الفصل 4
“لا تخافي. كلّ شيء سيكون على ما يرام، أنا هنا. أنا أختكِ الكبرى، ولن أدع أحدًا يؤذيكِ.”
حاولت كاليونا طمأنة ليريوفي، رغم أنّها هي نفسها كانت تشعر بالقلق من هذا الموقف.
رأت ليريوفي ذلك، فحاولت كبح خوفها الجامح وتهدئة اضطرابها الداخليّ.
مع ذلك، هدأت قليلًا وبدأت تفكّر في الوضع بعقلانيّة.
‘من أنت؟ لماذا تتحدّثين داخل رأسي؟’
[هذا ليس مهمًّا الآن. لقد أعدتُ الزمن لأجلكِ، فإن لم ترغبي في الموت عبثًا اليوم، فانتبهي جيدًا.]
كان نبرة التوبيخ مزعجة، لكن ذلك كان أمرًا تافهًا مقارنةً بما سمعت.
توقّف نفس ليريوفي دون وعي عندما استوعبت المحتوى المذهل للصوت في رأسها.
ماذا قالت للتو؟
أعاد الزمن؟
‘إذن… هذا ليس حلمًا أو عالمًا آخر؟’
[نعم، إنّه الواقع.]
اجتاحتها قشعريرةٌ، أو ربّما رعشة، عبر جسدها بالكامل.
الواقع.
أختها على قيد الحياة، ولم تبدأ أيّ مأساة بعد. هذا هو الواقع.
حتّى سيد برج السحر الجنوبيّ، الذي يُعتبر أعظم ساحر في هذا العصر، لا يستطيع عكس الزمن. هذا أمرٌ مستحيل منطقيًا.
لكن، بشكلٍ مفاجئ، اقتنعت ليريوفي بذلك دفعةً واحدة.
هل لأنّ كلّ شيء هنا بدا حقيقيًا بشكلٍ مفرط؟
أم لأنّها كانت تتوق بشدّة لتصديق هذا؟
على أيّ حال، أدركت ليريوفي غريزيًا أنّ كلام هذا الصوت المجهول صحيح.
[أيتها المتعاقدة، كما تشعرين، لا يمكن تفادي حفل الاستقبال. فلا تعبثي وابقي هادئة.]
لكن، سرعان ما تبدّدت مشاعرها المرتفعة كأنّ ماءً باردًا سُكب عليها عند سماع كلمات الصوت التالية.
‘مستحيل! هل تقول إنّ عليّ أن أصبح ساحرة بيليغوت مجدّدًا؟’
إن كانت قد عادت للماضي حقًا، كيف يمكن أن يكون هذا منطقيًا؟
أن تعود إلى هذا الجحيم مجدّدًا؟ يا لها من فكرةٍ سخيفة.
استجوبت الصوت في رأسها بقلقٍ وشكّ.
‘ألم تكون أنت من أعاد الزمن؟ لماذا إذن هذا الوقت بالذات؟ ألم يكن بإمكانك إعادتي إلى ما قبل دخول برج السحر الشماليّ؟ لماذا اخترت هذا الوقت تحديدًا؟’
[لم أقرّر أنا. هذا مرتبطٌ بأمنيتكِ التي أيقظتني.]
أضاف الصوت، بنبرةٍ باردة قليلًا كأنّه منزعجٌ من توبيخ ليريوفي:
[ألم تتمنّي العودة إلى وقتٍ كنتِ وأختكِ فيه تبتسمان لبعضكما بصدق؟ ربّما كان هذا آخر وقتٍ كان ذلك ممكنًا.]
في تلك اللحظة، اجتاح قلب ليريوفي عاصفةٌ من المشاعر.
تذكّرت المشهد الذي رأته فور استيقاظها بعد فقدانها الوعي في الغابة الممطرة.
وجه أختها وهي تأكل الخبز الطازج في غرفةٍ دافئة، مبتسمةً ببراءةٍ وسعادة.
كان الوقت قبل حفل الاستقبال وقبل دخول برج السحر الشماليّ هو آخر لحظة سعادةٍ حقيقيّة للأختين.
حتّى عندما كانت كاليونا لا تزال حنونة قبل أن تصبح باردة، كانت تبتسم أحيانًا كالبالغين في الأيام القاسية لتطمئن ليريوفي.
في تلك اللحظات، كانت ليريوفي تنسى همومها مؤقتًا وتتبع ابتسامة كاليونا.
لكن، هل كانت كاليونا في الحقيقة غير بخير حتّى في تلك الأوقات؟
هل كانت تجبر نفسها على إظهار القوة أمام أختها الصغرى
مثلما تفعل الآن؟
“ادخلا. لحسن الحظ، لم تتأخرا. اذهبا إلى وسط قاعة الطقوس واصطفّا مع الأطفال الآخرين. بعد انتهاء حفل الاستقبال، ستبدأ حياتكما كبيليغوت حقيقيّات.”
دفعت الساحرة، التي رافقتهما، ظهريهما عند بابٍ صغير.
حاولت ليريوفي تحريك قوتها السحريّة على أملٍ ضئيل، لكن لم يحدث شيء.
كانت في جسد طفلةٍ تمامًا، قبل تكوّن نواة سحريّة لديها.
