القارة الشمالية، أكبر قارة في العالم، باتت اليوم تحت سيطرة إمبراطورية هاغوران بالكامل تقريبًا.
قبل نحو مئتي عام، لم تكن هاغوران سوى مملكة صغيرة. أما صعودها لتصبح إمبراطورية، فقد كان نتيجة عوامل عديدة.
كالأرض الخصبة، والموارد الوفيرة، والفصول الأربعة المتمايزة…
لقد امتلكت هاغوران كل المقومات التي تجعل منها مملكة قوية ومزدهرة.
غير أن العامل الحقيقي الذي جعلها تتفوق على غيرها كان شيئًا آخر… وهو السحر.
قبل أن تصبح إمبراطورية، كانت مملكة هاغوران تخوض حروبًا متواصلة ضد الغزاة.
كانت الدماء تسيل يوميًا فوق أراضيها، ورائحة الحديد والدم لا تفارق الأجواء.
الفرسان والشعب على حد سواء قاتلوا بكل ما أوتوا من قوة.
لكن مع مرور الوقت، بدأت الهزائم تُلقي بظلالها على المملكة المنهكة.
ثم… ظهر رجل واحد.
وقف شامخًا في ساحة المعركة، وأطلق قوة لم يرَ أحدٌ مثلها من قبل.
بتلك القوة، طرد الغزاة في لحظة، وأزال رائحة الدم من الأرض.
ذلك الرجل كان أول ساحر عرفته الإمبراطورية، والحكيم العظيم… وهو كالولادن.
بفضل ظهوره، استطاعت المملكة كسب الحرب.
وبعد انتهاء المعارك، تحولت المملكة إلى إمبراطورية، ورفعت من شأن بطلها كالولادن إلى أعلى المراتب.
منحه الإمبراطور لقب “الحكيم العظيم“، وأنشأ من أجله مؤسسة لا يجرؤ أحد، حتى الإمبراطور نفسه على التدخل في شؤونها: برج السحر، ونصّبه أول سيد لها.
ومضت مئة عام منذ ذلك الحين… ولا يزال البرج قائمًا حتى اليوم.
في الجهة الغربية من إمبراطورية هاغوران.
حيث كانت أرضًا عشبية في الماضي، أصبحت الآن صحراء بفعل تجارب السحر المتعددة، وهناك ينتصب برج شاهق عالٍ.
برج أسطواني شاهق، يمتد لمئات الأمتار، يبعث طاقة مهيبة لا يمكن تجاهلها.
وهذه الهالة الساحقة تثير الرعب في قلوب الناس العاديين، وتمنعهم حتى من التفكير في الاقتراب من البرج.
لكن هذه لم تكن حاجزًا سحريًا أُعدّ خصيصًا للحماية.
بل كانت نتيجة طبيعية لتراكم الهالة السحرية المنبعثة من مئات السحرة المقيمين داخله.
ومن بين تلك الهالات، كانت هناك هالة حمراء شديدة القوة.
ومصدر تلك الهالة كان في الطابق العلوي الذي لا يُرى من الأسفل… طابق سيد البرج.
في فجر يومٍ أزرق باهت…
حين بدأت الشمس بالكاد تطل برأسها…
انبثقت طاقة سحرية قاتمة حمراء من غرفة سيد البرج في الطابق الأعلى.
وكانت كمية تلك الطاقة أكبر بكثير من المعتاد، حتى أن السحرة شعروا بالخوف.
خافوا من أن يُقدم أقوى ساحر في هذا العصر على تدمير البرج نفسه.
وبعد نقاش طويل، قرروا في النهاية إرسال ‘الشيخ شولاين‘، أقدم السحرة مقامًا وأكثرهم بقاءً في البرج.
“هاه…!”
وفي اللحظة التي بدأ فيها شولاين صعود البرج، فتح سيد البرج عينيه في غرفته.
هبط ضوء الفجر الأزرق على جايد.
فتألقت عيناه وشعره القرمزيّان في ذلك الضوء.
لكن تلك الأجواء النقية التي تبعث على الانتعاش لم تكن كافية لتصفية ذهنه.
بل كان جايد في غاية الارتباك.
فما إن فتح عينيه من ظلمات عميقة، حتى واجه السقف المألوف فوقه.
قطّب جبينه حائرًا ونهض ببطء، ثم جلس في سريره قابضًا على يديه بشدة.
‘هل… ما زلت حيًّا؟‘
لقد كان موقنًا أنه مات. لقد تلقّى حكم السيف المقدس وفقد حياته.
انطفأ نوره تمامًا أمام السيف المقدس، ولم يبقَ سوى ظلام مطبق.
لكن ها هو ذا… حي يُرزق. وليس في قلعة، بل داخل برج السحر.
‘هل يمكن أن يكون أحدهم قد أنقذني؟‘
أخذ يتحسس جسده بلهفة، ومد يده إلى بطنه حيث اخترقه السيف المقدس.
لكن ما وجده هناك لم يكن جرحًا ولا ضمادة… بل عضلات صلبة، لا يغطيها شيء.
لم تكن هناك أي إصابة.
ولا حتى كدمة واحدة على جسده.
بل إن حالته البدنية كانت ممتازة… لدرجة لا توحي أنه خاض قتالًا عنيفًا مؤخرًا.
بل في الحقيقة، بدا جسده أفضل من أي وقت مضى. وكأنه مستعد للقتال مرة أخرى في اللحظة ذاتها.
