الطَّلاق…
ابتلعت سيلين تنهيدةً مكتومة.
رغم وقوف رجلٍ أمامها يحدّق بها بعيونٍ تفيض بحدّةٍ قاتلة، إلا أن ذهنها المثقل بالخوف والإرهاق كان غائمًا ومشوَّشًا.
لم يكن زواجًا رغبتُ فيه يومًا.
كانت الإمبراطورة قد بذلت جهدًا كبيرًا لكبح جماح الأمير الرابع، هندريك، الذي شكّل تهديدًا على ولاية العهد، لكونه ابن المحظيّة.
ولمنعه من كسب نفوذٍ أكبر عبر تحالفات الزواج، وقع الاختيار على سيلين لتكون زوجته.
“لقد جُنّت الإمبراطورة بالتأكيد!
أيعقل أن تختار فرعًا من عائلةٍ تتداعى نحو الانهيار؟”
ثارت ليتيسيا، والدة هندريك، رافضةً الاعتراف بسيلين زوجةً لابنها، لكنّها قبلت في النهاية نزولًا عند رغبة هندريك.
“أصغي جيدًا يا سيّدة تران، لديّ حبيبة بالفعل.”
كانت لتلك الكلمات وقع السهم في قلب سيلين.
أحبّ هندريك فتاةً تدعى كاستين، ابنة بستانيّ فقير يعمل في القصر الإمبراطوري.
“لا تنتظري منّي أي مشاعر، ولا تفكّري حتى في المساس بكاستين.
إن التزمتِ بذلك، فلن يُمسَّ منصبكِ كأميرة.”
كانت نظراته السوداء، الباردة والقاسية، بمثابة تحذير صريح.
لم تطمع سيلين يومًا في قلبه ولا في لقب ولية العهد، فأجابت بخضوع أنّها ستفعل كما يشاء، إذ لم يكن لها منذ البداية أي خيار آخر.
لكن في النهاية… انتهى الأمر هكذا.
حين سمعت إعلان الطلاق، شحب وجهها قليلًا، لكنها لم تُصدم، فقد كانت قد أنهكتها المعاناة بما يكفي.
“بالطبع، هذا هو الصواب!”
دخل رجل في منتصف العمر الغرفة بخطواتٍ مهيبة، مؤيّدًا بحماس كلام هندريك.
عرفته سيلين فورًا: إنّه غيوم كونراد، عمّ هندريك من جهة أمّه.
وبدا على إيلين، التي لم تستطع منعه من الدخول، علامات الحرج.
“الآن وقد صار جلالته إمبراطورًا، فلا بدّ أن تحيط به امرأة تليق بمقام الإمبراطورة.”
تجمّدت سيلين من وقع تلك الكلمات، وقد وضعت يدها على فمها.
لقد راودها الشك حين رأت هندريك يعود إلى القصر مرتديًا درعًا ملوّثًا بالدماء، لكن كلام الماركيز أكّد لها ما خشيت منه:
نجح تمرّد الأمير الرابع هندريك مايرز برتان، وتوّج إمبراطورًا لإمبراطورية تروبيز.
“لكن… ماذا عن هذه الطفلة؟ هل ستسجَّل رسميًّا في السجل الإمبراطوري؟”
تساءلت سيلين بصوتٍ مرتجف، وهي تتذكّر وعدها لكاستين بأن تحمي وليدها.
إذا نشأ كابنٍ لهندريك، كوريث شرعي للعرش، فسوف يحيا دون عار غير الشرعية.
ذلك ما تمنّته كاستين حتى آخر أنفاسها.
عضّت سيلين شفتيها، فيما أجابها هندريك ببرود وهو يمسح شعره الأحمر الملطّخ بالدماء:
“ليست طفلتي.
واعتبري نفسك محظوظة أني لم أزهق روحها أمامكِ. ابتعدي عن وجهي.”
ارتجف قلب سيلين، وسألته مذهولة:
“ما الذي تقول؟! هذه ابنتك، أيها الأمير—”
“ليس الأمير بعد الآن، بل جلالة الإمبراطور يا سيّدة تران!”
قاطعها الماركيز بوقاحة، مذكّرًا إيّاها أنّ لقبها قد سُحب منها، وعادت تحمل اسم عائلتها السابقة.
أما هندريك فاكتفى بنظرة عابرة، وغادر الغرفة ببرود.
“هندريك!”
نادته وهي تضم الطفلة، لكن الجنود أمسكوها بعنف. سقطت شبه منهارة على الأرض، تحتضن الرضيعة لحمايته، حتى أسرعت إيلين لتعانقها.
“سيلين!”
ضحك الماركيز باستهزاء، وقال ببرود:
“يجب إنهاء الطلاق قبل مراسم التتويج. وأما الطفلة…”
ثم توقّف بصره عليه، فأحكمت سيلين ضمّ وليدها.
إنهم لا يريدونها…
فهي مولودة من رحم لا يوافق معاييرهم، ولن يُرحَّب به عند قدوم الإمبراطورة الجديدة.
“دعوني أحتفظ به، أيها الماركيز.”
طلبت سيلين لأول مرة شيئًا منذ زواجها.
“لن أعتبرها ابنة للإمبراطور، بل ابنتي وحدي. ولن أطالب بحقوق ملكية.”
لكن الماركيز أجاب ببرود:
“وجودها بحد ذاته خطر، فكيف أثق بكلامك؟”
حينها اشتعلت نظرات سيلين وقالت بثبات:
“أتفكر بقتلها إذن؟!”
غطّت أذني الطفل بقطعة قماش، لا تريد أن يسمع مثل هذا الكلام.
ثم تابعت بحزم:
“إنها ابنة كاستين، التي أحبّها جلالته أكثر من نفسه.
قد ينبذ الطفلة الآن من شدّة حزنه، لكن ماذا إن أرادها لاحقًا؟ كيف ستواجهه إن قلت إنك تخلّصت منها؟”
تردّد الماركيز، وهو يعلم كم كان هندريك متقلّبًا وعنيفًا حتى مع أقرب الناس إليه.
وأخيرًا قال:
“سنكتب وثيقة رسمية، ونعوّضكِ بسخاء.
لكن إياكِ أن تغيّري كلامك فيما بعد…”
قاطعته سيلين بنبرة حازمة:
“لا تقلق، فأنا لا أرغب مطلقًا بالبقاء زوجةً لرجل كهذا.”
أحاطت الطفلة بذراعيها بقوة، ونظرتها الخضراء الغاضبة جعلت الماركيز يرتجف داخليًا.
كان الوليد بين يديها صغيرًا، طريًّا، ودافئًا…
وكانت تلك اللحظة بداية فصل جديد من حياتهم.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات