الفصل 117

 

ضحكت منه، ثم التفت إلى القطة وقلت:

 

 “إذن كيف كنت تناديها طوال هذا الوقت؟”

 

“لم أكن بحاجة لذلك أبدًا.”

 

“لم تنادِ عليها ولو مرة واحدة؟”

 

“لا.”

 

أمَلتُ رأسي إلى جانب. 

 

“هل هذا ممكن حتى؟ لا بد أنك كنت تطعمها على الأقل.”

 

“إنها تفهمني حتى لو لم أنادِ عليها. كيف يمكنني أن أصف هذا…”

 

 فكر للحظة قبل أن يشرح: “هذه القطة هي أنا، وأنا هذه القطة. نعم، يمكنك القول إننا تشاركنا العقل والروح.”

 

ما نوع خطاب زعيم الطائفة هذا…؟ 

 

تشاركا ماذا؟ العقل والروح؟ نظرت إليه بشكوك ثم وضعت القطة برفق على الأرض.

 

 إذا كانا قد تشاركا العقل والروح، هل يعني ذلك أن هذه القطة هي جيغال هوا مو؟ هل يعني ذلك أنني كنت أداعب جيغال هوا مو طوال هذا الوقت؟ هذا قليلاً…

 

حتى لو بدا كزعيم طائفة الآن، فهو رئيس العشيرة المعروفة بأفضل الاستراتيجيات العبقرية والتقنيات الغامضة، ولا يمكن أخذ كلماته على محمل الاستهانة. 

 

مواء القطة بحزن، تسحب ملابسي.

 

“هل هذا… تعلم… متعلق بتلك التعويذة التي ذكرتها من قبل؟” سألت بتردد، غير قادرة على إخفاء انزعاجي.

 

“هذا صحيح. يمكنني معرفة كل ما تراه هذه القطة وتختبره. إنها أنا، بعد كل شيء.” تنهد رئيس عشيرة جيغال. “لذلك جئت إلى هنا لأنني ظننت أنك تبكين، لكن… يبدو أنني مخطئ.”

 

هذا الوغد يبدو أنه يريد مني البكاء حقًا. 

 

“إذا كنت تريد دموعًا، ابكِ أنت بنفسك.”

 

“هل ستعزينني إذا فعلت؟”

 

“لا.”

 

“آه، حقًا، يا للقسوة.”

 

أطلقت سخرية ازدرائية، تحولت إلى ضحكة عندما أدركت مدى سخافة هذا الموقف. مع ذلك، على الأقل الضحك هكذا خفف من قلبي قليلاً.

 

عندما سيطرت على نفسي، فحصت القطة باهتمام، وسألت:

 

 “ماذا تعني بمشاركة العقل والروح؟ هل يعني ذلك أنك تستطيع رؤية ما تفعله هذه القطة؟”

 

“نعم. ليس دائمًا، لكن حسب مستوى تركيزي.”

 

“كيف يمكن ذلك؟”

 

هل يمكنني فعل ذلك أيضًا؟ بدا الأمر كشيء سيكون مفيدًا حقًا.

 

شرح رئيس عشيرة جيغال بصراحة أكثر مما توقعت، بابتسامة خفيفة على وجهه.

 

 “تجد كائنًا مناسبًا وتطعمه لحم ودم الشخص الذي سيتصل به بمرور الوقت. لن تكوني قد سمعتِ عنه، لأنه في مجال السحر.”

 

“تقصد… لحم ودم إنسان؟” بدا الأمر كتقنية محرمة. “هذا… ألا يؤلم ذلك؟”

 

“نعم، يؤلم.”

 

شمر عن كميه، كاشفًا عن ذراعين مليئين بالندوب لدرجة أن أي شخص قد يظن أنه تعرض للإساءة. بدت الندوب قديمة جدًا.

 

 كان عمره الآن أحد عشر عامًا، لذا لم يكن حتى في العاشرة حينها… يا لها من تجربة مروعة لطفل صغير كهذا!

 

عقدت وجهي، مستردة كل ما كنت أفكر فيه عن مدى فائدة تلك التعويذة. 

 

“لماذا تفعل شيئًا كهذا؟!”

 

“لأنه يصبح مملًا البقاء في المنزل طوال الوقت. ماذا يمكنني أن أفعل بجسد ضعيف كهذا؟”

 

نظرت ذهابًا وإيابًا بين رئيس عشيرة جيغال والقطة.

 

 “ومع ذلك لم تسمها؟” ضحكت بلا مرح وحدقت به. “هذا أناني.”

 

“ها؟”

 

“كيف يمكنك أن تفعل شيئًا كهذا لهذه القطة اللطيفة الرائعة، ها؟!”

 

“ماذا…؟”

 

“أطعمتها كمية من الأشياء المقززة وأجريت عليها بعض الهراء الغريب لمشاركة الروح، والآن تقول إنه لا فائدة من تسميتها لأنك ستموت أولاً؟ إذا تبنيتها، فتحمل بعض المسؤولية تجاهها!”

 

نظر إليّ بهدوء.

 

“ماذا؟” 

 

“لقد قررت للتو.”

 

“قررت ماذا؟”

 

“اسمًا،” قال، مشيرًا إلى القطة. أطلق “همم” طويلًا، ثم سأل فجأة: “ما الذي كنتِ تفعلينه هنا على أي حال؟”

 

لم أتوقع هذا القفز المفاجئ إلى الموضوع الأصلي.

 

همس بتآمر: “يمكنكِ إخباري. قد أتمكن من المساعدة.”

 

منذ أن استيقظت كطفلة مرة أخرى، كنت دائمًا تقريبًا في موقف استخدام معلوماتي ومعرفتي لمساعدة الآخرين، بدلاً من العكس.

 

 بالمناسبة، ذكر جدي أن رئيس عشيرة جيغال يعرف كيف يخفف من أعراض أبي.

 

لقد جرب عشيرة جيغال كل شيء تحت الشمس في محاولة لعلاج انسداد الأوردة الوراثي لديهم.

 

 وتلك القطة… مشاركة الروح؟ حتى الرواية لم تذكر شيئًا كهذا.

 

حان الوقت لمواجهة الحقائق. 

 

ما كنت أعرفه عن العالم كان جزءًا صغيرًا جدًا مما هو موجود بالفعل. 

 

و… حدقت في رئيس عشيرة جيغال، الذي كان لا يزال يمسك بذراعي بقوة. ابتسم لي ببراءة. هل يمكنني الوثوق به؟

 

بناءً على كل الوقت الذي قضته طائفة الشياطين في محاولة إنهاء سلالة عشيرة جيغال، ربما لم يكن شريرًا على الأقل.

 

 لكن هذا لا يعني… لا، لا. لم يكن ذلك مهمًا.

 

 طالما يمكنه مساعدة أبي، كنت بحاجة لجعله في صفي. كان عليّ ذلك، بغض النظر عن أي شيء. بدا مهتمًا بقدرتي على أي حال.

 

 هذه القدرة التي أعطاني إياها الطبيب الإلهي كانت على الأرجح السبب الوحيد لظهور فتى لم أقابله أبدًا في حياتي السابقة أمامي فجأة.

 

“حسنًا. أطلق سراحي إذن.”

 

 أمسكت بظهر يده لأزيلها عني، لكن عينيّ اتسعتا.

 

 “لماذا أنت بارد جدًا؟”

 

كانت يده مثلجة. الجو دافئ جدًا اليوم… كانت الليلة، لكن الطقس قد دفئ منذ فترة طويلة، بما يكفي لدرجة أنني لم أشعر بالبرد على الإطلاق رغم أنني لم أكن أرتدي معطفًا.

 

عبست وطالبت: “يدك.”

 

“ها؟”

 

“اليد الأخرى.”

 

“ماذا، هل أبدو ككلب بالنسبة لكِ؟”

 

“على الأقل الكلاب لطيفة.”

 

“يا للغرابة. ألستُ لطيفًا أنا أيضًا؟”

 

أمال رئيس عشيرة جيغال رأسه ورمش.

 

 بغض النظر عن الوجه الباهت والدوائر السوداء تحت عينيه، التي جعلته يبدو مريضًا، كان في الواقع وسيمًا جدًا، وطريقته في محاولة الظهور لطيفًا عمدًا كانت تناسبه حقًا.

 

“كُنْ لديك بعض الحياء،” قلت متأخرة قليلاً.

 

أطلق رئيس عشيرة جيغال ضحكة صامتة . ضغطت على يده بقوة مرة لأحذره من عدم التمادي في الكلام، ثم بينما كان يتأوه

 

 “آه، يون، أنا آسف، هذا يؤلم. “

 

 

 نقلت القوة الطبيعية إليه وأنا أضغط على نقاط الوخز الخاصة به، تمامًا كما فعلت من قبل مع معصم سيو هاريونغ.

 

تأوه قليلاً براحة.

 

بعد لحظة، قلت: “حبوب قمع المرسوم الإلهي.”

 

“ها؟”

 

“ألن تعمل على اضطراب انسداد الأوردة؟”

 

رمش بسرعة، يبدو مرتبكًا. من الواضح أنه لم يتوقع هذا السؤال.

 

 “لماذا تسألينني ذلك فجأة؟ هل ستعطينني واحدة؟”

 

ضغطت على يده بقوة أخرى.

 

أجاب بسرعة: “لو كانت حبوب قمع المرسوم الإلهي تستطيع إنقاذي، ألا تعتقدين أنني كنت سأجد واحدة وأتناولها بالفعل؟”

 

هل كان من المفترض أن أُعجب؟ لم أجد الكلمات.

 

“حبوب قمع المرسوم الإلهي، ها… سيكون من الجيد امتلاك واحدة، لكنها لن تساعد كثيرًا.” 

 

توقف ليسعل عدة مرات، ثم واصل. “تعلمين أن أولئك الذين لديهم أوردة مسدودة يموتون صغارًا بسبب تكوينهم الملعون، أليس كذلك؟”

 

هذا التكوين “الملعون” أدى إلى تضييق الأوردة إلى حد الانسداد. 

 

عرقلة الدورة الطبيعية للطاقة ستضعف الجسم، مفتتحًا الباب للمرض. يمكن علاج المرض من جذوره، لكن انسداد الأوردة لا يمكن علاجه، مما يجعله أسوأ من المرض.

 

“حبوب قمع المرسوم الإلهي تشفي جسمك. لكن ما الفائدة من ذلك؟ ستظل أوردتي ونقاط وخزي مسدودة.”

 

يمكن لحبوب قمع المرسوم الإلهي عكس أي ضرر جسدي، لكن ذلك سيكون حلاً مؤقتًا فقط. 

 

بما أن السبب الأساسي سيبقى، فإن أوردته المسدودة ستؤدي فقط إلى إضعافه مجددًا، ثم الموت. تمامًا عندما تناولتها في حياتي السابقة على أمل استعادة مركز طاقتي.

 

“حسنًا، كما يقول اسمها، ستعطيني حبوب قمع المرسوم الإلهي على الأقل بعض الوقت الإضافي.”

 

 حدق في الفضاء للحظة، يلتقط أنفاسه. 

 

“لكنها لن تكون كافية لمنع الموت من الاقتراب مني.”

 

عادةً ما كان يبدو ساخرًا عندما يذكر الموت، لكن الآن وهو يجيب على سؤال سألته، بدا فقط وكأنه ينقل الحقيقة بهدوء.

 

 “لو كانت قوية حقًا إلى هذا الحد، ألن يكون الإمبراطور أول من تناولها ليكتسب الحياة الأبدية؟”

 

“هذا… صحيح…”

 

ضحك بهدوء وهمس: “لمعلوماتك، نحن نعرف كيف نصنع حبوب قمع المرسوم الإلهي أيضًا.”

 

“ماذا؟”

 

“لكننا لا نستطيع الآن. أحد مكوناتها الأساسية انقرض، كما ترين.” 

 

يبدو أنه تم اصطياده حتى الانقراض من قبل أولئك الذين يحلمون بكسب الحياة الأبدية. 

 

هز كتفيه وواصل: “لذا لا يمكن حتى صنعها بعد الآن، وعلى أي حال… تفقد فعاليتها كلما تناولتها أكثر.”

 

“تفقد فعاليتها… كلما تناولتها أكثر؟”

 

“هذا صحيح. هناك حد لمرونة الإنسان، كما ترين. إنه نفس الشيء كما أنه من الصعب التعافي بعد إصابة متكررة. لهذا السبب تخلينا عنها.”

 

بدا الأمر كما لو أنه لولا ذلك، لكانت عشيرة جيغال قد وجدت طريقة لإعادة صنع حبوب قمع المرسوم الإلهي بأي وسيلة ضرورية.

 

أمال رأسه بفضول. 

 

“لماذا تسألينني ذلك فجأة على أي حال؟ هل تفكرين في تناولها؟ ألم يكن لأنك تعرفين ما سيحدث أنك لم تفعلي ذلك بالفعل؟”

 

ضيقت عينيّ، مندهشة. كيف يعرف الشؤون الداخلية لعشيرة بايكري وكأنها مكتوبة على ظهر يده؟

 

لكن حتى رئيس عشيرة جيغال لم يكن يعرف هذا: 

 

“أبي مريض.”

 

“ماذا؟”

 

“رأيت تدفق طاقته الداخلية يتوقف فجأة.”

 

“تدفق طاقته الداخلية؟ آه، كان ذلك… عن والدكِ؟”

 

بدا متفاجئًا حقًا. أخبرته متى وكيف توقف وكيف بدت أوردة أبي، متشبثة بشدة بالأمل أن يتمكن من المساعدة، لكنه فقط هز رأسه.

 

“هذه أول مرة أسمع فيها عن شيء كهذا. أؤكد لكِ، لا يوجد مرض كهذا. لو كان موجودًا، لما كان هناك طريقة لم نعرف عنها.”

 

“لكنني سمعت أنك تعرف كيف تخفف من أعراضه.”

 

“ما كشفت عنه للورد بايكري كان أحد العلاجات التي عملت عليها عشيرة جيغال لسنوات عديدة على أمل إبطاء تقدم انسداد الأوردة ولو قليلاً.”

 

بمعنى آخر، لم يكن علاجًا نهائيًا. عدنا إلى نقطة الصفر.

 

“هل تعتقد أن حبوب قمع المرسوم الإلهي ستساعد أبي؟” سألت بعد لحظة.

 

ارتفعت حاجباي من ضحكته.

 

“آسف، كان ذلك سؤالًا لا معنى له.”

 

“ماذا؟ أنا جادة—!”

 

“ما الذي يهم في ذلك؟ إذا لم تساعد، هل لن تعطيها للسيد العظيم بايكري؟”

 

“آه…”

 

نظرت إليه بمفاجأة. لقد وصل مباشرة إلى صلب الموضوع.