I became the master of the villain - 54
* * *
“أردتُ أن أُريها لسيدتي. ماضيَّ، الذي لم أُخبر به أحدًا من قبل.”
تردّد صوت كيريس في أذنيّ.
كان الأمر أشبه بطائرٍ ظلّ حبيسَ قفصٍ حديديٍّ لفترةٍ طويلة، وأخذ يرفرف بجناحيه، ليبدأ بالتحليق من جديد.
*رفرفة-*
انقلب العالم رأسًا على عقب، ووجدتُ نفسي واقفةً في زقاقٍ مظلم.
“هذا هو المكان الذي عشتُ فيه منذ أن كنتُ طفلًا.”
أمسكَ كيريس يدي بصمت. كانت دافئة، لكنني شعرتُ ببرودة الأجواء، فأومأتُ برأسي.
كان الوقتُ في وضح النهار، ومع ذلك، كان الظلام مخيِّمًا، ورائحةُ الدمِ والعَفَن تملأ المكان.
الزقاق الخلفي.
تمامًا كما يوجد نورٌ، يوجد ظلامٌ أيضًا، وكأن هذا الزقاق الخلفي كان مكلَّفًا باحتضان الظلام.
“أمسكوا به!”
*خشخشة، خشخشة-*
تعالت صرخةُ أحدهم، وكان هناك طفلٌ يُطارَد.
بدا في العاشرة من عمره تقريبًا.
كان هزيلًا بسبب سوء التغذية، وكان يمسكُ بشيءٍ في يده بينما يركض بكلِّ ما أوتي من قوة.
يبدو أنّه قد ضُبِط متلبّسًا بالنشل.
“هَف… هَف…”
لهث الطفل بشدة، ثم تعثّر بشيءٍ ما وسقط أرضًا.
*دوي-*
انقلبت سلة القمامة بجواره، وتناثرت النفايات فوقه.
“أوه، هل بدأ هذا الوغد الصغير بإظهار مهاراته بالفعل؟ هل تريد أن تموت؟”
*ضربة-*
وما إن لحق به الرجل الذي كان يطارده، حتى بدأ ينهال عليه بالضرب دون رحمة.
“آه! هَف…”
انكمش الطفل متحملًا الضرب، بينما وقف الرجل بعد أن أفرغ غضبه، وبصق باستياء.
“أيها القذر… إن كنتَ لا تريد أن تموت، فمن الأفضل لك أن تعيش كجرذٍ ميت.”
غادر الرجل، فيما بقي الطفل وحيدًا، ممددًا بلا حراك، محدّقًا في الفراغ إلى أن هدأت آلامه.
“…”.
كان شعره الفضي متسخًا إلى درجةٍ يستحيل معها تمييز لونه الحقيقي، وعيناه الحمراوان الذابلتان تفتقران لأيّ بريق أمل.
كان وجهه، الذي تلقّى الضربات، متورّمًا ومغطّىً بالكدمات والدماء.
*وقع أقدام، وقع أقدام-*
سمع الطفل صوت خطواتٍ تقترب، لكنه لم يتحرّك قيد أنملة.
توقفت الخطوات أمامه.
“لقد اجتذبتني طاقةٌ سحريةٌ قوية… أنتَ.”
“…”.
“ما اسمك؟”
عند سماع صوت الرجل، الذي كان يرتدي رداءً مقلوبًا، حرك الطفل عينيه الميتتين ببطء لينظر إليه.
“…”.
“إذًا، سأمنحك اسمًا. من الآن فصاعدًا، أنتَ كيريس.”
مدّ الرجل يده للطفل وتحدث بصوتٍ رقيق.
“كيريس. هل ستأخذ يدي؟”
“…”.
“من أنتَ حتى تمنحني اسمًا؟”
“أنا شخصٌ سيساعدك.”
عند كلمات الرجل، لمعت عيناه الحمراوان للحظةٍ بفضول، لكن سرعان ما خبا بريقهما.
“كثيرون قالوا ذلك من قبلك. لكنّهم جميعًا استخدموني فحسب. ضربوني وهدّدوني لأنني لم أكن أملك والدين.”
“أنا مختلف عنهم.”
“…”.
“وكيف لي أن أصدق ذلك؟”
بحركةٍ خفيفة من إصبعه، أصبحت ملابس الطفل، التي كانت مغطاةً بالقذارة، نظيفةً تمامًا.
“الآن تبدو أكثر إنسانية. من الأفضل أن تحصل على العلاج في المعبد. هل يمكنك أن تأخذ يدي؟”
حدّق الطفل، وعيناه متسعتان، غير مستوعبٍ لما رآه للتو.
