كان صوت التسلّل قادراً على جذب انتباه لياندر بقدر ما يفعله صوت الركض… بل وحتى قرع طبل حرب قرب أذنه.
استيقظ فجأة. كان الظلام ما يزال مخيّماً، لكن ضوء القمر الساطع انساب إلى الغرفة ليجعل حجارة الأرضية تتلألأ كأن كل واحدة منها مضيئة من الداخل.
تقلّب لياندر ورأى المشكلة فوراً.
الصبية في الصف الأول الذين يعملون بوضوح في حدادة القلعة ابتكروا عصاً طويلة في نهايتها أداة ما، وأدخلوا طرفها من بين قضبان القفص.
جلس لياندر بفضول. ماذا يفعلون؟
حين أدرك الهدف، اختنق ضحكاً.
الخاسرون في الصف الأول كانوا مستائين بشدة. صحيح أنهم أخافوا الآخرين وأبعدوهم، لكنهم لم ينجحوا في جعل الصبية تختار أحدهم وترحل معه.
لقد صنعوا أداة تشبه الخطّاف، وكانوا يستخدمونها لنزع أغطيتها أولاً. يبدو أنهم حاولوا رفع طرف فستانها، لكنهم فشلوا. أحدهم كان يهمس
“لا بد أن نفتح الزر العلوي. هذا هو الهدف كله. من يهتم بساقيها؟”
نهض لياندر، متحسراً أن بلو ليغ جعله يدخل القلعة بلا درعه وسيفه، ثم تقدّم ببطء نحو القفص. أسند كتفه إليه وهمس
“إيش تعملون؟”
كانوا قد علّقوا الخطاف في فتحة زر فستانها، ويشدّونها محاولين توسيع الفتحة حتى تبتلع الزر.
لم يلحظ أحد وجوده. ومع كل شدّة، كان جزء من صدرها يظهر ثم يختفي.
“أداة ذكية جداً” قال بصوت أعلى قليلاً.
توقفوا جميعاً، واستداروا نحوه بعيون متجهّمة.
“لا تتدخل ” هسَر أغرايت بحدة.
“لاكن أنتم تفعلونها بالخطأ” قال لياندر وهو يخفض صوته. “هل استطيع أن اجرب ؟”
“لا! اتيت اليوم فقط ،غادر” زمجر كو، وهو ممسك بالخطاف.
“حسنا… لاكن سأسأل سؤال واحد فقط . لما ليا تفتحون القفل بدل أن تلعبوا بثيابها ?
ماذا ستقولون لو خدشتم صدرها الجميل ، واستيقظت مثل العقرب? ولو تركت أثر؟
لما لا تفتحون القفل وتهربون بها في الليل ?”
“أمم… ليست فكرة جيدة ” قال واحد من الأصغر حجماً.
“لماذا؟” ضغط عليهم لياندر.
“لو تركنا القلعة هكذا، ما ينتظرنا إلا خندق مليئ بالشفرات وثلاث أيام عبر غابة سبيكنت، ونكون في وسط اللامكان .”
تفاجأ لياندر. كم مرة ضاع في سبيكنِت؟ أخذ منه أسبوعاً ليصل إلى القلعة… وهي ثلاث أيام فقط لمن يعرف الطريق؟ حبس تأفّفه، وشدّ أسنانه خلف ابتسامته القتالية المعتادة.
“حسنا. اتفقوا على واحد منكم يأخذها. افتحوا الباب واتركوه ياخذها. والباقي ينتظر بلو ليغ ياخذكم الى اي مكان تريدونه. اليس هذا هو النظام هنا؟”
ابتعد الرجال قليلاً عن القفص وبدأوا يصغون له بجدية أكثر.
“كيف نقرر مين ياخذها؟” سأل أغرايت بتردد.
“مثل الرجال,” قال لياندر وهو يلمس أنفه المكسور مرتين.
“يعني نتضارب عليها؟”
قال كو وكأن الفكرة أغرب من لياندر نفسه رجل بالغ وصل إلى ميتم مترف.
“طبعاً” قال لياندر كأنه يشرح شيئاً بديهياً.
“كيف نحل خلافاتنا في العالم الحقيقي؟ نتصارع. ندافع عن المرأة التي نريدها، نسجّلها بقبلة مباركة، ونعيش سعيدين. أحياناً يزيد الوضع ونخوض حروب كاملة على الأرض، المحاصيل، المناجم، الأنهار… وأعظمها النساء. لا تنغش. لو اختارتك الليلة، ستضطر ان تدافع عن شرفها كل يوم في أي مكان تستقرون فيه. هاته الفتاة لقمة شهية، ولو تزوجتها يمكن ان تقاتل كل ليلة فقط حتى لا تصبح أرملة فجأة. كل الرجال حولها بيتمنّون ان تصبح أرملة بسرعة… عل فهمت قصدي؟” وغمز لهم.
انكمشت شهية الرجال فجأة.
“كل ليلة؟” همس أحد الصغار.
“أكيد. أنا أشتهي أن اصارعك الليلة حتى فقط أبدّل سريري بسريرك. اليس هذا الذي له أفضل اطلالة؟”
“سريري” قال أغرايت بغلظة.
ابتسم لياندر. كان يعرف أنه سريره.
