معلمي قد جُنّ [ 114 ]
“لنصعد بسرعة.”
قالتها مييل لكوسيليكو وهي تبحث عن المخرج، ولحسن الحظ، لم يكن العثور عليه صعبًا؛ فبنهاية الزنزانة كانت هناك درجات سلم تؤدي للأعلى.
بدأت مييل تصعد السلم برفقة كوسيليكو.
ويبدو أن الدمار الذي سبّبته الطاقة المقدسة مؤخرًا قد أدى إلى فتح باب الخروج.
وما إن فتحته، حتى وجدت ممرًا مظلمًا أمامها، عبرته مع كوسيليكو دون تردد.
لكن فجأة، دوى صوت انهيار من الأعلى، تلاه شعور غامض بطاقة سحرية مألوفة.
“هل يستخدم السيد جايد هذه القوة؟ إنها طاقة قوية جدًا…”
تسارعت خطوات مييل، فقد كانت متأكدة أن قتالًا يدور في الأعلى.
وحين وصلت إلى الطابق الثالث برفقة كوسيليكو…
كوووم!
كانت سحب من الدخان تتصاعد، وتصادمات بين السحر والقوة المقدسة تملأ الأرجاء، باعثة موجات ضوء عنيفة.
“هاه… قوة مذهلة، من تكون بحق الجحيم؟”
قالها ليفيرو بصوته من وسط الغبار، وكان يواجه جايد مباشرة.
أطلق جايد دفقة من طاقته السحرية تجاهه، لكن قوتي السحر والطاقة المقدسة تصادمتا وتلاشتا في الهواء.
‘لو لم تكن قوى المعلم محجوبة…’
وعلى الجانب الآخر، كان توروي يقاتل مجموعة من الكهنة مستخدمًا سيفه المغلّف بالسحر لصد طاقاتهم المقدسة.
“القتال عنيف فعلاً، لكن لو استمر أكثر، فالأكيد أن سيد البرج وولي العهد سيفوزان.”
همس كوسيليكو من على كتف مييل.
لم تُجبه، بل ظلت تنظر إلى ساحة القتال ثم تقدّمت فجأة.
“انتظروا لحظة!”
وقفت خلف جايد وتوروي ورفعت صوتها، فتوقفت المعركة.
الجميع التفت نحوها، بما فيهم ليفيرو والكهنة.
“مييل؟ ما الذي… لا، الأهم أنك بخير. الحمد لله.”
اقترب منها جايد مبتسمًا واقفًا أمامها ليحميها، وكذلك فعل توروي.
“آنسة مييل، هل أنتِ بخير؟”
أومأت برأسها بقوة وقالت بسرعة:
“أنا بخير، لا تقلقوا.”
ثم تقدّمت بهدوء إلى الأمام، حتى وقفت على مسافة قريبة من ليفيرو.
“ما الأمر؟”
قالها ليفيرو ساخرًا وهو يحدّق بها.
لم يفهم ماذا يمكن أن تفعل بجسدها الضعيف هذا.
لكنها لم تكترث، وكانت تحمل بيدها عصا القديس.
“…هذه؟”
ضاقت عينا ليفيرو حين رأى العصا البيضاء في يدها، وشعر بالطاقة التي تنبعث منها.
‘طاقة نقيّة وقوية… من صاحب هذه القوة؟’
بدأ يدرك شيئًا ما، لكن لم يكن متأكدًا تمامًا، إلى أن قالت مييل:
“يا قداسة البابا… أنا أعلم كل ما حدث داخل هذه الكنيسة.”
“…هم؟ ماذا تقولين؟ وفي هذا التوقيت بالذات؟”
سألها وهو يرفع كتفيه بلا مبالاة.
لم يهتم كثيرًا بكلامها، بل كان تركيزه على العصا.
رفعت مييل صوتها:
“كل ما فعلتموه بالقديسة… أعلمه جيدًا.”
قطّب ليفيرو حاجبيه ثم ضحك باستهزاء:
“القديسة؟ وكيف عرفتِ أنتِ بذلك؟”
“بطريقتي الخاصة… عرفت أنكم عذّبتموها، وأنكم حسدتموها على قوتها.”
تغيّر تعبير ليفيرو بوضوح، واقترب منها خطوة، لكن حين تحرك جايد وتوروي باتجاهها، توقف في مكانه.
“من أين تأتين بهذه الترهات؟”
قالها بغضب، لكنها لم تتراجع:
“ليست ترهات، لقد رأيت كل حياتها المأساوية بأم عيني.”
حدّق ليفيرو بعصاها مرة أخرى.
‘هل تحمل هذه العصا شيئًا مميزًا؟ يبدو أن لها شأنًا…’
“وتعتقدين أن ما تقولينه منطقي؟”
“ولِم لا؟ ثم إني لست بحاجة لأن أُقنع قداسة البابا.”
“ما الذي ترمين إليه؟ هل هذا تهديد؟ هل تنوي إمبراطورية هاغوران التدخل في شؤون فيرهون؟!”
لأول مرة، كشف ليفيرو عن مشاعره الحقيقية، وبدت نبرة الغضب جلية في صوته.
لكن مييل ردّت بهدوء:
“الأمر لن يصل إلى أن يُعتبر مسألة دولية.”
“ماذا قلتي؟!”
صرخ ليفيرو بغضبٍ شديد، ووجنتاه تحمرّان من شدّة الانفعال.
أما مييل فقالت بنبرة هادئة:
“لأن الكنيسة الكبرى… ستسقط هذه الليلة.”
“ما هذا الهراء؟!”
صرخ مجددًا، وبدأ الكهنة المحيطون به بالتململ والتذمّر، لكن مييل لم تضعف، بل وقف إلى جانبيها جايد وترخوي بثقة مطلقة.
“هل تمزحين؟ أم أنك فقدتِ عقلك؟!”
قالها وهو يحاول التماسك، لكن الغضب ما زال يسيطر عليه.
فنظرت إليه مييل بجمود، وشدّت قبضتها على العصا.
“…لا هذا ولا ذاك. بل حان وقت دفع الثمن.”
ثم طرقت العصا على الأرض بخفة، فانطلقت طاقة نقيّة من العصا، وتسرّبت عبر الأرضية إلى جميع أنحاء الكنيسة.
بدأت تتوسّع حتى تحوّلت إلى موجة هائلة من الطاقة اجتاحت فيرهون كلها.
“ما هذا؟ هل أنتِ ساحرة؟ ما نوع السحر هذا؟ حتى أنا لا أعرفه!”
صرخ ليفيرو مصدومًا، لكن مييل لم تجبه.
ثم بدأ الكهنة يضعون أيديهم على رؤوسهم ويهمسون:
“آه… ما هذه الذكريات؟”
“غريب… أشعر وكأني أتذكّر شيئًا…”
أما ليفيرو، فلم يفهم ما يحدث، لكن فجأة، بدأت الذكريات تتدفّق أمامه.
من لحظة نزول النبوءات على الطفلة، إلى سنوات سجنها في الزنزانة، وحتى حين اضطرّت لمغادرة الكنيسة بطريقة مذلّة.
انتشرت هذه الذكريات في عقول الكهنة والبابا.
“ما هذا بحق الجحيم؟ لماذا أرى هذه الذكريات!”
بدأ ليفيرو يرى ذكرياته القديمة، لحظات حسده ومشاعر الدونية التي حملها تجاه القديسة.
“هاه، مضحك…”
ضحك بسخرية وهو يمرر يده في شعره محاولًا إنكار ما يراه.
“أتعتقدين أن مثل هذا سيُسقط الكنيسة؟ الكنيسة الكبرى هي عماد فيرهون! لن تسقط بهذا الشكل التافه!”
لكن مييل ابتسمت بهدوء، ثم أغمضت عينيها، وأصغت بانتباه.
“ما الذي تفعلينه؟”
قالها ليفيرو متوترًا، لكن مييل فتحت عينيها ببطء وقالت:
“ألا تسمع هذا الصوت يا قداسة البابا؟”
“صوت؟ أي صوت؟”
وقبل أن يكمل سؤاله، بدأ يسمع وقع أقدام كثيرة، ليست لفرد أو اثنين، بل حشود.
“يا قداسة البابا! لقد رأينا شيئًا غريبًا!”
“لقد عذّبوا القديسة! سحقًا لهم!”
“كيف تجرأوا على تعذيب طفلة…! ثم يخدعوننا ويقولون إن الحاكم ما زال معنا!”
نعم، لقد أرسلت مييل تلك الذكريات إلى جميع أنحاء فيرهون.
حدّق ليفيرو فيها وقد ارتسم على وجهه الذهول، أما مييل فقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة النصر.
——-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 114"