I Shall Master This Family - 49
أوّل شيء أخرجتُه من حقيبة الهدايا كانتْ عباءة سميكة تُناسب الخريف و الشّتاء.
إنّها ذات تصميم مشابه للعباءة السّوداء التي كان يرتديها بيريز البالغ.
بعد أن مسحتُ الغبار عنها ، لففتُها حول عنق بيريز.
تحرّكتْ عيناه الحمراوتان و شاهدتْ العباءة السّميكة تلتصق بكتفيْه.
“حسنًا ، إنّها تُناسبكَ تمامًا.”
إذن فقد كان هناك سبب لكونه يرتديها هي فقط ، لقد ظننتُ في البداية أنّها بدلة مدرسيّة.
إنّها تُناسب شعر بيريز الأسود و بشرته التي لا تشوبها شائبة أكثر من عباءة بتصميم ملوّن.
“لا تشعر بالبرد و ارتدِ جيّدًا.”
شاهدتُ بيريز الذّي كان يرتدي العباءة التّي أعطيتُه إيّاها ، و أخرجتُ الهديّة الثّانيّة.
لقد كانتْ سيفًا خشبيًّا.
“آخه ، إنّه ثقيل.”
لقد تعب كلا كتفيّ من حمله.
“أنا أعلم أنّكَ تمتلك بالفعل سيفًا خشبيًّا ، لكن في المرّة الأخيرة عندما رأيتُه ، لقد بدا خفيفًا جدًّا لكَ. لذلك فقد أحضرتُ هذا.”
في الحقيقة ، هذا السّيف الخشبيّ قد رماه التّوأم لأكون دقيقة.
لكنّ بيريز لا يحتاج لمعرفة التّفاصيل.
“انظره إليه.”
على كلماتي ، حمل بيريز السّيف الخشبيّ بيد واحدة و أرجحه بسهولة.
هوووك!
كان صوت قطع الهواء مختلفًا لأنّه السّيف ثقيل جدًّا ، إلى جانب أنّه كان يحتوي على قطعة حديد سميكة فيه.
“آه.”
استدارتْ عينا الصّبيّ اللاّمبالي.
“هل أعجبكَ؟”
“…هاه.”
“إذن خذ هذا أيضًا.”
ما أخرجتُه من الحقيبة كان كتابًا عن المبارزة.
قرأ بيريز العنوان على غلاف الكتاب المغطّى بجلد خشن.
“مبارزة براون؟”
“نعم. إنّه ليس ‘كتاب المبارزة الإمبراطوريّة’ ، لكن ‘كتاب مبارزة براون’!”
بدا بيريز أنّه لا يعرف الفرق بين الاثنيْن.
و لهذا السّبب ، من غير المجدي إعطاءه هديّة باهضة.
في النّهاية ، كان عليّ أن أشرح الأمر بنفسي.
“في الحقيقة إنّه مشابه لـ’المبارزة الإمبراطوريّة’. ما كان يتمّ مناداته ذات مرّة ‘مبارزة براون’ يتمّ مناداته في العموم الآن ‘المبارزة الإمبراطوريّة’. لكن ألا يبدو هذا الكتاب قديمًا قليلاً؟”
“نعم ، إنّه كذلك.”
“هل فهمتَ ما قلتُه؟”
“هل هذا حقًّا كتاب يحتوي على فنون مبارزة براون؟”
“نعم! هذا صحيح! حتّى السّيّد السّابق لعائلة براون قد استخدمه ليتعلّم المبارزة!”
لقد كان حظًّا غير متوقّع أن يأتي هذا الكتاب إلى يديّ.
لقد فكّرتُ مباشرةً في بيريز عندما وجدتُه مرفوفًا في زاوية المكتبة التّي صنعها جدّي من أجلي.
مبارزة براون الأصليّة هي الهديّة المثاليّة له.
على عكسي حيث كنتُ متحمّسة جدًّا ، استمرّ في النّظر إلى الكتاب بين يديْه بوجه هادئ.
و مع ذلك ، استطعتُ رؤية أنّه قد ربّت على غلاف الكتاب بأصبعه.
“بالمناسبة ، قد يبدو الأمر مخيّبًا للآمال ، لكنّه ليس ملككَ.”
