معلمي قد جُنّ [ 119 ]
توقفت مييل لبرهة وهي تحدق بشرود في الخريطة.
ثم خطر ببالها فجأة سؤال غريب:
‘لمَ ظهرت هذه الخريطة أولًا؟ لم أعثر بعد على الكنز الأخير.’
أمالت رأسها قليلاً، تتفحص الخريطة بعين متفحصة، وإذا بها تكتشف أنها تمسك في يدها بقطعة صغيرة من صورة.
‘هذه الصورة…’
كانت جزءًا من الصورة التي قاربت على الاكتمال.
وضعتها في صدرها بعناية، ثم لفّت الخريطة بإحكام.
“بالمناسبة يا كوكو، أين الكنز الأخير؟ الغريب أن الخريطة ظهرت قبل أن نكمل جمع الكنوز، وهذا ما يثير دهشتي.”
سألت مييل ذلك وهي تضع الخريطة في جيبها، فأجابها كوسيليكو بابتسامة لطيفة:
“غالبًا ستعرفين قريبًا.”
“همم، أحقًا؟”
“نعم، صدقيني. لنعد أولًا.”
“حسنًا… لكن كيف سنعود؟”
بدأت مييل بالعودة من الطريق الذي جاءت منه، تسير على امتداد ممر الكهف حتى لمحت بابًا في الجدار الصخري.
“هل كان هذا الباب موجودًا من قبل؟”
وقفت أمام الباب الخشبي وهي تميل برأسها.
فابتسم كوسليكو بخفة قائلاً:
“هذا الباب يا مييل ظهر نتيجةً لاكتشافك أحد الكنوز. إن خرجتِ من هنا، فستعودين إلى حيث كنتِ.”
“آه، فهمت.”
اطمأنت مييل لكلامه وفتحت الباب. وإذا بها تعود إلى غرفة الحكيم العظيم.
وما إن خرجت برفقة كوسيليكو حتى اختفى الباب تمامًا.
“فلنذهب إلى غرفتي.”
غادرت مييل الغرفة برفقة الطائر الصغير.
بدا الوقت في الخارج وكأنه الفجر. فتوجها معًا إلى مكان إقامتها.
“ما دام الوقت لا يزال مبكرًا… فلنرتح قليلاً.”
“نعم… تثاؤب… فكرة جيدة.”
وصلت مييل إلى غرفتها، فسارع الطائر إلى الاستلقاء على الوسادة والنوم، بينما خلعت هي سترتها واستلقت مجددًا على السرير.
‘بما أنني وجدت كنزًا جديدًا اليوم… فلا بد أن أراه في الحلم.’
كان ذلك آخر ما فكرت به قبل أن تغفو.
وبرغم أنها كانت قد استيقظت قبل قليل، فقد غلبها النعاس سريعًا.
ولم يمضِ وقت طويل حتى وجدت نفسها وسط فضاء مظلم.
‘إنه الحلم…’
تساءلت في نفسها، ما الذكرى التي ستراها هذه المرة؟ راقبت المكان من حولها بتلهّف، وفجأة انبثق الضوء وتبدل المشهد.
‘هذا المكان…’
كان ما رأته منظرًا هادئًا ومريحًا.
بيت خشبي صغير دافئ من الداخل، كانت امرأة تقف عند نافذته وفي حضنها طفل صغير لا يتجاوز الثانية من العمر.
‘ذلك الطفل…’
ابتسمت مييل بخفوت وهي تنظر إلى الطفل، فقد كان له نفس لون شعرها.
أما المرأة التي تحتضنه، فقد كانت تنظر إليه هي الأخرى بابتسامة دافئة.
“مييل الصغيرة… أنتِ كنز أمكِ وأبيكِ.”
قالت ذلك بابتسامة، وما إن سمعت مييل ذلك الصوت، حتى اتسعت عيناها قليلًا، وبدأت الدموع تتلألأ في مقلتيها.
وفي تلك اللحظة، اقترب رجل من المرأة.
كان وجهه مألوفًا.
‘أبي…’
حينها فقط أدركت مييل أنها أخيرًا رأت وجه والديها بوضوح.
كما لاحظت أن والدها بدا أصغر سنًا مما تتذكره.
“مييل عزيزتي… نحن نحبك.”
قالها لِياد كاريلادين وهو يحتضن زوجته وابنته، ثم قبّل جبين زوجته برقة، وحمل الطفلة في حضنه.
“نحبك يا مييل… أنتِ كنزنا.”
في تلك اللحظة، انهمرت دموع مييل من عينيها.
ومع سيلانها، انطفأ الحلم.
“آه…”
جلست تمسح دموعها، ثم غطّت وجهها بكفيها.
كان هناك شيء واحد باتت متأكدة منه عبر ذلك الحلم:
‘الكنز الأخير… الآن فهمت ما هو.’
عادت بذاكرتها إلى ذلك الوقت عندما كانت تفسر الكتاب الذي أهداه لها والدها.
لم يُذكر فيه عن الكنز الأخير سوى أنه بالغ الأهمية والثمن.
لكنها الآن… أدركت المعنى الحقيقي.
‘الكنز الأخير… هو أنا.’
أغمضت عينيها، وإذا بجسدها يضيء بنور أبيض نقي.
لم يكن ساطعًا بشدة، لكنه كان مقدّسًا ودافئًا.
كان هذا النور مزيجًا نقيًا من الطاقة السحرية والطاقة المقدسة، وقد اندمجتا معًا بانسجام تام.
‘هذه القوة…’
فهمت على الفور مصدر ما تدفق إلى ذهنها.
‘أنا… كنت الكنز الأخير طوال الوقت.’
وكانت تلك القوة قد أودعها والدها في جسدها منذ زمن، لتظهر عندما تمتلك كلتا القوتين، السحر والقوة المقدسة.
‘لقد اندمجت القوتان تمامًا.’
الآن وقد جمعت كل الكنوز، لم يتبقَّ سوى شيء واحد:
‘عليّ الذهاب لرؤية أبي.’
عقدت العزم في قلبها، وبينما تفكر وجدت نفسها تمسك بآخر قطعة من الصورة المبعثرة.
نهضت وتوجهت إلى المكتب.
‘تمّ الأمر. لقد اكتملت الصورة.’
ابتسمت وهي تنظر إلى الصورة.
كانت أمها تحتضنها وهي طفلة.
‘أمي… وأبي…’
الوجهان اللذان رأتهما في الحلم. لكن في الواقع، لم تعد أمها موجودة.
‘سأعرف ما حدث حين ألتقي بأبي.’
جلست على طرف السرير، ومدّت يدها في الهواء.
وبمجرد أن حركتها بخفة، تجمعت طاقة فضية في الجو.
“مييل… لقد أدركتِ الحقيقة أخيرًا.”
استفاق كوسيليكو على الضوء الساطع، ونظر إليها مبتسمًا.
“نعم يا كوكو. أخيرًا… لقد جمعت كل الكنوز.”
قالت ذلك وهي تبتسم، ثم بدأت بتوجيه طاقتها.
تحوّلت طاقتها، الممزوجة بالقوة المقدسة، إلى طائر صغير من الضوء.
ثم انقسم الطائر إلى اثنين، طار أحدهما إلى الطابق الأعلى من برج السحر، والآخر اخترق النافذة إلى الخارج.
“لقد أرسلتهما إلى ولي العهد وسيد البرج، أليس كذلك؟”
قالها كوسيليكو وهو يفهم نيتها على الفور، فأومأت مييل برأسها.
“أجل، صحيح. أصبحت أستطيع استخدام هذا النوع من السحر الآن.”
ابتسمت مييل بخفة.
فقد كان ضمن قوى الكنز الأخير الذي منحها والدها، المعرفة بكيفية استخدام أنواع عديدة من السحر.
ولهذا تطورت مهاراتها بسرعة.
وأصبح بإمكانها الآن إرسال رسائل سحرية.
وقد انطلقت رسائلها بالفعل نحو الرجلين المعنيّين.
“إذًا، تنوين الذهاب لمقابلة لِياد.”
“نعم. جمعت كل الكنوز، لذا عليّ أن ألتقي به. ولهذا أرسلت إليهما رسائل مستعجلة.”
“صحيح… كلاهما بحاجة إلى لقاء لِياد أيضاً.”
أومأ كوسيليكو برأسه موافقًا، ثم شرد ببصره نحو النافذة.
“ما بك يا كوكو؟ حسبتُ أنك ستكون سعيدًا لأنك ستقابل أبي أخيرًا.”
“أنا… سعيد ولكن…”
توقف عن الكلام، غير قادر على المتابعة.
بما أن مييل استعادت كل الكنوز، فقد استطاع هو أيضًا استرجاع قوّته بالكامل.
وبهذا، علم شيئًا لم يكن يرغب في معرفته.
الروح التابعة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصاحبها.
وحالة لِياد الحالية… لم تكن مطمئنة.
“كوكو؟”
“لا شيء يا مييل… أتمنى فقط أن نصل إليه سريعًا.”
“نعم، أنا أيضًا.”
لم تلاحظ مييل تغير نبرة كوسليكو، فنهضت من مكانها وبدأت تحضيراتها بسرعة.
جمعت الكنوز، وبدأت تجهّز نفسها للذهاب إلى المكان المجهول.
‘…ويجب أن أستعد نفسيًا أيضًا.’
مع كل كنز جمعته، ومع الأحلام والذكريات التي رأتها، ومع الصورة المكتملة الآن… لم تستطع إلا أن تفكر باحتمال واحد.
‘لا… قد لا يكون الأمر كذلك.’
لكن ملامح وجهها لم تستطع إخفاء القلق، لأن كل ما رأته حتى الآن…
كان يوحي بشيء واحد فقط.
موت الحكيم العظيم، لِياد كاريلادين.
———
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 119"