I’m the Dying Emperor’s Doctor - 30
“ما الذي تفعلينه؟”
حدّقت عينان زرقاوان مذهولتان في سيرينا التي كانت تنظر إليه من مسافةٍ قريبةٍ بشكلٍ غير متوقّع، ممّا فاجأه.
لكن عينا سيرينا، التي كانت السبب في إرباكه، خاليةً تمامًا من أيّ مشاعر. أشارت إلى يديها وقالت ببرودٍ.
“كنتُ أحاول أن أقول لكَ أن تتركني.”
“آه.”
أخيرًا، ترك إيشيد يديها متأخّرًا. لقد أدركَ في ما بعد أنه كان يمسك بها دون وعي.
عادت سيرينا إلى مكانها وجلست بهدوء. وبعد فترةٍ قصيرة، تبعهم ليونارد إلى العربة. أغلق إيشيد عينيه محاولًا إخفاء اضطرابه.
نظر ليونارد جيئةً وذهابًا بين إيشيد، الذي أغمض عينيه بتعبيرٍ فارغ، وسيرينا التي كانت تحدّق عبر النافذة.
‘ما الذي حدث بينهما في هذا الوقت القصير؟’
عندها، كسر إيشيد الصمت وقال.
“لننطلق.”
“حسنًا.”
وهكذا انطلقت العربة، ولم يتفوّه أيٌّ منهم بكلمةٍ حتى وصلوا إلى القصر الإمبراطوري.
***
بعد هذا الحادث، أصبحت سيرينا أكثر حزمًا وقسوةً تجاه إيشيد.
في الصباح، كانت تفحصه دون أن تنطق بكلمة، ثم تغادر بسرعة. وعندما يحين وقت التنزه، كانت تطلب من ليونارد أن يحلّ محلّها، وحتى مساعدته في تغيير ملابسه كانت توكلها إلى آنا.
كلّما طالت فترة الحرب الباردة بين الطبيبة الشخصية والإمبراطور، زادت حالة التوتّر بين الناس من حولهم. وفي إحدى المرّات، همست آنا لماري في غرفة الطعام.
“لماذا تشاجرا؟”
لم تَذكُر أسماءًا، لكن ماري أدركت فورًا عمّن تتحدث. تنهّدت ماري بعمقٍ وقالت.
“لا أعرف. لم تخبرني.”
“يقولون إن خلاف الأحبّاء يشبه قطع الماء بالسكين، لكن هذا أشبه بقطع الجليد.”
ارتعشت آنا وعبست. آنا، التي كانت مسؤولةً عن تنفيذ المَهمّات خارج غرفة نوم الإمبراطور، كانت تتحمّل الحرب الباردة بين الاثنين بجسدها كلّه.
حدّقت ماري في الخبز الطريّ الذي أُعطِي لها بوجهٍ متجهّم. وعندما رأيت الكريمة الصفراء، تذكّرت عيني سيرينا.
“سيرينا، ألا تنامين؟”
“لا، لديّ أبحاثٌ لأكملها.”
“أنتِ تبحثين عن علاجٍ جديدٍ للإمبراطور، أليس كذلك؟ أرجوكِ، خذي قسطًا من الراحة أثناء ذلك. قد يؤدي هذا إلى تدهور صحتكِ قبل أن تُنهي مَهمّتكِ.”
“لا بأس. يمكنني الموت.”
“ما هذا الكلام؟!”
“آه، آسفة. ماذا قلتُ للتوّ؟”
كانت ماري تشعر بالأسف الشديد على سيرينا.
وبالنظر إلى حقيقة أنها قالت هراءًا عن الموت، كان من الواضح أن الجَفاء مع الإمبراطور كان صعبًا عليها للغاية، حتى لو لم تُظهِر ذلك.
كانت تحبّ الإمبراطور كثيرًا لدرجة أنها لا تنام ليلًا للعثور على علاجٍ له.
أهناك شيءٌ أصعب أن تُرفَض من الشخص الذي تحبّه!
تمالكت ماري نفسها بصعوبةٍ وكبحت دموعها، ثم تمتمت.
“الآنسة سيرينا مسكينة. ما الذي تحبّه في هذا الإمبراطور عديم الرحمة لتظلّ مستيقظةً كلّ ليلة؟”
“لا تستطيع الآنسة سيرينا النوم؟”
“تعاني كلّ ليلةٍ وتتنهّدت تنهيداتٍ حزينة، كأنها لا تستطيع النوم. مشاهداتها هكذا تؤلم قلبي حقًا …”
“هذا صحيح…”
أومأت آنا برأسها بعينين تحملان معنًى خفيًّا.
