“ما… هذا؟”
في الصباح الباكر، التقطت إيميلين الصحيفة وتجمدت من الصدمة.
كان اسمها واضحًا في العنوان الرئيسي بحروف كبيرة، وإلى جانبه اسم زينون.
بعينين مرتجفتين، بدأت تقرأ التفاصيل ببطء، وما إن استوعبت مضمونها حتى شهقت مرعوبة.
المقال يذكر اجتماعاتٍ سرية عديدة بينهما.
بل وادّعى أن علاقتهما بدأت في حفلة اليخت لدى الكونت برونو، مع سرد دقيق بشكل يثير الريبة.
“هل كان هناك من رآنا حينها؟”
هل رآهما أحد وهما يتبادلان تلك القبلة على اليخت؟
تحولت يداها، المشدودتان حول الصحيفة، إلى لون باهت كالأشباح.
قضمت شفتها بقلق، محاولةً إجبار نفسها على التفكير بهدوء.
“على الأقل لا توجد صور. لو تعاملت مع الأمر بحذر، فسيمكنني إنكار كل شيء واعتباره تقريرًا كاذبًا.”
بعد أن أعادت قراءة المقال مرتين إضافيتين، وضعت الصحيفة بيدين مرتعشتين وقلبها يخفق كمن يركض.
“من الذي سرّب هذه المعلومات؟”
التطور المفاجئ جعل رأسها يدور.
وإن اعترف زينون ترانسيوم بصحة ما ورد في المقال، فلن تتمكن من منع الفضيحة مهما فعلت.
هزّت إيميلين رأسها، طاردةً أسوأ الاحتمالات.
“لا يمكن. رغم تهوره، لن يكون أحمق بما يكفي للاعتراف بفضيحة وهو مخطوب أصلاً.”
لا يمكن… لن يفعل.
وبينما كانت جالسة أمام الصحيفة، غارقة في اضطرابها، جاء طرقٌ على الباب.
لشدة انغماسها في التفكير، انتفضت والتفتت نحو الصوت.
“إيميلين.”
كان صوت أنتوني.
شعرت للحظة وكأن الدم غادر جسدها. اللحظة التي كانت تخشاها قد وصلت.
عضّت شفتها المرتجفة، ثم تحركت بهدوء لفتح الباب.
“…أخي.”
نطقَت بصوتٍ ثقيل. نظر إليها أنتوني، ثم اتجه ببصره إلى الطاولة خلفها حيث وُضِعت الصحيفة.
“لقد رأيتِ الخبر. والدي يطلبك.”
“هذا كله كذب… أقسم لك يا أخي.”
كانت تعرف تمامًا أي نوع من سوء الفهم سيجلبه هذا الأمر. تمسّكت بقميصه بيأس.
“هذه المرة أنا بريئة حقًا… لم أفعل شيئًا.”
لكن عائلتها لطالما آثرت تصديق المجتمع على تصديقها.
تلك هي الطريقة التي حطموا بها أحلامها، ودهسوها، وقيدوها باسم القواعد.
رمقها أنتوني بنظرة حملت صراعًا داخليًا، ثم تنهد بعمق.
“تعالي فقط. والدي ينتظر.”
قالها ببرود ثم التفت مغادرًا.
تجمّدت للحظة، ثم لحقته بخوف يقطع أنفاسها.
“أخي… أنا بخير مع الكونت رينييه. لا علاقة لي بهذه الفضيحة إطلاقًا.”
لم يكن لديها خيار سوى التوسل.
فهو أحد من سلبوها أحلامها. من أفرغ حياتها من معناها.
لم تكن تعرف ما قد تخسره بعد، ولم يكن لديها أحد آخر يقف إلى جانبها.
توقّف أنتوني فجأة. التفت إليها ببطء، وعيناه حادتان.
“أتظنين أنني لا أعلم؟”
اخترق صوته الحاد صدرها كخنجر. اتسعت عيناها خوفًا.
قطّب حاجبيه تكشيرًا، ثم قال:
“منذ عودتي، أمرني والدنا أن أراقبك. لأتأكد أنك لن تعودي للاختلاط بذلك الرجل.”
“…ماذا؟”
اتسعت عيناها صدمة.
لكن أنتوني عاد قبل أيام فقط. كيف…؟
قبل أن تكمل التفكير، ظهر على شفتيه ابتسامة ساخرة.
“تابعت خطواتك. كنتِ تلتقين به أكثر مما تظنين. منذ عودة زينون ترانسيوم.”
“أنا… لم أفعل…”
تلعثمت وفقدت لونها.
