط البقاء في المنزل؟”
“…”
كانت آرينيل تتفهّم ما يقلقه.
لكنّها لم ترى أنّ إبقاءها في المنزل أمرٌ عادل.
وأخيرًا، قرّرت أن تحكي له ما حدث قبل زواجها، حين انفصلت عن دوق مارسِين.
“الجميع يظنّ أنّه هو من أنهى العلاقة، لكن الحقيقة غير ذلك. حتى أنتَ كنت تظنّ ذلك، أليس كذلك؟”
“ماذا؟”
“عندما علمتُ أنّه سيتزوّج، أنا من طلبت الانفصال.”
“…”
“لقد عرض عليّ أن أكون عشيقته. أتظنّني مجنونة لأقبل بذلك؟ لهذا السبب تركته.”
فلا داعي للقلق. لا أكنّ له شيئًا بعد الآن.
ثم بدأت تفرك ذراعيها بشدّة وكأنّها تشعر بالاشمئزاز.
وكما رغبت، شعر أوين بالارتياح فورًا.
ارتاح لأنّها لم تُرفض، ولم تُجبر على الفراق. وبالتالي لا مشاعر باقية لديها.
وبعد مدّة وجيزة، أعلنت آرينيل عن حملها، فاختفى كلّ قلقٍ كان يراوده.
وليس فقط لأنّ الحبّ أثمر بينهما.
بل لأنّها، أثناء الحمل، لن تخرج للعمل، وبالتالي لن تلتقي بدوق مارسِين. هكذا فكّر بأنانيّة مفرطة.
لكن تلك السكينة لم تدم، فقد تحطّمت حين زار دوق مارسِين المكان.
“سمعتُ أنّ آرينيل حامل.”
“… كيف عرفتَ بمكان عملي…”
جلس دييغو على أحد الكراسي في المطعم الصغير الذي يعمل فيه أوين، متبخترًا.
وقد جلس وهو يضع ساقًا فوق الأخرى، ليُعيد إلى أوين شعور الهزيمة الذي تذوّقه قديمًا.
“لن أضيّع وقتي، لذا سأدخل في صلب الموضوع.”
كان يبدو عليه الضجر وكأنّ الحديث مع أوين عبء ثقيل.
“أتظنّ فعلًا أنّ الطفل الذي تحمله آرينيل هو ابنك؟”
“… ماذا…؟”
توسّعت عينا أوين وكأنّه تلقّى صفعة لم يتوقّعها.
فألقى دييغو ورقة على الطاولة أمامه.
فوقعت عينا أ
وين عليها تلقائيًّا.
“قالت لي آرينيل هذه الكلمات وهي تُسلّمني هذه الورقة.”
“…”
كانت الورقة تقريرًا طبّيًا يُثبت حمل آرينيل. التقرير ذاته الذي يملكه أوين.
“قالت إنّها تحمل طفلي.”
الكلمات التي تلتها كانت كفيلة بإسقاط أوين في قاع الهاوية.
ترجمة:لونا
https://t.me/+qYEu3UlKRFJjMjk0
رابط قناتي بالتيلي
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 106"