ما إن سمع جيد بخبر زيارة سمو الأميرة، حتى خرج من غرفته مسرعًا ليتعقب أثرهما.
ثم أخذ يراقب الاثنين وهما يتجولان في برج السحر من بعيد، دون أن يشعر به أحد.
فما كان هدفه إلا كشف النوايا الخفية للأميرة.
فإن كانت مييل حقًا مرشحة لتكونزوجة ولي العهد، فلا بد أن يذكر اسمه في حديث الأميرة.
لكن حتى الآن، لم يكن حديثهما سوى عن الطعام، أو برج السحر لا غير.
‘تحليل شولاين كان خاطئًا تمامًا.’
هكذا حسم جايد الأمر في داخله.
ومع ذلك، لم يستطع أن يغادر مكانه.
فقد كانت مييل تبتسم ببراءة.
ابتسامتها، النقية كابتسامة طفل لم يلوثه العالم، كانت تشد الأنظار إليها بقوة.
وبينما كان جايد يحدّق بها بلا وعي، انتهى طعام الاثنتين.
“آه، صحيح يا مييل، هناك شيء أردت أن أعطيك إياه بنفسي.”
قالت روبينا وهي تمسح شفتيها بمنديل بعد أن أنهت طعامها.
“هاه؟ ما هو؟“
عندها استلمت روبينا شيئًا من خادمتها، بدا في الظاهر وكأنه رسالة.
لكن غلاف الرسالة الأبيض والمزخرف بشريط ذهبي كان فخمًا على نحو واضح.
فمن النظرة الأولى، يمكن الجزم أنها رسالة مخصصة من العائلة الإمبراطورية.
ناولت روبينا الرسالة مباشرة لمييل.
وكان أول ما لفت الانتباه هو ختم العائلة الإمبراطورية “ختم الأسد المغوار” كأنما رُسم بسائل ذهبي مصنوع من الذهب الخالص.
فتحت مييل عينيها دهشة وسألت:
“ما هذه؟“
“إنها دعوة.”
“دعوة؟“
“نعم، بعد مدة قصيرة، سيحل يوم ميلادي.”
قالت روبينا بابتسامة مشرقة، وقد احمرّ وجهها خجلًا.
فتوسعت عينا مييل دهشة، وفتحت فمها في ذهول.
“حقًا؟! أعتذر، لم أكن أعلم أبدًا!”
“لا داعي للاعتذار يا مييل، فهذا طبيعي تمامًا. فقد كنت ضعيفة البدن طوال الوقت، ولم أتمكن حتى من إقامة حفلة واحدة. بل من الغريب أن يعرف أحد من عامة الشعب تاريخ ميلادي. لكنني الآن تحسنت، وصرت قادرة على إقامة حفلة ميلاد، وهذه الدعوة موجّهة إليك.”
‘يا إلهي.’
بدأت مييل تشعر بما أحس به فووك قبل قليل، ذلك الإحساس الجارف الذي يجلب معه دموعًا لا يمكن كبحها.
“أ–أنتِ يا سمو الأميرة تقدمين لي الدعوة بنفسكِ؟ هذا فوق ما كنت أتخيل.”
“أوه، هل تفاجأتِ؟ أنا فقط أردت إيصالها لك بنفسي لأننا صديقتان.”
‘ص–صديقتان؟! صديقة للأميرة؟!’
شعرت مييل أن عينيها تترقرقان بالدموع لكنها سرعان ما جفّفت مشاعرها حين سمعت ما قالته الأميرة بعد ذلك.
“مييل، هل ستكونين شريكة الرقص لأخي في الحفلة؟“
حتى جايد الذي كان يتنصّت عليهما، لم يتمالك نفسه من الذهول.
‘يا لها من فتاة!’
كان يظنها مجرد أميرة مريضة لا حول لها ولا قوة، لكنها استطاعت من زيارة واحدة لبرج السحر تحقيق هدفين دفعة واحدة.
أصبحت صديقة لمييل، بل وتحاول أيضًا ربطها بولي العهد!
كاد جايد أن يندفع من مكانه ليطرد الأميرة، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، وكأن مييل قد شعرت بما يدور في خلده.
“أنا؟ شريكة رقص لسمو ولي العهد؟ أشكرك جزيل الشكر ولكنني لا أجيد الرقص.”