“إذن؟”
“للآن ، يمكنكَ قراءة الكتاب كما تشاء. لكن يمكن أن يطلبه شخص آخر فيما بعد. و حينها عليكَ أن تُرجعه.”
“…لا.”
“ماذا؟”
مهما كان ما أقوله أو أفعله ، هو دائما ما يومئ و يقول حسنًا ، لكن هذه هي المرّة الأولى التّي لا يفعل فيها ذلك.
لقد كنتُ محرجة قليلاً و سألتُ مجدّدًا.
نظر بيريز إلى وجهي المتفاجئ للحظة بعينيْن غاضبتيْن قليلاً ، ثمّ أجاب بعد أن أخفض نظرته.
“…حسنًا. سأُرجعه.”
ماذا كان ذلك ، لقد كنتُ متفاجئة.
لكن حسنًا ، هذا يعني بأنّكَ قد أحببتَ الكتاب كثيرًا.
أضفتُ كلمات أخرى لأطمئنه.
“سأجد كتابًا أفضل لاحقًا. لا تكن حزينًا جدًّا.”
هل تستمع إليّ أم لا؟
ضغط أصبع بيريز على زاوية الكتاب.
بطريقة ما ، شعرتُ بتأنيب الضّمير.
يبدو الأمر و كأنّني بالغة سيّئة تعطي دمية لطفل ثمّ تنزعها منه.
“حسنًا ، هل ستعطينني كتابًا أفضل لاحقًا؟”
لم أكن أمتلك إجابة.
لذلك أومئتُ فقط.
لقد أصبح مدلّلاً من شيء كهذا.
عندنا استذكرتُ مستقبل بيريز ، الذّي كان عظيمًا و لا تشوبه شائبة ، شعرتُ بشعور ظريف لأنّه ما يزال طفلاً.
كلّ هذا من أجلكَ ، يا ولي العهد المستقبليّ.
بحثتُ داخل حقيبتي و أنا أفكرّ في محاولة فهم قلبه العميق.
أحتاج شيئًا ليهدّأ من غضب بيريز بطريقة ما.
“حسنًا ، هاهي!”
ما أخرجتُه كان قنّينة مليئة بالحلوى ، مثل التّي أعطيتُه إيّاها مع دواء ميلكون في المرّة الأخيرة.
كان مظهر الحلوى المستديرة الملوّنة في قنّينة زجاجيّة شفّافة جيّدًا للرّؤية.
“أوه ، هذه. حلوة.”
تغيّر اهتمام بيريز ، الذّي كان يحتضن الكتاب كما لو أنّه لا يريده أن يذهب بعيدًا ، أخيرًا إلى شيء آخر.
بعد كلّ شيء ، الطّفل هو طفل.
هززتُ القنّينة عن عمدٍ لإصدار صوت ثمّ وضعتُها بين يديْ بيريز.
“هل تحبّ الأشياء الحلوة؟”
“في الأصل لا ، لكن هذه لذيذة.”
“إذن ، هل ستريد شيئًا أكثر حلاوة و أكثر لذّة؟”
“شيئ أكثر حلاوة و أكثر لذّة؟”
لقد تعمّدتُ أن أحصل على انتباه بيريز ، ثمّ أخرجتُ علبة صغيرة من حقيبتي.
أنا دائما ما أتركها في طاولة غرفة الدّراسة و غرفة الجلوس.
“إنّها كوكيز بالشّوكولاطة!”
“شوكولاطة؟”
نظر بيريز إلى الشّيء الأسود العالق في حبّة الكوكيز اللّذيذة.
“ألم تأكلها من قبل؟”
لقد سمعتُ بالفعل من إستيرا بأنّ الشّوكولاطة ليستْ أكلة شائعة بعد.
أمسكتُ بحبّة كوكيز بالشّوكولاطة بحجم كفّي و أعطيتُها لبيريز.
“جرّبها!”
تردّد الصّبي لمدّة قصيرة عندما قلتُ ذلك ثمّ قضم حبّة الكوكيز بالشّوكولاطة.
“إنّها لذيذة.”
“أليس كذلك؟ انظر إلى هذه. لقد أحضرتُ لكَ كلّ هذه لتأكلها!”
