تلاشت حماسة مييل المفاجئة التي كانت قد اشتعلت للحظة.
هكذا هو الأمر دائمًا، كما توقعت.
كانت قد شعرت بشيء من الحماسة دون أن تشعر، لمجرد أنها ستتعلّم السحر على يد هذا الرجل.
لكن في النهاية، معلمها يظل معلمها.
لو كان الأمر بيدها، لكانت نزلت من فوق سطح البرج فورًا.
لكنها فكرت… لعل امتلاكها لكمية كبيرة من الطاقة السحرية قد يمكّنها من النجاح إلى حدٍّ ما؟
رفعت مييل يدها كما فعل جايد، وبدأت بتنفيذ تعليماته، باستخدام سحر التكوين الأساسي مع تخيل صورة واضحة له.
ثم ضخت فيه طاقتها السحرية.
عندها، بدأ شيء ما يتكوّن عند أطراف أصابعها، وارتفعت الحرارة من حولها!
‘هل يعقل أنني نجحت؟!’
توك.
“……”
“……”
ساد الصمت على سطح البرج.
خفضت مييل يدها ببطء.
ونظرت إلى الأرض، حيث سقطت حجرة صغيرة.
كانت بالكاد بحجم ظفر، لكنها كانت مشتعلة وكأنها نيزك صغير.
غير أن تلك الشعلة سرعان ما خمدت تحت تأثير نسمة هواء خفيفة.
“…انطفأت.”
تمتمت مييل بصوت خافت وهي تلتقط الحجرة الصغيرة.
ولما وضعتها على راحتها، بدت أصغر حتى مما ظنّت.
هذا هو النيزك؟ أول نيزك لي… مجرد حصاة؟
لم تكن تطمح لصخرة ضخمة في البداية، لكن على الأقل كانت تأمل أن تكون بحجم قبضة يد.
ومع ذلك…
“…بفت.”
بينما كانت غارقة في خيبة أملها، سمعت صوتًا يحاول كتم الضحك.
استدارت بسرعة لتجد جايد يحاول بكل طاقته ألا يضحك وهو يشيح بنظره عنها.
“سيدي المعلم.”
نادته بنبرة خافتة، لكن فيها ما يكفي ليشعر بخطورة الموقف.
أدرك جايد فورًا ما في الأمر، فسعل مفتعلًا ثم قال:
“لـ–لم أضحك لأن الأمر مضحك، أبدًا.”
“ليس هذا المهم. كيف يمكن أن تطلب مني تنفيذ سحر بهذه الصعوبة؟“
“بالنسبة لأول محاولة، فقد أديتِ أداءً ممتازًا. لو كان أي ساحر آخر مكانك، لما تمكن من استدعاء شيء أصلًا.”
‘هذا أداء ممتاز؟‘
لم تكن مييل مقتنعة، لكنها لم تملك خيارًا سوى تقبّل كلام سيد البرج أقوى ساحر في البلاد.
‘لكن معلمي هذا مجنون. اللعنة.’
“في المرة القادمة، سأعلّمك سحرًا أسهل. أما النيزك، فدعيه لما بعد.”
“…لم أكن أنوي التدرب عليه على أي حال.”
تمتمت مييل وهي تزم شفتيها.
كانت تدرك أن فشلها لم يكن خطأ المعلم وحده.
وكانت تعلم أيضًا أنها لن تجد الكثير من الفرص لتستخدم سحر النيزك في حياتها اليومية.
لكن رغم ذلك، كانت سعيدة بتعلم شيء جديد… قبل أن تتحول هذه السعادة إلى خيبة.
“همم… حسنًا، لنكتفِ بهذا القدر من الدرس اليوم. لقد أصبحتُ على دراية بطبيعة طاقتك السحرية، وهذا كافٍ لهذا اليوم. طاقتك أكثر مما توقعت، بل تفوق طاقة السحرة العاديين، لذا يمكنك أن تفتخري بها يا مييل.”
قالها جايد محاولًا مواساة تلميذته المحبطة.
لكن مزاج مييل لم يتحسن.
فحتى كلمات الإطراء لم تكن ذات قيمة حين تأتي من معلم غريب الأطوار.
“بالمناسبة، بعد يومين سنذهب إلى القصر الإمبراطوري.”
“نعم، رحلة موفقة.”
انحنت مييل تحية للوداع، وهمّت بمغادرة السطح. لكن جايد استوقفها:
“أنتِ ستذهبين معي.”
* * *
دخلت عربة برج السحر أبواب العاصمة، يتردد صدى حوافر الخيول بإيقاع منتظم في طرقاتها.