***
“آتشو!”
ارتجفت سيرينا وهي تشعر بقشعريرةٍ تسري في جسدها، ثم احتضنت كتفيها.
“هل يتحدّث أحدهم عني؟”
لقد سهرت الليلة الماضية طويلًا، لذا كانت تشعر بقشعريرةٍ خفيفةٍ.
‘إذا استمرّ الأمر هكذا، سأُصاب بنزلة برد. يجب أن أُبقِي نفسي دافئة.’
لحسن الحظ، كانت قد حصلت مسبقًا على إجازة، لذا لم يكن عليها زيارة إيشيد. لقد أنهت فحص الصباح بالفعل، وبقي اليوم مِلكًا لها بالكامل.
نهضت سيرينا بصعوبةٍ وذهبت إلى المدفأة لتضع بعض الحطب. كان القصر باردًا على مدار السنة بسبب ارتفاع أسقفه واتساعه.
وبما أن حالتها الجسدية لم تكن جيدة، فمن الطبيعي أن تشعر بالبرد أكثر. أخرجت سيرينا شيئًا من دُرج مكتبها، ثم جلست على كرسيٍّ مريحٍ وغطّت نفسها ببطانيةٍ سميكة.
“آه، هذا دافئ.”
أغمضت سيرينا عينيها وهي تسترخي، ثم وضعت يدها على الكتاب أمامها.
كادت ماري أن تكتشفها وهي تقرأ هذا الكتاب الليلة الماضية.
ولحسن الحظ، كانت الكتب البحثية التي كانت تدرسها متناثرةً على مكتبها، ممّا مكّنها من تجنّب الأزمة.
كان عنوان الكتاب المكتوب على الغلاف واضحًا [مذكّرات مريضٍ بغيض]. وكان المقصود بالمريض البغيض، بالطبع، إيشيد.
“أوه … يجب أن أغلق الباب في المرّة القادمة.”
تنهّدت سيرينا ثم فتحت الكتاب.
[جلالة الإمبراطور، أيّها الوغد.]
بدأت المذكّرات بجملةٍ قويّةٍ تعكس غضبًا عارمًا. ابتسمت سيرينا بينما كانت تقرأ مشاعرها الصريحة بالأمس.
كانت القراءة متنفّسًا مريحًا لها.
***
في نفس الوقت، كان إيشيد مستلقيًا على سريره، يحدّق في زخارف السقف عندما سأله ليونارد، الذي كان يقف بجانبه.
“إلى متى ستستمرّ على هذا الحال؟”
“ماذا تعني؟”
أجاب إيشيد بنبرةٍ باردة، محوّلًا نظره نحو ليونارد.
“أعني الآنسة سيرينا.”
ألقى ليونارد كلاماته لإيشيد مباشرةً دون لفٍّ أو دوران، الذي كان يتصرّف بشكلٍ مختلف. استدار إيشيد يد، الذي لم يكن راغبًا في الرّد، على جنبه متجاهلًا إيّاه.
مرّ أسبوعٌ على الجفاء بين إيشيد وسيرينا. ومع أن سيرينا كانت تهتمّ بإيشيد يوميًا، إلّا أنها توقّفت عن الإلحاح عليه كما كانت تفعل من قبل.
بل وزاد الأمر صعوبةً حين كانت تُرسِل رسائلها عبر ليونارد أو الخادمات، وكأنها ترفض الحديث معه مباشرة.
“سير ليونارد، أبلِغ جلالته بضرورة الخروج للتنزه اليوم.”
“جلالتك، تأكّد من أن تخرج للتنزه اليوم.”
“سمعتُها بالفعل.”
أن تطلب من شخصٍ آخر أن ينقل كلامها له أمامه، كان الأمر واضحًا، كانت سيرينا تحتجّ على إيشيد بطريقتها الخاصة.
في الواقع، لم يكن إيشيد يتجنّب المصالحة. لكنه وجد أن سيرينا قد أغلقت كلّ الطرق التي يمكنه من خلالها إصلاح الأمور، ممّا جعله يشعر بالإحباط.
لم يتوقّع أبدًا أن يمتدّ هذا الجفاء طويلًا. السبب الذي جعلها تصبح باردةً جدًا ربما كان بسبب ما قاله في ذلك اليوم.
“طبيبتك الشخصية فقط، جلالتك.”
تلك الكلمات الباردة مع نظرتها الفاترة جعلته يشعر بالندم. كان على وشك أن يُمسِك بها ذلك اليوم، لكن كبرياءه منعه، وها هو الآن يدفع الثمن.
‘لقد رسمتُ الخط بنفسي، ومع ذلك أنا مَن يشعر بالألم.’
تملّكه شعور بالعبثية. وجد إيشيد نفسه، الذي اعتاد التعامل ببرودٍ مع الآخرين، يلين أمام سيرينا فقط.
رغم ذلك، لم يكن قادرًا على الوثوق بها بالكامل. لا يعني هذا أنه يشكّ في نواياها أو تحريضها من شخصٍ ما.
لكنه خشي أن تؤثّر عليها ضغوط البلاط الملكي أو أن يستغلّ الآخرون علاقتها به.
لقد عاش هنا وأصبح الإمبراكور بنفسه، حياته كانت مليئةً بالخيانة، وكان يعلم أن الجميع في القصر يتصرّفون بدافع المصلحة.
عندما بدأت عائلة فنسنت بالتقرّب من سيرينا، شعر بالقلق.
على أيّ حال، كانت عائلة فنسنت البداية فقط. حتى النبيل الغير معروف أظهر صداقته واقترب منها، فلماذا لن يقترب منها النبلاء رفيعي المستوى؟
ومع ذلك، أقنع نفسه أن هذه القطيعة قد تكون الحل الأمثل، لقد أراد من سيرينا أن ترسم هذا الخط.
لكن لماذا يشعر بالضيق والاختناق؟ لقد عاد لما كان عليه من قبل، إمبراطورٌ كسولٌ باردٌ مع من حوله يتهرّب من عمله، لماذا يؤثّر غيابها على حالته المزاجية؟
في هذه الأثناء، قاطع ليونارد تفكيره.
“هل حدث شيءٌ في ذلك اليوم؟ إن كان بسبب مبيتها خارج القصر، فربما …”
“هل تعتقد أنني شخصٌ ضيّق الأفق إلى هذا الحد؟”
“نعم.”
ردّ ليونارد بثقةٍ جعلت إيشيد ينهض غاضبًا.
حتى صديقه المقرّب وقف إلى جانبها!
“منذ متى أصبحتَ تأخذ جانب طبيبتي بدلاً من جانبي؟”
“كلّما طال أَمَدُ الخلاف بين العشّاق، كلّما أصبح أسوأ. جلالتك.”
ألقى ليونارد عبارته بابتسامةٍ ساخرة، ممّا جعل إيشيد يصيح بغضب.
” ….! مـ ماذا؟ ما الذي تهذي به؟”
عندما غضب إيشيد فجأة، وضع ليونارد تعبيرًا فارغًا.
‘خلافٌ بين العشّاق؟ أنا؟ مع طبيبتي الخاصّة؟’
لكن قبل أن يستمرّ في توبيخه، .
“جلالتك، أعذرني على الإزعاج.”
طرق أحدهم الباب
دخلت آنا، إحدى الخادمات، تحمل بين يديها صينيةً عليها دواءٌ مغلي. كانت سيرينا عادةً تقدّم الدواء بنفسها، لكنها بعد الخلاف، أصبحت تُرسِل خادمةً بدلًا منها.
ولكن بما أنها كانت تأتي معها دائماً، سألها إيشيد بحدّةٍ في مقعده الفارغ.
“لماذا أتيتِ أنتِ؟ ماذا عن سيرينا؟”
ارتبكت آنا وأجابت بتلعثم.
“طـ طلبت مني الآنسة سيرينا أن أُحضِر الدواء بدلاً عنها.”
“لكنها كانت تأتي دائمًا، لماذا تغيّبت؟”
“هـ هذا لأنها أخذت إجازةً اليوم.”
“إجازة؟”
هل تعني أنها لا تريد حتى رؤية وجهي بعد الآن إلّا عندما تقوم بالفحص؟
عبس إيشيد في إحباط. عندها تلعثمت آنا واستمرّت.
“في الحقيقة … أظنّ أنها لا تبدو على ما يرام.”
اتّسعت عينا إيشيد فور سماعه ذلك. سيرينا مريضة؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1