هل يُعقل… أنني لن أُبتلع من قبل تلك النبتة المجهولة، بل من الثعبان؟
لا… بل سأُسحق حتى الموت قبل ذلك.
ولحسن الحظ، مع ضغط جسد الثعبان فوقي، تراجع النبات الذي كان يلتفّ حول جسدي.
لا أدري ما الذي فعله الثعبان،
لكن بدا أنّ النبات قرّر أن يتركني وشأني،
فلم أعد أشعر بالقوّة التي كانت تجذبني.
لكن المشكلة الكبرى لم تنتهِي بعد.
“ا… ابتعد…!”
أدرتُ رأسي بصعوبة، محاوِلةً دفع الثعبان الذي يسحقني،إذ لو استمرّ الوضع هكذا فسأختنق حتمًا.
شَاحَ-!
‘حسنًا… فهمت. سأبقى ساكنة.’
لم أره، لكن من صوته أدركتُ أنّه يكشّر عن أنيابه.
فآثرتُ التزام الصمت…
لا أدري كم مرّ من الوقت، حتى دوّى فجأةً من داخل الغرفة صوتُ اقتلاع سيقان النبات.
“…….”
‘حسنًا… لقد أحسنتُ بالانتظار.’
ومع بقائي ساكنة كالفأر الميّت،
بدأ الثقل الذي يعلوني يتلاشى تدريجيًّا.
يبدو أنّ الثعبان، بعد أن أنهى مهمّته،
عاد إلى حجمه الأصلي.
‘لكن… أيّ حجم هو الحقيقيّ يا ترى؟ الكبير أم الصغير؟’
وما إن ابتعد عني، حتى نهضتُ ببطء، جالسةً على ركبتي.
“…….”
أحدّق فيه بوجهٍ شديد الجديّة.
هل عاد فعلًا إلى حجمه الذي أعرفه؟
يبدو كذلك… لكنني لستُ مطمئنّة تمامًا.
وأيًّا كان ما يدور في خاطره،
فهو يحرّك جسده يمنةً ويسرةً، كمن يطلب المدح.
ولمحتُ بين حينٍ وآخر بقايا ذلك النبات عالقةً بطرف لسانه المشقوق،
لكنني تجاهلت الأمر وقلت:
“تَصاغر.”
فتوقّف عن الحركة فجأة، وأمال رأسه قليلًا، وكأنّه لم يفهم ما قلت.
“أقول لك… إن كان بإمكانك أن تصغر أكثر… فافعل.”
‘لأنك… تخيفني.’
ارتجفت يدي وأنا أقول ذلك،فأومأ نافيًا برأسه، مُعلنًا أنّه لا يستطيع أن يصغر أكثر من هذا.
“……أنتَ… لن تأكلني، صحيح؟”
سألتُ للتأكّد فقط.
فما كان منه إلّا أن اتّسعت عيناه الدائريّتان،وهزّ رأسه بالإيجاب بحماسة،
وكأنّ سؤالي لا معنى له أصلًا.
حسنًا… يبدو أنّه حقًّا لا ينوي أكلي.
مسالم وحقير؟ هراء!
الآن تأكّدتُ من الحقيقة:
لا يوجد في هذا القصر كائن أضعف منّي.
***
كان دايلر يشقّ طريقه في ممرّ نُزلٍ بائس،
حتى وقف أمام باب الغرفة رقم 306.
وبينما يمدّ يده إلى المقبض، خطر في باله أنّ الشياطين كلّهم على هذه الشاكلة…
لكنها لم تدم فكرةً طويلة. (يعني الشر و البؤس دايما عنده نفس الأجواء و الشياطين كذلك)
فتح الباب…
وفي اللحظة نفسها، اخترق بصره شعاع الصباح الساطع،قادِمًا من عمق الغرفة ليُلسع عينيه.
“أتيتَ؟”
غضّ دايلر عينيه قليلًا، ليقابله صوت مألوف…
“حقًّا يا دايوس، ما زلتَ كما أنت.”
‘لم تتغيّر، وهذا يُعجبني.’
قالها دايلر ببرود مصطنع، وكأنّه يردّ على التحية.
وفي الداخل،كان عدد من البشر مطروحين أرضًا، يتنفّسون بصعوبة، لكنهم أحياء.
أمّا دايوس، الذي امتصّ طاقتهم، فقد كان يجلس بوجهٍ هادئ، يحمل سيجارة بين أصابعه، وينفث دخانها بتراخٍ.
“هذا عملي، أتعلم؟”
قالها بصوتٍ مُتغنّج، وهو يبتسم لدايلر.
“إغواء البشر، وإسقاطهم في قاع الرغبات.”
ورغم مظهره الهادئ، فإن جسده كان قويًّا كأيّ فارسٍ مخضرم.
“حسنًا… ما دام هذا أسلوب حياتك، فأنا أحترمه.”