كانت مييل تحدّق بشرود من نافذة العربة، تستمع لصوت الحوافر وهي ما تزال غارقة في أفكارها.
مجرد حصاة؟ مازالت الصدمة تفارقها.
في الواقع، بعد انتهاء الدرس، حاولت سرًّا أن تتدرب على سحر النيزك.
مرتين كاملتين.
ولكن في كل مرة، لم تستدعِ سوى حصاة.
رغم ذلك، في المرة الأخيرة خرجت الحصاة بحجم أكبر قليلًا من سابقتها.
الفرق لم يكن واضحًا للعين المجردة، لكن حين وضعت الاثنتين جنبًا إلى جنب، بدا الفرق موجودًا.
تقدم بسيط لكنه موجود.
لكن في النهاية، لا تزال حصاة.
“هاه…”
تنهدت مييل بعمق، ونسيت للحظة أن العربة لم تكن خالية.
تحركت عينان قرمزيتان مع تنهيدتها.
كان جايد الجالس أمامها يرمقها بنظرة جانبية.
فمنذ صعودها إلى العربة، لم تبدُ على ما يرام.
لم تكن مييل تُظهر تعابير وجهها كثيرًا في العادة، لكن مع ذلك تمكّن جايد من ملاحظة التغيّر الطفيف فيها.
في تلك اللحظة، كان الاثنان في طريقهما إلى القصر الإمبراطوري.
كان جايد ذاهبًا لمقابلة الإمبراطور، أما مييل فلأن ولي العهد طلبها في أمرٍ ما.
ولم يكن صعبًا تخمين سبب مزاجها السيئ… فبالتأكيد كان بسبب ولي العهد. (من وجهة نظر جايد)
فهو لم يتوقف عن مضايقتها، فكيف يُتوقع منها أن تراه بنظرة إيجابية؟ من الطبيعي أن تنزعج منه.
قال جايد محاولًا صرف انتباهها:
“مييل.”
“…نعم؟“
“ما رأيك بتلقي الدروس على يديّ؟“
تفاجأت مييل قليلًا بالسؤال، إذ كانت غارقة في أفكارها.
‘هل اكتشف أنني كنت أتمرن على تعويذة النيزك؟‘
لو كان الأمر كذلك، لكان محرجًا فعلًا.
لكنها ارتاحت حين لم يتبع السؤال أي تعليق آخر.
في الحقيقة، كان جايد يسعى فقط لصرف انتباهها عن التفكير في ولي العهد، حتى لو للحظات، لذا تعمّد فتح موضوعٍ يخصه.
‘انظري إليّ وافرحي، فأنا المفضل لديك.’
هكذا كان تفكيره.
“كان ممتعًا.”
أجابت مييل بإجابة محايدة.
لم تكن الدروس سيئة، لكنها لم تكن مذهلة كذلك.
مع ذلك، شعرت بأنها مثيرة للاهتمام.
“أحقًا؟“
ارتسمت ابتسامة على شفتي جايد، كما لو أنه توقع ذلك مسبقًا.
فكيف لها ألا تستمتع وهي تتلقى التعليم من شخص تكنّ له مشاعر؟ حتى إن كانت خيبة أملها واضحة بعد فشل تعويذة النيزك، فلا بأس، سيعلّمها شيئًا آخر.
ومع انتهاء الحديث القصير، دخلت العربة بوابات القصر الإمبراطوري.
وكان الخدم الذين أُبلغوا مسبقًا بوصول وفد برج السحر، واقفين في انتظارهم.
ومن هنا، تفرّقت الطرق.
كان جايد يرغب في مرافقة مييل، فولي العهد قد يتفوّه مجددًا بكلامٍ غير لائق.
لكن ما باليد حيلة، عليه مقابلة الإمبراطور.
وقبل أن يفترقا همس لمييل:
“إذا بدأ ذلك الأحمق بالتفوه بأي تفاهات، تجاهليه وغادري. سأتحمّل العواقب.”
“…؟نعم؟“
‘تجاهل ولي العهد؟‘
بالنسبة لمييل، كان ذلك أمرًا مستحيلًا، لا يجرؤ عليه سوى سيد البرج نفسه.
أما هي، فمجرد عضو عادي في البرج، وأي تصرّف من هذا النوع قد يعرّضها للخطر.
لكنها لم ترغب في الدخول بأي نقاش، فاكتفت بهزّ رأسها.
ثم اتجه جايد نحو جناح الإمبراطور، وذهبت مييل إلى جناح ولي العهد.
كان الجناح مختلفًا تمامًا عن “القاعة البيضاء” التي زارتها سابقًا، مما أتاح لها الفرصة لرؤية مناظر لم ترها من قبل.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 16"