“ما الذي حصل الآن…؟”
“إنه السحر. ستتعلمه قريبًا.”
“…”.
بدي حذَرُه أقلّ حدة من قبل.
“سأنتظر حتى تأخذ يدي.”
ظلّ الرجل ثابتًا، ويده ما زالت ممدودة.
لا يُعلَم كم مرّ من الوقت، لكن عندما مدّ الطفل يده بحذر وأمسك بها، ابتسم الرجل.
“أنا ساحر. آخذُك معي لأنني أحتاج إليك، فلا تقلق.”
وتغيّرت الخلفية.
اختفى الزقاق المظلم، وحلّ مكانه—
“نعم. أنت الآن فردٌ من برج السحر. لقد أدركتُ موهبتك، وبما أنني سيد البرج، فلا أحد يمكنه الاعتراض. خذ هذا.”
ناول الرجل الطفلَ رداءً يناسبه تمامًا، وابتسم بخفة.
“…”.
“سأبذل جهدي. سيدي إيثوس.”
كيريس، الذي بدا أكثر صحةً وأفضل مظهرًا مما كان عليه في الزقاق الخلفي، رفع زوايا شفتيه قليلًا.
“نعم. هذا هو الموقف الصحيح. بهذه الطريقة، يمكنك أن تُدعى تلميذي.”
ضحك إيثوس بارتياح، وسُرَّ بردّه، ثم تغيّرت المشاهد من جديد.
كيريس، الذي أصبح أطول قليلًا، كان ينظر إلى الأرض بتعبيرٍ مكتئب، بينما كان إيثوس ينظر إليه من فوق.
“يبدو أنّك مهموم.”
“نعم. لقد وجدتُ والديَّ أخيرًا… لكن…”
عضّ كيريس شفته بتعبيرٍ خالٍ من المشاعر.
“لم يخطر ببالي قطّ أنهم سيحاولون استغلالي بعد أن علموا بدخولي إلى برج السحر.”
وُضعت يدٌ كبيرة فوق رأس كيريس بلطف.
“كيريس.”
“…”.
“أنا معلمُك، لكنني أيضًا والدُك. هل يمكنك أن تعتبر من فرّوا هربًا من ديون القمار والدَين؟”
كان صوته دافئًا، متعاطفًا مع حزنه.
“لا تقلق، أنا هنا. أنا والدُك.”
كان كيريس يُمسك به متشبثًا، وكتفاه ترتجفان، والوقت يمضي.
“لم يتبقَّ لي الكثير من الوقت.”
عند الفجر، كان كيريس، الذي أصبح بالغًا، ينظر إلى ظهر إيثوس وهو يحدّق خارجًا.
كان صوته خاليًا من التعلق، إلى درجة يصعب معها تصديق أنه رجل لم يتبقَّ له الكثير ليعيشه.
“أنت أقوى ساحر بين جميع السحرة، لذا أشعر بالفخر. لقد كنت تلميذي الأول، وفي الوقت نفسه، تلميذي الأخير.”
“سيدي إيثوس.”
“متى ستتوقف عن استخدام هذا اللقب الكئيب؟ هل ستستمر في ذلك حتى بعد موتي؟”
نقر إيثوس لسانه واستدار.
“أنت تعلم أنه لا يوجد أحد غيرك يمكنه قيادة برج السحر، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“كنت أتوقع ذلك. فأنت بحاجة إلى هذا النوع من الثقة لقيادة البرج.”
رفع إيثوس رداءً صغيرًا، مشحونًا بالسحر.
“هذا الرداء… لقد احتفظت به طوال حياتي. كان أول هدية قدمتها لك عندما التقينا لأول مرة. هيه…”
ثم استخدم السحر لوضع الرداء بين ذراعي كيريس.
“سأعيده إليك. فجسدي العجوز هذا لم يعد يحتمله حتى لو أراد ذلك.”
كح كح-
خرج الدم من فمه، ومسحه إيثوس بلا مبالاة وهو يلهث.
“شكرًا لك… كيريس.”
**بووف-**
تحوّلت هيئته إلى غبار وتبعثر في الرياح.
“لا!”
أسرع كيريس نحوه في عجلة، لكن كل ما تبقى من إيثوس كان مجرد جزيئات متلاشية.
لامس كيريس تلك الجزيئات بيده وتمتم:
“شكرًا لك، أبي.”
—
“هذا كل شيء، سيدتي.”
في اللحظة نفسها، عدتُ إلى غرفة سيد البرج حيث كنتُ من قبل.
“…كيريس.”
لم أستطع النطق بأي شيء للحظة. لم أكن أعرف ماذا أقول لأواسيه.
‘إذًا، هذا هو الأمر.’
بعد أن رأيتُ ماضي كيريس، الذي لم يستطع البوح به، فهمتُ لماذا كان ينظر إليّ بتلك الطريقة.
لقد كان سيد البرج السابق، إيثوس، هو من أضاء ظلام ماضيه بالنور.
الجميع يعيش مع آلامه الخاصة.
جراح لا تُحكى، وذكريات يرغبون في نسيانها، تطاردهم كظل لا يفارقهم.
“أكبر ندم لدي هو أنني لم أتمكن من مناداته أبي.”
تابع كيريس بهدوء.
“لقد كان أستاذي الذي جعلني سيد البرج، وعائلتي الوحيدة.”
“إذًا، هذا هو السبب…”
“بعد وفاة سيد البرج السابق، مررتُ بوقت عصيب. كان المكان فارغًا بدون شخص أعتمد عليه.”
استطعتُ أن أتعاطف قليلًا مع مشاعر كيريس.
بعدما حللتُ في هذا الجسد، كنتُ وحيدة في عالم لا يعرفني فيه أحد.
الوحدة واليأس.
كان شعورًا لا يمكن وصفه.
أصبحتُ مستقلة دون أن أعتمد على أحد وعشتُ محاوِلة نسيان ذلك، لكن الألم ظلّ باقيًا.
لا بد أن الأمر كان كذلك بالنسبة لكيريس أيضًا.
“لكنني الآن بخير. لقد أنقذتِني عندما فقدتُ ذاكرتي، والآن… أصبحتُ أعتمد عليكِ.”
“كيريس؟”
كانت عيناه الساحرتان مثبتتين عليّ وحدي.
أصابعه الطويلة لامست خدي، وكيريس، الذي ابتسم ابتسامة هادئة، بدا فاتنًا إلى حد الإغراء.
“أنتِ الوحيدة التي يمكنها امتلاكي.”
همس كيريس وهو يحتضنني بين ذراعيه.
خفق قلبي وكأنه على وشك الانفجار، وشعرتُ بالتوتر خشية أن يسمع كيريس ضرباته.
“كم سيكون رائعًا لو أنكِ اعتمدتِ عليّ أيضًا.”
نبض، نبض—
المكان الذي لامسته يد كيريس كان وكأنه قد تعرّض لصدمة كهربائية، وشعرتُ أن جسدي كله مشتعل.
“لكن هذه أنانيتي. لا ينبغي لي أن أطلب الكثير.”
“…لا.”
دون وعي، واجهتُ كيريس وربّتُّ على ظهره.
“يمكنك الاعتماد عليّ. كيريس. أنا… أنا أيضًا أريد أن أعتمد عليك وحدك.”
ارتجف كيريس، واتسعت عيناه بدهشة.
“سيدتي؟”
“الآن فهمتُ…”
في البداية، اعتنيتُ به بدافع الشفقة. كيف لي أن أتجاهل شخصًا مجروحًا؟
لكنّه كان كيريس، سيد البرج، ورغم أنني كنتُ أعرف أن القصة الأصلية تنحرف عن مسارها، إلا أنني عاملته بلطف.
وأيضًا—
تلك العينان الحمراوان اللتان تعكسان صورتي.
تلك النبضات التي تقفز لا إراديًا عندما يقترب مني.
لقد كنتُ أتجاهل كل هذا بسبب مظهره، لكنني الآن لا أستطيع إنكار الأمر بعد الآن.
“أنا أحبك.”
ربما لأنني رأيتُ الألم في ماضي كيريس.
فقد خرجت مشاعري الحقيقية دون وعي مني. شعرتُ بجفاف في حلقي، وكأن قلبي يحترق.
مددتُ ذراعيّ حول عنق كيريس وجذبته نحوي.
بسبب فرق الطول بيننا، بدا وكأنني أقف على أطراف أصابعي، لكنني لم أكن في حالة تسمح لي بالاهتمام بذلك.
بعد لحظات، نظر إليّ كيريس بتمعّن، ثم ابتسم بسعادة.
“أنا أيضًا أحبكِ، سيدتي.”
انعكست في عينيه الحمراوين رغبة جامحة، واقتربت شفتاه، التي بدت مثيرة بشكل غريب، ببطء.
وكأن ذلك كان الإشارة، فأغمضتُ عيني بإحكام.
—
المترجمة:«Яєяє✨»