“يمكنكِ تعلمه.”
كررت روبينا عرضها، لكن مييل رفضت مجددًا هذه المرة بحزم أكبر.
“كلا، جسدي لا يساعدني على الحركة في هذا النوع من الأنشطة. ولو حاولت، فلن أتمكن من مجاراة سمو ولي العهد. لن أكون سوى عبء. ثم إن هناك الكثير من النبيلات اللواتي يرغبن بأن يصبحن شريكات الرقص لسموه، لذا أفضّل الانسحاب. أنا ممتنة فقط لأنني تلقيت دعوة لحضور الحفل.”
هنا، كاد جايد أن يصفق فرحًا.
‘أحسنتِ يا تلميذتي. لقد رفضتِ بأسلوب كامل ومتقن!’
“فهمت. طالما أن هذا ما ترينه فلا بأس. لكن إذًا، ما رأيك أن ترقصي معي ولو رقصة واحدة؟ بسيطة وسهلة.”
“حسنًا، إن كانت مجرد رقصة بسيطة لتحريك الجسد، فأعتقد أنني أستطيع. خصوصًا لو كنتِ أنتِ من سيرافقني يا سمو الأميرة… فذلك يسعدني.”
قالت مييل ذلك وقد احمرّ وجهها خجلًا.
عندها رسمت روبينا ابتسامة عريضة على شفتيها.
صحيح أن الطريق إلى قلب شقيقها لا يزال طويلًا، لكنها على الأقل قد خطت أول خطوة.
بينما كانت روبينا ومييل تتبادلان الابتسامات وتمسكان أيدي بعضهما، لم يكن بوسع جايد سوى التنهد بحسرة.
‘عدوي الأكبر لم يكن إلا هذه الشابة التي تمسك بيد مييل وتبتسم لها بلطفٍ ساحر.’
مهما كانت الحيلة التي استخدمتها، فقد بدا واضحًا أن مييل تحمل لها مشاعر ودّ صادقة.
‘متى ستعود إلى القصر الملكي؟!’
كان يتمنى لو يتمكن من الفصل بين الاثنتين في الحال، لكن كونه المعلّم، لم يكن لائقًا أن يتصرّف بهذا الشكل.
‘تبًا.’
شتم جايد في نفسه.
“آه، لقد أعددنا دعوة إضافية.”
ناولتها الخادمة دعوة أخرى.
لكن هذه المرة، لم تمرّ عبر يد روبينا، بل قُدّمت مباشرة إلى مييل.
“ما هذه؟“
“هذه لسيّد البرج. كنت أودّ إيصالها له بنفسي، لكن وقت عودتي إلى القصر قد حان.”
“آه، سترحلين الآن؟“
“نعم، كنت أود البقاء أكثر، لكن إن تأخرت فسيقلق جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة، لذا لا بد أن أعود.”
“إذًا، لا حيلة في الأمر…”
رغم شعورها بالأسى، فقد حان وقت الوداع.
نهضت مييل وروبينا من مقعديهما وغادرتا المطعم وهما تتحادثان بودّ.
كان جايد مختبئًا خلف أحد الأعمدة، رغم أنه كان يرتدي عباءة التخفي.
وبقي صامتًا إلى أن وصلت الفتاتان إلى الطابق الأرضي من برج السحر ثم نظر من خلال النافذة.
كانت العربة التي جاءت فيها روبينا تبتعد بهدوء عن الصحراء.
لم يكن ينوي أن يختبئ، لكن جسده تصرّف من تلقاء نفسه وكأنه اقترف ذنبًا ما.
‘لا، هذا ليس صحيحًا. فأنا سيد البرج، ويحق لي أن أكون في أي مكان أشاء.’
ضحك جايد ضحكة خفيفة، ثم توجه إلى الطابق العلوي الخاص به.
* * *
بما أن الأميرة قد غادرت، فقد حان وقت العودة إلى عمله.
دخلت مييل غرفتها بابتسامة مرتاحة.
لقد قضت وقتًا ممتعًا بصحبة سمو الأميرة التي تحبها بصدق.
كانت هذه الأيام مليئة بالتجارب المسلّية.
والأجمل أن ما ينتظرها لاحقًا، سيجلب لها سعادة أكبر.
“حسنًا، لنبدأ القراءة.”