بعض الأشخاص لم يروا حتّى الشّوكولاطة في حياتهم ، لكن في منزلي ، إنّها مثل قماش مبعثر في كلّ مكان.
لقد جمعتُ و أحضرتُ كلّ الأشياء في غرفتي ، غرفة الجلوس ، و أماكن أخرى ، لذلك من المفترض أن يكون هناك أكثر من ثلاثين وجبة خفيفة.
“أريد أكل واحدة أيضًا. أوه ، أنا جائعة.”
بعد أن أعطيتُ حبّة أخرى إلى يد بيريز الثّانية ، قضمتُ حبّة كوكيز قليلاً.
انتشر المذاق الحلو اللّزج و لكن اللّذيذ في فمي ، لذلك أردتُ أكل المزيد.
“أنا لم آكل الفطور لأنّني قد خرجتُ عند الفجر. آهام ، أشعر بالنّعاس.”
لأكون صادقة ، أنا لا أعلم حتّى ماهو مذاق حبّة الكوكيز غير كونها ‘حلوة’.
دفعتُها إلى فمي بخشونة و سقطتُ على جانبي.
نظر إليّ بيريز الذّي كان قد انتهى من الأكل الحبّة الأولى و على استعداد لأكل الثّانية.
“ها-آم. لا تهتمّ ، كل. أحتاج إلى النّوم.”
أنا أشعر بالتّعب و النّعاس.
نظرتُ إلى بيريز و هو يأكل حبّة الكوكيز بينما أرفع جفناي اللّذان أصبحا ثقيليْن لمرّات قليلة.
أستطيع رؤية قطعة من الشوكولاطة حول فمه.
أردتُ أن أخبره بأن يمسحها ، لكنّني شبه نائمة دون أن أدرك.
لقد كان مثل أرنب و هو يحدّق بعينيْه الحمراوتيْن فيّ و أنا مستلقية و فمي يتثاءب.
من المضحك كيف أن طفلاً ظريفًا كهذا سيصبح لاحقًا مثل ذلك الأمير البارد.
و مع ذلك ، إنّه لأمر جيّد أنّه لا يحتاج إلى أن يعانيَ بعد الآن.
كانتْ تلك الفكرة تجول في ذهني و أنا أنظر إلى العينيْن الحمراوتيْن اللّتان ما تزالان تحدّقان فيّ.
لقد قمتُ بكلّ هذا من أجلكَ ، لذلك لا تتظاهر بأنّكَ قد نسيتَ ذلك في المستقبل.
على الأقلّ ، عندما يصبح هو وليًّا للعهد و أحاول أنا أن أصبح السّيّدة العليا للومباردي في المستقبل ، هو لن يصبح عائقًا أمامي.
نعم ، ذلك كافٍ.
في ذلك الوقت ، سيكون بمقدوري إغلاق عينيّ أكثر من فتحهما.
استطعتُ رؤية بيريز و هو يستلقي في مواجهتي.
أنتَ متعب أيضًا.
حسنًا ، الشّمس قد أشرقتْ لتوّها فقط.
الوقت مبكّر جدًّا لطفل ليستيقظ و يبدأ في التّحرّك.
لننم قليلاً ثمّ نستيقظ.
آخر شيء رأيتُه قبل أن أنام كان وجه بيريز الأبيض و هو ينظر إليّ و قطعة من الشّوكولاطة عالقة حول فمه.
********
“ماذا عليّ أن أفعله؟”
سأل الصّوت برفق.
“كلاهما نائمان بشكل جيّد…”
ثمّ أجابه الصّوت الآخر بنبرة مشابهة.
“إذن ، أيّها الرّفاق اذهبوا إلى الأسفل و أحضروا متاع سموّه.”
إثر الأمر الهادئ ، بدأتْ الخطوات الخفيفة للعديد من الأشخاص في التّحرّك.
“بالمناسبة ، لو كنتُ أمتلك موهبة كافية ، فإنّها ظريفان لدرجة أنّهما يصلحان لإنشاء رسمة.”
لقد كان كيلوس هيرينجا ، خادم في القصر الإمبراطوريّ ، من تكلّم و هو لا يعلم ماذا يفعل.
