[أعتذر عن الخطأ الي صار بالفصول السابقة، سيتم أستبدال ديفونشاير بـ ديفونشير].
“في الواقع… نَعَم، صحيح أنّني في الأصل مِن مملكة تيان.”
أفصح لاسكا عن هُويّته بنبرةٍ مُحرَجة.
“كما توقّعتُ.”
كانت تيان في الوقت الحالي عدوّة لتروبيز.
ازداد بريق الغضب في عيني هايدَر، حتى خُيّل أنّه سيستلّ سيفه في أية لحظة.
ومع ذلك، لم يُلقِ لاسكا بالًا له، بل ظلّ يحدّق في سيلين وحدها.
“لكن بما أنّني مُرتزِق، فبوسعي التنقّل بحرّية بين هذه البلاد وتلك.”
“مُرتزِق، تقول؟”
“أجل، تمامًا.”
أومأ لاسكا رأسه مثبتًا كلامه، وعيناه مُعلّقتان بسيلين.
‘يا له من رجل يُحدِّق بثبات شديد.’
خطَر ذلك في بال سيلين، فارتجفت أجفانها قليلًا.
التقت عيناها الخضراوان الهادئتان –اللتان حاولت إخفاء ارتباكهما– بعيونه الزرقاء المضيئة كالبحر تحت أشعة الشمس.
“أنا أحد أعضاء جماعة تُدعى ‘رُمح سيلون’.”
“‘رُمح سيلون’؟”
كان ماكسيميليان الوحيد الذي تميّز الاسم، فسأل بدهشة، لتتوجّه أنظار الجميع إليه. أما فيرا فأمالت رأسها بفضول.
“وما تكون هذه الجماعة يا لورد ديفونشير؟”
“هاه، بالحقيقة…”
ابتسم ماكسيميليان ابتسامة قصيرة ثم أوضح:
“‘رُمح سيلون’ فرقة مرتزقة دوليّة لها صيت واسع في القارة.
تضمّ مقاتلين بارعين ذوي سمعة رفيعة، واشتهرت بوفائها، كما أنّها نادرًا ما تفشل في مهامها.”
“وبالنسبة للمُرتزقة، فالهُوية الأهم هي بطاقة الانتماء لا الجنسية. ولعلّكم رأيتم ما في حقيبتي، ففيها بطاقة تثبت عضويتي.”
صمتت سيلين، إذ سبق أن وصلها تقرير من إيلين عن أمتعته.
فاستطرد لاسكا بحذر:
“مقارنةً بالمشهورين في فريقي، فأنا لا أُعَدّ شيئًا يُذكَر، مُرتزق بسيط بلا اسم.
لكنني أتمكّن غالبًا من إنجاح المهام، فاستأمنني بعض الناس على حراستهم، إلا أنّني تعرّضت لهجوم غير متوقّع فأُصِبت.”
مسّد لاسكا مؤخرة رأسه وزفر وهو يخفض عينيه.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة شاحبة فيها سخرية من ذاته. وبملامحه تلك بدا رزينًا لدرجة تُجبر الناس على التزام الصمت.
“وكيف نتحقق من ذلك؟ فبطاقتك قد تكون مزيّفة.”
هايدَر لم يقتنع بسهولة.
رفع لاسكا رأسه مجددًا، وحدّق لا في هايدَر بل في سيلين، وكأنّه أدرك سريعًا أنّ القرار بيدها.
“أجل، كثيرًا ما يُشاع عنّي أنّني مجرّد ممثل مسرحي يتظاهر بأنّه مرتزق.”
تنهد بعمق كما لو ضاق به الحال، لكن كلماته حملت دلالة على ثقته بمظهره، مما أثار حنق هايدَر.
“لم أقصد هذا―”
“أعلم أنّه محرج، لكن يبدو أنّ ملامحي أرستقراطية بعض الشيء… هاها!”
ورغم أنّه بدا متباهياً، فإنّ كلامه لم يكن بعيدًا عن الحقيقة؛ فبشرته الملساء، وشَعره الأشقر كالذهب المسبوك، ووجهه المنحوت كتمثال، كلّها منحتْه مظهرًا نبيلًا.
“ولأنّ وجهي يَعلق في الذاكرة بسهولة، فلا أجرؤ على ارتكاب ما هو قبيح.”
غمز لاسكا بإحدى عينيه، فأسكت هايدَر الذي عجز للحظة عن الرد.
ثم ضحك ضحكة عالية وهو يقول إنّ لمظهره هذا حسنات ومشكلات، غير أنّ ابتسامته سرعان ما ذوت حين شعر بالألم من جرحه.
“الأفضل أن تستريح الآن. لقد أطلنا الحديث مع مريض.”
هدّأت سيلين الموقف بكلماتها.
فأشرق وجه لاسكا ابتسامةً باهتة.
“لا أظنّك شخصًا سيئًا، لكن يلزمنا التأكد.
إن لم تمانع، سأترك مساعدتي إيلين تتحقق من بطاقتك.”
كان طلبها مهذّبًا وعقلانيًا، فأومأ لاسكا مبتسمًا بثقة:
“بالطبع، يا سيدتي.”
ارتاحت سيلين في سرّها وابتسمت بخفوت، من غير أن تنتبه إلى أنّه ظل يراقب ملامحها بتركيز.
“سنتركك الآن لترتاح. وإن احتجت شيئًا فاضغط على الجرس.”
فهم الحاضرون الإشارة وبدؤوا بالخروج.
وقبل أن تغادر فيرا، لمحت بقع عشب على ثوب روتي فقالت باستغراب:
“ما كلّ هذه البقع على فستانكِ؟ صباحًا كان كأنّه فستان جنّي، والآن يشبه ملابس قطّاع الطرق!
أكنتِ تتدحرجين على العشب؟”
“…آه. آسفة لأنني أفسدتُه.”
“لا عليكِ، فقديمًا فكرتُ برميه.”
“هُمم.”
تأملت فيرا ملامح روتي، ورأت فيها إخفاءً لسرّ ما.
‘هل كسرتْ أصيصًا؟’
لكن الحقيقة أنّها قضت وقتها تجمع أوراق الأعشاب، وهو ما لن يعرفه أحد.
خرجت فيرا مشككة، ولحقها ماكسيميليان.
“سيدتي سيلين.”
“سنتحدث في الخارج، يا لورد إلدين.”
“…نعم، مفهوم.”
أبدى هايدَر تبرّمًا بعينيه، لكنه أطاع إشارتها.
“أتمنى لك شفاءً عاجلًا، يا سيد لاسكا.”
قالتها سيلين عند الباب، فابتسم لاسكا لها بامتنان:
“أشكركِ، يا سيدتي سيلين.”
“…”
تنبهت سيلين إلى أنه غيّر طريقة مناداتها. التقت نظراتهما، فغمرها إحساس غريب.
‘لماذا أشعر وكأنّ هذا الرجل مألوف لدي؟’
لكنها صرفت بصرها أولًا وغادرت. وظلّ هو يراقبها حتى انغلق الباب تمامًا.
—
أثبتت تحقيقات إيلين أنّ بطاقة لاسكا حقيقية.
“سألتُ عنه، فأجمع الناس على أنّه رجل حسن السيرة، لا تُلاحقه الشائعات.”
بل حتى سمع بعضهم في مقرّ “رُمح سيلون” عن وجهه المعروف بوسامته الزائدة.
وبذلك زال حذرهم منه جميعًا، ما عدا هايدَر.
ومضت أسبوعان منذ بدأ ذلك الغريب الوسيم يقيم في القصر.
“سيدتي.”
التفتت سيلين إلى صوت لاسكا.
“صباح الخير، يا سيد لاسكا.
هل تحتاج إلى شيء؟”
“سألت الآنسة روتي إن كان هناك عمل أساعد فيه، فأرشدتني إليكِ.”
رفع بصره إليها وهو يحكّ خدّه بخجل.
كانت سيلين واقفة على كرسيّ لتنزع الستائر الثقيلة وتنوي غسلها.
“لا يصحّ أن نُكلّف ضيفًا بمثل هذا العمل، وأنتَ ما زلتَ تتعافى.”
“جرحي شارف على الالتئام، ثم إنكِ لا تُمثلين لي مجرد مُضيّفة، بل أنقذتِ حياتي.”
رمش بعينيه الزرقاوين بنظرة استعطاف وقال:
“أترضين أن أبدو جاحدًا لا يردّ الجميل؟ اسمحي لي بخدمة بسيطة.”
لقد أدرك أنّ إثارة عاطفتها أجدى من أي أسلوب آخر.
“…حسنًا، ساعدني فقط في نزع الستائر.”
“بكل سرور، سيدتي.”
أشرق وجه لاسكا ابتسامةً عريضة، وكأنّ المساعدة تُفرحه أكثر مما تُفرحها هي.
ومنذ علم أنّها صاحبة الأرض بلا زوج، صار يخاطبها دائمًا بـ”سيدتي الحاكمة” بكل توقير.
‘كنتُ أخشى أن يزدريَني لكوني امرأة وحيدة تحكم أرضًا فقيرة…’
تذكرت سيلين حين حاولت أن توهمهم بأن زوجها غائب مؤقتًا، لكنّ ذلك فشل بسبب صراحة روتي التي قالت:
“لقد تخلّى أبي عنا.”
حينها ساد صمت خانق، فتوقفت إيلين عن الأكل وشهقت، وأسقطت فيرا مقلاها المفضلة، حتى ماكسيميليان لم يجد إلا أن يضحك ضحكة مرتبكة.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"