‘ما الذي يحدث؟ هل تطورت علوم الطب في الإمبراطورية إلى هذا الحد؟ لا… مستحيل.’
المستوى الطبي الذي كان يعرفه لا يمكنه الوصول إلى هذه المعجزة.
كأن جسده لم يدخل ساحة قتال أبدًا.
‘مستحيل…’
الأسئلة في رأسه لم تتبدد، بل راحت تتكاثر.
وحين اشتد عليه الحزن والارتباك، انفتح باب الغرفة، وتسلّل منه النور.
“سيد البرج!”
“شولاين!”
حين ظهر شخص قد يملك إجابة لما يجول في ذهنه، انتفض جايد من مكانه على الفور.
اقترب من شولاين دون أن يدرك أنه لا يرتدي شيئًا على جسده.
ابتسم الشيخ ذو اللحية البيضاء تلقائيًا أمام هذا الاستقبال الحار غير المعتاد من سيد البرج.
“يا له من ترحيب! أنا شولاين، وأظن أن هذا اليوم هو أسعد أيامي منذ أن وطئت قدماي برج السحر قبل سنوات طويلة. ربما أجعله يومًا مميزًا في حياتي وأحتفل به كل عام…
“هل أنت من جلبني إلى البرج؟“
“…أسميه يوم السعادة… ماذا؟!”
توقف شولاين عن الحديث، مذهولًا من سؤال جايد الغريب، لكن جايد أمسك بذراعه وسأله مجددًا:
“بصراحة، كنتَ في غرفتك خلال الأيام الماضية دون أن تغادرها. هل رأيت حلمًا مزعجًا؟ لقد شعرتُ أن هناك شيئًا غير طبيعي في طاقتك السحرية، لذا أتيت لأطمئن عليك… يبدو أنك كنت تحلم بكابوس.”
ضحك شولاين بهدوء، ومد يده ليمسك يد جايد التي كانت لا تزال ممسكة بذراعه.
وفي تلك اللحظة، لاحظ جايد أمرًا غريبًا. كان ينظر إلى ذراع شولاين اليمنى التي كان يُمسكها.
“شولاين… ذراعك…”
“نعم؟ هل هناك خطب فيها؟“
“…لكن… كيف…؟“
كان متأكدًا أن شولاين قد فقد ذراعه في معركة مع وحش شيطاني العام الماضي، حين ضحّى بها لينجو بحياته.
ومع ذلك… ذراعه كانت سليمة تمامًا.
ففي الوقت الحاضر، لم تكن التقنيات الطبية أو السحرية قادرة على إعادة الأطراف المفقودة.
بل حتى شفاء الجروح الكبيرة لم يكن أمرًا سهلاً. إذًا… ما الذي حدث هنا؟
“شولاين، قل لي… ما هو العام الحالي؟“
“ماذا؟ ما هذا السؤال المفاجئ؟“
“أجبني فقط. نحن الآن في أي سنة من التقويم الإمبراطوري؟“
“فيالعام 196.”
ضحك جايد بمرارة. لقد وقعت فعلاً معجزة لا تُصدق.
فلقد مات في العام 198 من التقويم الإمبراطوري… لكن الحاضر الآن هو العام 196.
لقد عاد الزمن إلى الوراء… سنتين كاملتين.
“سيد البرج؟ هل أنت بخير؟“
سأل شولاين بقلق وهو يحدق في وجه جايد.
لم يكن الأمر طبيعيًا اليوم؛ فالهالة السحرية التي شعر بها كانت تدل على أن هناك خطبًا ما.
لكن جايد هزّ رأسه قائلاً:
“لا بأس… يبدو أنني كنت أعيش كابوسًا لا أكثر.”
“آه، فهمت…”
“وبالنسبة لطلبك بشأن طاقتي السحرية… سأُعيد ضبطها حالًا. يمكنك الانصراف.”
وفعلًا، بدأت الهالة الحمراء المحيطة بالبرج تتبدد شيئًا فشيئًا، وعادت الأمور إلى هدوئها المعتاد.
ألقى شولاين التحية وخرج من الغرفة، وبينما كان يربّت على لحيته البيضاء، تمتم لنفسه:
“هل سيد البرج بخير فعلًا؟“
لقد أمضى سنوات طويلة معه، لكنه لم يشهد يومًا أغرب من هذا اليوم.
أسئلة غريبة، وسلوك مضطرب لم يعهده من جايد الهادئ عادة.
وفجأة، راودته فكرة مرعبة.
“لا يكون… قد تسببت إحدى تجاربه على السحر المحرم بإصابة في عقله؟!”
تجمد في مكانه، ثم أغلق فمه بإحكام وكأنه علم بسر خطير لا يجب البوح به.
وفي نفسه، أقسم أن يحتفظ بذلك السر إلى الأبد حفاظًا على استقرار البرج.
بعد رحيل شولاين، عاد جايد إلى سريره وجلس مجددًا.
لقد وجد الجواب أخيرًا عن سبب نجاته…
“العودة بالزمن…؟“
كم من العجائب تحدث في هذا العالم، لكن ما حدث له لا يُصدَّق.
كان متأكدًا من موته.
أخفى وجهه بين يديه للحظة، ثم فجأة، قفز إلى ذهنه وجهٌ كاد ينساه.
“…مييل!”
ترجمة : سنو
واتباد : @punnychanehe
واتبادالاحتياطي : @puunychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"
شكرا علي الترجمة الممتعه ولا تنسينا