ذلك المكان لم يكن مجرد ممر، بل كان غرفة أخرى متصلة بالغرفة التي استيقظت فيها…
غرفة أوسع بكثير، وأجمل بدرجات لا تقارن بما كنت فيه من قبل.
ثم…
“ستيلا!”
نادَتني شابة فاتنة بصوت خافت أقرب إلى الهمس.
كان شعرها الأشقر يلمع كأنه خيوط من ذهب مستعار، وعيناها الواسعتان تلمعان كعيون دمية، فيما ارتدت فستانًا فضفاضًا تنساب منه الرقة.
لم يسبق لي أن رأيت امرأة تشبهها.
“لكن… لماذا أشعر أنها مألوفة إلى هذا الحد؟ لا تقل لي أنكِ… كايلا؟”
لم أعلم لمَ خطر اسمها في بالي فجأة، لكنها بدت لي مطابقة تمامًا للصورة التي رسمتها لكايلا في خيالي، كما تخيلتها عند قراءتي الرواية، وفي أحلامي.
“لحظة واحدة… هل نادتني بستيلا؟”
استدرت ببطء نحو المرآة المنصوبة في الغرفة، وهناك رأيت انعكاسي بوضوح.
شابة نحيلة، ذات شعر أحمر يميل إلى التموج، وبشرة بيضاء ناعمة كالحليب.
وفي تلك اللحظة، شعرت وكأن صاعقة أصابتني.
لقد… انتقلت إلى عالم آخر، وتجسدت في جسد ستيلا.
ويا لسوء حظي… انتهى بي المطاف متجسدة في هيئة الخادمة المسكينة، التي انتهت حياتها البائسة بموت بشع بجوار سيدتها.
“ستيلا! ساعديني!
لمَ تقفين جامدة هكذا!؟”
أيقظني صوت كايلا المتوتر من دوامة أفكاري.
كانت تمسك مقصًا تقطع به الستائر الطويلة على السرير بعجلة، تقتلع كل ستائر الغرفة وتربطها معًا لتصنع حبلًا طويلًا.
كنت مشدوهة أحدق في المرآة، والدموع تملأ عيني.
ليست تلك الأميرة المدللة التي يغمرها حب والدها وإخوتها، ولا النبيلة الشريرة التي تخطف الأنظار، ولا القديسة التي يعشقها الإمبراطور الشاب…
بل مجرد خادمة! خادمة لا أكثر!
لم تُتح لي الفرصة حتى لاستيعاب حقيقة انتقالي إلى عالم الرواية، وجدت نفسي فجأة وسط هذا المشهد المربك.
وما زاد الطين بلة…
أنني لا أذكر أن هذا المشهد ورد أصلًا في الرواية!
“ستيلا!”
واصلت مناداتي بنبرة يائسة، بينما بقيت متيبسة مكاني.
وحين فقدت الأمل بي، بدا وكأنها اتخذت قرارها.
“اسمعيني جيدًا.
هذه الليلة سأنفذ خطتي وأهرب.”
تمزق —
ششش!
كانت يداها تمزقان الستائر بعزيمة لا تتزعزع.
لم أرَ هذا الجانب الصامد من كايلا في الرواية قط.
كانت دائمًا تبكي أو تصرخ وتقذف الأشياء.
“أفضل الموت على أن أتزوج ذلك الوحش المتعطش للدماء.”
وبينما كنت أصغي، بدأت تتضح الصورة أمامي.
لا بد أن هذا المشهد يسبق بداية ظهور كايلا وستيلا في الرواية.
كايلا إنريو…
قبل أن ترتبط بريكاردو زينكيس.
‘إذًا… كان الاضطراب يعصف بهذا المنزل قبل زواجها.
صحيح، قبل أن تلتقي بريكاردو، لم تكن تعرف عنه سوى الشائعات المخيفة، وكانت مذعورة منه حتى النخاع.’
وهكذا… لا بد أن محاولتها للهرب ستفشل في النهاية.
ما يعني أنها ستستسلم وتذهب للعاصمة لتتزوج ريكاردو.
وهذا يعني… أنني الآن في مفترق طرق، أملك فيه فرصة لتغيير مجرى القصة.
ومع هذا الإدراك، بدأ ذهني يستعيد صفاءه.
“لا يا آنسة! أرجوكِ، لا تفعلي هذا!”
لو نطقت بتلك الكلمات، لاجتمع الجميع، وسقطت محاولتها، وسارت القصة كما كُتبت.
عادت إلى ذاكرتي صورة الحلم المروّع: أنا وكايلا نسحب من العربة، ويُجهز علينا دون رحمة.
رأيت بوضوح تلك اللحظة التي سقطنا فيها أرضًا دون حتى صرخة أخيرة، ودماؤنا تلطخ التراب.
“أنا آسفة، ستيلا…
كنتِ دائمًا كأخت لي…
لكن لا يمكننا الهرب معًا.
بالكاد أتمكن من الهرب مع فيتوريو وحده.”
قالتها ونظراتها مملوءة بالذنب.
“فيتوريو؟”
تذكرت ذلك الذكر العابر في القصة لرجل أحبته قبل خطبتها.
لا شك أنه هو.
“كوكو… كوكو…”
سمعنا صوت طائر الكوكو عبر النافذة، فتوجهت أنظارنا نحوه.
“لقد جاء!”
ازداد ارتباكها، وأسرعت بإتمام الحبل، وقفزت بخفة فوق السرير ممسكة به.
لم أستوعب الأمر بعد: إن كانت تحب رجلًا كهذا، كيف أغرقت نفسها لاحقًا في حب الدوق الوهمي؟
“هل تنوين حقًا الهرب؟ ماذا عن زواجك بالدوق؟”
حدّقت بي بدهشة، وكأنها لم تصدق ما سمعت.
“أتسألين هذا الآن؟ إن تزوجته فسأُقتل!
إنه وحش مجنون بالحرب، بوسعه قتل رجل بيد واحدة!”
لم أجد ما أقول.
كانت محقة في ذلك.
“لو تزوجته، ستموتين.
وسأموت أنا أيضًا دون جدوى.”
كيف فقدت كايلا المتزنة عقلها بعد زواجها بالدوق؟
“شكرًا لكل شيء يا ستيلا…
أو ربما يجدر بي أن أقول: يا أختي.”
اقتربت، وضمتني، وطبعَت قبلة وداع على وجنتي.
“سأعتمد عليك.”
كان في عينيها تصميم لا يلين، ولم أدرِ كيف وجدت نفسي أذعن لإرادتها.
“حسنًا يا كايلا.
لنغيّر هذا القدر البائس معًا.”
فلنتجنب ذلك الموت المروع.
“نعم… رجاءً، كوني حذرة يا آنستي.”
تبادلنا ابتسامة تجمع بين العذوبة والمرارة.
أمسكتُ بالحبل وأعنتها على تسلق النافذة.
“عليّ أن أربك مجرى القصة الأصلي.
إن أردت النجاة، يجب أن أفشل زواج كايلا.”
شدّت الحبل ونزلت، وسمعت وقع قدميها على الأرض، ثم همسات وخطى تبتعد.
وأنا أحدق في النافذة، كان قلبي يدق بجنون.
كل شيء جرى بسرعة: انتقالي، وهروب كايلا.
بييب! بييب! هوهوهو!
دوّى صخب مدوٍّ في البعيد.
“يا إلهي… هل انكشف أمرها بالفعل؟”
أضاءت أنوار القصر، وانطلقت الصافرات، ونبحت الكلاب بجنون.
الوضع ينذر بالخطر.
“لا مجال للتردد!”
أسرعت إلى الفراش، وغطيت نفسي بالأغطية.
“لا شك أنهم اكتشفوا الهروب.
هل ضاعت فرصتي لتغيير القصة؟”
دقّ الباب بعنف حتى خُيّل إليّ أنه سينهار.
“هذا جنون.”
عبثت بشعري، وفتحت الباب بملامح شاردة كأنني استيقظت للتو.
ما إن فتحت، حتى اندفع الجمع إلى الداخل، ينادون كايلا.
“كايلا؟”
“ابنتي!”
“آنسة كايلا!”
اجتازني الزوجان شاحبي الوجه، رجل قصير ممتلئ بشعر أبيض، وامرأة نحيلة حادة الملامح ذات شعر أشقر.
البارون والبارونة إنريو، لا شك في ذلك.
كما توقعت، كانت غرفة كايلا خاوية، الستائر ممزقة، والمقص مطروح بإهمال.
“ما الذي حدث هنا بحق الجحيم!؟”
“ستيلا! أين ذهبت كايلا!؟”
رغم وضوح ما حدث، أمطروني بالأسئلة.
هززت رأسي مرتبكة، متقمصة دور ستيلا.
“ل-لا أعلم.”
“كنتِ نائمة بينما اختفت؟”
تقدمت البارونة غاضبة، وصفعتني صفعة لسعتني حتى شعرت بخدشي.
وضعت يدي على وجهي، وحدقت بها غاضبة، لكنها رفعت يدها مجددًا، إلا أن…
“عزيزتي، اهدئي.”
أمسك البارون بها ليهدئها.
تماسكتُ.
ألم الصفعة أهون من موت عبثي في العاصمة.
جلست البارونة تبكي وترتجف.
“ما الذي سنفعله الآن؟ ماذا سنفعل؟”
وكان البارون لا يقل عنها ذعرًا.
همست لنفسي:
“أنتم في صدمة، لكن ما حدث كان الأفضل لها.”
لكن ما أثار دهشتي، أن ملامحهما كانت أشبه بمرعوبَين من أمر أعظم من مجرد اختفاء ابنتهما.
“لقد انتهى امرنا.
لن يغفر لنا.
لقد بعنا نصف المجوهرات بالفعل.”
“ماذا؟ استهلكتموها؟”
“أتظنني أنفقتها على نزواتي؟
حتى هذا القميص الذي ترتديه… تعرف من أين جاء؟ كادت عربتنا تنهار!
كيف نبدو كمتسولين؟ نحن نبلاء!”
أنّ البارون وأطبق يديه على رأسه.
كنت أعلم بفقر بارونيتهم، لكن لم أتخيل أن جشعهم بلغ حد التضحية بابنتهم.
“إن لم نعثر عليها، سنضطر للتوسل إليه… لن يقتلنا، أليس كذلك؟ سنسدد المال… مع الزمن…”
بدا الاستسلام في عينيه.
وفي تلك اللحظة، اقتحم الجنود الغرفة كالريح الهوجاء.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"