حضّرت القلم والورق، ثم جلست إلى مكتبها وفتحت كتاب “كنز كاريلادين“.
لكن شيئًا ما كان مختلفًا في هذا الكتاب عن غيره.
فلم يُذكر اسم المؤلف في أي مكان.
“حتى لو كان قديمًا، فهذا غريب…”
رغم استغرابها، تابعت تقليب الصفحات.
وقد بدأت المقدمة بقصة عن الحكيم العظيم.
كاريلادين الحكيم الجليل الذي أنهى الحرب الكبرى التي اندلعت على هذه الأرض منذ زمن بعيد.
وكانت الفصول الأولى تتناول ظهوره الأول، والأحداث التي أدت إلى تأسيس برج السحر.
وبما أن تلك المعلومات كانت مألوفة لديها، فقد تجاوزتها سريعًا.
ثم بدأت الأجزاء التي تنتظرها “القصص المتعلقة بكنز الحكيم.”
كان ترتيب المعلومات كالتالي… الدولة أو القرية التي ظهر فيها الكنز وتوقيت ظهوره ثم الحوادث التي ارتبطت به وتأثيراته في تلك الفترة.
سرد الكتاب هذه الأحداث بأسلوب أقرب إلى الرواية، مما جعل قراءته ممتعة وسهلة.
لذلك استطاعت مييل أن تلتهم صفحات الكتاب بسرعة رغم كثافته.
وحين انتهت من القراءة، كان الليل قد أرخى سدوله والسماء مظلمة تمامًا.
لم تُكمل قراءة الكتاب كله، لكنها وصلت إلى ثلثه تقريبًا، وقد تناول هذا الجزء الحديث عن اثنين من الكنوز.
“سولو…” (هُنا كانت مندهشة من مدح الكتاب له من شدة جماله لذلك من صوتها في الكتابة الكورية كانت مييل مُتأثرة، واضافه جميله حين ترجمته للعربي يكون سولو معناه دمعة الثلج)
كان أول كنز ورد ذكره في الكتاب هو سولو. وقد أبدى الكاتب أسفًا بالغًا لأنه لم يكن يستطيع وصف جماله إلا بالكلمات.
“ترى، كيف يبدو شكله الحقيقي؟“
هل هو فعلًا يشبه دموع العين؟
بينما كانت تتخيل شكل الكنز، أصدرت معدتها صوتًا يدل على الجوع.
كانت قد اندمجت كثيرًا في القراءة، حتى نسيت أنها لم تأكل.
لكن الوقت كان قد تأخر كثيرًا ولم يكن من المناسب إزعاج فوك لطلب الطعام.
فنهضت ببطء وتوجهت إلى زاوية غرفتها حيث تحتفظ ببعض الفاكهة وأخرجت تفاحة بهدوء.
مسحتها بطرف كمّها ثم قضمت منها قضمة.
وكما توقعت، كانت تفاحة فاخرة.
لم تمر بأي عملية طهو أو تحلية، لكنها كانت لذيذة وغنية بالنكهة.
ومع حلاوة التفاحة، بدأت تشعر بأن ذهنها يصفو وأفكارها تتّقد مجددًا.
فابتسمت وراحت ترتّب المعلومات التي قرأتها في الكتاب.
أمسكت بالتفاحة في يد وبالريشة في يدها الأخرى، ولم يكن يُسمع في الغرفة سوى صوت الريشة وهي تكتب فوق الورق.
“مكان وجود سولو هو…”
وأثناء تدوينها للملاحظات، فتحت بسرعة خزانة أوراقها لتستخرج خريطة العالم، وبدأت تُقارن بين ما قرأته في الكتاب والمواقع المرسومة على الخريطة.
“آه…”
لقد أدركت أنها ارتكبت خطأ.
لم يكن من الحكمة أن تكتفي بتحديد موقعي الكنزَين الأولين فقط…
ففتحت الكتاب مجددًا، وبدأت تُنقِّب وسط الصفحات المتلاحقة عن الكلمات المفتاحية المرتبطة بالكنوز.
وحين وضعت علامات على الخريطة لكل كنز، لم تستطع منع نفسها من الضحك.
“هذا الانتشار مبالغ فيه حقًا.”
________________
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟! هاي الروايه موجوده PDF بالجروب
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 25"