نقوشٌ سحرية ذاتُ أنماطٍ معقدة.  

 

أدواتٌ سحرية باهظةُ الثمنِ مصطفَّةٌ بعناية.  

 

وحتى رداءٌ يحملُ آثارَ الزمن.  

 

كان المكانُ يبدو للوهلةِ الأولى وكأنه غرفةُ ساحرٍ بلا شك.  

 

وبينما كنتُ أتأملُ تفاصيلها، شعرتُ بشيءٍ غيرِ مألوف.  

 

بدتْ الأرضيةُ وكأنها مجوفةٌ قليلًا، وعندما نظرتُ إلى الأسفلِ، رأيتُ…  

 

“أ- أين نحن؟!”  

 

اختفتِ الأرضيةُ تمامًا، وكأنني كنتُ أحلِّقُ في السماء!  

 

‘يا إلهي! سأموت!’

 

هل هذا حلم؟  

 

ليس البناءُ متداعيًا، فكيف يمكنُ لبرجِ السحرِ الشهيرِ أن يحتوي على فراغٍ هشٍّ كهذا؟  

 

“إنها غرفةُ سيّدِ البرج. لكن… لماذا أنتِ خائفةٌ إلى هذا الحد؟”  

 

حدَّقتُ في كيريس بدهشةٍ من رَدِّه الهادئ، حتى أنني شعرتُ أنني سأموتُ حقًّا.  

 

أما ترى أنني على وشكِ الاختناق؟!  

 

“…هل غرفةُ سيّدِ البرجِ مرعبةٌ إلى هذه الدرجة؟”  

 

ارتجفَ جسدي بلا سيطرة. أكثرُ ما أخشاهُ هو النظرُ من مكانٍ مرتفع.  

 

“أنا… سأموت…”  

 

شحبَ وجهي كما لو كنتُ على وشكِ الإغماء.  

 

لكن كيريس ما زال يُحدِّقُ بي وكأنه لا يفهمُ ما أقوله.  

 

“…أتودّين رؤيةَ الأرض؟”  

 

مالَ كيريس برأسهِ قليلًا، ثم ألقى نظرةً إلى الأسفلِ، قبل أن يطلقَ ضحكةً خفيفة.  

 

“حسنًا. إنها المرةُ الأولى التي أحضرُ فيها شخصًا ليس بساحر.”  

 

ثم، بفرقعةِ أصابعه، عادتِ الأرضيةُ إلى حالتها الطبيعية.  

 

“لقد أصبحَ كلُّ شيءٍ على ما يرامِ الآن. سيدتي، هل كنتِ خائفةً جدًّا؟”  

 

هل كان هذا أيضًا سحرًا؟  

 

أجل، عندما أفكرُ في الأمر، فهذا برجُ السحر. مكانٌ يجتمعُ فيه السحرةُ الذين يستخدمون السحر.  

 

كلُّ الأمورِ الغريبةِ التي تحدثُ هنا ممكنةٌ بفضلِ السحر.  

 

“أنتَ…!”  

 

اشتعلَ وجهي خجلًا. كدتُ أن أصرخَ دون وعي، لكنني سارعتُ إلى تغطيةِ فمي.  

 

تماسكي، روزيت!  

 

لكن ما حدثَ ليسَ عادلًا أبدًا.  

 

من الذي كانَ يتنقلُ فجأةً بلا أيِّ تنسيق؟!  

 

“أنزلني الآن.”  

 

عند كلماتي القاسية، ابتسمَ كيريس وأنزلني بهدوء.  

 

‘هاه… لماذا يبدو وجههُ هكذا مجددًا؟ قلبي يخفقُ بجنون.’

 

أدركتُ مجددًا أنَّ وجههُ هو أقوى أسلحته. قفزتُ إلى الأرضِ قبل أن يتوقفَ قلبي تمامًا.  

 

“ما نوعُ هذا السحر؟ ظننتُ أن هناكَ فجوةً حقيقيةً في البرج…”  

 

“إنه نوعٌ من الأوهام.”  

