إذا استقبلتِ أمير العدو كفارسٍ لك - 1
حبي الأول كان محطماً حتى قبل أن يبدأ. لأن الشخص الذي وقعت في حبه كان أميراً من المملكة المعادية.
كان ذلك عندما وقعت في الأسر كأسيرة لدى العدو أثناء قيامي بمهمة جنونية لإحضار عشب الخلود بناءً على أوامر الإمبراطور المجنون.
توقع العدو أن أسرهم لأميرة إمبراطورية سيمنحهم ميزة في سير الحرب. ولكن للأسف، الأميرة التي أسرونها كانت الأميرة السادسة والثلاثين للإمبراطورية.
أي أنها كانت شخصية عادية لا قيمة لها كرهينة.
إمبراطور الإمبراطورية كان يخطف أجمل نساء العالم ليخلق لنفسه حريمًا، وكان يقضي الليلة مع عشر نساء كل ليلة.
وبما أن عدد الحريم تجاوز الألف، فقد تجاوز عدد أطفاله المئة منذ زمن بعيد.
بالطبع، لن تكون معاملة رهينة لا قيمة لها لطيفة. خاصة إذا كانت تلك الرهينة هي ابنة الإمبراطور الذي يعتبر سبب كل هذه الفوضى.
قام العدو بحبسي داخل قضبان حديدية، واستخدموا كل أنواع التهديدات الوحشية لإرهابي وتعذيبي نفسياً.
والأهم من ذلك، أنهم لم يعطوني حتى قطرة ماء.
“يبدو أن هذا هو النهاية.”
كنت مستلقية على أرضية قذرة، أموت جوعاً. في ليلة كان القمر مكتملاً، ظهر لي فتى أسود الشعر لأول مرة.
وضع قربة ماء على شفتيَّ الجافتين، وقام بتقطيع قطعة خبز صغيرة ووضعها في فمي.
عرفت على الفور أنه كان ينقذني مخالفاً بذلك قوانين الجيش. كنت آكل بصمت، حتى أنني كنت أحبس أنفاسي.
في أحد تلك الليالي السرية، قال الفتى:
“ستصبحين مستأنسة بهذا الشكل.”
كنت أتحدث عن نفسي، حيث كنت أنتظر الطعام الذي يقدمه لي الفتى كل ليلة، وكأنني طائر في قفص يتم إطعامه.
توقف الفتى للحظة.
كانت هذه المرة الأولى التي أتحدث فيها معه. وقد رد عليّ.
“ماذا تعنين بذلك؟”
“أعني حرفياً أنني أشعر بأنني أُستأنس.”
“لا يوجد نظام عبودية في مملكتنا.”
“أعرف. هذه الأشياء البدائية موجودة فقط في الإمبراطورية.”
“……”
“……”
أحسست بأن هذا الحوار الأول سيكون الأخير، حيث أصبح الجو غريباً.
ولكن على غير المتوقع، بدا أن الفتى يرغب في مواصلة الحديث.
“لماذا أصبحتِ رهينة؟”
“هل كان ذلك خياري؟”
“نعم، كان خياركِ. كان بإمكانكِ استخدام حراسكِ كدرع لحماية نفسك، ولكنكِ فضلتِ أن تصبحي رهينة لإنقاذهم.”
نظر إليّ بتلك العيون اللامعة التي تشبه الشمس المشرقة.
بعد أن أنقذ حياتي لعدة أيام، لم أستطع إلا أن أقدم له إجابة صادقة.
“إذا كان قدري أن أموت هنا، فمن الأفضل أن أموت بدلاً من أن أضحي بحياة الآخرين لأعيش. خاصة أنني أحمل خطيئة كوني ابنة طاغية.”
“……”
بدا الفتى مرتبكاً من إجابتي الناضجة. تحركت شفتاه قليلاً دون أن يصدر أي صوت.
انجذبت نظري إلى تلك الحركة الصغيرة، وفجأة أدركت شيئاً.
إنه وسيم.
كان الفتى أمامي يتمتع بمظهر جذاب لدرجة أنه حتى أنا، التي نشأت بين أجمل النساء، شعرت بالذهول.
لم يكن جماله بسبب كونه منقذي، بل كان جمالاً موضوعياً.
“أيتها الأميرة،” قال بتعبير فضولي.
“هل تعيشين مستعدة للموت، أم أنكِ تريدين الموت عمداً؟”
“هذا سوء فهم. أنا أخاف من الموت. فقط قررت ألا أتعلق بالحياة.”
“ماذا تعنين بذلك؟”
“كلما تعلقت بشيء أريده، كلما وقف العالم كله في طريقي. لذا قررت ألا أتعلق بالحياة.”
“……”
بدا الفتى مرتبكاً مرة أخرى من حكمتي. هذه المرة عبس بحدة، ولكن حتى ذلك العبوس كان جميلاً.
“يقال أن الإمبراطور المجنون يعامل حتى أطفاله كألعاب… يبدو أن ذلك صحيح.”
أعاد الفتى ترتيب أفكاره وخفض نظره. كانت نهاية نظره على السيف المعلق على خصره.
“أيتها الأميرة.”
“نعم.”
“أنتِ كرهينة لا قيمة لكِ. من المستحيل أن يشعر الإمبراطور المجنون بأي حب أبوي تجاهكِ، كونكِ واحدة من بين العديد من الأبناء.”
