ركضتُ بسرعة نحو الاتجاه الذي يجرفهُ التيار.
في تلك اللحظة، شعرتُ بيدٍ تسللت تحت ذراعاي، وارتفع جسدي فجأة في الهواء.
“كيااه!”
صرختُ دون وعي من شدة المفاجأة، ثم سددتُ فمي بكلتا يديّ.
في الوقت نفسه، احتضنتني ذراعان قويتان.
تقاطعت عيناي مباشرة مع عيني السيد وايت، واستقبلتني ابتسامتهُ الهادئة.
“……”
“إذا ركضتِ هكذا ستؤذين نفسكِ، يا صغيرتي. يكفي أن ننقذ ذلك الطفل، أليس كذلك؟”
“نعم، نعم!”
أومأتُ برأسي بسرعةٍ.
“مثل هذه الأمور يجب أن يتولاها الكبار.”
قال السيد وايت بلطف وهو يتركني مذهولة، ثم فرقع أصابعه.
“كحح!”
ما إن فرقع أصابعه حتى قفز الطفل من الماء في لمح البصر.
“واه…”
كنتُ أتساءل بحيرةٍ كيف يمكن أن أخرجهُ،
لكن السيد وايت أنقذهُ بسهولةٍ تامة.
منذ أن رأيته أول مرة، ظننتُ أنه يمتلك قدرة على استخدام السحر.
سمعتُ أن هناك أشخاصًا يطلق عليهم السحرة، يستخدمون القوى الغامضة بفضل الطاقة السحرية الكامنة في أجسادهم.
كنتُ أسمع عنهم في القصص فقط، لكن رؤيتهم بعيني لأول مرة كانت مذهلة.
بل إنه ساحر يستطيع إطلاق السحر بمجرد حركة يد بسيطة.
آه، صحيح، تقديم الشكر!
“شكرًا جزيلًا!”
أسرعتُ بالتعبير عن امتناني، ثم نزلتُ من حضن السيد وايت وركضتُ نحو الطفل.
بما أنه أُخرج من الماء، يجب أن أتأكد أولًا من سلامته.
مستقبل حياتي يعتمد على هذا الأمر، لذا يجب أن يكون بخير.
“هل أنتَ بخير؟”
كان الطفل يكح ويتقيأ الماء، يبدو مشوشًا تمامًا.
بدأتُ أربت على ظهره لمساعدته.
كان جسده مبللًا بالكامل.
عندما اقتربتُ، لاحظتُ أن ذراعيه مليئتان بالجروح هنا وهناك.
وعلى الرغم من خروجه من الماء، كانت ملابسه متسخة كأنها تدحرجت في كومة غبار.
كانت ممزقة وبالية في عدة أماكن.
شعرتُ وكأنني أرى نفسي قبل موتي، فغاص قلبي في حزن عميق.
“آآه!”
دفع الطفل ذراعي بعنفٍ.
كادت قوة الدفع أن ترميني إلى الخلف مترنحة.
“ما هذا؟ ابتعدي! كحح!”
يا إلهي، أنهُ قاسٍ بشكل مؤذي.
لكنني فهمتُ الأمر فورًا.
كنتُ مثله تمامًا.
عندما يكون العالم كله عدوًا، حتى اقتراب أحدهم كان يثير نفوري.
خوفًا من أن أقبل شيئًا ولو كان قليلًا فيُلصق بي تهمة، أو أتعرض لهجوم في أي لحظة.
الحذر كان الدرع الأسهل والأرخص الذي أستطيع حملهُ.
نهضتُ دون تردد، نفضتُ الغبار عن ملابسي، وتراجعتُ خطوة إلى الخلف.
“آ- آسفة! أنا مجرد عابرة سبيل! لم أنقذكِ طمعًا بمقابل، فإن كنتَ بخير فهذا يكفي.”
لكنه نظر إليّ بنظرة أكثر شكًا وحذرًا.
أوه، هل أخطأتُ التصرف؟
* * *
في الحقيقة، بدأت قصة حصولي على مئة عملةٍ ذهبية من “طلب” قدمه مافيوس.
“ما الاقتراح؟”
“إذا نفذتِ طلبًا لي، سأضيف المزيد من العملات الذهبية. وأدعمكِ أيضًا بما تحتاجينه لحياتكِ.”
“ولماذا يجب أن أنفذ طلبكَ؟”
تساقطت حولي العملات الذهبية كالمطر الغزير.
كمية هائلة تتساقط دون أن تؤذيني حتى لو أصابت رأسي.
هل هذا سحر أيضًا؟
لم يكتف الذهب بتغطية الأرض، بل تراكمت حتى ركبتيّ.
حتى فوق ساقيّ وأنا جالسة على الأريكة كانت تتراكم بكثرة.
فتحتُ فمي مندهشة.
هـ- هل سيعطيني كل هذا؟
“50 مليون عملة ذهبية.”
ابتلعتُ ريقي.
“مـ…؟ ما مدى صعوبة هذا الطلب حتى تعرض ذلك؟ قلتَ إنك ستعوضني، فما هو الطلب؟”
“إذا قمتِ بالعمل بدلًا مني، سأمنحكِ المبلغ المخصص لمكان آخر. بالنسبة لكِ، يا إيون، إنه عمل بسيط جدًا.”
نظرتُ خلسة إلى كومة العملات الذهبية المتراكمة وابتلعتُ ريقي مجددًا.
خـ- خمسون مليون عملة ذهبية؟
هل يمكن أن يوجد مثل هذا المبلغ في العالم؟
يمكنني شراء أفضل بيوت القرية عدة مرات ويبقى الكثير!
مع هذا المبلغ، ألا يمكنني فعل أي شيء؟
حتى بين النبلاء، قلة من يملكون هذا المبلغ.
في المكان الذي عشتُ فيه، كانت خمس عملات ذهبية تكفي لشراء حطب لسنة كاملة.
وعشر عملات تشتري حطبًا جافًا من جذوع الأشجار دون أغصان متسخة.
لكن حتى ذلك كان ترفًا بالنسبة للفقراء، فكانوا يشترون حزمة حطب بـ 5 عملاتٍ نحاسيةٍ تحتوي على أغصان مبللة وأوراق متساقطة.
أما أنا، التي لم يكن لي بيت، فحتى تلك الحزمة لم أكن أملك مكانًا أضعها فيه.
لكن خمسون مليونًا؟ مع دعم إضافي أيضًا!
بهذا المقدار، قد يُغسل حزني كلهُ.
“ما هو؟”
“هناك شخص يعاني من مشكلة مشابهة لمشكلتكِ، يا إيون.”
“مرة أخرى؟”
لماذا هذا المكان مليء بالحزنِ؟
عبستُ دون وعي.
“بسبب خلو مكانكِ الذي كان يجب أن تكوني فيه، لم نتمكن من اكتشاف المشكلة، وحاولنا ترتيب الأمور فحدث ذلكَ…”
كان خطأهم بوضوح، لكن بدا وكأنهم يلومونني جزئيًا.
هل هذا مجرد شعور؟
“وماذا بعد؟”
“في آومور، هناك شخص يعاني من ظاهرة مشابهة لكِ. هل يمكنكِ مساعدته؟ ومعالجة مشكلة صغيرة حدثت في العالم نفسه؟”
شخص يعاني مثلي.
وأنا من يجب أن يساعده.
هذا ما يعنيه، الآن؟
“إذن، لأحصل على حياة جديدة ومال، سأظل أتبع الآخرين وأحميهم طوال حياتي؟”
ما الفائدة إذن؟
“آه، لا تقلقي بشأن ذلك. لقد اكتشفناكِ متأخرين ولم نتمكن من تصحيح الأمر فورًا، لكن إذا نفذتِ طلبي الصغير، سنحل المشكلة بسرعة من جانبنا، وسيعيش ذلك الشخص حياةً عادية.”
* * *
…وهكذا حدث الأمر.
عندما أعدتُ التفكير لاحقًا، شعرتُ ببعض الشك،
لكن أثناء حديثي مع مافيوس، وجدتُ نفسي مفتونةً بشوقي لحياة جديدة، فأجبتُ دون وعي.
والآن، لا يمكنني التراجع.
لكن بعد إنقاذه، ماذا أفعل؟
ما زالت الهالة الحمراء تتراقص حوله كالضباب.
وماذا لو تركته هكذا ولم أجدهُ لاحقًا؟
‘مافيوس! ألا يفترض أن تُجيبَ؟’
في تلك اللحظة التي فكرتُ فيها…
[وجدتِه أسرع مما توقعتُ؟ كنتُ أظن أن الأمر سيستغرق أيامًا على الأقل.]
سمعتُ صوت مافيوس.
وفي الوقت نفسه، أضاء معصمي بنور.
تراجعتُ مفزوعة، وبدأت نقشة حمراء تتشكل على معصمي.
كانت تشبه زهرة ورد أو شبكة عنكبوت.
بعد اكتمالها، تحولت إلى اللون الأسود.
‘مـ- ما هذا؟ مافيوس!’
[بما أنكِ وجدتِه بسلام، هذه علامة تتيح لكِ تتبع موقعه وحالته. في حالات الطوارئ، يمكنها منع أفعاله. يمكنكِ رؤية موقع العلامة عبر أداة الاتصال. لا تقلقي، فهي مرئية لكِ فقط، يا إيون.]
‘علامة؟’
التفتُ دون وعي إلى الطفل.
كان هناك ضوء مماثل يظهر على رقبة الطفل الجالس.
ثم ظهر على الجانب الأيسر من رقبته نفس العلامة الواضحة الموجودة على معصمي.
لا، معرفة موقعه أمر جيد، حقًا جيد…
‘لكن كيف وضعها على رقبتِه!’
إنها متواجدة على معصمي أنا أيضًا، لكن!
قال إنها مرئية لي فقط، لكن رؤيتها على رقبته كأنها طوق واضح لم تكن مريحة.
بل كانت علامتهُ بحجم كف يدي تقريب! ا.
كان بإمكانِه وضعها على معصمه مثلي!
[وما المشكلة؟ إنها مرئية لعينيكِ فقط.
حسنًا، بما أنكِ حللتِ المشكلة الأولى، سأعطيكِ عملة. سأطلب منكِ طلبًا آخر قريبًا، فحتى ذلك الحين، تأقلمي جيدًا.]
ما إن انتهى كلام مافيوس، حتى سقطت عملة ذهبية في يدي.
نظرتُ إليها مذهولة.
‘حصلتُ عليها بسهولةٍ أكثر مما توقعتُ…’
ظننتُ أنني سأضطر للعمل بجد للحصول عليها.
لماذا يعطيني إياها بهذه السهولة؟
ربما يكون شخصًا طيبًا أكثر مما ظننتُ… لكن الشك كان أول ما راودني.
[لا تقلقي. في الحقيقة، توقعتُ أن يستغرق الأمر وقتًا أطول، لذا جهزتُ ذلك.
لم أكن أعلم أنكِ ستجدينه في يوم واحد.]
ما هذا الشيء؟ أن أجده بهذه السرعة في السابعة من عمري يجعلني قريبة من العبقرية، أليس كذلك؟
شعرتُ بالفخر، لكنني انتبهتُ فجأة إلى أن عقلي يتزامن مع سني، فاستعدتُ رباطة جأشي.
[عليكِ تقديم الدعم جيدًا في المستقبل،
لذا من الأفضل أن تأخذيها قبل أن أغير رأيي.]
تحدث مافيوس كأنه قرأ أفكاري.
‘حـ- حسنًا إذن.’
على أي حال، لقد وجدتُ الطفل الذي تحدث عنه مافيوس.
أسرعتُ بوضع العملة في جيبي، خشية أن يتراجع عن كلامهِ فجأةً.
سأستخدمها لاحقًا.
‘لكن ماذا عن هذا الطفل؟ مافيوس.’
[الآن، الأمر متروك لكِ، يا إيون. سأخبركِ عندما يكون هناك طلب مهم. أما بخلاف ذلك، فعليكِ إيجاد طريقة لحمايته بنفسكِ. أنتِ تعرفين ذلك لأنكِ مررتِ به، أليس كذلك؟]
‘مررتُ به…’
تلك الكلمات طعنت قلبي.
انظر كيف يتحدث بلامبالاةٍ، وكأن ما مررتُ به ليس شيئًا يعنيهُ.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات