عندما استقبلت عائلة سويينت رجلاً من عامّة الناس كزوج ابنتهم، ظلّت قصّة لقائهما تُتَداول بين الناس طيلة وقتٍ طويل.
وكذلك كان حال خبر انفصال أرينيل و
دييغو.
فقد افترق الاثنان في وقتٍ قصير بعد وفاة والد دييغو وتولّيه منصب الدوق.
“المعجزات لا تتكرّر مرّتين، أليس كذلك؟”
“لا بدّ أن يعرف المرء مكانته.”
“إن كانت ابنة عائلة الماركيزة قد تزوّجت من عامّي، فهل تظنّ أنّ عائلة دوق ستفعل الشيء نفسه؟”
“وخاصّة دوقًا مثل الدوق دييغو.”
على خلاف ما جرى عندما علم أوين بعلاقتهما، هذه المرّة علم بانفصالهما من أفواه الآخرين.
في البداية، لم يُصدّق. ظنّ أنّها مجرّد إشاعات فارغة من ألسنة تُحبّ القيل والقال.
وبما أنّ أرينيل لم تخبره بنفسها، فقد حاول ألّا يتعلّق بأملٍ زائف.
لكنّه لم يستوعب الحقيقة إلا بعد إعلان زواج دييغو من ديلفينا.
لقد سنحت الفرصة.
وربّما بسبب المشاعر التي ظلّ يكبتها طيلة تلك السنين، لم يفكّر أوين حينها في ما إن كانت أرينيل قد تأذّت، بل كلّ ما فكّر فيه هو أنّ الفرصة قد أتت إليه أخيرًا.
فانطلق مباشرة ليبحث عنها. ولم يكن من الصعب إيجاد مكانها، فقد كانت تقيم في المعبد.
لكنّها لم تكن تقضي فيه وقتًا طويلًا، نظرًا لانشغالها الدائم بمهام الصيد والأعمال التطوّعية.
توقّع أوين أن تكون زيارته عبثًا، ومع ذلك مضى إلى المعبد.
لكن على عكس ما توقّعه، كانت أرينيل لا تزال هناك.
كانت تحادث أطفال الميتم، وقد بدا وجهها أنحف ممّا كان عليه آخر مرة رآها فيها.
ومن خلال ظلّ الحزن الذي خيّم على ملامحها، وسرَحانها بين الحين والآخر، أدرك أوين مدى الألم الذي تعيشه.
ومع ذلك، كانت تُظهر تماسكًا خارجيًّا وكأنّ شيئًا لم يحدث.
لكنّ أوين الذي يعرفها منذ زمنٍ طويل، كان يرى الحقيقة جليّة في عينيها.
“أرينيل.”
ارتجفت نبرة صوته وهو يناديها. فقد أتى إليها بحماسة، لكنّه لم يكن يعرف ما الذي يجب أن يقوله حين يراها.
“آه، أوين…”
نظرت إليه عند سماع صوته المألوف. لكن ملامح وجهها لم تُظهر فرحًا، بل بعض الارتباك.
“هل يمكننا التحدّث قليلًا؟”
أومأت برأسها دون أن تسأل عن السبب، فقد كانت تتوقّع ما سيقوله.
“أطفال، هل يمكنكم اللعب لوحدكم قليلًا؟ جاء صديقي لزيارتي.”
ربّتت على رأس أحد الأطفال بلطف، ثم لحقت بـ”أوين”.
لم يتكلّم أوين حتى وصلا إلى الحديقة الخلفيّة للمعبد، وهي منطقة نادرًا ما يقصدها الناس.
“لقد… انفصلتما، صحيح؟”
تفاجأ بنفسه حين نطق بالسؤال مباشرة. لقد شعر بعدم لياقته وهو يسمع كلماته تخرج بتلك الطريقة.
“نعم.”
أجابت ببساطة، وعلى شفتيها ابتسامة مريرة، بينما تسترجع في ذهنها لحظة الانفصال.
“عرفتُ بذلك من أناس لا أعرفهم حتى.”
“…”
“كنتِ تقولين إنّنا كعائلة. فكيف…؟”
أراد أن يُظهر لها كم كان مجروحًا، لكنّه توقف. فمشاعره الآن كانت أعمق من مجرّد شعور بالخذلان.
وكان يدرك جيدًا، أنّه لم يأتِس ليواسيها. بل لأنّ قلبه أراد تلك الفرصة.
“ولهذا كان من الصعب إخبارك.”
جلست على مقعدٍ خشبي، وقالت بصوتٍ واهن، وعينيها على الأرض:
“كنتُ أريد أن أخبرك بأخبارٍ سارّة فقط.”
“…”
“فإن تألّمت، فلا بأس أن يكون ذلك وحدي.”
كان في كلماتها تلميح إلى رغبتها في إبعاده عن ألمها، ممّا دفع أوين إلى العبوس.
“ثم إنّك قد حذّرتني من قبل.”
حذّرها؟ لم يفهم ما تعني، فتوقّف منتظرًا أن تشرح.
“قلت إنّه لا يمكن لرجلٍ نبيلٍ أن يكون صادقًا مع عامّيّة مثلي.”
“آه…”
كانت تتذكّر تلك الكلمات التي نسيها هو تمامًا، كأنّها وُشِمت في قلبها.
“وقد كنتَ محقًّا.”
“لا، أرينيل، لم أقصد…”
“كان عليّ أن أستمع لك منذ البداية…”
هطلت دموعها على الرمال البيضاء، فلطّختها بلونٍ داكن. وفي لحظة، احتضنها أوين بلهفة.
شعر كأنّه هو من جرحها، وانتابه ندمٌ عارم.
“ولهذا، لم أستطيع أن أخبرك. تجاهلتُك حينها، فكيف أعود الآن لأعترف بأنّك كنت على حقّ؟ هذا تصرّف لا يليق بي.”
رغم بكائها، ظلّت تتحدّث بوضوح. بينما أوين هو من ارتبك ولم يعرف كيف يرد.
“لا، لا أظنّ أنّه تصرّف لا يليق بك. ثمّ… الأسرة الحقيقية، تتشارك الفرح والحزن معًا.”
استحضر أوين صورة العائلة المثالية، وقال ذلك بصوتٍ واثق.
عندها فقط، رفعت أرينيل رأسها عن الأرض، ونظرت إليه.
“…شكرًا.”
ابتسمت برقة، كأنّ كلماته كانت كلّ ما تحتاجه.
تنفّس أوين الصعداء، ثم جلس إلى جانبها.
وبقيا هكذا، ينظران إلى السماء في صمت.
“هاه… يبدو أنّ فكرة الزواج صارت من الماضي.”
تمتمت بصوتٍ ساخر، وقد بدا أنّ البكاء هدّأ من ألمها قليلًا.
“زواج…”
ردّد أوين كلمتها في نفسه.
كانت تمزح، لكنّها كانت محقّة. من سيكون على استعدادٍ للزواج بامرأةٍ عامّيّة كانت على علاقةٍ مع دوق؟
وحتى إن وُجد أحد، فغالبًا لن يكون بدافعٍ نقيّ.
تساءل فجأة إن كانت أرينيل تظنّ حقًّا أنّها كانت ستتزوّج بـدييغو في يومٍ ما.
هل حقًّا كانت تؤمن بذلك حين أحبّته؟
“على كلّ حال، شكرًا. أتيت إلى هنا لأنّك قلقت عليّ، أليس كذلك؟”
مالت بجسدها قليلًا وهي تشكره.
ولم يخطر ببالها أبدًا، أنّ لصديقها نوايا مختلفة.
فقد جاء بدافع الأمل، لا الشفقة.
ولمّا رأى كيف أساءت تفسير زيارته، تذكّر أوين الحقيقة المرّة:
أنّه كان في نظرها مجرّد صديق، وسيبقى كذلك.
‘لقد حان دوري أخيرًا…’
لم يكن يريد أن يفرّط في تلك الفرصة مرّةً أخرى.
قد تظنّ أرينيل أنّها لن تجد من يقبل بها بعد الآن، لكن أوين كان يرى العكس تمامًا.
من يعرفها عن قرب، لا بدّ أن يقع في حبّها، حتى إن كانت تحمل ماضيًا مع دوق.
وإن كان لا بدّ من شخصٍ آخر في حياتها، فلن يسمح أن يندم مجددًا.
“أرينيل، تزوّجي بي.”
قالها بوجهٍ جاد بعد أن قرّر أخيرًا.
فتوسّعت عيناها من الذهول، كأنّها لم تصدّق ما سمعته.
“لنكن عائلة. أستطيع أن أحقّق لكِ الحلم الذي لطالما أردتِه.”
قد لا يكون بمستوى من أحبّته، لكنّه كان واثقًا أنّه لن يتخلّى عنها أبدًا.
كان يؤمن حينها، أنّه إن تزوّج بها، فسيحبّها ويقدّرها إلى الأبد.
“…حلمي…”
لطالما حلمت ببناء عائلة دافئة، كما قال أوين.
لكنّها لم تفكّر في ذلك حين قابلت دييغو.
كان يعجبها بروده وغروره، لكنّه يُظهر خجلًا لطيفًا أمامها.
لم يقل يومًا إنّه يحبّها، لكنّها كانت تشعر بذلك من تصرّفاته، ولذلك أحبّته أكثر.
رغم فرق المكانة بينهما، لم يكن ذلك مهمًّا في نظرها، ما دام الحبّ موجودًا.
بعد أن أنهت تفكيرها، نظرت إلى أوين.
على وجهه تعبيرٌ جادٌ وصلب.
ضحكت بخفة، وكأنّها لا تصدّق.
“أوين.”
نظرت إليه بجدّية تضاهي جديّته.
ونبرة صوتها كانت واضحة.
“أقدّر مشاعرك تجاهي.”
رغم أنّهما في نفس العمر، إلا أنّها كانت دائمًا من يعتني به.
فقد كان خجولًا ومترددًا، وكانت هي من تسانده دائمًا.
لكن بعد خروجه من الميتم، تغيّر الوضع، وصار هو من يدعمها.
على الأقل حتى ظهر دوق مارسين.
ولهذا، لم تتوقّع أن يفعل من أجلها كلّ هذا.
وبعد أن بلغت سنّ الرشد وانشغلت بمساعد
ة الآخرين، لم تدرك كم كانت تعتمد عليه.
لولا ذلك، لما شعر بمسؤوليّةٍ كبيرةٍ نحوها.
“لكن لا داعي لأن تفعل كلّ هذا.”
رفضت عرضه بكلّ وضوح.
بالنسبة إليها، لم تكن كلماته اعترافًا بالحبّ، بل مجرّد عرض.(دي لوسي نمبر 2🤣)
ترجمة:لونا
ما تنسوش تدخلوا في قناة الملفات حقتي بالتيليجرام حاطيت الرابط في الصفحة الرئيسية بالتعليقات
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 105"