تساءلت عن سبب قوله ذلك.
هل سيقتلني لأنني لا قيمة لي؟
عندما أمسك بالسيف، أغمضت عينيَّ بقوة، ولكن لم أشعر بأي ألم. لم يكن ما قطعه هو عنقي، بل الحبل الذي كان يربط كاحلي.
أمسك بيدي اليمنى وأقامني.
“اتبعيني.”
تحركنا بخفة متجنبين الحراس، وفي لحظة ما بدأنا نركض بسرعة.
عندما ابتعدت مشاعل المعسكر، لم أرى سوى ظهره المستقيم. اعتمدت على يده التي كانت تسحبني، واخترقنا طريق الغابة الذي فتحه بسرعة.
“بقي القليل فقط.”
بعد أن تبعته لفترة طويلة، وصلنا إلى سهل بعيد عن معسكر جيش المملكة.
كانت سماء الفجر مغطاة بغيوم كثيفة، وكانت مظلمة كحال مستقبل الأميرة السادسة والثلاثين.
كانت الحدود بين الغابة والسهل عبارة عن مجموعة من الصخور الصغيرة وطبقات من التلال.
لعبور الطريق الوعر الذي يشبه السلالم المتهالكة، أمسك الفتى بيدي كمرافق.
أحسست أن هذه ستكون الوداع الأخير، لذا في كل خطوة كنت أطرح عليه سؤالاً.
“ما هو اسمك، أيها الفارس؟”
“أنا مجرد فارس عادي. اسمي ليس مهماً.”
كذب. أنا أعرفه.
كان الفتى الأمير الثالث لمملكة لوينغرين.
كان يتمتع بمظهر جميل وقوة بدنية هائلة، بالإضافة إلى شخصية رائعة. أحبه شعب المملكة بحماس، لدرجة أن مديحه وصل حتى إلى أذني.
عندما كان في الثانية عشرة من عمره، قتل تنين الشمال الذي كان يهدد الجزء الشمالي من المملكة. وعندما كان في الرابعة عشرة، هزم سيد الأشباح الذي أغلق الجسر الكبير في الوادي الكبير. والآن، يقف وحده أمام ألف جندي من جيش الإمبراطورية ليحمي مملكته.
في كل مرة يقع الشعب في مأزق، يظهر كمنقذ. من من شعب المملكة لن يحبه؟ كان الفتى البطل الكنز الأثمن لمملكة لوينغرين.
بدا أنه يريد إخفاء هويته، لذا غيرت الموضوع.
“هل يمكنك إطلاق سراحي؟ أليس القانون العسكري صارماً؟”
“لا بأس.”
هذا أيضاً كذب. لا يمكن أن يكون الأمر على ما يرام.
القانون العسكري في الإمبراطورية والمملكة متشابه، والعقوبة الأساسية هي الإعدام. ربما لن يُقتل لأنه الأمير المحبوب، ولكن قد يتلقى عشرات الضربات بالسوط.
“لماذا تنقذني؟”
“الآن، أنتِ تجعلينني أفكر بعمق في الأسباب. هل هذا خيار جيد؟ ماذا لو غيرت رأيي؟”
“لا بأس. فقط تأكد من أنني لن أشعر بالألم.”
“……”
“قلت لكِ. ألا أتعلق بالحياة. هذا مبدئي.”
ربما كنتُ جريئة أكثر من اللازم. أمسك بيدي بقوة لفترة وجيزة ثم أطلقها. بدا وكأنه يحذرني.
“لم أكن أريد أن أسأل، ولكن فضولي لا يحتمل.”
“ما الذي يثير فضولك، أيها الفارس؟”
“اعذريني، كم عمركِ، أيها الأميرة؟”
“عشتُ بما يكفي. أعرف كل ما يجب أن أعرفه.”
بدا عليه أنه غير مقتنع بنضجي.
سمعته يتمتم “تبدين صغيرة”، لذا أضفتُ شرحاً منطقياً.
“معظم إخوتي وأخواتي ماتوا قبل سن العاشرة. أنا في عمر يكفي لأعتمد على نفسي.”
“…… القصر الإمبراطوري مكان مجنون.”
“أوافقك الرأي. أنا حقاً فضولية، لماذا تنقذني؟”
توقف عن المشي لفترة وجيزة واستدار نحوي. كنت واقفة على صخرة كبيرة، لذا كانت أعيننا على نفس المستوى.
اقتربت يده الكبيرة من وجهي. ارتعشت قليلاً عندما حجبت رؤيتي، ولكن بعد ذلك شعرت بلمسة ناعمة تمسح رأسي.
“……”
ما هذا؟ هذه اللمسة الأولى من نوعها.
لم يلمس أحد جسدي بهذه الطريقة من قبل. كانت الخادمات حذرات عندما يلمسن شعري، ولم يفكر الآخرون حتى في لمسي.
بموضوعية، هذا تصرف غير لائق. كأميرة، كان يجب أن أوقفه. ولكن الدفء في لمسته أفسد قدرتي على الحكم والتصرف.
بينما كنتُ مرتبكة، سمعت صوته العميق الجميل.
“لدي أخت في مثل عمرك.”
كانت كلمة عفوية. مرة أخرى، لم أجد رداً مناسباً.
“هذا السبب العاطفي.”