“أمزح… لكني جاد بخصوص اختيار رجل واحد وفتح القفل. من الذي سمعته، هي أخذت وقت كفاية. وإذا لم تقرر بنفسها، كان يجب عهلى أحد أن يقرر لها. بعدها منذ متى النساء يقررن من يتزوجن؟ هذا قرار الرجال.”
بدأ الجميع ينظرون إلى بعضهم. لاحظ لياندر أن المجموعة وحدها لم تستيقظ بل رجال آخرون أيضاً جلسوا يستمعون.
صرخ رجل من الخلف “أنا صامت من الأول، لاكن إذا تتضاربون، أنا اشاركل. استطيع ان أهزم أغرايت لحاله، فقط ليس مجموعته.”
“نقوم بعمل ببطولة !” صرخ لياندر. “ونضع قوانين “
في الساعتين التاليتين، انشغل لياندر بتنظيم الجولات. أحضر أحدهم لوحاً وطبشورة، لكن لياندر رماهما وبدأ يخربش مباشرة على الجدار. رسم لكل رجل رمزاً لأنه لا أحد يعرف الكتابة إلا بشكل بدائي.
بين حين وآخر، كان ينظر إلى الفتاة. في المرة الأولى كانت قد غطّت نفسها. في الثانية شدت قلنسوتها على عينيها. في الثالثة استدارت مبتعدة بوضوح… كأنها امرأة متعالية سئمت من كل رجل مر في حياتها.
هل كانت مستيقظة طوال الوقت؟ هل هذا سبب عدم تمكّن الأغبياء من رفع فستانها؟ هل كانت تمسك بالثوب بأصابع قدميها؟ وهل منعت زرها العلوي من الانفتاح؟ وهو يظن أنه ينقذها من مصير أسوأ من الموت بإلهاء الرجال… بينما كان من المفترض أنه نائم.
يا للسخف…
لم يكونوا مستعدين للقتال فوراً فالرجال يعشقون الخلاف حول القوانين أكثر من القتال نفسه.
أخيراً، اتفقوا أن الجولة تنتهي حين يلمس أحدهم الأرض. لا يحتاج أن يغمى عليه أو يموت فقط يسقط. فكرة ممتازة.
جهّزوا أول متنافسين. نفخ لياندر عبر قبضته كأنه بوق وبدأت المباراة.
الضوضاء كانت هائلة نسي الجميع الهمس وصاروا يصيحون نصائح وتشجيعاً.
لكن لياندر لم يكن ينظر إليهم. كان يحدق في القفص. هل ستبقى الفتاة تحت الغطاء تتظاهر بأن لا شيء يحدث؟
في تلك اللحظة، انطلقت قوس دم هائل من وجه أحد المتصارعين. ومن خلال الرذاذ الأحمر، رآها واقفة عند القضبان. لا تنظر إلى الدم، ولا إلى الرجال… بل إليه هو. عيناها الخضراوان اتسعتا كطبقين.
(م/م: ما أعرف اذا خطا الكاتبة او ايش في بس في المرة الاولى لما قريت الفصل الاول قالت عيونها خضر Green بعدها الفصل السابق قالت ازرق blue فكرت انو الخطا مني واني نسيت لون عيونها بس هلا عملت نفس الشي ورجعتهم خضر Green فالغلط مش مني وما اعرف اذا كان غالط من الكاتبة او مقصود او اذا كانت البنت لي عيونها زرق مش نفسها دي بما انهم قالوا في اكثر من بنت )
نظرتها كانت عميقة لدرجة أنه شعر كأنه يرى ما وراء روحها كأنه يرى ما تحت سطح الماء. ما فكرت به كان واضحاً… وقوياً. قبضت على القضبان حتى ابيضّت أصابعها.
ابتسم لياندر ابتسامة لا تبدو جميلة، لكنها شعور لذيذ من الداخل.
حتى لو حلم بأن تقع في غرامه، فهو لا يحتاج حبّها الآن.
كانت الفوضى تشتعل. سقط أحد المتصارعين على الأرض، وتعالت صيحات نصف الغرفة بينما تأفّف النصف الآخر.
“اهدؤو يا جماعة” قال لياندر بابتسامة خبيثة. “ليس وكأنكم تراهنون بالنقود.”
“لاكن هناك شي على المحك” تذمّر ستوكينغ وهو يختلس النظر للفتاة.
كانت قد عادت إلى فراشها. هل لاحظ أحد وقوفها؟
“نعم… ليس و كأنكم تريدون أحد منهم أن يفوز بها”
قال لياندر، محولاً إياها من امرأة إلى جائزة بكلمة واحدة.
كانوا على وشك بدء جولة جديدة حين رأى لياندر أول خيط ضوء يتسلل من النافذة.
“انتهى يا رجال… نراكم غدا. أنا متعب. يجب أن أنام.”
وبدونه، لم يعرف البقية ماذا يفعلون. بعضهم بقي يتحدث، لكن لم يكن هناك شيء قادر على إيقاظ لياندر… إلا القتال الحقيقي.
أما ضجيج الأصدقاء؟ فيمكنه النوم خلال زلزال.
يتبع…
🦋——————–🦋
سبحان الله وبحمده 🍒
سبحان الله العظيم🍒
استغفر الله واتوب اليه 🍒
تمت الترجمة بواسطة لونا 🎀
*حسباتي على الواتباد ، هيزو مانغا ، رواياتي :luna_aj7
التعليقات لهذا الفصل " 5"