وفجأة، تذكّرت مييلا وعد إيستين لها قبل مغادرة القرية: أنّه لا ينبغي لخطيبة وريث الدوقية أن ترتدي شيئًا رثًّا أو بلا قيمة، لذا سيشتري لها ملابس جديدة!
‘أهذا ما كان يقصده بشراء الملابس؟’
ظنّت أنّ أقصى ما سيحدث هو أن يذهبا إلى متجر في البلدة ليشتري لها بعض الفساتين النظيفة، ولم تتخيّل أبدًا أنّه سيستدعي مصمّمة أزياء إلى القصر ليُفصّل لها ملابس حسب الطلب!
صحيح أنّها تُنادى الآن بلقب “خطيبة وريث الدوق” و”الآنسة الصغيرة”، لكنها تظلّ مجرد خطيبته في النهاية.
‘آههاها… هل يجوز هذا حقًّا؟’
شعرت مييلا وكأنّ المعاملة التي تتلقّاها تفوق بكثير ما تستحقّه، فتردّدت قليلًا ثمّ قالت بصوتٍ خافت:
“أوه، سُرِرتُ بلقائكِ. أنا مييلا.”
فأجابت المصمّمة بابتسامة:
“يا إلهي، إنّكِ حقًّا لطيفة كما قيل لي! أنا أيضًا سعيدة بلقائكِ، آنسة مييلا. فلنبدأ بقياس المقاسات أولًا، أليس كذلك؟”
في الوقت نفسه، ألقت إيلينا نظرة جانبيّة سريعة عليهِ، كأنّها إشارة غير منطوقة لاحترام خصوصيّة الآنسة الصغيرة.
نهض إيستين من مقعده واقترب من أذن مييلا المتجمّدة في مكانها وهمس:
“سأخرج قليلًا مع الخادم. لا تتوتّري، فقط قفي بهدوء.”
“أونغ. حَسنًا…”
أومأت مييلا برأسها.
وبعد لحظات، وأثناء قياس محيط ذراع مييلا، سألت إيلينا بصوتٍ مستغرب:
“آنسة مييلا، كم عمركِ؟”
“آه، أنا أبلغ العاشرة!”
“…أوه…”
تنفّست إيلينا تنهيدة خفيفة تلقائيًّا.
فهي خيّاطة خاصة تابعة لعائلة دوق فالورا، وكانت قد سُمِح لها مسبقًا بمعرفة بعض التفاصيل الأساسية، مثل كون مييلا من أصلٍ عامّي.
لذلك كانت تعرف بالفعل أنّ عمرها عشر سنوات، لكنّ حجم جسدها الصغير جعلها تشكّ مرّة أخرى.
‘طولها يشبه الأطفال في عمرها، لكن أطرافها… يمكن تصديق أنّها في الثامنة فقط.’
كان جسدها أنحف بشكل ملحوظ مقارنةً بالفتيات في عمرها.
كما أنّ قدميها المتشقّقتين وأصابعها المليئة بالجلد القاسي لا تُشبه يدَي فتاة في العاشرة.
يبدو أنّها مرّت بأوقات صعبة، ما جعل قلب إيلينا يوجَعها قليلًا.
‘من الأفضل أن أقترح عليها تصاميم ذات أكمام واسعة.’
فكّرت إيلينا بسرعة.
فبما أنّها أصبحت خطيبة السيد الشاب، وبدأت تتناول طعامًا جيّدًا وتعيش حياة مريحة، فلا شكّ أنّ جسدها سيتغيّر قريبًا.
لذا سيكون من الأفضل أن تُفصّل لها ملابس تُراعي ذلك.
‘هل يُعقل أنّها لاحظت شيئًا؟’
أما مييلا، فقد أحسّت فجأة بالحرج فخبّأت يديها.
لقد لاحظت نظرة إيلينا المتأمّلة في جسدها، وشعرت بالخجل من يديها المتشقّقتين، التي لا تليق بفساتين الحرير الناعمة.
‘آه، ماذا لو تمزّق الثوب وأنا أرتديه؟’
“مييلا، هل انتهوا من القياس؟”
صوت إيستين وصل مع صوت طرقٍ خفيفٍ على الباب، فارتسمت ابتسامة ارتياح على وجه مييلا.
“نعم!”
“إذًا، حان الوقت لاختيار الفستان. هيا نُشاهد معًا.”
جلست إلى جانبه على الأريكة، وقدّمت إيلينا كتابًا سميكًا مليئًا برسومات الفساتين الملوّنة كأنّها حقيقيّة.
“واو… جميلٌ جدًّا!”
كانت تُعبّر عن انبهارها مع كلّ صفحة تُقلب، فكلّ فستان بدا أجمل من الذي قبله، وكأنّها فساتين أميرات حقيقيّة.
‘هل هذه هي أجنحة القصص التي كانت أمّي تحكيها لي؟ لكن لا يوجد أجنحة هنا…’
‘كم يا تُرى ثمن هذه الفساتين؟ لا بدّ أنّها باهظة…’
راودها فضول مفاجئ. كم سيكون رائعًا لو وُضِع السعر بجانب كل فستان!
لكن للأسف، لم يكن هناك أيّ معلومات كهذه.
‘على كلّ حال، عليّ أن أختار شيئًا بسعرٍ معقول…’
راحت تُقلب الكتيّب بحثًا عن فستانٍ قليل الزخرفة، خفيف النمط.
ويبدو أنّ إيستين انتبه لما تفكّر فيه، فقال فجأة:
“اختاري ما يُعجبكِ. أيّ فستانٍ تريدينه، لا بأس.”
“حـ-حقًا؟!”
أشرق وجه مييلا، لكنّها سرعان ما تردّدت من جديد.
‘كلّها جميلة وفخمة جدًّا… فماذا أختار؟’
إيستين، وقد ظنّ أنّ تعبيرها يدلّ على تردّدٍ مختلف، أضاف:
“ولو لم يُعجبكِ شيء منها، يمكنكِ أن تطلبي ما تُريدينه بالتفصيل.”
قال ذلك، فتألّق وجه مييلا وكأنّها وجدت حلًّا.
“إذًا، إذًا…!”
“نعم، آنسة مييلا، تفضّلي.”
أنصتت إيلينا فورًا.
بصراحة، شعرت بخيبة أمل. فقد كانت تتمنّى أن يقع اختيار مييلا على أحد تصاميمها الرائعة في هذا الكتاب.
‘لكن لا بأس، ما دام طلبًا من آنسة صغيرة ولطيفة مثلها، سألبّيه بكلّ سرور!’
نظرة إيلينا المتوهّجة أربكت مييلا، فما استطاعت أن تنطق بسهولة.
“أمم…”
عينَاها العسليّتان الملتفّتان كانت تبدوان في غاية الظّرافة، ما جعل إيلينا ترفع صوتها من شدّة الحماس:
التعليقات لهذا الفصل " 31"