 

“أوهام؟”  

 

“نعم. غرفةُ سيّدِ البرجِ محميَّةٌ بتعاويذَ دفاعيةٍ مختلفة، من ضمنِها تعويذةُ وهمٍ تُربكُ المتسللين.”  

 

“إذًا… أظهرتْ لي ما أخشاهُ أكثر؟”  

 

“بالضبط. وبصفتي سيّدَ البرج، فقد كنتُ أعرفُ تمامًا ما كنتِ ترينه.”  

 

ابتسمَ كيريس بلطفٍ بينما وضعَ يدهُ على رأسي.  

 

“لم أعلم أنكِ تخافينَ إلى هذا الحد، سيدتي.”  

 

“…”  

 

اتسعتْ عينايَ بينما راحَ كيريس يربتُ على شعري برفق.  

 

“أتمنى فقط لو أنكِ تعتمدينَ عليّ أكثر.”  

 

“…لكنني بالفعل أفعلُ ذلك.”  

 

تفوهتُ بالكلماتِ دون تفكير، ثم أطبقتُ شفتيَّ بسرعة.  

 

لقد تلاشى حذري تمامًا وسطَ كلِّ ما حدثَ لي ولم أستطعِ السيطرةَ على نفسي.  

 

كوني حذرةً بكلماتك، كوني حذرة!  

 

هذا هو السبيلُ الوحيدُ لحمايةِ كلِّ ما عملتُ من أجله!  

 

“أنا آسفة. لم أقصد…”  

 

“همم؟ هل تحتاجينَ شيئًا، سيدتي؟”  

 

“لا. لا شيء.”  

 

نظرتُ إليهِ بحذر، لكن كيريس لم يُظهر أيَّ ردةِ فعلٍ غيرِ طبيعية.  

 

‘هاه… الحمدُ لله.’

 

كنتُ في حيرةٍ بعضَ الشيءِ من كيريس، الذي لطالما أطلقَ هالةً طاغيةً أرعبتِ السحرةَ أنفسهم.  

 

لكنني أشعرُ وكأنه يُعاملني بلُطفٍ استثنائي.  

 

عندما أسترجعُ الأمر، كان نفسُ الشيءِ قد حدثَ حينما كدتُ أن أُهاجمَ من قِبلِ الوحش.  

 

“إذا أُصيبتِ سيدتي… لا أعلمُ ما الذي سأفعله.”  

 

لقد أظهرَ قلقهُ الصادقَ نحوي حينها.  

 

فضلًا عن ذلك، فقد وضعَ الأداةَ السحريةَ في إصبعي بنفسه.  

 

‘إن استمرَّ في فعلِ ذلك… لا أظنُّ أنني سأتحملُ أكثر.’

 

عينا كيريس المُشتعلتانِ بالرغبةِ وكأنهما تلتهمانني، شفتيه الحمراوان، وصوتهُ الأجشّ.  

 

فجأة، خطرتْ ببالي صورةُ وجهِ كيريس المُدمّرِ الذي رأيتُهُ سابقًا، فاحمرَّ وجهي بشدة.  

 

ما هذه الأفكارُ غيرُ اللائقةِ التي تدورُ في رأسي الآن؟!  

 

“أمم…!”  

 

تراجعتُ بضعَ خطواتٍ للخلف، متظاهرةً بعدمِ الاكتراث.  

 

“إنه… حارٌّ قليلًا. هاهاها…”  

 

لوَّحتُ بيدي، محاوِلةً التظاهرَ بالبرود، فتجمَّدَ كيريس في مكانه.  

 

“حار؟”  

 

“آه، لا. أعتقدُ أنني بخيرُ الآن.”  

 

غيَّرتُ الموضوعَ بسرعة، خشيةَ أن يقررَ كيريس فعلَ شيءٍ آخر.  

 

“سأجعلكِ تشعرينَ بالانتعاش.”  

 

على الأرجح، كانَ سيقولُ إنَّ الهواءَ في الأعلىِ باردٌ، ثم يقترحُ أن نذهبَ إلى مكانٍ قريبٍ من السماء.  

