في اليوم الذي سلمت فيه أراسيلا دعوة الفرسان إلى إيزيك، أرسلت أيضًا دعوةً إلى الأمير لوكاس. فلا يمكنها أن تتجاهله، إذ يمكن اعتباره الصديق الوحيد لداميان.
“ميلادٌ سعيد، اللورد فاندرمير! أخيرًا عرفت تاريخ ميلادكَ. كنت أطلب منك أن تخبرني به، لكنك لم تفعل ذلك أبدًا.”
ضحك لوكاس بصوت عالٍ وربّت على كتف داميان.
شعر داميان بقليلٍ من الإحراج فانحنى برأسه قليلًا.
“شكرًا لحضوركَ، صاحب السمو.”
“هاها، من الطبيعي أن أحضر حفل ميلاد صديقي. سأدعوكَ أيضًا في العام المقبل، لذا تأكد من الحضور مع زوجتكَ.”
“حسنًا.”
غمز لوكاس لأراسيلا، ثم أرسل قبلةً في الهواء لها قبل أن تبتعد مع داميان.
فمن المؤكد أن هناك الكثير ممن يرغبون في تحية صاحب الحفل، لذا قرر أن ينسحب في الوقت المناسب.
وقفت أراسيلا بجوار باولا التي كانت تنتظر قريبًا، ثم سحبت يدها،
“داميان، هذه صديقتي باولا. هل تتذكرها؟”
“بالطبع أتذكرها. كيف حالكِ، آنسة هايدن؟”
“أنا بخير. سمعت أنك تعيش في انسجام تام مع أراسيلا. ربما لهذا السبب تبدو في حالة جيدة رغم مرور وقت طويل منذ آخر لقاء لنا.”
غطّت باولا فمها وضحكت بهدوء، بينما كانت عيناها المتوهجتان بلون القرمز تحملان وُدًّا واضحًا تجاه داميان.
شعر داميان بالامتنان لحضورها خصيصًا من أجل تهنئته بميلاده، كونها صديقةً لأراسيلا.
“أعلم أنكِ مشغولة، لذا أشكركِ على تخصيص وقتكِ للحضور.”
“لا بأس، أليس من الوفاء أن أظهر في مناسبةٍ عائلية لصديقتي؟”
ردّت باولا بحيوية على عكس مظهرها الهادئ.
كان من الواضح أنها صديقة أراسيلا.
بعد مغادرتها، جاء إيزيك وكولين.
“يا إلهي، سيدي القائد! يوم ميلاد سعيد! هل يمكننا سماع شعورك اليوم بكلمة واحدة؟”
“لا. و اخفض صوتك، إيزيك، فأنت مزعج.”
ردّه القاطع جعل إيزيك يعبس ويزم شفتيه. هو الذي كان يبدو أكثر حيوية وحماسًا من المعتاد.
أما كولين، الذي وقف بجانبه بهدوء، ابتسم بأدب،
“ميلاد سعيد، سيدي. أتمنى أن تقضي يومًا مريحًا وسعيدًا دون أي هموم أو قلق.”
إيزيك، الذي كان يضع يده على ذقنه ويفكر بعمق، تحدث بوجه مشرق. فشعر داميان بشعور سيئ لسبب ما.
“أنت تريد أن تتلقى تهنئةً جماعية من الفرسان، أليس كذلك؟”
“لا……”
“يا رفاق! اجتمعوا جميعًا لتهنئة القائد!”
بمجرد نداء إيزيك، تجمع الفرسان المنتشرون في أرجاء الحفل بسرعة وبانتظام.
تبادلا أراسيلا وكولين نظرات ذات معنى.
‘هنا إن بقينا، سننجرُّ إلى الأمر، أليس كذلك؟’
‘نعم، من الأفضل أن نبتعد.’
عندما انحنى كولين بصمت وغادر بهدوء، همست أراسيلا بصوت منخفض إلى داميان.
“داميان، لحظةً من فضلك.”
“سيدتي، إلى أين تذهبين؟”
“هناك أمرٌ ما.”
ابتسمت أراسيلّا برقة وابتعدت بهدوء. و بسبب التجمّع الكثيف لأتباعه، لم يتمكن داميان من إمساكها واضطر لتركها تذهب.
“يوم ميلاد سعيد، يوم ميلاد سعيد، لقائدنا العزيز! يوم ميلاد سعيد!”
سرعان ما بدأ الفرسان المحيطون به بغناء أغنية الميلاد. و تسببت أصواتهم القوية بنشاز واضح في إزعاج الآذان، مما جعل داميان يقطب جبينه.
‘لا، حتى في طفولتي، لم أكن أرغب في مثل هذه الاحتفالات……’
“صحيح! في حفلات الميلاد، يجب أن نتبادل الضربات كجزء من التقليد. هل يمكننا فعل ذلك مع القائد؟”
“أيها الأحمق، هل تعتقد أن ذلك ممكن؟ بدلاً من ضربه، لنرفعه في الهواء!”
ثم رفعوا أيديهم واقتربوا منه، لكن داميان تخيل المشهد المروع لكونه محمولًا في الهواء وسط قاعة الحفل تحت أنظار الجميع، فسرعان ما تغيرت ملامحه إلى الجدية.
“انتباه.”
“انتباه!”
“توقفوا وعودوا إلى أماكنكم.”
“نعم، مفهوم!”
بصوته المنخفض والحازم، أدرك الفرسان أنهم لا يستطيعون المزاح أكثر، فتفرقوا على الفور.
بعد أن انسحب الرجال الضخام كالجزر المتراجعه، لم يبقَ في المكان سوى شخصين، سالي ورودي.
في الأصل، لم تكن أراسيلا تنوي دعوة متدربيها، لكنها غيرت رأيها بعد لقائها مع إيزيك. فقد فكرت بأن داميان قد يكون مهتمًا بمعرفة أخبارهم أيضًا.
بفضل ذلك، تم دعوة سالي ورودي في وقت متأخر جدًا، وشاركا في الحفل.
“مرحباً، لورد فاندرمير.”
“مرحبًا بكما، لقد مر وقتٌ طويل.”
بعد أن عملا معًا لحل حادث انفجار المصباح، تكونت بين داميان و متدربي أراسيلا علاقةٌ من نوع ما من الألفة.
“لورد. يوم ميلاد سعيد.”
“و شكرًا لدعوتنا.”
رغم أنهما لا يزالان يشعران بالتوتر أمام داميان.
بعد أن ضاق ذرعًا من ضجيج أتباعه، شعر داميان بالهدوء الداخلي عندما نظر إلى السحرة الذين قدموا تهانيهم بهدوء.
“كيف حالكما؟”
“بخير، منذ أن عادت سينباي إلى العمل، مررنا بأيام منشغلة وممتعة.”
أجابت سالي بابتسامة مشرقة. و كانت كلماتها مليئةً بالإخلاص.
“هل أنتم مشغولون جدًا؟”
“إلى حد ما. فقد بدأنا مؤخرًا دراسة جديدة حول مصل الإعتراف تحت إشراف سينباي.”
“مصل الإعتراف؟”
عبس داميان بدهشة بسبب موضوع البحث غير المتوقع. فهو أيضًا يعلم أن مصل الإعتراف توقف إنتاجه منذ زمن بعيد لدرجة أن قلةً قليلة فقط تتذكره الآن.
“ألا يزال من الممكن تصنيعه حتى الآن؟”
“في الحقيقة، لا نعرف بعد لأننا ما زلنا في المراحل الأولية من البحث. و قد انقرضت المكونات الرئيسية، لذا نحاول إيجاد طريقة لإحيائها أو العثور على بدائل.”
“همم، ما هي المكونات الرئيسية؟”
“زهرةٌ تسمى ديلاي، هل سمعت بها من قبل؟ تحتوي على سبع بتلات، وكل واحدة منها بلون مختلف مثل قوس المطر.”
لم يسبق لسالي أن رأتها بنفسها، لذا استندت في حديثها إلى الوصف الوارد في الموسوعة النباتية.
هز داميان رأسه بإيجاز.
“يبدو أنه سيكون بحثًا صعبًا.”
“أعتقد ذلك أيضًا. لكن بما أن من يقودنا هي سينباي، فلا يوجد ما يدعو للقلق.”
ردّ رودي بحماس. فقد كان يؤمن أنه طالما كانوا مع أراسيلا، فبإمكانهما تجاوز أي صعوبة.
وبشكل عام، كلما كان الطريق صعبًا، كانت لحظة تحقيق النتيجة أكثر إشباعًا للنفس.
ابتسم داميان ابتسامةً خفيفة عندما رأى الأشخاص الذين كانوا منهكين سابقًا وقد امتلأوا الآن بالحيوية بعد أن طلب المساعدة من أودري.
ثم لاحظا سالي و رودي اقتراب أراسيلا بصحبة عائلة الماركيز هوغو، فانحنوا تحيةً لهم ثم غادروا.
رأى دميان إيزيك يقترب من سالي و رودي بوجه يملؤه الفرح، فاستدار ببطء.
“لقد اشتقت إليك، داميان. لما هذا الترحيب الرسمي بين أفراد العائلة؟”
“صحيح، لقد أصبحتَ أكثر وسامة منذ آخر مرة رأيتكَ فيها، داميان.”
قالت الماركيزة ذلك بلطف.
و خلفهما، كانت آيريس واقفةً ممسكة بيد أدريان، وكان هناك رجل غريب بجانبها.
وبمجرد أن انتهى والداها من التحية، تقدمت آيريس مع أدريان إلى الأمام.
“يوم ميلاد سعيد، لورد. بما أنه أول ميلاد لك بعد الزواج، آمل أن تقضيه بسعادة مع أراسيلا.”
“أخي، يوم ميلاد سعيد!”
قال أدريان ذلك بحماس، ووجهه متورد بينما كان ينظر إلى داميان بعينين لامعتين.
“شكرًا لك، وأقدر ذلك.”
ظهرت ابتسامةٌ خفيفة على شفتي داميان وهو يربت على رأس أدريان المستدير.
رغم غياب عائلته الحقيقية، دوقية فاندرمير، إلا أن وجود عائلة الماركيز هوغو كان كافيًا لملء ذلك الفراغ بالكامل.
عند اللحظة المناسبة، قدمت آيريس الرجل الغريب الذي كان بجانبها.
“هذا هو السيد إيريك روبرتس. إنه شريكي في الحفل اليوم.”
“تشرفت بلقائكَ، اللورد فاندرمير. أنا إيريك روبرتس.”
“مرحباً، أنا داميان فاندرمير.”
تصافح الرجلان، وأدرك داميان فوراً، على عكس مظهر إيريك الرقيق، أن يده كانت كبيرةً وخشنة بسبب التمارين، مما فاجأه قليلًا.
و في المقابل، فوجئ إيريك بقوة قبضة داميان، والتي كانت تليق بلقب سيد السيف.
تأملت عيناه الذهبية إيريك بدقة.
إذا كان قريبًا بما يكفي ليكون شريك آيريس في الحفل، فقد يصبح قريبًا صهر عائلة الماركيز هوغو.
‘إنه يشبه الآنسة هوغو في الهالة التي يبثها.’
بينما شكّل داميان وأراسيلا تناغمًا رائعًا أشبه بلوحة فنية زاهية، بدا هذا الثنائي أكثر نعومةً وهدوءًا، لكنه كان متجانسًا بطريقته الخاصة.
“في الواقع، هذه أول مرة ألتقي فيها بالسيد روبرتس أيضًا. أختي كانت تتبع أسلوب الغموض في علاقتها.”
“يا له من كلام، آري. أنتِ من كنتِ مشغولةً طوال الوقت، والآن تحاولين إلقاء اللوم عليّ؟”
وضعت آيريس يدها على خصرها بمرح، متظاهرةً بتوبيخ شقيقتها.
و في تلك اللحظة، ألقى داميان نظرةً خاطفة على أراسيلا وكأنه يتحرى ردة فعلها، لكن إيريك ابتسم وتدخل بلطف.
“أنا أيضًا أجد أنه من المؤسف أننا لم نتعارف إلا الآن، سيدة فاندرمير. كان عليّ أن ألتقي بكِ مبكرًا لأكسب بعض النقاط لصالح نفسي.”
“لقد حصدت بالفعل انطباعًا جيدًا في اللقاء الأول، لذا لا تقلق.”
“هاها، هل هذا صحيح؟ إذاً سأتمكن من النوم جيدًا الليلة.”
ابتسم داميان بلطف وهو يراقب إيريك يتحدث بسهولة مع الشقيقتين، دون أن يدرك أنه كان يحدق به.
رغم أنهما التقيا لأول مرة اليوم، إلا أنه بدا مرتاحًا جدًا في الحديث مع أراسيلا، مما أوحى بأنه شخص اجتماعيٌ للغاية.
شعر داميان بانزعاج خفي من التناغم الواضح بينهما وكاد يعبس، لكن الماركيزة تحدثت أولًا.
“حقًا، أشعر فجأة بأن ابنتي كبرت. الطفلة التي كانت تتشاجر مع أصدقائها في الحفلات ثم تُطرد أصبحت الآن تنظم حفلة ميلاد زوجها.”
“أمي، لماذا تذكرين هذا فجأة؟”
عندما بدأ الحديث عن ماضيها، حاولت أراسيلا بسرعة الدفاع عن نفسها، لكن الماركيز انضم إلى زوجته، مما جعل محاولتها تبوء بالفشل.
“هاها، وهل كانت آري تكتفي فقط بالشجار مع أصدقائها؟ في أحد حفلات ميلادها، أرادت أن تظهر بطريقة ساحرة باستخدام السحر، لكنها سقطت مباشرةً على الكعكة وغطتها بالكريمة بالكامل.”
“أبي! لماذا أنتَ أيضًا؟”
“أما أنا، فقد قدمت لي في ميلادي إحدى خصلات شعرها كهدية. كانت قد قصت شعر دميتي المفضلة بالخطأ وشعرت بالحزن، فقررت أن تعطيني شعرها كتعويض. هل يمكن اعتبار ذلك استبدالًا منصفًا؟”
أضافت آيريس كلامها، فانفجر الجميع ضاحكين، بينما بدا الضيق واضحًا على وجه أراسيلا.
بحثت سريعًا عن ضحية جديدة لرد الهجوم، فخفضت نظرها إلى أدريان، الذي كان مستغرقًا في قضم البسكويت غير مدرك لما يجري.
“على الأقل، لم أبكِ لمدة ثلاث ساعات بسبب صوت الألعاب النارية مثل أدري.”
“أ-أختي! لم تكن ثلاث ساعات، بل ساعتين فقط!”
احمرّ وجه أدريان فجأةً عندما كُشف عن أمر محرج من ماضيه، مما أدى إلى انفجار موجة جديدة من الضحك بسبب ردّ فعله اللطيف.
“في الأصل، عندما يكون المرء صغيرًا، لا بد أن يرتكب أمرًا غريبًا في حفل ميلاده.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات