مدّت إيميلين يدها المرتجفة، تمسك بطرف ثياب زينون وكأنها تتشبث بآخر خيط من الطمأنينة.
كانت تعرف أن عليها التصرّف بعقل، لكن قلبها لم يستطع السماح له بالابتعاد.
التقت عيناها الزرقاوان بعينيه، محملتين بدموع تخشى الفراق.
إن استسلمت للأمر الواقع… ربما يُنتزع زينون من حياتها إلى الأبد.
تنفست باضطراب، ثم همست:
“زينون…”
هل يمكنها أن تتخيّل حياة بدونه؟
الشخص الوحيد الذي رأى حقيقتها، لا مكانتها؟
لم تجد في نفسها جوابًا مطمئنًا.
تمتمت بصوت منخفض:
“شريك زواجي قد تمّ تحديده…”
تجمّد وجه زينون، وكأنه فهم فورًا أنه ليس هو المختار.
الخلافات بين العائلتين كانت أعمق من مشاعر شابين يحاولان التمسك ببعضهما.
لكن حقيقتهما الوحيدة… كانت هذا التعلّق الصادق بينهما.
وقف زينون فجأة.
ارتبكت إيميلين، خائفة من أن يتركها الآن.
إلا أنه عاد واقترب منها، جلس بجانبها، ورفع يده ليمسح دموعها.
“لا تبكي، إيميلين.”
صوته على هدوئه كان يزلزل ارتباكها.
أضاف بابتسامة خفيفة يحاول بها تبديد خوفها:
“أعرف أنك لم تختاري هذا. ثم إننا وعدنا… أن يكون الزواج بيننا أولًا. وإيميلين دالزايير تفي بوعودها.”
لامست يده عينيها المنتفختين، فوضعت يدها فوق يده كأنها تطمئن نفسه أيضًا.
قال لها بصوت خافت:
“هل تريدين أن أبقى بقربك؟”
هزّت رأسها بهدوء:
“إذا كان… أنت. فلا بأس.”
لسبب ما، أصبح زينون هو الاتجاه الذي تستقيم به حياتها.
بجانبه فقط، يتضح الغائم، وتهدأ العاصفة.
مدّت يدها ولمست خدّه برفق، ثم أحاطت عنقه بخجلٍ غلبه الصدق.
تنفّس زينون بعمق، كأنه يخشى أن ينجرف بمشاعره، لكنه لم يبتعد.
قال محذرًا:
“لا أريد أن أؤذيك.”
ابتسمت بخفوت:
“أنت لا تؤذيني.”
لكن ملامحه تغيّرت عندما أكملت:
“الأذى أعرفه فقط من والدي… حين أعاقَب على أي خطأ.”
اشتدّ فكّه غضبًا.
مجرّد سماعه لمعاناتها أشعل شيئًا حادًا في عينيه.
لكنها تابعت قبل أن يُفلت غضبه:
“أعلم أنك لست مثله… لذلك أرتاح معك.”
اقترب منها ببطء، ووضع جبينه على جبينها، يحاول تهدئة الرجفة التي سكنت بين أنفاسها.
همس باسمها:
“إيميلين…”
وكأنها استجابت لندائه وحده، مررت يدها في شعره بهدوء، فيرتبك لصوت عاطفتها أكثر مما يرتبك لأي شيء آخر.
استلقى قربها، محافظًا على المسافة التي تليق بها، لكنها كافية لتشعر بدفئه.
تلاقت عيونهما في ضوء المصباح الخافت، وتعلّق كلاهما بصمتٍ يفيض بما لم يستطيعوا قوله.
أحاطت كتفيه بذراعيها، بينما بقي هو سندًا لجسدها المرتجف، يربت على كتفها، ويهمس بكلمات تطمئن قلبها.
أدركت إيميلين معنى أن يكون زينون بحياتها..
قربهما وحده كان كافيًا ليملأ ذلك الفراغ الذي يهددها دائمًا.
ومع كل نبضة كانت تسمعها من صدره، أدركت شيئًا واحدًا:
لقد كان أول بداياتها…
ولم تندم على واحدة منها.
التعليقات لهذا الفصل " 37"