 

“أين تقعُ غرفةُ سيّدِ البرجِ داخلَ برجِ السحر؟”  

 

“غرفة سيد البرج تقع في الأعلى. عادةً، عليك صعود الكثير من السلالم، لكنني سيد البرج، أليس كذلك؟”  

 

  

 

أوه…!  

 

ظننت أنني أتوهم بعد رؤية السماء.  

 

هذا هو استعراض قوة سيد البرج!  

 

أتمنى أن أجرب ذلك ولو لمرة واحدة.  

 

  

 

‘إنه يشبه التمارين القسرية!’  

 

  

 

كان لويس يقول دائمًا إنه شعر وكأنه سيموت من الإرهاق عندما صعد إلى غرفة سيد البرج.  

 

‘أعتقد أنه لا يستطيع استخدام السحر…’  

 

  

 

هذا الامتياز مخصص فقط لسيد البرج.  

 

نظرتُ حول الغرفة، التي بدت مختلفة تمامًا في أجوائها، بعينين متألقتين.  

 

  

 

كانت الأوراق مبعثرة على المكتب بشكل غير منظم.  

 

يبدو أنه كان يستخدمها كغرفة دراسة ويقضي حياته كلها في هذا المكان.  

 

  

 

“هذا المكان يشبه البُعد الفرعي، حيث يمكنك توسيع المساحة بلا حدود.”  

 

 

“حقًا؟” 

 

 

“نعم. لكنني لا أقوم بتوسيعه كثيرًا. لا فائدة من وجود مساحة كبيرة بلا داعٍ.”  

 

 

أومأتُ برأسي موافقةً على شرح كيريس.  

 

  

 

“هل يمكنني إلقاء نظرة حولي قليلاً؟”  

 

  

 

“في أي وقت.”  

 

  

 

بموافقة كيريس، بدأتُ أتجول بحذر. كانت المساحة ذات أجواء حالمة وشعور دافئ.  

 

  

 

كان هذا مكانًا هادئًا لكنه عميق. شعرتُ أنني سأصل إلى نوع من الإدراك لمجرد بقائي فيه.  

 

  

 

لم يكن يبدو أمرًا سيئًا أن أعيش هنا، حتى وإن كنتُ مجرد قطعة زينة في هذا المكان.  

 

  

 

“واو… إنه رائع.”  

 

  

 

“أتحبينه؟”  

 

  

 

“نعم. أتمنى أن أعيش هنا…”  

 

  

 

“ألم تعلمي، سيدتي؟”  

 

  

 

“ماذا؟”  

 

  

 

“لقد أحضرتُكِ إلى البرج لتعيشِي معي. كنتُ قلقًا من أن أبتعد عنكِ.”  

 

  

 

“….؟”  

 

  

 

ألقى كيريس بتصريح صادم، ووجدتُ نفسي في حالة ذهول.  

 

  

 

“آه!”  

 

  

 

ماذا تقول؟ هل تقصد أننا سنعيش معًا في غرفة سيد البرج؟  

 

  

 

“هل سمعتُ خطأ؟ أنت تقول إنك ستعيش هنا معي؟”  

 

  

 

“سيدتي، ألا… يعجبكِ ذلك؟”  

 

  

 

تألقت عيناه الحمراء كالياقوت وهو ينظر إليَّ وكأنه لا يفهم ما يقوله.  

 

  

 

إنذار خطر! إنذار خطر!  

 

  

 

حتى عندما حاولت التفكير في أسباب لرفض ذلك، أصبح ذهني فارغًا كما لو أنه توقف عن العمل.  

 

  

 

ثم لمعت في ذهني حجة قوية.  

 

  

 

“ليس الأمر كذلك، لكن ألا يكره السحرة ذلك؟”  

 

  

 

هم بالفعل لا يحبون وجودي في برج السحر، فكيف سيكون غضبهم إذا علموا أنني أعيش في غرفة سيد البرج؟  

 

  

 

“لا أحد يكرهه. وإن كان كذلك… فلن تريهم في برج السحر قريبًا.”  

