انطلقت العربة التي كانت تقلّ أراسيلا أولًا، وتبعها داميان في العربة من خلفها.
سارت العربتان جنبًا إلى جنب حتى الحي التجاري، ثم افترقتا كلٌّ في طريقه بالقرب من الساحة.
تأملت أراسيلا من خلال النافذة مشهد برج السحر الذي ظهر في الأفق.
أخيرًا، سأعود إلى مكاني. كم انتظرتُ هذا اليوم.
نزلت من العربة وسارت بخطوات واثقة عبر البوابة الرئيسية لبرج السحر. و انحنى الحارس الذي كان يقف عند المدخل برأسه احترامًا.
لم يكن هناك أحد داخل البرج يجهل بعودتها.
عندما دخلت، وجدت الأرضية متناثرةً ببتلات الورود، بينما عُلِّقت لافتةٌ احتفالية على السقف ترحب بها،
<نهنئ الساحرة أراسيلا على عودتها!>
ابتسمت أراسيلا بخفة وسارت على امتداد الطريق المزين بالورود المؤدي إلى مختبرها.
كل من مرّت بهم على الطريق بادروا بتحيتها.
“أراسيلا، مباركٌ عودتكِ!”
“أهلاً بعودتكِ، سينباي!”
“السينباي أراسيلا، من الرائع أنكِ عدتِ!”
اكتفت أراسيلا بإيماءة خفيفة وهي تبتسم برقة.
من داخل مختبرها، الذي كان مغلقًا لفترة ولم يُسمح لأحد بدخوله، تعالت أصوات حركة واضحة.
طرقت الباب، فقوبلت بسكون مفاجئ.
يبدو أنهم كانوا يخططون لشيء ما. ففتحت أراسيلا الباب ببطء.
بوم-!
انفجرت مفرقعاتٌ صغيرة، وتناثرت قصاصات الورق الملون في الهواء.
ثم تقدّما سالي ورودي، و كلٌّ منهما يحمل شيئًا، الأولى باقة زهور، والثاني كعكة.
“سينباي! أهلًا وسهلًا!”
“مبارك عودتكِ إلى العمل، سينباي!”
“أسرعي، و أطفئي الشموع وتمنّي أمنية!”
احتضنت أراسيلا باقة الزهور بين ذراعيها، ثم نفخت الشموع وأغمضت عينيها للحظة قبل أن تفتحهما مجددًا.
“شكرًا لكم، يا رفاق. الزهور المبعثرة واللافتة بالخارج……أنتما من جهّزهما، صحيح؟”
“آه، لا! لم نفعل ذلك. لقد قام الآخرون بإعدادها من أجلكِ.”
لوّحت سالي بيديها نافية، مما جعل أراسيلا تتفاجأ قليلًا.
فلم تكن تتوقع أن هناك أشخاصًا آخرين يحتفلون بعودتها بصدق، غير هذين المتدربين.
عندما أُجبِرت ظلماً على مغادرة البرج بسبب فيرناندو، كانت غارقةً في الإحباط واليأس.
فرغم كل إخلاصها للبرج وإثباتها جدارتها كساحرة، شعرت آنذاك بأنها لم تحظَ بالاعتراف الذي تستحقه.
ظنّت أن حياتها المهنية كساحرة قد تم إنكارها بالكامل، وشعرت باليأس.
لكن الحقيقة لم تكن كذلك.
كان هناك من يراها ويقدّرها، و من لم يحكم عليها بتحيّز، بل نظر إلى الطريق الذي رسمته بنفسها وحكم عليها بناءً على ذلك.
……لم يكن كلُّ ذلك عبثًا حقًا.
مهما قال الآخرون، فقد شقّت طريقها بثبات، والآن، في هذه اللحظة، شعرت بأن كل ما بذلته لم يكن بلا جدوى.
“أنا ممتنةٌ لكم جميعًا.”
“أوه، سينباي، لقد قدمتِ الكثير كساحرة، فمن الطبيعي أن يحدث هذا.”
“ما فعلتِه هو ما جعل الآخرين يقدّرونكِ بهذه الطريقة.”
“أحقًا؟”
ابتسمت أراسيلا بخفة، ثم وضعت الكعكة وباقة الزهور بعناية على المكتب.
بعد أن تلقت هذا الكم من التهاني من متدربيها، كان هناك مكان يجب أن تزوره.
“سأخرجُ قليلًا.”
“إلى أين ستذهبين؟”
تفاجأت سالي واتسعت عيناها عندما سمعت أنها ستخرج فور وصولها. فسألتها بفضول، لكن أراسيلا رفعت سبابتها مشيرةً إلى الأعلى.
“إلى سيد البرج. طلب مني أن أزوره بمجرد وصولي.”
لقد حان وقت لقاء معلمها.
عندما طُرِدت من البرج، لم يتمكن فيليب من مساعدتها. ومع ذلك، لم تكن أراسيلا تحمل أي ضغينة تجاهه.
فقد رأت فيرناندو وهو يهدده، وأدركت أنه كان من الصعب على فيليب التدخل في ذلك الوضع.
علاوةً على ذلك، بعد انتهاء المحاكمة، تصرّف فيليب بسرعة، فقام بطرد فيرناندو وأعوانه وأعاد أراسيلا إلى منصبها، لذا لم يكن هناك سبب يدعوها للومه.
“سيد البرج، هل يمكنني الدخول؟”
بمجرد أن سألت وهي واقفةٌ أمام الباب، جاءها الإذن فورًا.
دخلت أراسيلا إلى مكتب سيد البرج المألوف لديها.
و استقبلها فيليب بضحكته المعتادة بينما كان يطفو في الهواء.
“لقد جئتِ، أراسيلا.”
“يبدو أنني لم أزر هذا المكان منذ وقتٍ طويل.”
“هوهوهو، أحقًا؟”
نزل فيليب ببطء ليستقر على الأرض، حتى يتمكن من مواجهة تلميذته بشكل صحيح.
عندما جلس على الوسادة، لاحظت أراسيلا أن جسده أصبح أنحف من ذي قبل، وشعره ازداد بياضًا، مما جعل حاجبيها يرتجفان قليلًا.
“هل كنت حزينًا للغاية أثناء غيابي؟”
“ولماذا تسألين عن ذلك؟”
“لأنك تبدو وكأنك كبرت فجأة.”
“في مثل عمري، لم يتبق لي سوى أن أزداد شيخوخةً لا غير.”
بلمسة سحرية، صبَّ فيليب الشاي في فنجانه وأشار لها بيده كي تجلس.
امتثلت أراسيلا وجلست أمامه بهدوء.
“أحسنتِ، أراسيلا. أن تكشفي عن براءتكِ بنفسكِ وتستعيدي مكانكِ……لقد نضجتِ حقًا.”
“كنتُ أطول منك منذ البداية، معلمي.”
“هوهوهو، هذه الفتاة……”
ضحك فيليب بحرارة، لكن تعابيره بدأت تتصلب تدريجيًا. ثم اعتذر لها بصوت منخفض.
“أنا آسف.”
“على ماذا؟”
“لأنني لم أستطع مساعدتكِ في الاجتماع الماضي.”
“لا بأس. لو أنك تدخلتَ وحميتني حينها دون تروٍ، لربما كنتَ أنت من سقط الآن بدلاً مني.”
في ذلك الوقت، لم يكن لدى أراسيلا أي دليل مادي، بل مجرد شكوك. و لو أن فيليب دافع عنها دون إثبات، حتى لو أحضرت الدليل لاحقًا، لكان هناك من يشكك في مصداقيته.
ربما لكانوا اتهموه بتزوير الأدلة من أجلها.
لكن لأنه لم يتدخل ولم يتلاعب بنتيجة التصويت، لم يعترض أحد على حكم المحكمة الذي أثبت براءتها لاحقًا.
“مع ذلك، أشعر وكأنني كنت معلمًا عديم الفائدة، وهذا يؤلمني كثيرًا. و كتعويض، سأحقق لكِ أي طلباً. قولي لي ما تريدينه.”
“همم……”
غرقت أراسيلا في التفكير للحظة.
كانت قد تلقت بالفعل الكثير من التعاليم من معلمها، ولم يكن هناك شيء آخر ترغب في الحصول عليه منه.
كادت أن تطلب منه كوب شاي جميل فحسب، لكن فجأة، خطرت في ذهنها صورة صندوق مجوهرات مونيكا.
ذلك الصندوق الذي لا تزال عاجزةً عن فك التعويذات السحرية المعقدة المحيطة به.
إذا كان فيليب يمتلك مهارات سحرية أعلى منها بكثير، فمن المحتمل جدًا أن يتمكن من حل ما عجزت هي عن حلّه في لحظة.
“إذاً، لدي طلب. لدي صندوق مجوهرات عليه تعويذة قفل، هل يمكنك فكها؟”
“بالطبع، أحضريه لي.”
وافق فيليب بكل سرور. وعندما سألها إن كان هذا هو كل شيء، أومأت أراسيلا برأسها بالموافقة.
بعد أن تبادلا بعض الأحاديث، نهضت أراسيلا من مكانها.
“حسنًا، سأذهب الآن.”
“حسنًا، عملٌ موفق.”
نظر فيليب إلى تلميذته التي كانت تقف وتودعه، ثم قال لها بصوت هادئ.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات