فجأةً، عادت إلى ذهنها ذكرى مؤلمة من قبل أيّام قليلة،
فخفتت البهجةُ عن مَلامِحها.
”أنتِ تفوحين برائحةٍ مقزّزة! ألا تستحمّين؟”
”آسفة… لقد اغتسلتُ أمس عند النهر… لكنّني تعرّقتُ اليومَ كثيرًا…”
وقفت مييلا محرجة أمام ميـريا التي كانت تقبضُ على أنفِها.
مييلا كانت قد قضَت اليوم في مساعدةِ والديّ ميـريا في متجرِ البقالة.
أما ميـريا، فكانت تلهو مع بقيّة الأطفال دون أن تُساعد في شيءٍ.
”أوه، صحيح! ألم تقولي إنّكِ لا تملكين مالًا حتى لشراء صابونة؟ يا للمسكينةِ…”
تظاهرت ميـريا بالشفقةِ،
لكنّ فستانها النظيف والمكويّ كان كافيًا ليُظهر الفرقَ الكبيرَ بينهما.
‘أريد أن ألعبُ معهم… فقط مرّة واحدة.’
كانت مييلا تقشّر الخضار وتُرتّبها في السلال عندما رأتهم يضحكون بالخارج.
لكنّها لم تتجرّأ على أن تَطلب اللعب مَعهم.
فهم لم يُشركوها يومًا في ألعابهِم.
‘الآن فقط فهمتُ. هم لا يلعبون معي لأنّي ذاتُ رائحةٍ كريهة، أليس كذلك؟’
شعرتَ بالخجل، وراحت تحكّ خدّها بخفّةٍ.
”آسفة.ٌ.. لا أملكَ صابونًا. آسفة إن كانت رائَحتي كريهةٌ… سأتأكّدُ من أن أغتسل مَرّتين يوميًا.”
”ممم؟ بصراحةٍ، حتى لو اغتسلتِ مئة مرّة، ستبقين كريهة! هاهاها!”
ضحكت ميـريا ضحكةً جارحة.
حتى مييلا، بسذاجتها، فهمت أنّ في كلامِها شرًّا.
لكنّها التزمتَ الصمت،
وشعرت أنّ دموعها توشكُ أن تنَزل.
‘ماما قالت لي ألاّ أبكي بسبب هذِه الأشَياء… قالتَ إنّ الأبطال لا يَبكون أبداً… لذا، لن أبَكي! لن أبَكي أبداً!’
فتحتَ عينيها على اتساعهما،
تركت الدموع تتبخّر مع الهواء.
‘غريبٌ… لماذا تذكّرتُ كلّ هذا الآن؟’
أعادها المشهد الفاخر من حولها إلى الواقع.
ونظرتَ بحذرٍ إلى وجهِ تيتي،
تخشى أن ترى عليه نفس التعابير المُشمئزّةَ التي رأتها عندَ ميـريا.
“تيـتي؟”
سألتهُ بخفّةٍ،
فرفع رأسهُ بتعجّب من نبرةٕ صوتَها المتردّدة.
“ماذا هناكَ؟”
“أمـم… لا أعلم إن كان يحقّ لي أن أسأل… لكن، هل أنا ذاتُ رائحةٍ كريهةٍ؟”
“…ماذا؟”
“أقصد! المكان هنا تفوح منه الروائح الجميلة…
وأنا فتاةٌ متّسخة،
أخشى أن أكون أزعجتُكَ أو أزعجتَ السيّد الذي تعمل لديهُ…”
“هاه…”
تَنهد إيستين ساخرًا.
كم هي غريبةٌ هذه الفتاة…
“إن كنتِ قلقةً لهذه الدرجة، فلماذا دخلتِ منَ الأساس؟”
ظنّ أنّها سَتمزح معهُ،
لكنّها اتسعت عيناها فجأةً:
“أوه لا! هل أغادرُ الآن؟ قبل أن يَراني السيد ويَغضبُ؟”
وبدا أنّها فعلاً ستجري،
فأمسكَ بيدها بقوةٍ.
“لا، لا يُمكنكِ المغادرة الآن. لقد فات الأوان، يا مييلا.”
“مـم؟ ماذا تعَني؟”
اتّسعت عيناها البنيّتان،
أما عيناه الخضراوان فقد تلألأتا بخبثٍ.
“السيد في هذا القصر لا يطرد الزوّار أبدًا، مهما كانت رائحتهم أو مظهرهم.”
طبعًا، لم يكن هناك أيّ سيّد بمثل هذه الأخلاقِ.
لقد اخترع هذهِ القاعدةَ للتو.
لكنّ وجه مييلا أصيبَ بصدمةٍ.
“يعني… أنا ذات رائحةٍ كريهة ومظهرٍ سيء؟!”
“هممم، هل تريدين الصراحة؟”
“أجل! …هـه؟ ما الذي تفعلهُ؟!”
شعرت بأنفاسه تلامس ظهر يدها.
إنّه يشمّها… مثل كلبٍ صغير!
ثمّ رفع كتفيه:
“لا أعَرفُ… لا تبدين ذات رائحة كريهة.”
“……!”
“لو كنتِ تُشبهين شيئًا،
فأنتِ تُشبهين زهرةً بريّة.
نفس الرائحة التي شممتُها أمام بيتك.”
“أه، ربّما لأنّي صنعتُ خاتمًا من الزهور في وقتٍ سابق…”
لم تتوقّع أن يقول شيئًا جميلًا كهذا.
شعرت بالخجلُ، فأشاحت بنظرها عنهُ.
لكنّ إيسْتين لم يكن ليدع الأمور تمرّ بسلاسةٍ.
كان بارعًا في إعطاء الدواء قبل اللسَعةٍ.
“لكن بصراحة، رغم أنّكِ لستِ ذات رائحة،
إلّا أنّ مظهركِ بالفعلِ متّسخٌ.”
“……!”
اهتزّت نظرتها،
وشعرت بالحَرَج.
لكنّه أسرع في التدارك:
“صحيح أنّ السيّد في هذا القصر لا يحبّ القذارةَ،
لكنّه قد يَتسامح لو كانت الفتاةُ لطيفةً بما يكفَي.”
“إذًا… لن يتسامح معي، أليس كذلك؟
لم يقل أحد إنّي لطيفةٌ…”
“من يدري؟”
أجاب باقتضاب، وأغلق شفتيِه بقوّةٍ.
كاد يقول: “أنتِ تبدين لطيفةً في عيَني.”
لكنّهُ تَراجع في آخر لحظةٍ.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"