ابتسم دايلر بهدوء، مُجاريًا الحديث.
لو كان دايلر واقعًا تحت ت-ثير سحره،
لكان الآن مطروحًا بينهم، وقد استُنزفت طاقته.
فجأة، بدّل دايوس هيئته كليًّا لم يكن يملك شكلًا ثابتًا، فهو شيطان يتغيّر حسبما شاء، ويتغذّى على شهوات البشر، لا يفرّق بين رجلٍ أو امرأة.
حين يكون جائعًا، أو حتى حين لا يكون كذلك.
ومهما يكن، فهو أرقى قليلًا من باول
الذي يأكل البشر والحيوانات على الدوام.
“ما رأيك؟”
كما في كلّ مرّة، حاول دايوس اختبار صبره،لكن النتيجة كانت ذاتها دائمًا.
“همم… لا بأس.”
ابتسم دايلر رافضًا برفق.
“حين أفكّر أنّ الطرف الآخر هو أنت… لا أشعر بأيّ اهتمام.”
انبثق من دايوس جوٌّ كئيب،
يحمل مزيجًا من القتل والسحر.
“لولا أنّك تابع باول… لقطعتُ لسانك الماكر هذا.”
لكن دايلر ردّ بلا مبالاة:
“حتى لو قطعتَه، فلن يتغيّر شيء.”
وانتهى الأمر بأن أُحرقت غرفة النزل كاملة، على يد دايوس الغاضب.
***
“ولِمَ تحرق نُزلًا مسكينًا؟”
سأل دايلر بامتعاض، وهو يفرغ جيبه الفارغ أمامه.
“لقد أهنْتَني.”
ردّ دايوس، شاقًّا شفتيه في امتعاض، فيما ظلّ واقفًا إلى جانب دايلر.
“إذًا… لماذا استدعيتني؟”
لم يبدُو عليه أدنى شعور بالذنب، رغم أنّ أغلب من في النزل قضوا نحْبهم بسببه.
“أمرٌ من باول.”
كان دايلر الوحيد الذي ترك المال على جثث الضحايا… بادرة أخيرة لحفظ ما تبقّى من ضميره الكهنوتي.
“يريد منّا أن نسترق إلى ذكريات الوعاء… ونعرف أين يوجد الملك.”
يبدو أن الوقت أوشك على النفاد… حتى أنه استدعاك.
لم يعد دايلر وحده كافيًا. لا بدّ أن يتحرّكا معًا هذه المرّة.
“الوعاء؟ آه… صحيح…”
كان “الوعاء” هو الدليل الوحيد على مكان الملك المفقود، وأوّل إنسانٍ استطاع احتواء طاقةٍ سحرية.
حين علمت الشياطين بأمره، صُعِقوا جميعًا فالجسد البشري لا يمكنه، في الأصل، احتواء السحر.
عادةً، حين يغمر شيطانٌ شيئًا بسحره، يكون الهدف تحويله إلى وحش، وذلك مستحيل على البشر، لذا لطالما استُخدمت جثث الحيوانات أو الجمادات فقط.
لكن الملك حطّم هذه القاعدة.
أخفى وجوده بزرع طاقته في جسد إنسان، ليغدو الجسد درعًا يخفي حضوره عن أعين بقيّة الشياطين.
وربما لم يُكشف أمر الوعاء، إلا حين استعاد الملك قوّته، فبدأ السحر يتسرّب منه.
“ومن هو الوعاء؟”
كان دايوس قد حارب قديمًا إلى جانب باول، ولم يجرؤ يومًا على معارضته،
فسأل دون تردّد.
“لايل مارسِين.”
لم يكن دايوس بحاجة إلى وصف ملامحه، فما إن سمع الاسم، حتى ارتجفت حاجباه.
مارسِين… مارسِين؟
لم يكن يعرف سوى شخصٍ واحد بهذا اللقب.
“أتقصد أن الوعاء هو ابن دوق مارسِين؟”
“نعم.”
فانفجر دايوس ضاحكًا، ضحكةً مدوّية جذبت أنظار من حوله، لكنّهما لم يُلقيا لها بالًا.
“ألم يُخبرك باول؟”
حين أوشكت الحرب القديمة على حسم هزيمة الملك، حاول الفرار…
وفي تلك اللحظة، بتر أحد الفرسان البشريين ساقه من الخلف.
“أظنّ أن اسم ذلك الفارس… دييغو مارسِين.”
قالها دايوس بابتسامة، وكأنّه يروي أعجب المصادفات، حتى صَفّق من شدّة سروره…
بينما ظلّ دايلر ينظر إليه بعينين فارغتين،
لا يفهم ما المضحك في الأمر.
ترجمة:لونا
ما تنسوش تدخلوا في قناة الملفات حقتي بالتيليجرام حاطيت الرابط في الصفحة الرئيسية بالتعليقات
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 101"