هل كان يقصد الماضي أيضًا؟
هل يعرف بشأن القبلة على اليخت؟
كانت على وشك إنكار كل شيء، لكنه قاطعها بضجر:
“ولم أخبر والدنا… بعد. ما زال يراك ابنته الفخورة. كيف أخبره بأن سلوكك مخزٍ إلى هذا الحد؟”
استدار وأكمل السير، ملامحه باهتة لكنها ثقيلة بالصراع.
تبعتْه إيميلين وهي ترتجف.
“أبي لا يعرف…”
لم يكن ذلك مريحًا تمامًا، لكنه أراحها قليلًا. فأنطوني في أي لحظة قد يقرر فضحها.
ووصلوا إلى مكتب الدوق.
طرق أنتوني الباب، ثم فتحه وقال لها:
“ادخلي.”
“…حسنًا.”
دخلت، وأنتوني خلفها.
كان الدوق برنارد يقرأ الجريدة، وجهه محمر من الغضب. الورقة متجعلكة بين أصابعه.
وقفت إيميلين أمامه بهدوء مصطنع.
“استدعيتني يا أبي.”
رفع بصره نحوها، ثم رمى الجريدة المتجعدة عليها.
ارتجفت واقفة.
“إيميلين! اشرحي نفسك. أي سلوك مخزٍ أوصلنا إلى هذا؟”
“إنه سوء فهم يا أبي.”
ارتعش صوتها. نظرت إلى أنتوني، تخشى أن يكشف كل شيء.
“لا علاقة لي بذلك الرجل. أنا مخطوبة للكونت رينييه. ما الداعي لرؤيته؟ هذا مجرد مقال رخيص لجذب الانتباه… أرجوك صدقني يا أبي.”
أغمضت عينيها محاولة كبح رعشتها.
كانت خائفة أن يُعيدها أبوها إلى تلك الغرفة المظلمة كما فعل سابقًا.
هي تكره زينون ترانسيوم… لأنه السبب.
تنفّس الدوق بعمق، يحاول التماسك.
“أنتوني… هل تصدق كلام أختك؟”
تجمّدت إيميلين.
حتى الآن، رأيها بلا قيمة.
بعد لحظة، قال أنتوني:
“…نعم يا أبي. لا أظنها تكذب.”
حدقت فيه مصدومة.
هو الذي كان يرغمها دائمًا على لوم نفسها حتى عندما تُظلم… الآن يدافع عنها؟
هل لديه دوافع خفية؟
قال الدوق:
“إذن أي أحمق كتب هذا الهراء؟”
أطلق نقرة ضجر، ونظر إلى إيميلين بريبة.
“هل أعطيتِهم سببًا للكتابة؟”
“…هذا غير ممكن يا أبي.”
ضغط على صدغيه، ثم قال:
“سأتواصل مع الصحيفة لإجبارهم على سحب المقال فورًا. وحتى لقائك القادم مع الكونت رينييه، لا تغادري المنزل.”
“نعم يا أبي.”
ثم خرجت.
وبمجرد إغلاق الباب، قال أنتوني:
“هل تحتاج إلى شيء، يا أبي؟”
“لا. سأهتم بالأمر بنفسي. هل أنت واثق أنها لم تقابله؟”
“…نعم. التقت به مصادفةً مع الكونت رينييه فقط. أما لوحدها، فلا. إيميلين عقلت الآن. لن تلتقي رجلاً مثله.”
ضحك سخرية.
اطمأن الدوق لكلامه.
بينما تذكر أنتوني ملامح أخته المرتجفة… وتذكر الماضي.
إيميلين لم تأكل لعدة أيام حينها.
وتجاوز العقاب الحد المقبول.
هو التزم الصمت قبل أربع سنوات… كما يصمت الآن.
أخرجه صوت الدوق وهو يستدعي خادمًا.
سلّمه رسالة موجهة للصحيفة لسحب المقال.
في اليوم التالي… وصل ظرف جديد.
الدوق ظن أنه من الصحيفة للاعتذار.
لكن المرسل كان…
زينون ترانسيوم.
ولم يُرسل الخطاب إلى إيميلين… بل إلى الدوق نفسه.
فتح الجريدة مرة أخرى…
بدلًا من السحب أو الاعتذار، نُشر المقال أكبر وأكثر تفصيلًا.
احمر وجهه غضبًا.
“ذلك الوغد…!”
صرخ وهو يضرب الطاولة.
“أحضروا إيميلين حالًا!”
- –
التعليقات لهذا الفصل " 56"