ما إن وصلت الأميرة يوري والأمير الرابع ألين إلى القصر الإمبراطوري ونزلا من العربة، حتى بدآ يركضان بخفة إلى الأمام.
وأنا أتبعهما بخطوات سريعة، التفت الأخوان إليّ في منتصف الطريق، يلوحان بأيديهما كأنهما يحثانني على الإسراع.
كان مجرد مشاهدة هذا المشهد كافيًا ليملأ صدري بالدفء والامتلاء.
توقفت للحظة، أتأمل بهدوء هذين الاثنين والمشهد المحيط بهما، أحفرهما في ذاكرتي.
لعلني يومًا ما، بعد مرور الزمن، أتذكر هذه اللحظة وأقول لنفسي إنني عشتُ لحظات سعادة حقيقية.
“يا إلهي، أسرعي!”
“أسرعييي!”
ربما سئما من بطئي وتوقفي في مكاني، عادا إليّ راكضين، أمسك كل منهما بيدي وسحباني بقوة.
جرّاني الأخوان دون أن أدري، فارتسمت على شفتيّ ابتسامة مشعة دون أن يلاحظاها.
“هل تتذكرين من المرة السابقة؟ القصر الرابع! إذا ذهبنا من هنا ستجدين غرفتي! أما مسكن ألين ففي القصر الخامس، لكنه يقضي معظم وقته في غرفتي! وسنجعل الغرفة المجاورة لغرفتي غرفتكِ! حتى ذلك الحين، إن شعرتِ ببعض الإزعاج، يمكننا أنا وألين أن نعيش معكِ في غرفتي!”
يبدو أن هذا المكان، حيث صعدنا ذات مرة إلى الطابق العلوي وهددنا الأمير الثاني ريموند، كان مسكنها.
ترددت قليلًا في الدخول بسبب ذكرى تلك اللحظة المزعجة، لكن الأميرة يوري كانت غارقة في الحماس، تعرض عليّ المكان بفرح يفوق فرحي.
“صاحبة السمو الأميرة.”
بينما كانت الأميرة يوري تستمر في جولتها المثيرة داخل القصر، اقترب فجأة فارس يُدعى فينسنت وهمس بشيء، فتجهم وجهها على الفور.
“ما زالوا لم يأتوا بعد؟ أهؤلاء الأوغاد يميزون بين الناس؟”
“اه، اهدئي يا سمو…”
“الهدوء حتى الموت! أولئك الذين كانوا يهرعون فور استدعاء الامبراطورة الأم أو الأخ الثاني! قُل لهم إن لم يرغبوا في الموت أن يأتوا مسرعين!”
اندفع الفارس مرتبكًا إلى مكان ما بعد صراخ الأميرة يوري الحاد.
لاحظتُ أن بقية الفرسان الحراس يتبادلون النظرات بحذر، يترقبون مزاجها.
نظرتُ إليها أنا أيضًا، محتارة من سبب غضبها المفاجئ.
“أختي الكبرى، ما الخطب؟”
بعد أن ظلت تهتف بغضب لفترة، توقفت لحظة عندما سمعت صوت الأمير الرابع آلين، كأنها استعادت رباطة جأشها.
“آه، لقد استدعيت الكهنة منذ زمن ولم يأتوا بعد، فشعرت بالغضب قليلًا.”
“شعرت بالغضب! آلين يعرف ما هذا! إنه يعني أنها غاضبة جدًا!”
“أوه، صغيرنا اليوم أيضًا يظهر ذاكرته القوية في أمور لا داعي لها؟”
“صاحبة السمو الأميرة.”
بينما كانت الأميرة يوري تمازح آلين وتفسد شعره، عادت الخادمة الرئيسية التي غابت للحظات.
همست بشيء في أذن الأميرة، فأشرق وجهها فجأة.
“حقًا؟ هذا رائع، جاء في الوقت المناسب. أختي، تعالي إلى هنا!”
ثم سحبت يدي وقادتني إلى أقرب غرفة كبيرة.
جذبتني الأميرة يوري، التي بدت مرتبكة قليلًا دون سبب، وأجلستني على طرف سرير بجوار النافذة.
شعرت بعدم الراحة في مكاني، أحرك يديّ وقدميّ بتوتر وأتفحص الغرفة، عندما اقتربت الأميرة يوري حاملة شيئًا تلقته من الخادمة وجلست بجانبي.
اتجهت عيناي تلقائيًا إلى “ذلك الشيء”.
ما هذا؟ نظرتُ إليه بعينين مليئتين بالفضول، فإذا به كرة سحرية ضخمة بحجم وجه إنسان.
كنتُ أراها في الرسومات فقط من قبل، وهذه المرة الأولى التي أشاهد فيها كرة سحرية حقيقية، فلم أستطع رفع عينيّ عنها من شدة الدهشة.
يبدو أنها مزودة بجهاز خاص، إذ لمستها الأميرة يوري، التي ليست ساحرة، بيدها فظهر داخلها فجأة صورة الأمير الثاني ريموند بوضوح تام.
فوجئت بظهور امير ريموند دون توقع، فتراجعت خطوة إلى الجانب.
كانت الكرة السحرية واستخدامها أمرًا جديدًا بالنسبة لي، فذهلت، لكن الأميرة يوري والأمير آلين نظروا إليها بطبيعية وألقيا التحية.
“أخي الثاني!”
“الأخ الثاني الأكبر!”
كان الأمير الثاني ريموند جالسًا على مكتب ينظر إلى شيء ما، فتنهد تنهيدة قصيرة عند سماع تحية أخويه المرحة وتكلم.
―”ما الأمر هذه المرة، يوري، آلين؟”
من رد فعله، بدا أن الاتصال لم يبدأ من طرفه، بل نحن من أجرينا الاتصال أولاً.
“أخي الثاني، ماذا تفعل؟ ستأتي غدًا، أليس كذلك؟ قلت إنك ستبقى حتى ذكرى تأسيس الامبراطورية!”
“أشتاق إلى الأخ الثاني الأكبر!”
على الرغم من نبرته التي بدت وكأنه يقول “أنا مشغول جدًا، لماذا تزعجانني مجددًا؟”، لم يتردد الأخوان الصغيران.
―”قلتُ إن لدي أمرًا عاجلاً يجب حله ثم أعود فورًا. سترونني غدًا، فلماذا تتصلان مجددًا؟ ألم أقل إن صنع كرة سحرية يمكن استخدامها داخل القصر الإمبراطوري أمر صعب؟ هل ستستمران في إهدارها هكذا؟”
“غدًا، متى ستأتي بالضبط؟”
كلما شاهدتها، كانت الأميرة يوري مذهلة حقًا.
لم تهتز ولو للحظة أمام توبيخ الأمير الثاني ريموند المتدفق، بل قالت ما تريد بثبات.
لو كنتُ مكانها، لكنتُ انهارتُ واعتذرتُ مرارًا وأغلقتُ الكرة السحرية.
―”سأحاول الوصول بأسرع ما يمكن، لذا توقفا عن الاتصال، من فضلكما.”
―”سيد البرج السحري، السيدة ليستيا قد وصلت.”
―”آه، سأذهب فورًا…”
“أخي الثاني!”
―”ما الآن؟”
بدا أن الاتصال سينقطع أخيرًا عندما تدخل صوت رجل غريب، لكن الأميرة يوري لم تتحمل ذلك وأمسكت بريموند مجددًا.
“من اليوم، ستعيش الأخت كلير في القصر الرابع!”
―”ماذا؟”
ظهر الأمير الثاني ريموند وهو يجلس على كرسيه مجددًا بعد أن كان قد نهض، وعيناه تعكسان الذهول وهو ينظر إلى الكرة السحرية.
بالطبع، لم تهتم الأميرة يوري بذلك واستمرت في حديثها بثقة.
“بما أنها ستتزوج منك على أي حال، أليس من الأفضل أن تعيش هنا مبكرًا وتتأقلم؟”
―”ألم تجلبي الآنسة هيذر بطريقة متهورة مجددًا؟”
“مـ، ماذا؟ بالطبع لا! أختي، تعالي إلى هنا. قولي له إن هذا غير صحيح.”
لكن عندما وجه الأمير الثاني ريموند تعليقًا حادًا، ارتبكت الأميرة يوري قليلًا، فأمسكت بذراعي وسحبتني برفق إلى جانبها.
وهكذا، دخلتُ في مجال رؤية الأمير الثاني ريموند، الذي لم يكن يعلم بوجودي إلى الآن.
“آه…”
حاولتُ ألا أبدو وكأنني أتجنب عينيه، فألقيتُ التحية بهدوء.
“مرحبًا.”
بعد فراقنا المتوتر أمس، شعرتُ ببعض الحرج في مواجهته.
كل ذلك بسببي، بالطبع.
يبدو أن الأمير الثاني ريموند لم يتوقع وجودي مع الأميرة يوري، فتفاجأ وصمت للحظة.
لكن الصمت طال أكثر مما توقعتُ، فرفعتُ رأسي متعجبة.
―”ذلك الوجه.”
تجمدتُ من نبرته الباردة كالجليد التي اخترقت أذنيّ.
لاحظتُ أن الأميرة يوري والأمير آلين يرمشان بعيون متفاجئة، ينظران إلى الكرة السحرية بذهول.
―”هل هذا من فعل إيدن هيذر مجددًا؟”
نظرتني عيناه الباردتان كصوته، تتفحصان خديّ.
أدركتُ حينها حالة وجهي، فرفعتُ يدي غريزيًا لأغطي خدي.
لكن عندما لامست يدي خدي، عاد الألم فجأة، فعضضتُ شفتيّ لأكبح أنيني.
في تلك اللحظة، رأيتُ تعبير الأمير الثاني ريموند يتصلب أكثر.
“نعم، صحيح! أخي الثاني! هذا، أليس إيدن هيذر؟ ذلك الوغد فعلها! لقد ضرب أختنا بقوة! أختي، اسمه إيدن هيذر، أليس كذلك؟”
صرخت الأميرة يوري بغضب مفاجئ، ثم التفتت إليّ تسألني كأنها غير متأكدة.
بفضل تصرفها المعتاد، خفت توتري قليلًا وهممتُ بالرد.
―”نعم، إنه حقًا وغد.”
تسلل صوت أنيق كعادته يحمل كلمة نابية إلى أذنيّ.
فوجئتُ أنا والأميرة يوري، التي سبقتني في السباب، ورمشنا بعيون متسعة.
“آه، أعني، ذلك الوغد يجب أن يُعاقب… الوغد…”
“الوغد…”
بينما كانت الأميرة يوري وآلين يرددان “الوغد” بدهشة، استعدتُ رباطة جأشي متأخرة.
كنتُ سأقول إنه لا يجب استخدام مثل هذه الكلمات السيئة، لكن الأمير الثاني ريموند سبقني.
―”لدي خطة بشأن إيدن هيذر، لذا ابقي هادئة يا يوري. لا تتدخلي وتسببي المشاكل دون داعٍ.”
تحدث الأمير الثاني ريموند بهدوء بعد تفكير قصير، فأجابت الأميرة يوري بعبوس.
“لقد ضربته بالفعل وأمسكت بشعره؟”
―”توقعتُ ذلك… هل أنتِ بخير؟ هل أصبتِ؟”
“أنا؟ أنا بأفضل حال!”
―”إذن، أحسنتِ.”
عبس الأمير الثاني ريموند قليلًا، كأنه شعر بغرابة مدحه لها، ثم التقت عيناه بعينيّ للحظة وابتعدتا.
―”الكاهن.”
كأنه يتساءل لماذا لم يصل الكاهن بعد، ولماذا لا يزال وجهي بهذا الحال.
ردت الأميرة يوري بغضب كأنها تنتظر هذا السؤال.
“لهذا السبب أنا غاضبة لدرجة الموت. لقد استدعيتهم منذ زمن ولم يأتوا بعد، ربما لأنني من استدعاهم.”
―”أشباح مأسورة بمجد الماضي، لا تزال غير قادرة على إدراك مكانتها.”
ظهرت ابتسامة خافتة على شفتي الأمير الثاني ريموند.
كانت تلك الابتسامة الباردة في موقف لا يدعو للضحك مخيفة قليلًا.
لكن ذلك لم يدم طويلًا، فعاد يبتسم بطبيعية وتحدث.
―”يبدو أن الصغار قد سبقوني. أليست يوري تزعجكِ كثيرًا؟”
تساءلتُ عن معنى “سبقوني” وأمالتُ رأسي، فاحتجت الأميرة يوري على الفور.
“ماذا تقول؟ من يسمعك قد يظن أنني أزعجها حقًا!”
―”أليس كذلك؟”
“ليس صحيحًا!”
“ليش شحيحًا!” «ليس صحيحا»
―”آلين، على الأقل احمِ الآنسة هيذر من يوري.”
“حسنًا!”
“ما هذا الحسنًا! آلين، على أي طرف أنت؟ هل أنت مع الأخ الثاني؟”
“آلين مع الآنسة هيذر!”
“يا إلهي، لا يمكنني قول شيء بعد هذا.”
انضم الأمير الثاني ريموند الهادئ إلى جدال الأخوين اللطيف الذي شاهدته طوال الطريق إلى القصر.
بينما كنتُ بين الأميرة يوري وآلين أستمع إلى حديثهم، ضحكتُ بصوت خافت دون قصد.
فجأة، سكت الثلاثة معًا، فتوقفتُ عن الضحك ورفعتُ عينيّ لأجدهم ينظرون إليّ بوجوه متفاجئة.
ارتبكتُ وأغلقتُ فمي، أرمش بعينين متسعتين.
―”سيد البرج السحري، حان وقت الذهاب.”
تدخل صوت الرجل الغريب مجددًا، فأجاب الأمير الثاني ريموند ثم نظر إليّ بصمت للحظة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"