كان يرتدي سترةً زرقاء داكنة منخفضة التشبع فوق قميص أسود، وكان مظهره يشبه إلى حد كبير مظهر داميان، الذي ارتدى أيضًا ربطةَ عنق سوداء ليكمل زيه.
يبدو أن الماركيز لم يجد مشكلةً في ارتداء ملابس مشابهة لصهره وكأنهما عائلة واحدة، فربّت على كتف داميان بمودة وبدا مسرورًا.
“كأنني نسّقت ملابسي مع ابني. ربما لهذا السبب يقول البعض إن صهرهم بمثابة ابن آخر لهم.”
“إن اعتبرتَ الأمر كذلك، فسيكون ذلك شرفًا لي.”
ردّ داميان بأدب، وهو يحني رأسه قليلًا. فابتسمت الماركيزة برضا وهي تمدحه.
“يا إلهي، داميان لا يجيد الحديث فحسب، بل يعبر بكلماتٍ جميلة أيضًا. كلما فكرت في الأمر، أجد أنه يتحلى بشخصية رائعة وأدب رفيع يضاهي وسامته.”
“كلما رأيته، أدركت أكثر فأكثر سبب اختيار أراسيلا له فجأةً كزوج لها. لقد ورثت ابنتي ذوقها الرفيع مني.”
أدار الماركيز رأسه فجأة نحو زوجته، و هيو يغمز بإحدى عينيه بمكر وأضاف،
“تمامًا كما وقعتُ في حبكِ من النظرة الأولى، يا ماي.”
“يا إلهي، يا لهذا الرجل!”
احمر وجه الماركيزة من الخجل، فضربت صدر زوجها بارتباك.
ضربة-!
دوى صوت قويٌ يوحي بأنها كانت ضربةً مؤلمة، لكن الماركيز تظاهر بعدم الشعور بأي شيء وحافظ على ملامحه الثابتة.
نظرت أراسيلا إلى والديها، اللذين لم يسأمَا أبدًا من إظهار حبهما في أي لحظة، بوجه هادئ. فقد اعتادت على هذا المشهد كثيرًا لدرجة أنه لم يعد يثير أي مشاعر لديها.
بعد أن فرك الماركيز بخفة المكان الذي ضُرب فيه، تنحنح وفتح فمه ليتحدث.
“على أي حال، من الرائع أن أشارك في مهرجان رأس السنة الجديدة مع ابنتي وصهري. وعندما تتزوج آيريس أيضًا، سيزداد عدد الأصهار ليصبح لدي صهران كالأبناء. مجرد تخيل ذلك……يجعلني سعيدًا حقًا.”
لكن على عكس كلماته، لم يكن واضحًا إن كان يشعر بالسعادة أم بالحزن وهو يبتسم بذلك الوجه المتردد. فبينما كان سعيدًا بزيادة عدد أفراد العائلة، كان قلبه يتألم عند التفكير في تزويج ابنته الأخرى.
وفي النهاية، أمسك الماركيز بيده على صدره وتحدث بصوت مرتجف،
“آه……صغيرتَي اللطيفتان……متى كبرتما إلى هذا الحد……؟”
وأخذ يتمتم بأسى.
“أوه، تجاهلوا كلام هذا الأب المفرط في المشاعر. زواج الابنة وإنشاؤها لأسرة خاصةٍ بها أمرٌ جيد، فما المشكلة؟”
قالت الماركيزة ذلك وهي تهز رأسها بيأس وتحرك يديها وكأنها لا تجد حلًا له. ثم سرعان ما أمسكت بيد داميان بلطف و تحدثت بابتسامة.
“لا يمكنك تخيّل مدى سعادتي بانضمام داميان إلى عائلتنا. أشعر وكأنني رزقت بابن أكبر يمكن الاعتماد عليه. فأدريان لا يزال صغيرًا، لذا لا يمكنني الشعور بتلك الطمأنينة التي يمنحها الابن البالغ.”
كان داميان يستمع بصمت، وعندما همّ بفتح فمه للرد ببطء، قاطعته أراسيلا بسرعة قبل أن تفوّت الفرصة، متحدثة بلهجة معارضة،
“أمي، الصهر هو الصهر، وليس الابن. إن أردتِ الدقة، فهو ابن ثمينٌ لعائلة أخرى.”