بشعر أشقر قاتم و عينيْن زرقاوتيْن ودّيّتيْن ، كيلوس هو الابن الثّاني لهائلة هيرينجا ، واحدة من العائلات التّابعة للومباردي.
لقد كان رجلاً شابًّا قد انضمّ إلى القصر الإمبراطوريّ منذ عشر سنوات ، و هو حاليًّا يصنّف كأحد نخبة النّخبة كخادم من الدّرجة الأولى.
و الأخرى هي كايتلين براون ، رئيسة خدم القصر الإمبراطوريّ ، و التّي نظرتْ إلى السّرير بعينيْن مليئتيْن بالعاطفة أيضًا.
لقد غيّر الاثنان انتماءهما منذ ساعة فقط.
إنّهما الآن في قصر الأمير الثّاني حيث تمّ أمرهما بالذّهاب إليه و تغيير مكان عملهما.
“لنتركهما ينامان أكثر. عليّ أيضًا أن أنظّف الطّابق الأوّل.”
“نعم. لقد سمعتُ الكثير عن ابنة جالاهان ، لكنّها المرّة الأولى التّي أراها فيها. إذن فهذا هو الأمير الثّاني؟”
كيلوس يحبّ الأطفال من الأساس ، لذلك لم يستطع نزع عينيْه عنهما.
“لكن كيف لهما أن يكونا لطيفيْن إلى هذه الدّرجة؟”
لقد كان إطراء مفرطًا ، لكنّ كايتيلين اتّفقتْ مع كيلوس.
لقد كان الطّفلان مستلقيان بمواجهة بعضهما البعض على سرير مليء بالحلوى و نائميْن دون أن يدركا ما يجري حولهما.
كلّ من فلورينتيا ، ذات الشّعر البنّي المجعّد ، و بيريز ، ذو الشّعر الأسود مثل سماء اللّيل و الكثيف نوعًا ما ، بديا ظريفيْن لدرجة أنّه لا يمكنكَ نزع عينيْكَ عنهما.
و علاوة على ذلك ، الشيء الأكثر ظرافة و الذّي قضى على قلب كيلوس و كايتلين هو أنّ الطّفليْن قد كانا مغطّيان بعباءة سوداء واحدة.
“عليّ أن أغطّيهما بشكل أفضل قليلاً…”
حاول كيلوس أن يحرّك العباءة برفق شديد حتّى لا يوقظ الطّفليْن ، و حينها رأى شيئًا جعله يقفل فمه.
عندما أصبحتْ كايتلين فضوليّة ، تقدّمتْ قليلاً و رأتْ يد بيريز تحمل يد فلورينتيا الصّغيرة بإحكام تحت العباءة.
“بوو…”
أغلق كيلوس فمه حتّى لا يصدر منه صوت مثل شخص قد تمّتْ إصابته بشدّة.
لقد كان ذلك بسبب الظّرافة المفرطة التّي تخطّتْ الحدود.
بعد أن أخذ بضع أنفاس عميقة في تلك الحالة ، حاول كيلوس وضع العباءة من جديد على كتفيْ فلورينتيا.
لكنّه لم يستطع.
بسبب القوّة التّي أمسكتْ ذراعه.
“الأمير الثّاني…”
كانتْ عينا بيريز ، الذّي كام نائمًا قبل مدّة قصيرة ، مفتوحتيْن و أمسك بمعصم كيلوس بحزم.
“من؟”
“أوه ، إنّه أنا…”
فقد كيلوس كلماته بسبب اليد التّي كانتْ تضغط على معصمه.
أليس طفلاً بلغ لتوّه الحادية عشر؟
لكن ما هذه القوّة؟
بدلاً عن كيلوس المحرج ، أجابتْ كايتلين بصوت هادئ.
“من المشرّف لقاءكَ ، يا سموّ الأمير. نحن الشّخصيْن اللّذان سنكون مع سموّه الأمير منذ اليوم. اسمي هو كايتلين براون.”
“حسنًا ، أنا كيلوس ، كيلوس هيرينجا ، يا سموّ الأمير.”
أجاب كيلوس بالكاد.
و مع ذلك ، لم يختف الحذر من عينيْ بيريز.
و حينها…
“ووو…”
استيقظتْ فلورينتيا ببطأ مصدرةً صوتًا صغيرًا.