بقي قريبًا منها، يضع قبلات خفيفة على جبينها، يهمس بكلمات هادئة تطفئ التوتر.
سألها:
” تشعرين بالنعاس؟”
أومأت بعينين مثقلتين.
“قليلاً…”
قال برقة لا تشبه الصورة التي يعرفها الناس عنه:
“نامي. أنا هنا.”
أغلقت عينيها، وابتسمت بخفوت.
“لكن عليك أن تذهب.”
هزّ رأسه ساخرًا:
“سأرتّب المكان أولًا، وأراقبك حتى تنامي. سأبقى… إلى أن يطلع الصباح.”
همست، ضاحكة بنعاس:
“ولِمَ لا تعيش هنا أصلاً؟”
رفع حاجبه وكأنه يأخذ كلامها على محمل الجد:
“أذهب الآن إلى والدك وأسأله؟”
“هل ستقتحم غرفة نومه من اجلي؟.” قالت وهي تضحك.
ضحك معها، إلى أن بدأت جفونها تغلق ببطء.
“إيميلين…”
كانت آخر كلمة سمعتها قبل أن يستسلم ويمسح على شعرها.
وبينما غفت، كان صوته يمر عليها مثل نسمة دافئة:
“تصبحين على خير… أحبك.”
—
عند الظهيرة، وبعد نوم طويل، نزلت إيميلين من غرفتها بنية التوجه إلى ساحة إيلفارتو المركزية.
لكن شيئًا ما كان غريبًا في القصر.
ليس واضحًا… لكن الجو مضطرب.
الخدم يتحركون بسرعة، يتجنبون النظر إليها، وكأنهم يخفون أمرًا ما.
خرجت إلى العربة، رغم شكّها، فقد كان لديها أمر مهم.
فالقادم ليس نزهة عادية، بل جزء من استعدادها لموسم ظهورها الاجتماعي.
قبيل ظهيرة كهذه، تكون الساحة مكتظة بالسيدات، يتذاكرن آخر الأخبار ويتفاخرن بأحدث الأزياء.
وصلت إلى الساحة المزينة بالنافورة والحديقة الكبرى،
وخلال لحظات تجمعت حولها السيدات النبيلات، كل واحدة منهن تحاول جذبها إلى مجموعتها:
“ليدي دالزايير! انضمي إلينا لشرب الشاي!”
“أبي يعمل على تصميم مجوهرات جديدة، نريد رأيك!”
“لكنني تحدثت إليها أولًا!”
ضحكة خفيفة من إيميلين كفت لتهدئة التنافس الهادئ بينهن.
“لدي متسع من الوقت. سأزوركم جميعًا.”
فعلت ذلك بالفعل.
جلسَت مع كل مجموعة، تحدثت، وابتسمت، وربطت العلاقات اللازمة لمستقبلها الاجتماعي.
ورغم تعبها، فالسياسة بين النبلاء شيء تجيده جيدًا.
وزاد الاهتمام بها بعد انتشار شائعات عن ارتفاع نفوذ والدها بعد انسلاخه من فصيل الأمير الثاني.
الجميع يريد الوقوف قربها.
لكنها كانت تعرف الحقيقة جيدًا:
والدها… متقن للمظاهر، لا أكثر.
أنهت جولتها، وهمّت بالرحيل،
فهي تريد العودة باكرًا للتجهز لاستقبال زينون إن أتى.
وبينما كانت تودع آخر مجموعة، سمعت صوتًا يناديها:
“ليدي دالزايير؟”
التفتت، فوقع بصرها على شاب حسن الهندام.
تأملته لحظة، ثم اتسعت عيناها بصدمة خفيفة.
“اللورد هانوفر…؟”
رينِل هانوفر.
الرجل الذي اختاره والدها ليكون خطيبها.
التعليقات لهذا الفصل " 38"