حتّى لو استطاعت استخدام السحر، فما كان ليفيدها، فقد عاشت حياتها كلها موسومةً بلقب “نصف ساحرة”.
‘إذن، لا يمكن تغيير ما سيحدث اليوم؟ هل يجب أن أخضع لحفل الاستقبال وأصبح ساحرة بيليغوت مجدّدًا؟’
تكوّن شعورٌ خافت باليأس والاستسلام في قلبها، لكنّه سرعان ما تبدّد.
لا، أن تشعر بخيبة أمل لهذا الحد أمرٌ مثير للشفقة.
وماذا لو عادت لتعيش كنصف ساحرة في هذا الجحيم؟
أليس الحصول على هذه الفرصة معجزةً لا تُتكرّر؟
بما أنّها تعرف مجريات المستقبل تقريبًا، ربّما تستطيع تغيير مصير كاليونا على الأقل.
كان ذلك كافيًا لتُقدم ليريوفي روحها لشيطانٍ إن لزم الأمر.
[ماذا؟ شيطان؟ هل تقصدينني؟ يا لكِ من طفلةٍ وقحة…]
‘حسنًا، إن كان لا مفرّ، سأتقبّل ذلك. لا أعرف هويّتكَ أو غرضكَ، لكن لا يهمّ. حتّى لو كان ما تريده حياتي أو روحي، سأعطيكَ إيّاه. وإن لم تكفِ هذه الحياة، سأدفع الثمن في الحياة التالية أيضًا.’
-طقطق، دوي!
كأنّ قدرًا خفيًا يدفعها بقوّة، أُغلق الباب الثقيل خلفها بصوتٍ عميق، رغم صغر حجمه.
‘إن استطعتُ إنقاذ كاليونا، فلا يهمّ شيءٌ آخر.’
في الغرفة الكبيرة ذات الجوّ المشؤوم، كان الأطفال الذين وصلوا أوّلًا مجتمعين.
بمحض الصدفة، رأى الأختين أوّلًا الصبية الذين تشاجروا معهما في القاعة.
“ما هذا؟ لماذا تأخرتما؟”
تمتم الفتى ذو الشعر الأحمر بنبرةٍ بغيضة كعادته.
“إن تأخّر حفل الاستقبال بسببكما، هل ستتحمّلان المسؤوليّة؟ تعمّدتما عدم الإكثار من الأكل لتتذوّقا المزيد من الطعام اللذيذ، أليس كذلك؟ انتظرتكما حتّى هضمتُ طعامي!”
“كلام الزعيم صحيح، تحمّلا المسؤوليّة!”
“أعطيا الزعيم قطعة لحمٍ إضافيّة لاحقًا!”
صرخ الأطفال الصغار الذين يتبعون الفتى، وهم يشبّكون أذرعهم نحو الأختين.
لم يكن ذلك مخيفًا على الإطلاق، لكن الفتى الزعيم بدا راضيًا عن ولاء أتباعه.
“يا صغير.”
اقترب أحد السحرة الذين رافقوا الأطفال، وطمأن الفتى ذا الشعر الأحمر بلمسةٍ على كتفه.
“أنا أراهن عليك في هذه الدفعة. فابقَ قويًا و أنجُ لنلتقي في القسم الداخليّ.”
غادر الساحر تاركًا ابتسامةً غامضة.
“ماذا يعني ذلك؟”
تمتم الفتى، وهو يلمس كتفه التي لمسها الساحر، بنبرةٍ متردّدة.
للمرّة الأولى، ظهرت نظرةٌ مضطربة على وجهه الذي كان مفعمًا بالثقة.
“انتبهوا جميعًا! سنبدأ حفل الاستقبال الآن.”
في تلك اللحظة، رفع ساحرٌ في منتصف العمر، كان ينظر إلى السقف كأنّه يتأكّد من شيء، صوته ليجمع الأطفال.
“اليوم، ستُولدون من جديد كأعضاء فخورين لبيليغوت. للأسف، ليس الجميع مؤهّلًا لذلك، لكن هذه تضحية واختبار ضروريّان لمجد وازدهار برج السحر الشماليّ. لذا، أظهروا قوتكم و أنجوا بأكبر عددٍ ممكن اليوم.”
“ماذا يعني ذلك…؟”
قبل أن يتمكّن الأطفال، الذين شعروا بالحيرة من كلام الساحر، من السؤال، انطلق الدائرة السحريّة المرسومة على السقف.
-وووم!
غطّت قوة سحريّة سوداء مشؤومة الغرفة بأكملها في لحظة.
تحرّكت ككائنٍ حيّ يمتلك إرادة، وابتلعت الأطفال العزّل بشراهة.
فجأة، رنّ صوت “بوف!”، وتلطّخت الأرض بالدم الأحمر.
طفلٌ كان واقفًا سليمًا حتّى لحظةٍ مضت اختفى دون صراخ، تاركًا بقعة دمٍ واضحة في مكانه.
كان ذلك الطفل غير محظوظٍ لأنّه يفتقر إلى المؤهّلات ليصبح ساحرًا لبيليغوت، لكنّه محظوظ لأنّه مات دون أن يعرف ما حدث له.
“آه، آآآخ…! لقد مات، آه!”
مع صرخةٍ تمزّق الأذن، بدأت عمليّة الاختيار القاسية، وتقيّأ أحدهم دمًا.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"