تمتمت ميل دون أن تشعر، فما كان من جايد إلا أن مد يده في الهواء متحسسًا الطاقة السحرية وقال:
“نعم إنه سحر. فالإلف بارعون في استخدامه.”
لوّح جايد بيده في الهواء عدة مرات وكأنه يلتقط شيئًا غير مرئي ثم قال:
“إنه سحر على درجة عالية من التعقيد. وضعوه ليمنع البشر من التوغل في غابتهم بسهولة.”
سأل توروي بقلق:
“سيد البرج، هل هذا يعني أننا لا نستطيع دخول غابة الإلف؟“
هزّ جايد رأسه نافيًا:
“ليس إلى هذه الدرجة. لكن… كسر هذا السحر سيأخذ وقتًا طويلاً.”
أردف بجدية:
“السحر الذي يغلف الغابة بأكملها، حتى أنا بصفتي ساحرًا عظيمًا، سأحتاج لبعض الوقت لفكه.”
ثم ابتسم بمرارة، إذ كان يعاني من ضعف في قواه السحرية بسبب تأثير سحر الحكيم العظيم، وهذا أمر كانت مييل على دراية به تمامًا.
“الإلف عاشوا لقرون طويلة، وتعايشوا بانسجام مع الطبيعة، وهم يتفوقون في التحكم بالسحر على معظم السحرة. حتى وإن لم يكن كل واحد منهم بمستوى ساحر عظيم، إلا أن قوتهم لا يُستهان بها.”
سألت مييل بتعجب:
“هل هم حقًا بهذه القوة؟“
أومأ جايد برأسه مؤكدًا:
“نعم، معظمهم يمتلكون قدرات سحرية متوسطة أو أعلى، أما السحر الذي يحيط بالغابة الآن، فهو من صنع عشرات من الإلف اجتمعوا معًا.”
ثم نظر جايد إلى السماء قليلًا، وخلع رداءه ليقدّمه لمييل.
جمع جايد كفيه معًا وبدأ يستجمع طاقته السحرية فانبعثت منه هالة من السحر بلون أحمر ذهبي، تصاعدت إلى الهواء وتفرّقت في الأرجاء.
أبتلعت مييل ريقها بصمت.
جلست مييل قرب الشجرة تراقب جايد بصمت.
كان توروي بجوارها، وكوسيليكو جاثم على كتفها.
مضى الوقت شيئًا فشيئًا… عشر دقائق، عشرون، ثلاثون… ثم ساعة كاملة.
كلما مرّ الوقت، ازداد العرق على جبين جايد وازداد قلق مييل عليه وهي تراقبه بصمت.
‘سيدي، لا بد أن فك هذا السحر المعقّد يستنزف الكثير من قواك.’
ثم، فجأة، توقف تدفق الطاقة من جايد.
ششش…
وفي تلك اللحظة، انشق الهواء كأن زلزالًا قد ضربه، وبدأ مشهد جديد بالظهور أمامهم.
“ها قد انكشفت الحقيقة أخيرًا.”
قال جايد وهو يمسح عرقه ويقف، فأسرعت مييل إليه وأعادت له رداءه.
“سيدي، هل أنت بخير؟“
“بخير، سوى أنني استنزفت الكثير من طاقتي. هل كنتِ قلقة؟“
هزّت مييل رأسها نافية:
“لا، كنت واثقة من أنك ستنجح.”
لأنها تعرف قوته جيدًا.
وقد أثّرت كلمتها فيه بطريقة غريبة.
في تلك اللحظة، اقترب توروي وقد بدا عليه الذهول وهو يتأمل المنظر الجديد.
“ماهذا…؟“
لم يكن المنظر أمامهم بالغابة الجميلة التي عرفوها من قبل.
“هذا المكان…”
تمتمت مييل وهي تنظر إلى الغابة التي باتت الآن مظلمة تمامًا.
فجأة، تغيّر كل شيء من حولهم.
لم تعد الغابة مشرقة وجميلة، بل أصبحت قاتمة وكئيبة.
“الجو هنا… مريب جدًا.”
تمتم جايد وهو يسير أمامهم، فلحقت به مييل وتوروي.
“صحيح.”
أضاف كوسيليكو:
“الإلف معروفون بحبهم للطبيعة وحرصهم على حمايتها، فكيف أصبحت الغابة بهذا الشكل؟“
بينما كانت مييل تهز رأسها موافقة، شعرت فجأة بطاقة والدها في أعماق الغابة.
“أعتقد أن الكنز في الداخل.”
استدارت إليها أعين جايد وتوروي فورًا.
“حقًا؟ إذًا ما قاله ذلك الطائر كان صحيحًا.”
“هل أنتِ متأكدة؟“
أومأت مييل، فرفع كوسيليكو رأسه بفخر.
“أرأيتما؟ كنت محقًا!”
“هاها، آسف لأننا شككنا بك يا كوكو.”
“همف، لا بأس. طالما أنكم صدقتم أخيرًا.”
مسحت مييل برفق على رأس كوكو.
ثم بدأوا بالتقدم إلى أعماق الغابة، لكن القلق بدأ يتسلل إلى قلب مييل.
‘لماذا تبدو الغابة مظلمة وكأن الأشجار ميتة؟‘
زاد المنظر الكئيب من اضطرابها.
‘لا يكون ما حدث في سولو يتكرر هنا أيضًا… هل يمكن أن تكون طاقة أبي قد لوّثت غابة الإلف؟‘
تذكّرت ما جرى في ساينت سنو حيث وُجد الكنز الأول سولو، وكيف جعلت طاقته الثلوج تهطل بلا توقف.
أتمنى ألا يكون الأمر كذلك…
وفيما كانت تفكر، سمعوا صراخًا من الداخل.
“آه، سامويل!”
“انتبهوا!”
ركض الثلاثة نحو مصدر الصوت بسرعة.
وهناك في عمق الغابة، شاهدوا مجددًا الوحش اللزج الأسود الذي رأوه سابقًا، لكن هذه المرة بحجم أكبر، وكان يواجه ثلاثة من الإلف: رجلان وامرأة، وكلٌّ منهم كان يتصدى للوحش اللزج بسيفه.
ثم، في لحظة خاطفة، أمسك إحدى الوحوش بساق أحد الرجال الإلف.
“لا، سامويل!”
وفي ثوانٍ، سُحب سامييل وبدأ يُمتصّ داخل تلك الكتلة السوداء.
“اللعنة.”
“مستحيل!”
لم يستطع جايد وتوروي الوقوف مكتوفي الأيدي، فانطلقا.
فلاش!
أطلق جايد سحرًا من الضوء شطر به الكتلة السوداء إلى نصفين، فأكمل توروي بضربة سيف قوية أطاحت به بعيدًا، مما أنقذ الإلف من التهامٍ كامل.
“سامويل!”
“هل أنت بخير؟“
اقترب منه رفيقاه، ثم رمقا جايد وتوروي بنظرة حادّة:
“بشر؟! كيف تجرؤون على القدوم إلى هنا؟!”
“اخرجوا من أرضنا فورًا!”
لكن صوت تأوه سامويل الموجوع قاطع غضبهم.
“آه… أوه…”
ارتسمت المرارة على وجوههم.
“سامحنا يا سامويل… لو كنّا أقوى…”
“تبًا، لو لم نستنزف طاقتنا السحرية، لما حدث هذا!”
انهمرت دموعهم وهم يشاهدون جسد سامويل يتحول تدريجيًا إلى اللون الأسود بدءًا من قدميه.
“آه، لا… سامويل…”
زاد بكاؤهم ألماً.
“أوه…”
راقبتهم مييل بصمت، ثم تقدّمت خطوة للأمام.
“أيمكنني… مساعدتكم؟“
استدار الإلفان بحدة، تعلو وجهيهما نظرة حذرة.
“ماذا؟ بشرية تجرؤ على مخاطبتنا؟!”
خصوصًا الرجل، فقد كان أشد حذرًا.
تفاجأ جايد وتوروي من تصرّف مييل.
“مييل، ماذا تفعلين؟“
“لا يجب أن تستفزيهم!”
لكن كوسيليكو كان قد فهم ما تنوي فعله.
“راقبوها.”
فصمت جايد وتوروي.
نظر الإلفان، لورا وبيهين، إلى مييل بتردّد.
“آه…”
لكن عندما بدأ اللون الأسود يزحف أكثر على جسد سامويل، تشبثوا بأمل ضعيف.
“…ساعدينا.”
“أنقذي سامويل.”
اقتربت مييل بسرعة من سامويل وأخرجت زجاجة صغيرة من جيبها.
كان سولو الذي أعدته خصيصًا لرحلتهم الثانية، وهو عبارة عن سائل صافٍ كالكريستال.
فتحت الزجاجة بحذر، ووجهتها نحو فم سامويل.
قطرة.
قطرت نقطة واحدة في فمه، ثم أغلقت الزجاجة سريعًا، تراقب الوضع.
بعد لحظات، بدأ اللون الأسود الذي كان ينتشر في جسده يتلاشى تدريجيًا.
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 44"