كلّما تحدّث إينوك، كانت هتافات إعجابٍ خافتة تنطلق من بينهم. كتفا جايد غراي بدتا وكأنّهما ستصلان إلى السّماء من الفخر.
“الأمير الصّغير إينوك غراي هادئ وناضج، ينضح بالفعل بالأناقة التي تميّز عائلة غراي.”
“ألم يقل إنّه في هذا العمر الصّغير أكمل بالفعل المنهج الأساسي لأكاديميّة القارّة؟”
“يقال إنّه عبقريّ لا يظهر إلّا مرّة في القرن…”
كانت أعين النّاس، كبارًا وصغارًا، تنظر إلى إينوك بإجلال. من ذلك الجسد الصّغير، كان يتدفّق جوّ عائلة غراي الحادّ والأنيق.
يرغب الجميع في الاقتراب منه، لكنّه ليس بالأمر السهل، وهذا ما يجعله أكثر جاذبيّة.
كان المظهر المثاليّ لوريث عائلة غراي.
“لنرَ، ماذا عن إيمبليم…”
تحوّلت أنظار الذين كانوا ينظرون إلى عائلة غراي نحو جانب إيمبليم.
كان جانبنا قد أصبح مزدحمًا بالمتفرّجين الذين جاؤوا لمشاهدة لعبة مبارزة الأذرع، التي لم يسمعوا بها من قبل.
عندما بدأتُ أهزم الفتيان واحدًا تلو الآخر، تفاجأ النّاس في البداية، لكنّهم الآن كانوا يهتفون ويصفقون لتشجيعي.
“سيليسيا!”
“سيليسيا!”
“إيمبليم!”
“إيمبليم!”
كانت الأجواء هنا مشتعلة، على عكس جانب عائلة غراي الذي بدا وكأنّه عالمٌ منفصل.
في كلّ مرّة أفوز فيها، كان والداي يهتفان ويصفقان بسعادة، والأطفال يهتفون بحماس “واو”.
“الأميرة الصّغيرة سيليسيا إيمبليم رائعة أيضًا. جاذبيّتها واندماجها مع الآخرين تجعل المرء يقول تلقائيًا إنّها إيمبليم.”
“لا أستطيع التّوقف عن النّظر إليها. مجرّد رؤيتها تجعلني أبتسم دون وعي.”
أثنى النّبلاء على كلا العائلتين الدّوقيّتين لتربيتهما ورثةً ممتازين.
عائلة غراي لديها إينوك، الوريث الهادئ والحكيم الذي ينضح بالأناقة المناسبة لألوان غراي.
وعائلة إيمبليم لديها سيليسيا، الوريثة التي تشعّ طاقةً مشتعلة كإيمبليم، وتكسب إعجاب الجميع.
“رؤية هذين الطّفلين تجعلني أدرك أنّ التّنافس بين إيمبليم وغراي قد بدأ بالفعل.”
“إنّه ممتع للغاية منذ الآن. ألن تُسجّل إنجازاتهما في مسابقة الصّيد غدًا في سجلّات تاريخ إيمبليم وغراي؟”
“إذن، نحن نشهد لحظة من التّاريخ.”
تأجّجت وجوه الجميع بالتّوقّع.
“في أيّامنا، كان الأمر ممتعًا حقًا.”
تذكّر النّبلاء الكبار أيّامهم القديمة. في شبابهم، كانت والدتي وخالتي ديانا تتنافسان.
“عندما قيل إنّ السّير سيليسيا إيمبليم والسّير ديانا غراي أصبحتا صديقتين، انقلبت القارّة فعلًا، لكن ذلك كان ممتعًا…”
“لكنّه كان شعورًا غريبًا ومخيّبًا للآمال بعض الشّيء.”
“صحيح. والآن أعرف السبب. إيمبليم وغراي هما الأكثر إثارة عندما يتقاتلان.”
أومأ الجميع برؤوسهم موافقين على هذا القول.
“بالمناسبة، كيف سيكون الأمر هذه المرّة؟ هل ستنتصر إيمبليم أم غراي؟”
“هل ستفوز غراي هذه المرّة؟ يقال إنّ موهبة إينوك غراي تفوق التّخيّل.”
“ألم يُقل إنّ سيليسيا إيمبليم تُطارده بسرعة؟”
“يقال إنّ موهبة إينوك غراي تتجاوز ذلك. إنّه يعرف غريزيًا كيف يستهدف النّقاط الحسّاسة، ويحلّل خصمه ليهاجم نقاط ضعفه بالسّيف. إنّه تجسيدٌ لسيف غراي الذي طالما سعت إليه العائلة.”
“إذن، يجب على إيمبليم أن تبذل جهدًا أكبر هذه المرّة لتواجه إينوك غراي.”
بدأت المراهنات حولي وحول إينوك. كنتُ أطيحُ بمعصم الطّفل الخامس بلا رحمة، وعيناي تلمعان بشدّة.
“واو!”
“النّصر الخامس لسيليسيا إيمبليم!”
هتف الأطفال. وأنا أستمتع بالنّصر وسط هتافاتهم، نظرتُ إلى الكبار الذين كانوا يتحدّثون عنّي وعن إينوك.
“لن أخسر أبدًا!”
كنتُ أتحدّث إلى الأطفال، لكنّ نظرتي الحادّة كانت موجّهة إليهم.
“هل سمعت ذلك؟”
“مستحيل.”
ارتجفوا وخفضوا أصواتهم، لكنّني كنتُ قد سمعتُ كلّ شيء بالفعل.
‘كيف لا أسمع؟’
كيف لا أسمع وهم يتحدّثون بصوتٍ عالٍ هكذا؟ بينما كنتُ أفرك معصمي وأتنفّس بغضب، كان والدي هو من احتضنني.
“سيل، إذا أجهدتِ نفسك منذ الآن، كيف ستشاركين في مسابقة الصّيد غدًا؟ الفارس الممتاز يعتني بجسده أكثر من سيفه.”
“حسنًا.”
تحت لمسة والدي النّاعمة، هدأتُ تنفّسي ببطء. نظر والدي، الذي كان يراقبني بعناية، إلى النّبلاء الذين كانوا يتحدّثون عنّا.
“تسك.”
سمعتُ صوت نقرة لسانٍ مستاءة من بين شفتي والدي.
هل هو غاضب؟ لم أرَ وجه والدي غاضبًا من قبل، فرفعتُ رأسي بسرعة.
لكنّ والدي ابتسم لي وكأنّه لم ينقر بلسانه أبدًا. بينما كنّا نتبادل النّظرات، اقتربت والدتي وقالت:
“بينديكت، يبدو أنّ جلالة الإمبراطور قادم الآن.”
“آه، بهذه السّرعة.”
قادني والدي لأقف بجانب والدتي وقال:
“سيل، هذه ستكون المرّة الأولى التي ترين فيها جلالة الإمبراطور، أليس كذلك؟”
“هل يجب أن أحيّيه أيضًا؟”
“إذا سنحت الفرصة، يمكنكِ ذلك.”
“…”
ابتلعتُ ريقي.
الإمبراطور. قمّة السّلطة في إمبراطوريّة روتيناس، الحاكم الذي يتربّع فوق الجميع هنا.
بالنّسبة لي، التي عاشت معظم ذكرياتها كمواطنة في كوريا، بلد الدّيمقراطيّة حيث السّيادة للشّعب وكلّ السّلطة تأتي منه، كان هذا مفهومًا غريبًا جدًا.
كلمة واحدة من الإمبراطور يمكن أن تحدد مصير حياة أو موت أي شخص.
“هل يمكنني ألّا أراه؟”
“إذا أردتِ، يمكننا ترتيب ذلك. لكن، بما أنّكِ من إيمبليم، لن تتمكّني من تجنّبه إلى الأبد. لذا، كوني مستعدّة دائمًا.”
“حسنًا.”
أومأتُ برأسي ببطء. وفي تلك اللحظة، أعلن الخادم عند مدخل قاعة الحفل، بصوتٍ مرتجف أكثر من أيّ وقتٍ مضى، عن وصول الإمبراطور.
“نور روتيناس، جلالة الإمبراطور وسموّ وليّ العهد يدخلان!”
عند نداء الخادم، كتم النّبلاء أنفاسهم، وجوههم متفاجئة. حيّرتني الأجواء المتغيّرة بسرعة، فأشرتُ على والدي وقّلت:
“أبي، لماذا الأجواء هكذا؟ هل الجميع خائفون من جلالة الإمبراطور؟”
انحنى والدي إلى أذني وهمس بهدوء:
“ليس ذلك، بل لأنّ سموّ وليّ العهد موجود، فالجميع متفاجئون. سموّه نادرًا ما يغادر القصر الإمبراطوريّ.”
“لماذا؟”
“كان مريضًا جدًا منذ صغره، وتجاوز أزمات الموت مرّات عديدة، ممّا جعله ضعيفًا جدًا.”
“آه…”
تذكّرتُ الآن أنّ والدي، عندما كنتُ أصغر سنًا، كان يغيب عن البيت أحيانًا لزيارة وليّ العهد المريض.
كيف يبدوان الإمبراطور ووليّ العهد؟
مددتُ رأسي بفضول ونظرتُ إلى مدخل قاعة الحفل.
كان الإمبراطور يدخل القاعة بشعره الذّهبيّ اللامع. كان أصغر ممّا تصوّرت.
يبدو أكبر من والدي قليلًا، كان الإمبراطور يبتسم، وجهه ينضح بالسّلطة، ممّا خفّف من توتّر الأجواء.
لكنّه، رغم ذلك، لم يتمكّن من إخفاء الضّغط الذي يفرضه وجوده كحاكم.
كانت عيناه الذّهبيّتان، رمز العائلة الإمبراطوريّة، تلمعان كأنّهما هاوية عميقة.
بدا وكأنّ الجميع في القاعة سيُسحَبون إلى تلك العينين، فانحنوا بإجلال لتحيّته.
“نلتقي بجلالة الإمبراطور، حاكم روتيناس العظيم.”
“نلتقي بنور روتيناس، سموّ وليّ العهد!”
نقلتُ نظري إلى وليّ العهد الذي كان يسير بجانب الإمبراطور.
“همم؟”
خرجت من فمي أنّة متردّدة عندما رأيتُ وليّ العهد.
‘لماذا يبدو وليّ العهد هكذا؟’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"