 

  

 

“…!”  

 

  

 

عندما تمتم كيريس بهذه الكلمات بنبرة مريبة، شعرتُ أن هناك شيئًا غير صحيح.  

 

  

 

إنذار خطر! إنذار خطر!  

 

  

 

خفضتُ رأسي بسرعة، وكأنني أستعد لاستجواب من قِبَل السحرة.  

 

  

 

“آه، ليس هذا ما قصدتُه! كنتُ أظن فقط أنني سأحصل على غرفة خاصة بي في البداية، لذا فوجئتُ قليلًا.”  

 

  

 

“إذن هذا جيد.”  

 

  

 

يا إلهي، حياتي!  

 

  

 

ومع ذلك، بوجود ماري، لن يكون الوضع سيئًا للغاية.  

 

  

 

أردتُ أن أصدق ذلك.  

 

  

 

غيرتُ الموضوع سريعًا لتخفيف الأجواء المتوترة.  

 

  

 

“هاه؟”  

 

  

 

لفت انتباهي رداء لطيف بشكل غير معتاد.  

 

  

 

لماذا يوجد رداء بحجم طفل صغير هنا؟  

 

  

 

بينما كنتُ أمد يدي إليه دون وعي، سمعتُ صوت كيريس المشبع بالذكريات.  

 

  

 

“…إنه الرداء الذي أعطاني إياه سيد البرج السابق.”  

 

  

 

كانت تعابير كيريس متصلبة بعض الشيء. وبالنظر إلى عينيه، التي لم أرَها من قبل بهذه الهيئة، أدركتُ أنني لمستُ شيئًا ثمينًا بالنسبة له.  

 

  

 

“هل كنتَ مقربًا من سيد البرج السابق؟”  

 

  

 

“لم يكن الأمر سيئًا. هو من جلبني إلى هنا وربّاني.”  

 

  

 

اهتزت تعابير كيريس قليلًا، وارتجفت زوايا شفتيه بشكل طفيف.  

 

  

 

‘الرواية الأصلية لم تذكر ماضي كيريس.’  

 

  

 

كانت تفاصيل رواية *”العقد السري للروح”* قد بدأت تتلاشى من ذاكرتي، لكنني كنتُ أتذكر هذا بوضوح.  

 

  

 

لم يكن هناك أي إشارة إلى ماضٍ مظلم.  

 

  

 

لا أعلم إن كان الكاتب يخطط للكشف عنه لاحقًا، لكن ماضي كيريس لم يُذكر أبدًا.  

 

  

 

كان مجرد شرير. لم يتم التركيز على ماضيه، بل على كونه شريرًا.  

 

  

 

‘لا بد أن لكل شخص ألمه الخاص.’  

 

  

 

عندما نظرتُ إلى عيني كيريس، فهمتُ ذلك.  

 

  

 

إنه يحمل ألمًا.  

 

  

 

ألمًا شديدًا لدرجة أنه لم يستطع إخبار أي أحد به.  

 

  

 

“أنتِ لا تعرفين الكثير عن ماضيَّ، أليس كذلك؟”  

 

  

 

بلعتُ ريقي.  

 

  

 

شعرتُ وكأنني على وشك سماع شيء لا ينبغي لي سماعه، لكن في الوقت نفسه، كنتُ فضولية.  

 

  

 

ما هو ماضي كيريس؟  

 

  

 

“هل يمكنني إخباركِ؟”  

 

  

 

تجولت نظرات كيريس في الفراغ للحظة قبل أن تثبت عليّ.  

 

  

 

“نعم.”  

 

  

 

رفع كيريس يده واستدعى السحر بإجابة خفيفة، وهبَّ نسيم لطيف.  

 

  

 

**وووش—**  

 

  

 

“سأريكِ. ماضيَّ.”  

 

  

 

مع انتشار الضوء—  

 

  

 

انقلب عالمي رأسًا على عقب.

 

المترجمة:«Яєяє✨»