[هل تقصدين أنّ هذا قد يكون تأثير الفراشة الذي تسبّبتِ به؟]
(تأثير الفراشة يعني إنّ حدث صغير جدًا ممكن يسبب تغييرات كبيرة مع الوقت، مثل رفرفة جناح فراشة قد تؤدي لاحقًا لعاصفة في مكان بعيد.)
لكن الأمر لم يكن مجرّد تصرّفات لا تشبه جايد كما تعرفه ليريوفي.
كان هناك شعور غريب بالغربة يصعب وصفه بدقّة ينبعث من جايد الذي عاد حيًّا من أرض الديدان البيضاء.
كان هذا الشعور المشؤوم والمزعج يزيد من اشمئزاز ليريوفي تجاه جايد، الذي لم يكن خفيفًا أصلاً.
‘وعلاوة على ذلك، ما هذه الرائحة الكريهة الغريبة التي تفوح منه منذ الأمس…؟’
“لحظة! ما هذا الفأر القذر الذي يختبئ هناك؟!”
فجأة، ألقى جايد كرة نارية نحو الخلف بعيون متقلّبة.
صرخ الأطفال الذين كادوا يُصابون بصوت خافت.
-كياك! غررر!
بعد لحظة، كان المشوي وسط رائحة دخان كريهة هو ذئب برأسين كان بعيدًا عن المجموعة.
“تبًا، لا يزال هناك كلب نجس على قيد الحياة؟”
تمتم جايد بانزعاج.
من نبرته، بدا وكأنّه كان يأمل أن يكون خائنًا هاجمه عند جثّة الأوم قد ظهر، لكنه خاب أمله.
استرخى كتف ليريوفي، التي توتّرت للحظة، وتنفّست الصعداء.
كانت تخشى سرًّا أن يكون كاسيل ودينو قد تابعاها وانكشفا، لكن لحسن الحظ، كان ذلك مجرّد وهم.
بالطبع، لم يكن لديها تأكيد على أنّهما يتبعانها، وربّما يكونان قد سلكا طريقهما الخاص بالفعل…
-“لِمَ كلّ هذا التدقيق؟ فقط بدا لي أنّ أربعة أفضل من اثنين.”
ومع ذلك، كانت كلمات كاسيل التي سمعتها في الكهف تطفو في ذهنها بين الحين والآخر، مما جعل ليريوفي تلتفت إلى الخلف دون وعي.
-بوم!
“آه! هناك علامة سحريّة!”
“إمدادات! إنّها قريبة، هل نذهب لأخذها؟”
في تلك اللحظة، ظهرت علامة مألوفة بين أوراق الشجر الخضراء الكثيفة فوق رؤوسهم.
على عكس الأطفال الآخرين الذين تأجّجت عيونهم بالحماس، كان جايد متردّدًا بعض الشيء.
كان لا يزال يلهث، و صدره يرتفع وينخفض بشكل غير منتظم، وهو يمسح العرق المتدفّق تحت ذقنه.
لكن يبدو أنّه أدرك ضرورة تجديد الإمدادات، فأشار إلى الأطفال بتردّد ووجه متجهّم.
“نصف فرقة الصيد، اتبعوني! الباقون، لا تفعلوا شيئًا غبيًّا ونظّموا الصفوف. سنغوص عميقًا في الغابة قريبًا، فاستعدّوا جيّدًا!”
وانقسمت المجموعة مؤقّتًا إلى نصفين.
جلس الجميع في أماكنهم، يلتقطون أنفاسهم، وينظرون حولهم بقلق. كانت نظراتهم إلى الغابة مليئة بالتوتر والعصبيّة.
في المقابل، خفّ الحذر تجاه الأطفال من طبقة العبيد مقارنةً بالسابق.
فقد دخلوا منطقة خطرة، ولم يمرّ وقت طويل منذ نجوا من هجوم وحش شرس، لذا افترضوا أنّه لا أحد سيجرؤ على الهروب في مثل هذه الظروف.
وكان هذا التفكير صحيحًا إلى حدّ ما.
حتّى ليريوفي، التي تخطّط لاغتنام فرصة للهروب من مجموعة جايد، لم تكن تنوي المغادرة الآن.
‘بالتأكيد… لقاء حارس الغابة سيكون الفرصة المثاليّة للهروب من المجموعة؟’
[حارس الغابة؟ لكن، ألا تعتقدين أنّه من الأفضل البقاء مع المجموعة إذا كنتم تسيرون في نفس الطريق؟ أليس من المبالغة أن تحملي أختكِ الفاقدة للوعي بمفردكِ؟]
كان في كلام أودر بعض المنطق.
كاليونا كانت لا تزال في حالة بين اليقظة والغيبوبة، تُذيب قلب ليريوفي.
أحيانًا كانت تئنّ بألم وتفتح عينيها للحظات، لكنّها لم تكن تدرك الوضع بوضوح.
‘لهذا أنوي مرافقتهم حتّى منتصف الغابة. لكن ليس لديّ نية البقاء معهم حتّى النهاية. لا يجب تشرب ماء البحر عندما تعطش، أليس كذلك؟’
لم يُضفِ أودر شيئًا بعد ردّ ليريوفي الحاسم، كأنّه اقتنع.
[همم، حسنًا، لا خيار إذًا. علينا الاستعداد جيّدًا لتتمكّني من مغادرة المجموعة دون مشاكل. سأساعدكِ أكثر في تدريب تدفّق السحر.]
بمساعدة أودر، تحرّكت ليريوفي بهدوء إلى الخلف بعيدًا عن أعين الآخرين.
كانت تخطّط لتعلّم التعاويذ الأكثر ضرورة في الوضع الحاليّ.
في رأيها، التعاويذ الأساسيّة كانت تعويذة التنقية لعبور المناطق الخطرة و الملوثة، وتعويذة الحاجز الدفاعيّ، وتعويذة التخفيف لنقل كاليونا.
‘لو كنتُ أعرف تعويذة التخفّي أو الاستكشاف، لكان ذلك رائعًا… لكن المطالبة بذلك الآن قد يكون طمعًا.’
وإذ هيّأت نفسها وبدأت ترسم دائرة سحريّة بحماس، بدأ أودر فجأة يوبّخها.
[لا، لا! توقّفي لحظة. هل تعرفين كم هو مشتّت تدفّق سحركِ الآن؟ لِمَ لا تتبعين تعليماتي وتتحرّكين حسب رغبتكِ؟]
‘ماذا؟ لقد فعلتُ كما أمرتني تمامًا!’
[ماذا؟ لا تتفوّهي بهذا الهراء. حتّى ورق الحائط الذي قضمه الفأر لن يكون فوضويًّا بهذا الشكل! كيف سترسمين دائرة سحريّة بهذه الفوضى؟ لا يمكن أن يستمرّ هكذا. ابدئي أولاً بتدريب استخلاص السحر بشكل متساوٍ.]
هل حقًّا يجب أن تعود إلى تدريبات الأساسيّات بسبب مثل هذه الملاحظات؟
مع توبيخ أودر القاسي الذي لم يراعِ كرامتها، بدأت ليريوفي تشعر بالغضب.
منذ أن بدأت تتلقّى دروسه، شعرت أنّ أودر نفسه عبقريّ إلى حدّ ما.
لكنّه لم يستطع فهم كيفيّة تحوّل سحرها إلى حركة دودة تتلوّى عندما يُطلق العنان لقوّته.
في الحقيقة، كانت ليريوفي تتفهّم إحباط أودر إلى حدّ ما.
حتّى قبل العودة بالزمن، عندما كانت أضعف، لم يكن تدفّق سحرها فوضويًّا إلى هذا الحدّ.
لكن أن تكون كميّة السحر في نواتها زائدة لدرجة أنّها لا تستطيع السيطرة عليها، كان شكوى مدلّلة حقًّا.
على الرغم من أنّ ردّ فعل أودر كان يزعجها، إلّا أنّ ليريوفي، التي كانت تحاول جاهدة، واصلت التدريب بصمت دون تذمّر.
رأى أودر ذلك، فخفّف من نبرته وشجّعها بصوت ألطف.
[ومع ذلك، أصبح تدفّق سحركِ أكثر استقرارًا مقارنةً بالبداية. بالسرعة التي تتقدّمين بها، ستتمكّنين قريبًا من استخدام تعويذة صحيحة. كما تعلمين، رسم الدائرة السحريّة لا يعتمد فقط على الشكل. لذا لا تتعجّلي، وفكّري بأنّكِ تمهّدين طريق السحر بهدوء حسب توجيهاتي.]
بالتأكيد، كلّما شعرت بالسحر يتدفّق برفق في الهواء، بدأ قلب ليريوفي، الذي كان متوترًا وعجولاً، يهدأ تدريجيًّا.
[الدائرة السحريّة تشبه دائرة كهربائيّة. لا يكفي أن تملئيها بالسحر بلا تفكير. يجب أن يكون تركيز وكميّة السحر المتحرّكة أثناء رسم الدائرة متساويين لتحقيق أفضل تأثير للتعويذة.]
ما قاله أودر كان أساسيّات السحر وجوهره في كلّ زمان ومكان.
على سبيل المثال البسيط، فكّري برسم دائرة على ورقة بقلم.
لرسم دائرة مثاليّة، الشكل المتماثل المتوازن مهمّ بالطبع، لكن حتّى لو كان الشكل مثاليًّا، إذا لم تكن كميّة الحبر متساوية، ستصبح الدائرة ملطّخة وغير نظيفة.
وبالتالي، لا يمكن اعتبارها دائرة مرسومة جيّدًا.
وإذا فكّرتِ في الدائرة كطريق، فالطريق الأملس المتساوي أسهل للركض من الطريق الوعر.
لكن، في خضمّ تركيزها، لمحت فجأة ظلًّا غريبًا في زاوية رؤيتها.
“…؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 36"