كانت ترى أن والدتها تضع ضغطًا كبيرًا على داميان بكلماتها، لذا تدخلت لمنع ذلك.
فضيّقت الماركيزة عينيها وهي تحدّق في ابنتها.
“كما توقعتُ منكِ تمامًا. لا أعرف ممن ورثتِ هذا الطبع، لكنكِ لا تفهمين معنى الرومانسية أبدًا.”
“عادة ما يقولون أنني ورثتُ ملامحي من والدي، وطباعي منكِ، أليس كذلك؟”
“أحسنتِ بالكلام، حقًا.”
وفجأة، لمحت أراسيلا من خلف والدتها حشودًا من الناس يتجمعون ببطء في وسط القاعة. و كانوا يأخذون أماكنهم استعدادًا للرقصة الأولى التي ستبدأ قريبًا.
بعد أن تأكدت الماركيزة من أن الفرقة الملكية تستعد لعزف مقطوعةٍ أنيقة تتناسب مع ليلة الشتاء، دفعت برفق ظهر ابنتها وزوجها.
“اذهبي وارقصي الرقصة الأولى مع داميان، أراسيلا. سأبقى هنا لأهدئ والدكِ.”
“ماذا؟ آه، حسنًا……”
وبلا تفكير، وجدا نفسيهما يتقدمان نحو وسط القاعة، ليندمجا بين الحشود.
ترددا للحظة بسبب الإحراج، لكن سرعان ما وضعت أراسيلا يدها على كتف داميان، بينما استقرت يده على خصرها.
وما إن اتخذا وضعيةَ الرقص، حتى بدأت الموسيقى تعزف.
تحرك داميان بانسيابية على إيقاع اللحن الناعم، وتبعته أراسيلا بخطوات متناغمة، تلقي عليه بين الحين والآخر نظرةً جانبية خاطفة.
لقد مر وقتٌ طويل منذ آخر مرة رقصا فيها معًا. لم يكن الأمر مقصودًا، لكنهما حضرا في الآونة الأخيرة حفلات لم تتضمن الرقص، فلم تسنح لهما الفرصة.
ورغم أنها شعرت بيديها المتشابكة مع يده وجسده القريب منها، إلا أن ما أقلقها أكثر كان وجهه النحيف، الذي بدا أكثر وضوحًا عن قرب.
‘بهذا الشكل، لا يبدو أن الأمر مجرد انشغال……بل ربما يتعرض لضغط نفسي أيضًا……؟’
فجأة، تذكرت أراسيلا تصرفات والديها المزعجةَ بعض الشيء تجاه دلميان في وقت سابق، وشعرت بالذنب دون سبب واضح.
رغم أنه كان لا بد أنه شعر بالإحراج، إلا أنه لم يُظهر أي انزعاج، مما جعلها تشعر بالامتنان والحرج في آنٍ واحد.
“أنا آسفة، داميان. لا بد أن والديّ جعلاكَ تشعر بعدم الارتياح، وكان عليهما ألا يفعلا ذلك معك.”
قدّمت أراسيلا اعتذارها بصوتٍ منخفض. عندها، ارتعش حاجبا داميان قليلًا، وهو الذي كان يرقص بهدوء وعيناه موجهتان نحو الأسفل.
وبعد صمت طويل، وبينما وصلت الموسيقى إلى منتصفها، طرح فجأة سؤالًا غير متوقع،
“هل تقولين هذا لأننا على وشك الطلاق؟”
“……ماذا؟”
“ما أقصده هو، هل سبب اهتمامكِ الزائد بتصرفات والديكِ هو أنكِ تفكرين في إعلان الطلاق قريبًا؟”
في الواقع، لم يكن داميان منزعجًا أبدًا من كلام أو أفعال والديها. فلم يشعر منهما بأي عبء أو ضغط.
حتى كلمات الماركيزة، التي بدت مبالغًا فيها، لم تكن سيئةً بالنسبة له. بل على العكس، شعر بشيء من السعادة. فمثل هذه الكلمات لا تُقال إلا لشخص يُنظر إليه كجزء من العائلة، وليس كغريب.
ما أزعجه حقًا هو أن أراسيلا تدخلت لتمنع والدتها، بل وذهبت إلى حد تقديم الاعتذار له.
و على عكس والديها، كان من الواضح أنها تراه كشخص سيرحل يومًا ما.
“بالطبع لا! أنا فقط……”
أنكرت أراسيلا ذلك بشدة، لكنها سرعان ما توقفت عن الكلام، غير قادرة على إكمال جملتها.
وبعد لحظة من التفكير، فتحت فمها من جديد وتحدثت بنبرة جادة،
“صحيح أنني سألتكَ عن موعد الطلاق أولًا، لكنني لم أقرر إنهاء عقدنا بعد. أريد أن أبقى بجانبكَ وأساعدكَ قدر المستطاع.”
“إلى متى؟”
“إلى أن ترغب أنتَ بذلك.”
أجابت أراسيلا بحزم.
كانت قد قررت إنهاء حياتها الزوجية مع داميان بناءً على نصيحة فيليب، لكنها لم تكن تنوي إنهاء العلاقة بشكل أحادي.
كان هناك فترةٌ انتقالية قبل أن تصبح سيدة برج السحر، وأرادت أن تفي بالعقد طالما كان بحاجة إليها.
هذه هي مشاعرها الحقيقية التي لم تتمكن من التعبير عنها خلال العشاء.
“……إلى أن أرغب بذلك..”
تمتم داميان بصوت منخفض، وهو يخرج نفسًا عميقًا.
هل يجب أن يعجبه هذا أم لا؟
كانت عيونه الذهبية التي تحدق في أراسيلا تحمل نظرةً معقدة. وهو يكبت الكلمات الأنانية التي كانت تتداخل بداخله،
ثم طرح سؤالًا واحدًا.
“هل هذا بسبب شعوركِ بالمسؤولية؟”
بسبب شخصيتها القوية التي تتمتع بالمسؤولية، هل هي غير قادرة على التخلي عن العلاقة بينهما بسهولة؟
ارتجف كتفا أراسيلا قليلاً. فهي تعلم تمامًا أن هناك مشاعر خاصة داخل قلبها.
لكنها أجابت بهدوء وأومأت برأسها مؤيدة.
“نعم، صحيح. في النهاية، يجب أن أتحمل مسؤولية ما وعدتُ به.”
“هكذا إذاً.”
مع إجابة داميان، انتهت المحادثة.
في حالة نفسية غريبة حيث تداخلت خيبة الأمل مع الراحة، أنهى الاثنان رقصتهما بشكل مثالي حتى النهاية.
لكن، من الخارج، كانا يبدوان كزوجين متفاهمين تمامًا، في تناغم تام.
***
عندما وصلت أراسيلا إلى الطاولة التي كانت تحتوي على كأس الشمبانيا لتشرب قليلاً، ضربت في أذنها تحيةٌ غير مرغوب فيها.
“مرحبًا، أراسيلا.”
عندما سمعت الصوت الذي لم يعد يُناديها به بشكل مألوف، وكان يحمل نغمةً حلوة، عبست أراسيلا بشكل تلقائي وأدارت رأسها.
كان فريدريك يقف مبتسمًا، وقد كشف جبهته بعد أن مشطّ شعره جانباً.
‘هل هو مجنون؟ لماذا يتصرف هكذا؟ يجب أن يعرف أننا لم نعد أصدقاء.’
بدا وكأن فريدريك قد نسي تمامًا حقيقة أنهما قد قطعا علاقتهما، وأضاف،
“كنت أرغب في رؤيتكِ. كيف حالكِ طوال تلك الفترة؟”
شعرت أراسيلا بالذهول لدرجة أنها توقفت عن الكلام، وعندما كانت لا تزال في حالة صمت، اقترب فريدريك بسرعة وقام بتقليص المسافة بينهما.
عندها تقدم داميان خطوةً إلى الأمام ووقف قليلًا أمامها، ليمنع فريدريك من الاقتراب أكثر.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات